''كفر الطماعين''.. من طامعين في العلم لحالمين بالماء
كتبت - علياء أبو شهبة:
ما أن ينتهي سور القاهرة الفاطمية وعلى بعد أمتار قليلة من جامعة الأزهر ومستشفى الحسين الجامعي يقع ''كفر الطماعين''، الذي سكنه قبل مئات السنين الطامعون في العلم وفي الدين، من طلاب العلم الذي جاءوا من كل حدب وصوب للارتواء من نبع الأزهر جامعا وجامعة فأطلقوا على أنفسهم ''كفر الطماعين''، وقيل قديما ''طالبان لا يشبعان طالب العلم وطالب المال''.
بدخول الشارع الموازي لشارع الأزهر من الناحية المتجهة إلى ميدان العتبة تضيق الشوارع وتزداد ضيقا كلما دخلت إلى أعماقها، بعد تجاوز المقاهي الموجودة على أطرافها، يتواجد بنسبة غير كبيرة طلاب دول شرق أسيا الدراسين في جامعة الأزهر، والذين يرتادوا محل للمأكولات الأسيوية في نفس المنطقة.
أغلب المحال التجارية في كفر الطماعين أغلقت أبوابها، باستثناء بعض الورش ومطابع الكتب الدينية، التي يعتبر إنتاجها من أهم سمات كفر الطماعين، كما أوضح علي وجيه، أحد عمال مطبعة في المنطقة، مشيرا إلى أن الركود أدى إلى قلة أعداد المطابع ودفع لتقليل أعداد العمالة.
بينما انشغل عامل المطبعة بغمس طرف سبابته في الصمغ الأبيض ووضعها على حافة صفحات الكتاب لتلحق بباقي الصفحات في نسق ثابت لا يعرف الخطأ، قال لمصراوي إن طلبة العلم الطامعين فيه كانوا هم السكان الأصليين للشارع لكنهم الآن أصبحوا جزء بسيط منه، وغالبيته يسكنه الأهالي الذين يمنعهم الفقر من مغادرة المنطقة لكثرة ما تعانيه من مشاكل.
قاطعت حديثه سيدة أربعينية تدعى أم ممدوح، قائلة ''وأنت تعرف إيه عن مشاكلنا أنت بتقعد نص اليوم وبتمشي''، وتجادلا قليلا، ثم بدأت في التحدث عن ''أزمة الشباك''، لأن شقتها الواقعة في الطابق الأول في منزل متواضع المكون من طابقين تعتبر نافذتها ملاذا للحشرات والفئران، هذا إلى جانب الثعابين التي تكرر دخولها إلى المنزل حتى مع غلق النافذة، مستغلين الشقوق الموجودة في الحوائط، لذلك تظل النافذة مغلقة بلا أمل في نسمة الهواء ونور الشمس.
إلى جوار المنزل الذي أشارت إليه أم ممدوح تستقر مخلفات هدم منزل قديم، وتغطيها أكوام من القمامة يقول أهالي الشارع إنها تتزايد يوما بعد الآخر، مرجعين إليها السبب لانتشار الثعابين في المنطقة، لأنها تكون لها جحورا بداخلها.
أمام واجهة محل لبيع السجائر جلس المعمر عم محمود كما يناديه أهالي الشارع، يدخن سيجارته و يبتسم في هدوء، ويقول ممازحا :''والله ما أعرف الشارع اسمه كفر الطماعين ليه بس إحنا ناس كويسة مش طماعين عايزين بس نعيش عيشة كويسة''.
أحمد نور الدين، أحد ساكني ''كفر الطماعين'' أشار إلى أن تكرار انقطاع المياه يعتبر من أهم مشاكل السكان، والذين لجأ غالبيتهم إلى الاستعانة بمواتير لضخ المياه كثيرا ما تتعرض للتلف بسبب ضعف تدفق المياه، وانقطاعها طوال اليوم باستثناء 4 في نهاية الليل.
''سكان البيوت دي غلابة ولو يقدروا يسيبوها كان زمانهم عملوا كده من زمان لأن أصحاب البيوت عايزين يخرجوهم منها وبدل ما يكون الإيجار 50 جنيه للشقة يسكنوا الطلبة المغتربين الواحد منهم يدفع 100 جنيه و لما يسكن 7 في شقة واحدة يطلعله بمبلغ كويس عشان كده هما مهددين طول الوقت''، يقول نورالدين.
ما أن يبدأ الحاج متولي في الاستعداد لغلق باب محل بيع الأدوات الكهربائية الذي يستأجره في ''كفر الطماعين''، يبدأ في سماع ما يسميه ''قنابل الزبالة''، لأن أهالي الشارع يرمون أكياس القمامة عبر النوافذ مساء كل يوم، لتتراكم بصورة منفرة، ساءت بصورة غير مسبوقة عندما أعلن عمال شركة نظافة القاهرة إضرابهم عن العمل مؤخرا، الذي يحمد الله أنه انتهى وإلا غرقوا في القمامة.
يستاء كثيرا الحاج متولي من دفع نفقات مزدوجة لجمع القمامة بينما تتراكم في الشارع وبالأخص فوق مخلفات الهدم، التي يوضح تكرار الشكاوى للحي بشأنها، ولكن بدون استجابة.
تراكم القمامة ومخلفات الهدم إضافة إلى طبيعة مواد المستخدمة في بناء البيوت يعتبرها الحاج متولي سببا رئيسيا لتواجد الثعابين التي تتخذ جحورا من مساكنهم، ويتكرر سقوطها في الشارع من على جدران البيوت، يقطع حديثه ضاحكا :''أنا كمان كان ليا من الحب جانب''، ويروي قصة الثعابين التي سكنت دكانه وعندما ذهب إلى شيخ العطارين لشراء عشب الشيح لتنفيذ ''وصفة بلدي'' للتخلص من الثعابين، وجد العطار ثعبان داخل شوال الشيح، ورغم ذلك نجحت الوصفة، التي يقتنع بفعاليتها.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: