في معهد السينما.. سعيد شيمي طالبًا ومساعدًا لشادي عبد السلام (الكلاكيت الثاني)
كتب-محمد مهدي ودعاء الفولي:
كلية الآداب التي انضم لها "شيمي" لم تمنعه من مبتغاه الأول؛ معهد السينما، كان قلبه يهفو لذلك المكان، حاول دخوله 3 مرات لكن لم يتم قبوله "مش عارف ليه"، قبل ذلك كانت جمعية الفيلم قد فتحت أبوابها لراغبي الانضمام، فلم يفكر "شيمي" كثيرًا قبل أن يُصبح من مريديها.
"كان يرأسها أحمد الحضري ويوسف شريف رزق الله وكلهم بقوا سينمائيين" يذكر مدير التصوير كيف أبهرته تفاصيل الجمعية، الندوات التي يحضرها كبار المخرجين لمناقشة الأفلام، والنقد الفني الصحيح.
في نفس العام جاءت محاولته الثالثة مع المعهد، ليُقال له إنه لن يستطيع التقديم في العام القادم "عشان كنت هتم 24 سنة"، فلجأ الشاب إلى الدراسة بمراسلة أمريكا "لكن عيب التصوير إن جزء منه عملي"، حين علم المبادئ ازداد شغفه بالمعهد أكثر، رغم أنه صار حلمًا بعيد المنال.
خلال العام التالي تولى أحمد الحضري رئاسة معهد السينما، كان يعرف "شيمي" بحكم الجمعية، سأله في أحد الأيام بتلقائية "إنت مبتقدمش في المعهد ليه؟"، ليخبره أن السن لم تعد تسمح "فقالي إزاي ده؟ وساعتها قدمت وامتحنت وطلعت الأول على المتأهلين ودخلت المعهد".
كأن تلك اللحظات أمس. أسماء الذين اختبروا "شيمي" حاضرة في عقله؛ الحضري.. سعد عبدالرحمن، عبدالفتاح رياض، أحمد خورشيد، عبدالعزيز فهمي، الاختبار أشبه بمطحنة في كل المجالات، غير أن ذلك لم يكن مشكلة بالنسبة للطالب المُجتهد "كنت بعشق القراءة فعندي معلومات في السينما والمسرح والأدب والتاريخ"، كذلك الدراسة لم تُرهقه يومًا، حافظ على تقدير جيد جدًا منذ دخوله سنة 67.
استحوذ هوس الأفلام التسجيلية على عقل "شيمي" حتى قبل انضمامه المعهد، بدأ كمساعد مصور عام 66 بفيلم "الطريق إلى حلوان"، ثم انفتحت طاقة الأفلام الأخرى، كانت الدراسة بالمعهد أسهل ما يكون على الشاب العشريني، لم تجعله يتوقف عن استكمال الدراسة بالمراسلة "خلصتها سنة 69"، وفيما هو بداخل طاحونة السينما، والتصوير، علم أحد أخواله "كان أصغرهم سنًا" بتواجده في الفندق الصغير، فأتى إليه وأقنعه بالعودة للعمل بالمحلات-قويدر- مع وعد بإتاحة الحرية له ليدرس ما يُريد.
أخيرًا استطاع "شيمي" مواجهة أقاربه، كان الأمر جميلًا رغم صعوبته، يذهب للمعهد صباحًا، يعود منه ليعمل بالمحل من السادسة مساءً حتى الثانية صباحًا، كان المقابل المادي كبيرًا "40 جنيه في الشهر"، ظل يعاود الكرة يوميًا "كنت شاطر فمكنتش بذاكر"، كان المعهد محرابه الأول "كان بيدرسلنا أجانب، منهم هير برانتوا ألماني، وزجنيك كربوفتش بولندي ومسيو بوغري فرنساوي.. كنا بندرس كل حاجة، التخصص عنصر أساسي بس لازم تتعرف على كل شيء، وتفهم يعني إيه تذوق فنون".
أمام شاشة كبيرة جلس الطلاب، أعينهم مشدوهة، العام 1970 و"شيمي" في الصف الثالث بالمعهد، انضم للمتفرجين على فيلم "المومياء"، انتهى الفيلم المُبهر، واُقيمت ندوة على شرف المخرج شادي عبد السلام، فقام التلميذ النابه يُعلق على العمل "قالي كلامك مظبوط.. بعد ما خلص الفيلم ندهني وقالي انت مين؟ قولتله اسمي.. قالي ابقى عدي عليا في المركز التجريبي في استديو نحاس".
أبيّة فريد كان خطيبة "شيمي" في ذلك الوقت، وهي أول مصورة مصرية تعمل بذلك المجال، معًا ذهبا إلى الاستديو في الميعاد المُحدد، وبدأت علاقة الطالب بالمخرج الكبير "شادي كان بيصور فيلم تسجيلي، وأنا لسه طالب، فإدالي فرصة أجرب واشتغل فيلم تسجيلي ألوان"، كان الفيلم يتحدث عن الزجاج المصري، والمخرج هو أحمد متولي "روحنا صورنا في الحسينينة.. زملائي اللي اشتغلوا سنين قبلي، هاجو علشان ازاي وأنا لسه طالب يديني الفرصة دي"، فكان رد المخرج "انا من حقي أختار اللي انا شايفه مناسب".
الأفلام التسجيلية كانت بوابة المصور لعالم السينما "اشتغلت في الأفلام التسجيلية بتلقائية.. لأني بفهم في الدراما والصورة، وكنت باخد جوايز"، في عام 1971 تخرج "شيمي" من المعهد، بدأ حياة مختلفة في حب "السيما"، واضعًا قدمه للمرة الأولى في محراب الأفلام الروائية الطويلة.
فيديو قد يعجبك: