إعلان

100 يوم ترامب: ماذا تحقق من وعود حاكم أمريكا؟

03:12 م الثلاثاء 25 أبريل 2017

واشنطن (د ب أ)
يا لها من رئاسة؟ وعد دونالد ترامب بأن يكون رئيسا مختلفا للولايات المتحدة وأن يكشر للمؤسسة الحاكمة عن أنيابه وأن يجفف العاصمة الأمريكية واشنطن رمزيا و التي أقيمت على مستنقع.

وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدى أدائه اليمين الدستورية في 20 يناير الماضي بجعل "أمريكا أولا"، وأصبح من الواضح اليوم وبعد انقضاء 100 يوم من فترة رئاسة ترامب أنه يجد صعوبة في ذلك، صعوبة كبيرة حيث أصبح على الرجل الذي كان يظن أن رئاسة الولايات المتحدة ليست شيئا أكثر من رئاسة إدارة شركة أفضل أن يقول مقرا: "أصبحت أرى اليوم مدى عِظَم الأمر كله".

أصبح جزء كبير من القضايا التي تبناها ترامب بقوة أثناء المعركة الانتخابية بعيدا كل البعد في الواقع السياسي عن الانعزال عن هذا الواقع.

تساءل دان بالز كبير مراسلي صحيفة "واشنطن بوست" عن المستقبل السياسي لترامب وحزبه الجمهوري قائلا: "هل يتفاهم ترامب والجمهوريون في الكونجرس يوما ما؟".

بل إن قناة فوكس نيوز المقربة من ترامب دفعت بالقول: "مهما يحدث فإن ترامب فشل بشكل مأسوي في تحقيق الأهداف التي وضعها لنفسه".

ويرى جونثان ألتار، المعلق السياسي لدى قناة NBC ، الأمر بوضوح أكثر حيث يعتقد أن هذه الأيام المئة "هي أسوأ 100 يوم منذ اعتماد هذه الفترة مقياسا".

أما أنصار ترامب فيرون أنه "يحقق وعوده بسرعة فائقة" حسبما أكد راينس بريبوس، رئيس مكتب موظفي البيت الأبيض.

قياسا لما حققه ترامب حتى الآن فإن الرئيس الأمريكي يعتبر محتالا سياسيا.

غرد ترامب في حسابه على موقع تويتر قائلا عن وعوده: "نفي بوعودنا واحدا تلو الآخر".

غير أن ترامب لم ينجح على سبيل المثال في إلغاء مشروع الرعاية الصحية "أوباما كير" الذي أطلقه سلفه باراك أوباما وذلك رغم أن ترامب يمتلك أغلبية في غرفتي الكونجرس، كما فشل ترامب في منع الأشخاص القادمين بشكل رئيسي من دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة حيث أوقفت المحاكم قراره.

أما فيما يتعلق بإنشاء سور على الحدود مع المكسيك فإن حزبه الجمهوري يطرح تساؤلات.

ربما نجح ترامب في إدخال بعض التجميل على الأمتار الأخيرة التي تفصله عن الوصول لحاجز الـ 100 يوم الذي سخر منه ترامب نفسه واعتبره مقياسا "مضحكا". ولكنه لن يستطيع خلال ذلك التجميل أن يقوم بإصلاح صحي حقيقي بهذه السرعة ناهيك أن يحقق إصلاحات ضريبية.

ولم يتحقق شيء محسوس من برنامج البنية التحتية الذي وعد به ترامب، كما أن المعالم الرئيسية للإصلاح الضريبي لترامب لم تتضح بعد.

ولا يزال السفير الأمريكي في إسرائيل يقيم في تل أبيب وليس في القدس حسبما وعد ترامب.

كما أنه لم يعد أحد العاملين في قطاع الفحم في منطقة حزام الصدأ التي كانت مزدهرة صناعيا في السابق إلى عمله بسبب سياسة ترامب.

السياسة الخارجية

وعلى صعيد السياسة الخارجية فإن ترامب ينفذ سياسة داخلية بشكل خاص.

فعندما ينتفض ضد أعداء لدودين لأمريكا ويثور غضبه ضد إيران ويهدد كوريا الشمالية فإن ذلك لا يعدو كونه رعاية عملاء من الناحية المبدئية.

كما لا يمكن التعرف لدى ترامب على استراتيجية خاصة بسورية إذا أمعنا النظر في سياسة ترامب إزاء سورية.

ولا يمكن للضربة الأمريكية بالصواريخ الموجهة والتي احتُفِلَ بها على أنها نجاح أن تغير من ذلك شيئا.

هناك تفكير في شيء آخر لدى مؤسسات صناعة الفكر والقرار في واشنطن، تفكير في حرب، عن طريق الصدفة، يؤججها غضب أو إحباط.

عنوَن فيليب جوردون مقاله في مجلة "فورين بوليسي" المتخصصة عن مدى استعداد ترامب للحرب بقوله: "كيف يمكن أن يتعثر الرئيس في صراع".

لا يزال ترامب يقَسم الأمة انطلاقا من البيت الأبيض، تلك الأمة التي واجهت أثناء المعركة الانتخابية بالفعل خطر التفكك.

الصحافة

من يعارض ترامب يتعرض للإهانة، التقارير الإعلامية التي لا تروق لترامب وإدارته توصف بأنها أخبار وهمية، عشرات الآلاف الذين يتظاهرون ضد ترامب أسبوعيا تقريبا يعتبرهم ترامب واهمين أججتهم وسائل الإعلام اليسارية.

كما أن ترامب يرى وسائل الإعلام عدوا للشعب.

تدنت شعبية ترامب في استطلاعات للراي إلى أسوأ مستوى حصل عليه رئيس أمريكي سابق خلال أول 100 يوم من رئاسته حيث أكدت معظم استطلاعات الرأي أن نحو 40% فقط من الأمريكيين راضون عن أدائه، وهو أمر كارثي.

نجح ترامب في تعيين القاضي نيل جورسوتش في المحكمة العليا الأمريكية.

وتحتوي المراسيم الرئاسية الـ 25 التي أصدرها ترامب وحرص على إبرازها أمام كاميرات الإعلام على أوامر للهيئات الأمريكية بمراجعة بعض الشؤون الإدارية.

ولكن هل من السابق لأوانه وصم رئاسة دونالد ترامب بأنها محاولة فاشلة قام بها شخص غير متخصص؟

إن ترامب بصدد إحداث تغيرات جذرية في واشنطن، ولا يمكن الآن بأي حال من الأحوال معرفة ما الذي سيخلفه ترامب وفريقه الرئاسي خلال فترة أربع أو ثمان سنوات.

الاستثمار

ومع ذلك فإن لدى ترامب فرصا لتجاوز مجلس الشيوخ ومجلس النواب.

يزداد نفوذ عائلة ملياردير العقارات، ويزداد الجانب الاستثماري في سياسية البيت الأبيض.

اتخذت إيفانكا ترامب، ابنة ترامب، مكتبا لها في الجناح الغربي بالبيت الأبيض، و سرعان ما وسع زوجها، جاريد كوشنر، منطقة نفوذه.

وأصبح لدى عدد من المديرين السابقين في مؤسسة جولدمان ساكس من بينهم وزير المالية ستيفين منوشين و مستشار ترامب، جاري كون صوت مسموع أيضا في الإدارة الأمريكية حيث أصبحوا يتحكمون بكل ثقة في النفس في زمام الأمور هناك.

يعني ترامب بعبارة "أعيدوا لأمريكا عظمتها" خلق فرص بشكل خاص.

تقوم السياسة الاقتصادية على ثلاثة أركان، إزالة القيود الروتينية، والإصلاح الضريبي والاستثمارات في البنية التحتية.

ولم يحدث شيء من ذلك حتى الآن على نطاق واسع فعلا، خاصة فيما يتعلق بإزالة القيود الإدارية حيث يعتبر ترامب أبعد ما يكون عن هذا الهدف رغم أنه ألغى على سبيل المثال قيودا متعلقة بمد خطوط الأنابيب.

تغيير "المحاسيب" مواقفهم

أما حقيقة عدم نجاح ترامب في تحقيق سياسته فيما يتعلق بالتداخل السياسي البالي في العاصمة واشنطن فهو جزء من الحقيقة حيث من الملفت للنظر على الجانب الآخر مدى تغيير "المحاسيب" السياسيين موقفهم وفقا للمصالح كما فعلت نيكي هالي، سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، على سبيل المثال، والتي كانت إحدى أكثر المعارضين لترامب في صفوف الجمهوريين خلال المعركة الانتخابية وأصبحت الآن تستغل الفراغ في السياسة الخارجية لتحسين صورتها.

كما أن هناك استجابة لترامب على الصعيد الدولي وإن كانت ضد رغبة المستجيبين.

رغم قلة تدبر ترامب لتصرفه مع سوريا فإنه كان مزهوا على هذه الخلفية خلال ظهوره مع رؤساء الدول والحكومات ورغم قلة مصداقية سياسته الخارجية كما حدث على سبيل المثال عندما هدد القيادة في كوريا الشمالية بحاملة طائرات لم يكن يعرف موقعها، فإن الولايات المتحدة لا تزال ذات ثقل على مستوى السياسة الخارجية.

فقد اضطر وزراء مالية دول مجموعة العشرين لشطب قصيدة المدح المعتادة للعولمة من البروتوكول الختامي، كما لم تحتو الوثيقة الختامية لصندوق النقد الدولي على كلمات مثل "الحمائية" أو "حماية المناخ"، وهي الكلمات التي تسبب حساسية للرئيس ترامب مما يدل على أن مراكز الثقة في السياسة الدولية اضطرت أن تدرك أنه لا يمكن تجاوز الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال حتى تحت حكم ترامب.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان