حسام دياب
يعافر المصريون دوما للنبش خلف البهجة، تهاجمهم الأسعار وتضيق بهم الحياة فيبحثون عن "خرم إبرة" للسعادة؛ في بساطة قد تنقل عائلة جزء من مطبخها على أعتاب البحر، تشارك شمسية جارتها في طعام، جدة تحتضن حفيدتها على شاطئ البحر، تجلس في "رحرحة" بملابس كاملة، أب يحمل ابنه، يضم بيده اليمنى زوجته، ترتسم على وجهيهما ابتسامة أمام أحد مصوري الشاطئ، وباعة يطوفون بعربات كارو، يعرضون أشهى التسالي والمأكولات.
في المصيف لا يعرف المصريون التكلف، همّهم الأوحد "الانبساط"، لا يلتفتون لزحام أو ضوضاء. الشاطئ بالنسبة لهم هو الرمال التي تُغطي أجسادهم، أو شمس تلفح وجوههم، فيسعدون بها دون مبالاة بأي "منظرة" تُعكر صفو سعادتهم التي تستمر ليوم أو بضعة أيام على الأكثر.
مصراوي ارتحل خلال أشهر الصيف عبر ثلاثة مدن ساحلية عرفها عموم الشعب لعقود مضت؛ بين رأس البر، جمصة وبلطيم عايش ضحكات المصريين، كيف يُلقون همومهم ما أن تخطو أقدامهم رمال الشاطئ، مرّ على أطعمتهم التي تطبخها الأمهات لتلك المناسبة السنوية، تحدث إلى "عم صفوت" ذو الثمانين عاما، أقدم مصوري مدينة رأس البر، فيما لم تخلُ الجولة من بائعين يبحثون عن طرق جديدة لجلب الرزق، في ظل أوضاع اقتصادية يعانونها ومعهم روّاد الشواطئ.
يأتي الصيف؛ فتتوق الأسر شوقًا إلى السفر حيثما يستقر البحر. الأسعار مرتفعة؟ "مدام محاسن" لديها حل. السيدة من منطقة الوراق، وبدأت منذ 14 عامًا في تنظيم رحلات "المصيف" إلى جمصة بالتقسيط. مع بداية السنة الجديدة تُسدِد الأسرة المبلغ على دُفعات، إذ يتراوح سعر الشقة من تسعمائة جنيهًا إلى الألف وربعمائة "حسب الموسم" إذ ترتفع التكلفة في شهري 7 و8، ولا يحين موعد الفوج الخاص بكل أسرة إلا بعد دفع المبلغ كافة.
ترافقهم مدام محاسن في الرحلة حتى تصل لمرحلة تسليم مفاتيح المنازل، من أجل قضاء أسبوع بشقة تطل على مياه جمصة "وبكدة بيطلع ليا هامش ربحي، وفي نفس الوقت بكون خليت أسرة كاملة مبسوطة، بإنهم يروحوا البحر إسبوع بحاله".
كما أن للمصيف بهجة، كذلك مأكولاته؛ تلك الأصناف التي تتفنن السيدات في طبخها، تختارها بعناية، لكل شخص في العائلة شيء مُفضل، تحاول الأمهات إرضائهم جميعا، تعلم أن "البحر بيجوّع"، لذا لا ترتضِ لهم أكل الشارع. في المصيف لا صوت يعلو فوق اللهو والبحر والأكل. يستجيب الآباء لتوسلات أبنائهم حين يمر بائعو الفريسكا أو التفاح، إلا أن بعضهم لا يخضع لأسعار الشاطئ المرتفعة؛ فيحضرون معهم تسالي أخرى؛ ترمس، فشار منزلي، فاكهة، سوادني ومكسرات، فطالما جلست العائلة على البحر لا مفر من الجوع، كأن هوائه العليل يقف حاجزا بينهم وبين الشبع.
كلما قلت فترة المصيف العائلي، زادت الأطعمة التي يتم اصطحابها للشاطئ، تصنع الأسر طعام الغداء لتقليل النفقات؛ بين دجاج، أرز معمر، شعرية مطبوخة، محاشي، ولحوم.. وجبات تسهر عليها الأمهات، تتعاملن مع مشقة الطبخ كـ"طقس جميل"، تُنظم سيدات العائلة الأمر فيما بينهن؛ تتطوع واحدة بعمل صنف، فتتحداها قريبتها بآخر، فيما الرجال سُعداء، إذ تُثمر تلك المنافسة ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
مصيف بلطيم
مصيف جمصة
حسام دياب
روجيه أنيس
أحمد الليثي
دعاء الفولي
محمد فتح الله
فارس أحمد
شروق غنيم
ندى عمرو