إعلان

العدالة الاجتماعية.. إرث ثورة يوليو الغائب الآن

04:34 م السبت 23 يوليه 2016

جمال-عبد-الناصر-فى-عيد-الفلاح

كتب – سامي مجدي:
كانت نبرته حزينة بعض الشيء عند ذكر سجل النظام الحالي، نظام ما بعد 30 يونيو 2013، في ملف العدالة الاجتماعية، الإرث الأبرز لثورة 23 يوليو 1952، التي رغم ما لها وما عليها كان لها الفضل في انتقال مصر والعالم العربي والافريقي من عصر إلى اخر عصر وصفه في وقت لاحق الأستاذ محمد حسين هيكل بأنه زمن "التحولات الكبرى"، من افول امبراطوريات ونظام عالمي قائم وبزوغ قوى أخرى ونظام ثنائي القطبية استمر معنا حتى بداية تسعينات القرن المنصرم عند انهيار الاتحاد السوفيتي لننتقل إلى عصر القطب الأوحد، الولايات المتحدة.

منبع الحزن البادي في نبرة الكاتب الصحفي عبد الله السناوي يأتي من تنكر النظام الحالي لطبقة العمال والفلاحين من خلال سياساته التي دائماً ما تأتي على حقوق هذه الفئة من الشعب التي بدأت معاناتها على ما يقول السناوي منذ 1974، مع تخلي نظام الرئيس السادات عن قيم وأفكار الثورة التي كان أحد ضباطها الأحرار إلى جوار زعيمها جمال عبد الناصر.

يحذر السناوي في مقابلة كانت لنا في مصراوي معه يوم أمس من "ثورة جياع" تأتي على الأخضر واليابس إذا لم يتبع النظام القائم "الدستور" الذي ينتصر في جوهره للعدالة الاجتماعية.

كان حديثنا منصبا في أغلبه على العدالة الاجتماعية التي طبقتها ثورة يوليو، وما جرى لها منذ نهاية عصر عبد الناصر بوفاته في 1970، والاستمرار في السياسات التي أسس لها السادات واتضحت معالمها بعد ذلك بثلاث سنوات، وأدت بدورها إلى مظاهرات الخبز في 18 و19 يناير 1977 التي أسماها السادات "انتفاضة الحرامية".

وقد استمر نظام مبارك في اتباعها حتى سئم الشعب ومل منه ومن سياساته كلها فانقض عليه في ثورة 25 يناير 2011 حتى أجبره على التخلي عن الحكم في 11 فبراير من نفس العام.

كانت "العدالة الاجتماعية" جزء أصيلا من أسباب ثورة الشعب في يناير وترسخت في شعارها الاثير "عيش حرية عدالة اجتماعية".

كنا نحاول استيضاح رؤية السناوي لسياسات نظام ما بعد 30 يونيو خاصة وأن هناك كثر من يشبهون زعيمه عبد الفتاح السيسي بجمال عبد الناصر: هل يسير النظام في اتجاه تأسيس عدالة اجتماعية غائبة عن مجتمع يعاني منذ عقود من لامساواة وتفاوت رهيب بين طبقاته أن أنه يتبع نفس سياسات سابقيه الذين انقلبوا على "إرث ثورة يوليو".

صب السناوي سهام نقده اللاذع على سياسات النظام الحالي الاقتصادية والاجتماعية. يقول "الأوضاع الحالية أصبحت تحمل فروقًا شاسعة، تحولت لمجتمعين مختلفين: أحدهما يمكن تسميته مجتمع "الكومباوند" وآخر للتسول والعلاج في مستشفيات السرطان عن طريق إعلانات التليفزيون".

كان السناوي يشير في حديثه إلى الإعلانات التلفزيونية التي انتشرت خلال شهر رمضان الكريم، حيث إعلانات عن فيلات ومنتجعات تحتاج إلى ثراء فاحش للعيش فيها، وأخرى تدعو للتبرع من أجل بناء أو استكمال المستشفيات حتى تقدم الرعاية الصحية المطلوبة وهو من أبسط حقوق الإنسان في الحياة.

يقول السناوي عن ذلك "هذا خير دليل أننا نعاني من مجتمع مريض مصاب بالشلل، أو مثلما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: شيء ما أعلى الدماغ قد تعطل. وهو ما ينذر بثورة جياع".

ويلخص الوضع بأن "هناك تدليل لرجال الأعمال باسم الاستثمار في مقابل تعسيف للطبقة البسيطة"، التي تحملها الحكومة بسياساتها أثمان الإصلاح الاقتصادي الضروري، مثل زيادة الضرائب على بعض السلع الأساسية دون فرض الضرائب تصاعدية على الثروة.

وذكر السناوي أن أحد رجال الأعمال، سميح ساويرس، طلب من رئيس الوزراء ذات مرة بفرض 5 في المئة ضريبة على الثروة.

رغم الأصوات التي تشبه الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بسلفه جمال عبدالناصر، إلا أن السناوي، الناصري الهوى، يرى أن لا شبه بينهما على الإطلاق اللهم إلا في أنهما نتاج الطبقة المتوسطة التي فتحت لها ثورة يوليو الباب أمام الترقي للوصول لأعلى المستويات والمناصب في الدولة.

"كل رؤساء مصر بداية من محمد نجيب ونهاية بالسيسي أبناء الطبقة البسيطة".

يقول "السياسات المتبعة الآن أقرب إلى الساداتية منها إلى الناصرية. ذلك يتضح في طريقة إدارة الملف الأفريقي والعربي.. وملف العدالة الاجتماعية".

يرى السناوي أن النظام المصري من بعد 1974 في قطيعة مع إرث الحركة الوطنية المصرية التي يمثلها مشروع - لا نظام - ثورة يوليو 52، المتمثل بدوره في سياسات الاستقلال والتحرر الوطني عبر التحرر الاقتصادي والنظام الاجتماعي الذي هندسته الثورة، تلك التي انقض عليها نظام السادات بهدف تأسيس طبقة أخرى تساند وتدعم السياسات والتوجهات الجديدة. تلك الطبقة التي نشأت مع موجة الانفتاح "غير المنضبط" التي تبناها السادات ورعتها سياسات الأنظمة التي تلته حتى وقتنا الحاضر.

باختصار، يقول السناوي، "الآن.. هناك فجوة مع إرث الحركة الوطنية المصرية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان