موت مع سبق التهديد

مصراوي يتتبع مقتل 9 سائقين في سيناء

بعد عشرين يومًا من وفاة ابنته، عاد عاطف محمد البغدادي إلى عمله. خرج سائق النقل الثقيل "عشان يفك عن نفسه من الحزن" كما نصحه أصدقاءه. أراد الرجل الثلاثيني استعادة الحياة، لكن نقل شكائر الإسمنت المدون عليها اسم مصنع العريش التابع لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية كان سببًا في عدم عودته من شمال سيناء. قُتل البغدادي.

قبل مغيب شمس التاسع من نوفمبر المنصرف، نصب مسلحون كمينًا على طريق مدينة نِخل باتجاه قرية التمد بوسط سيناء، عند نقطة يُطلق عليها المطلع اليهودي، تبعد قرابة 40 كيلو مترًا عن مدينة العريش. استوقف المسلحون شاحنات النقل على طريق مدينة الصناعات الثقيلة "بغداد" –شمال سيناء-. قتلوا تسعة سائقين وضابط ومجند تابعين لقوات إنفاذ القانون تواجدا صدفة في المكان.

إعلان

إعلان

مصراوي تتبع تفاصيل استهداف سائقي النقل الثقيل المتعاملين مع مصنع العريش للإسمنت التابع لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وذلك بعد تهديدهم في يوليو الماضي، من قِبل جماعة ولاية سيناء، الذي بايع ما يُسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وينقل مصراوي شهادات بعض الناجين من واقعة قتل التسع سائقين وآخرين تم حرق شاحناتهم في سبتمبر الماضي. كما ينشر صورًا ومقاطع مصورة التقطها الناجون من مكان الحادث، بالإضافة لمكالمة سجَلها أحد أصدقاء الضحايا وقت الهجوم.

لم تصدر أي جهة رسمية بيانًا عن الحادث، فيما أدان الأزهر الواقعة عبر موقعه الإلكتروني بعد يوم من الهجوم، معربًا عن تعازيه لأسر الضحايا، ودعمه للجهود التي تقودها القوات المسلحة والشرطة للقضاء على الإرهاب.

لا يصدق السائق محمد نبيل أنه نجا. احترقت الشاحنة التي يعمل عليها، لكن هذا أمر هين مقارنة بالفزع الذي أصابه وأسرته بعد عودته "هما مصدقوش إن الإرهابيين مموتونيش"؛ فقط انتزعوا منه رخصة القيادة ظنا أنهم بذلك يمنعوه من قيادة الشاحنة، بينما هو لا تفارقه صورة زميله محمد أشرف الذي حمله مضرجًا في دمائه.

يوم الحادث، صباح الخميس 9 نوفمبر، أتم نبيل حمولة الإسمنت من مصنع العريش، انطلق حال زملائه من منطقة بغداد الصناعية في شمال سيناء. مر على ثلاثة كمائن، وعند نقطة ما بين كميني الحَسنة والتمد فوجئ بالسيارات تَعطي إشارة انتظار ففعل مثلهم، كما قال.
حتى تلك اللحظة لم يسترعِ انتباه السائق شيئًا مغايرًا، إلى أن التفت يسارًا فوجد أحدهم يرتدي زياً عسكرياً ويحمل سلاحًا آلياً، حسب وصفه.

إعلان

إعلان

ظن الشاب أن القوات المسلحة تُجري تدريبا ما. لكن خاب ظنه وتسللت الريبة إلى قلبه بعدما لاحظ أن أحدهم بلحية كبيرة ويرتدي سروالًا قصيرًا، فحاول العودة بسيارته إلى المصنع مرة أخرى "قام (مسلح) ضارب على العربية طلقتين" كما يحكي. ليتوقف السائق.
"أنت بتحمّل منين؟ أنت تبع الجيش؟" سؤال طرحه المسلحون على سائقي قرابة 11 شاحنة كما أكد الناجون ومنهم نبيل، الذي يتذكر مشهد وقوفه بين السائقين "واحد واقف قدام مني كان بيتشاهد ولولا ربنا ألهمني بفكرة تمنعهم عني كنت مت".

اُستلهم نبيل حيلة حينما طلب منه المسلحون ورق الحمولة "جبت لهم كراسة فيها حساب عن البضاعة وقلت أنا لسه جديد على العربية وشغال تبع مصنع (رجل الأعمال) حسن راتب مش مصنع الجيش".

تضم منطقة بغداد الصناعية مصانع إسمنت خلاف التابع لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية. لكن المسلح الذي أشهر سلاحه في وجه نبيل لم يسمح له بالنقاش، فصرخ فيه "أرقد.. أرقد" لينبطح الشاب على الرمال.

في ذلك الوقت كان عماد شلبي عائدًا من فلسطين، أمامه أربع شاحنات وخلفه اثنتين. يتذكر السائق الثلاثيني المشهد بحذافيره. قال لمصراوي "أنا كنت تحت وقدامي مطلع عالي العربيات واقفة فيه"، السيارة الأولى كانت حمراء اللون "مكلموش صاحبها عشان محمّل من مصنع حسن راتب"، فيما تم إنزال سائقي الشاحنات الثلاث التالية.

قتل المسلحون سائقي الشاحنات الثلاث المتقدمة عن شلبي، وكذلك السيارتين الموجودتين خلفه، حسب قوله، بينما نجا هو لأنه لا يحمل بضاعة من مصنع العريش للإسمنت "لما قولت له إني بوصل وبنقل من وإلى غزة متكلمش معايا". مع ذلك ظلت عينا السائق تدوران في محجريهما، إذ يدخل فلسطين بواسطة معبر العوجة الذي تُديره سلطات الاحتلال مع السلطات المصرية، "إزاز العربية كان عليه بادج المعبر الإسرائيلي ولو كانوا شافوه كانوا قتلوني".

رغم مرور أكثر من 60 يومًا على الواقعة لكن ملامح المسلحين لم تفارق شلبي "أعرف أطلعهم من ميت واحد". في البقعة التي كان فيها، رأى صاحب السيارة اثنين من المسلحين بشكل واضح "واحد فيهم كان عرباوي وبيتكلم بدوي"، والآخر "دقنه مِحمِّرة وبشرته بيضاء ومش بيتكلم عربي ولا إنجليزي".

كان هذان الشخصان مكشوفي الوجه عكس رفاقهم الملثمين؛ إذ ارتديا لباس شبيه بالزي العسكري، بداية من الخوذة وحتى حزام الذخيرة.

في تلك الساعة العصيبة، كان رأفت محمد في الطرف الأخر من الطريق، بين السائقين المتوجهين لتوهم إلى المصانع. تفادى ابن محافظة الدقهلية الموت بالقول ذاته إنه تابع لمصنع أخر، ليبقى بين المنبطحين على الأرض. حاول رأفت توثيق ما يجري عبر كاميرا هاتفه، يشعر بالأسى كونه لم يستطع إظهار ملامح المسلحين؛ إذ أن الأجواء لم تسمح له إلا بالتقاط بعض الشاحنات المحترقة.

إعلان

إعلان

وفقا لروايات 4 سائقين شهدوا الواقعة وتحدث إليهم مصراوي، ظهر المسلحون على الطريق حوالي الثالثة والنصف عصرًا. كانوا ثمانية أو عشرة أشخاص بعضهم يرتدي زيا عسكريا كانوا يتصرفون كأنهم قادة المجموعة المسلحة، واخرون بملابس بدوية على دراجات نارية.

كان موقع نبيل وشلبي الأقرب إلى الضحايا. ظل السائقان منكبين على وجهيهما قرابة ساعة، أشعل خلالها المسلحون النار في الشاحنات، وقتلوا 9 سائقين هم: عاطف محمد البغدادي، عيد هنري، سليمان عبد المولى، إبراهيم عوض، محمد أشرف، أحمد عبده، خالد سامي وسيد علي.

كسر إطلاق النيران سكون الصحراء. حطم ما لدى البعض من أمان، ومع ذلك لم يتخيل رأفت "أنهم يموتوا حد". إلى أن لمح من مرقده سيارة ملاكي حاولت الهجوم على المسلحين، فأطلقوا الرصاص "شوفت العربية وهي بتتقلب والعفرة ملت الطريق". مع رحيل المسلحين، اكتشف رأفت بعد أن تفحص هويات الضحايا أن تلك السيارة تتبع المقدم إبراهيم حسين ومرافقه المجند محمد ممدوح.

تبنى تنظيم ولاية سيناء الإرهابي التابع لـ"داعش" مقتل المقدم إبراهيم محمد حسين فقط دون أن يأت على ذكر المجند ولا السائقين الذين تم تسجيل محضر وفاتهم بأنها نتيجة "التعدي عليهم من جماعة إرهابية بطلق ناري" كما توضح الصور الضوئية التي حصل مصراوي على نسخة منها.

لم يكن ذلك الهجوم الأول الذي يشنه المسلحون على المدنيين في شمال سيناء، إذا أنه يدخل ضمن تنفيذ التكفيريين للمرحلة الأولى من استراتيجيتهم "شوكة النكاية والإنهاك" كما يقول أحمد بان، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، مستندًا في ذلك إلى معادلة وضعها تنظيم داعش، ففي هذه المرحلة يلجأون لتفجير وقتل المدنيين بزعم أنهم كفار أو مرتدين إلى جانب استهداف الشرطة والجيش.

وبدأ قتل التكفيريين للمدنيين في الثمانينيات مع الجماعة الإسلامية كما أوضح أحمد كامل البحيري الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، ثم تطور الأمر في التسعينيات مع جماعة "التكفير والهجرة" حتى وصل إلى تنظيم داعش.

ويعتقد "بان" أن الهدف من قتل السائقين "محاولة للحرمان من الطاقة المدنية اللي بتشتغل في البنية الاقتصادية في سيناء".

التحق السائق عاطف البغدادي بالعمل لدى المصنع قبل عام، سبقه الكثير من زملائه الذين وجدوا فرصا لزيادة دخولهم مع افتتاح مصنع إسمنت العريش في إبريل 2012.

إعلان

إعلان

دائما ما ردد البغدادي-الذي فقد ابنته قبل الحادث- على مسامع صديقه السباعي-اسم مستعار-أنه يعكف على العمل بكثرة لسد الديون "وبعدها كان ناوي يشتغل أسبوع واحد بس في الشهر والباقي يقضيه مع ولاده" كما يحكي السباعي لمصراوي.

لم يكن السباعي مجرد صديق لأحد السائقين الراحلين؛ بل ساقه القدر ليكون شاهدا عيان لكن عبر الهاتف، إذ قام بتسجيل مكالمة مُدتها 43 دقيقة، مع صديقه البغدادي، الذي قُتل في الحادث.

بدأ السباعي التسجيل فور سماعه صراخ شخص غريب يطالب صديقه بالترجل عن السيارة قائلاً "انزل.. هات التليفون والفلوس.. بتحمل من مصنع الجيش؟".بدا للشاهد عبر الهاتف أن المسلح أخذ هاتف البغدادي لكنه لم يلتفت لبقاء الخط مفتوحًا، فكانت الأصوات في مسرح الحدث متداخلة.

بمجرد تأكد السباعي أن الأمور ليست على ما يرام أبلغ صاحب سيارة البغدادي بما حدث "قولتله هيولعوا في العربية وكلمت سواقين تانيين قلت لهم ميعدوش من هناك". احتفظ بالتسجيل الصوتي غير أنه لم يفكر في تقديمه لجهة أمنية، إذ يرى الرجل أن "حق الناس خلاص ضاع".

ورغم مرور أكثر من شهرين على قتل السائقين، إلا أن وزير النقل هشام عرفات، لم يعلم عن الحادث إلا بعد لقاء ممثلين عن سائقي النقل الثقيل، في الحادي والعشرين من نوفمبر كما يقول ناصر عبد الواحد، أحد من حضروا اللقاء.

قال عبد الواحد إن الاجتماع لم يأت بجديد، غير حديث عن عزاء أهالي الضحايا وهذا ما أكده لمصراوي المُرسي الحلو مستشار الوزير للمشروعات، ورئيس جهاز نقل الركاب والبضائع.

قال الحلو "الحوادث الفردية في الغالب الوزارة بتعرف عنها من السواقين أو الإعلام"، مشيرًا إلى أن وزارته يقتصر دورها على "الدعم المعنوي" أم الجزء المادي فتتكفل به وزارة التضامن الاجتماعي.

ترك السائقون بيوتًا بلا عوائل. أصبحت زوجة السائق محمد أشرف أرملة بعد 35 يوم زواج، بينما صار كريم صاحب الـ14 عامًا "رجل البيت"، بعد مقتل أبيه السائق أحمد عبده، الذي تشكو زوجته ضبابية الحال بعده "كانت الدنيا مستورة.. لكن دلوقتي هنعمل إيه بالمعاش؟".

وقالت ألفة السلامي المتحدثة باسم وزارة التضامن الاجتماعي لمصراوي، إنه تم صرف مستحقات أربعة سائقين من التسعة، هم: سليمان عبد المولى، خالد سامي، عاطف البغدادي ومحمد أشرف، تبعًا لقرار مجلس الوزراء رقم 915 لعام 2015، الذي يقضي بصرف 10 آلاف جنيه تعويض، ومعاشي استثنائي قيمته 1500 جنيه شهرياً لأسر ضحايا العمليات الإرهابية.

وأضافت السلامي أنه جاري استيفاء أبحاث باقي الأسر الخمسة تمهيدًا للعرض على مجلس الوزراء لإقرار التعويضات.

تواصل مصراوي مع والد السائق محمد أشرف لسؤاله عن المعاشات التي أقرتها الوزارة، فنفى وصول أو اتصال أحد العاملين بالوزارة بهم "محدش قال لنا حاجة لسه ومستعد أواجه أي حد يقول غير كدة"، ولم ينته الأب من إجراءات إعلان الوراثة بعد "هنستلمه في 23 يناير وهنشوف ايه اللي هيحصل"، وأضاف الأب أن محافظ الدقهلية وعده بتوفير وظيفة لابنه الأكبر الذي أصبح العائل بعد وفاة محمد، لكنه مازال ينتظر.

إعلان

إعلان

فيما قالت زوجة السائق الراحل أحمد عبده لمصراوي إنه تم بالفعل إجراء بحث حالة لأسرتهم قبل 10 أيام وتسليمها ورقة تحمل قرار مجلس الوزراء بخصوص معاش الشهداء، لكنها حينما توجهت للتأمينات أخبروها "الورقة من 2015 روحي الشؤون الاجتماعية"، وبذهابها أكدوا لها استحقاقها الأموال "معاش 1500 جنيه و5 آلاف استثنائية" غير أن عليها استكمال أوراق "قالوا لي هاتي المحضر الأصلي".

واقعة نوفمبر ليست الأولى في استهداف سائقي الشاحنات المتعاملين مع مصنع العريش للإسمنت؛ ففي 26 سبتمبر، تم إحراق 3 شاحنات وتهديد أصحابها بالقتل إن واصلوا عملهم مع ذلك المصنع.

كان ذلك على طريق يسمى "طريق الأوسط"، حيث نفذ تنظيم ولاية سيناء حينها تهديده، الذي جاء في منشور، وزعه في يوليو الماضي، حذر فيه السائقين منالتعامل مع مصنع العريش.

لم يصدق السائق محمد أحمد التهديد إلا عندما عايش الموقف بنفسه. في 26 سبتمبر، قاد صاحب الخمسين عامًا سيارته على طريق الأوسط، ورائه أربع شاحنات أخرى "فجأة لقيت ناس لابسة جيش ملثمين بيشاوروا لي عشان أقف".

نزل أصحاب السيارات "كانوا حوالي 12 نفر موزعين نفسهم، أربعة رافعين علينا السلاح وزيهم في الجبل فوق"، وحين نزل الجميع "قالوا لنا اتشاهدوا على روحكم".

ظنّ أحمد أنها النهاية لكن أحد المسلحين قال فجأة "مش هنموّتكوا المرة دي" حسبما قال، لكنهم أحرقوا السيارات. أضاف السائق بحسرة "فضلوا رافعين علينا السلاح أكتر من نص ساعة والعربيات بتسيح قدامنا".

فرّ المسلحون، وبحث السائقون عن وسيلة لإصلاح سياراتهم. ذهبوا لقسم شرطة الحسنة بوسط سيناء، لكن البلاغات التي قدموها حتى الآن لم تصل لشيء. اضطر السائق الخمسيني للتوقف عن العمل، "اللي اتحرقت كانت عربيتي وعليها 100 ألف جنيه أقساط ومحتاجة تصليح بـ400 ألف جنيه.. أجيب منين؟"، تساءل أحمد.

انقضت واقعة حرق السيارات في سبتمبر، وواصل السائقون العمل، لكنهم انصرفوا عن طريق الأوسط، وبات طريق "الحسنة-بغداد"، الذي شهد هجوم نوفمبر، سبيلهم، لاسيما أنه الأكثر تأمينًا حيث عليه ما لا يقل عن 6 كمائن، بحسب سائقين.

على مؤشر سيارة محمد الليثي، الذي يعمل على طريق سيناء منذ عمر 13 عامًا، يقطع السائق الثلاثيني على طريق الحسنة قرابة 115 كيلومترًا من نفق الشهيد أحمد حمدي حتى منطقة بغداد بشمال سيناء، أما الأوسط، فيبدأ من الإسماعيلية الجديدة وتزيد المسافة بنحو 15 كيلو مترًا، ورغم ذلك كان بعض قائدي الشاحنات يفضلون الطريق الأخير، خاصة بعد تجديده "بقى أسرع لأنه حاراته أكتر"، حسب الليثي.

حتى نوفمبر سلك سائقو النقل الثقيل طريق الحسنة. تغير تأمين الطريق بعد حرق السيارات في سبتمبر كما يقول السائق رأفت، الذي يتعامل مع مصنع العريش منذ أربعة أعوام "بقت المدرعات تروح تقف على نقط تأمين وتمشي على الطريق".

كذلك صار مصنع العريش يغلق أبوابه في الرابعة والنصف عصرًا بدلاً من السادسة، مع بدء حظر التجوال من في السادسة بعد أن كان في التاسعة، ذلك خلاف التشديد في التفتيش وهو ما طمأن أصحاب النقل الثقيل، حسب قول السائق.

تناسى السائقون التهديد الشفهي بالقتل الذي تلقاه زملائهم في سبتمبر، إلى أن جاء المسلحون مرة ثانية منفذين وعيدهم "قالوا لنا امشوا من الأوسط الإرهاببيين ولعوا في العربيات مشينا على الحسنة قتلوا الناس يعني من الطريقين ميت ميت" يقول الليثي الذي قرر تغيير وجهته عن سيناء.

عاد السائقون مرة ثانية لطريق الأوسط، عقب مقتل زملائهم، لكن السيارات باتت تسير في حماية مدرعات قوات إنفاذ القانون، أما طريق الحسنة فلم يقترب منه السائقون كما يقول عاطف، أحد الذين واصلوا النقل من مصنع العريش رغم خوف العديد من قائدي الشاحنات بعد مقتل زملائهم.

وقال السائق "الطريق بقى مقفول خلاص والحظر بقى بعد أذان العصر".

ويرى نبيل نعيم، الجهادي السابق، أن استهداف السائقين سيظل قائما لكونهم "أهداف رخوة"، معتبرَا أن قتل المدنيين تغييرًا في "تكتيك" ولاية سيناء، وقال "الأمن لا يستطيع تأمين الطرق والمساجد بنسبة 100%".

انقطع أمل أصحاب السيارات المحترقة على طريق الأوسط، في سبتمبر من الحصول على تعويضات عن خسائرهم المادية، إذ تبدأ أسعار شاحناتهم من 250 ألف جنيها، ويعمل على الواحدة أكثر من سائق ومساعد. في المقابل يحتفظ عمر حسين –صاحب الشاحنة التي قادها البغدادي- بمحضر الشرطة عن حرق سيارته على طريق الحسنة في نوفمبر.

وداخل بيوت السائقين التسعة المقتولين أثر الحادث لا يزول؛ فأسرة عاطف لا أمل لديها في عودة الحقل، بينما تقول زوجة أحمد عبده "بقينا يتامى من غيره".

أما محمد نبيل فينتظر تحسن الأوضاع بعض الشيء "عشان أرجع أشتغل على الخط تاني"، إذ لا بديل أمامه لكسب العيش. بينما مازال قلب عماد شلبي يضطرب خوفًا، كلما لمست عجلات شاحنته سيناء "مش كل مرة هتسلم الجرة.. يمكن المرة الجاية يبقى عليا الدور".

تحقيق: إشراق أحمد - دعاء الفولي

رسم: سحر عيسى

تنفيذ: فارس أحمد