في عالمي "خرج ولم يعد" و"خرج وعاد منقوصًا"، الوجوه قد تبدو مختلفة، والأماكن أيضًا، وربما التفاصيل، لكنهم يتوحدون في المشاعر، مزيج من الخوف والضياع والإحساس بالخطر، عيون لا تنام، يموت أصحابها ألف مرة وهم على قيد الحياة، الجميع في انتظار العودة، حتى وإن عادوا بالفعل، ما زالت أرواحهم غير مكتملة، وواقعهم أكثر قسوة من أي حبكة درامية في فيلم أكشن، حتى وإن كانت النهاية سعيدة.
الجدة أمل وحفيدها محمد.. والصبي أنس الشهير بعلي، وآخرون، أوراق في رواية واقعية قاتمة، عُقدتها "الخطف".. وحش ينهش في نفوس من حل عليهم وفي نفوس ذويهم، وكابوس يطارد المجتمع المصري بعد تكرار حوادثه المرعبة في السنوات الأخيرة.
المصدر : مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية (2015) أما خط نجده الطفل التابع للمركز القومى : للأمومة والطفولة
عقب تدشينه , سجل :
إعلان
إعلان
الحكاية الأولى
الحفيد
دكرنس 2015..
كان سبتمبر يكسر حرارة الصيف الحارق على استحياء، والعد التنازلي يبدأ لاستقبال العيد، الجميع يستعد للفرحة، الجدة أمل تنكب على ماكينة الخياطة بمحلها في شارع المتاجر بمركز دكرنس، التابع لمحافظة الدقهلية، تسابق الزمن لتنتهي من تنفيذ فستان زفاف إحدى بنات المركز، قصدتها لشهرتها، وبراعتها في تنفيذ فساتين ليالي العمر.
لم تقبل الجدة الصغيرة، التي لم يتعد عمرها الـ 48 عامًا وقتذاك، أن تنغمس في أعمالها قبل أن ترى الفرحة في عيون محمد، حفيدها الوحيد، كان عمره يتساوى مع عدد أصابع يده الدقيقة، 5 سنوات وشهرًا واحدًا، انتقل للعيش معها هو ووالدته بعد أن انفصلت عن والده، عقب ولادته. يوم السبت الموافق 12 سبتمبر 2015، كانت تنتظره هى في المحل بعد أن أمضى نهاية الأسبوع مع والده، وكانت ملابس العيد مفروشة على سريره تنتظره أيضًا، وفي الخامسة والنصف مساءً ها هو قد عاد.
بعد 3 أيام من الغياب، التقت الجدة أمل بحفيدها، تبادلا العناق والتقبيل، وكلمات الشوق المعتادة، رفض "محمد" الصعود إلى المنزل، قائلًا: "لأ أنا هلعب شوية يا تيتة"، وذهب. وبعد ساعة واحدة، اختفى الصغير، ظنت الجدة أنه صعد ليلتقي أمه، هرولت نحو الطابق الخامس من البناية، لتشاهد وقع مفاجأة ملابس العيد على عيون محمد، الذي طالما عشقت ابتسامته الملائكية البريئة، والنقاش معه حول تنسيق الألوان والملابس، لكنها لم تجده.
ذعر خافت انتاب الجميع، هرولت الأم (24 سنة)، نحو الشارع كي تبحث عنه، كانت تظنه تائهًا، في زحام شارع المتاجر، الذي أغلق بشادر كبير يقام به "حنة عروس"، 7 ساعات من البحث لم تفضِ إلى شيء، نهش الرعب قلوب الجميع، جعلهم ينتشرون بشكل عشوائي يبحثون عن الصغير المفقود، لم يخطر ببال أحد منهم أنه قد اختطف.
بعد سبع ساعات من الانتشار العشوائي للجدة أمل، وأسرة محمد في شوارع "دكرنس"، توجه جزء من الأسرة لتقديم بلاغ بخطف الطفل في قسم الشرطة. لكن القانون ينص على عدم التحرك إلا بعد 24 ساعة من الغياب، يقول رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل، المحامي أحمد مصلحي: في الـ(24) ساعة تلك، قد يكون الطفل أصيب بمكروه، واختفى بلا رجعة، أو تم قتله، والاتجار بأعضائه، أو نقل في هجرة غير شرعية، لذا يجب إبلاغ خط نجدة الطفل، التابع للمركز القومي للطفولة والأمومة، ليتوجه أفراده على الفور لمحل الواقعة، لمساعدة أهله في العثور عليه إذا ما كان مفقودًا، أو تقديم بلاغ باختطافه لقسم الشرطة، برفقة الأهل، للنظر إليه بأسرع وقت ممكن.
لكن أسرة محمد حاولت أن تشكل لجان بحث منظمة، تجوب بشوارع المحافظة، ومجموعات أخرى لتجوب كافة المحافظات، ليبحثوا عن الأماكن الشهيرة بتجمعات عصابات خطف الأطفال وحتى الآثار والمخدرات، جمصة البلد، والشرقية، وطنطا، والقاهرة، والإسكندرية.
47 يومًا من البحث الميداني، عُلقت فيها بوسترات كبرى تحمل صورة محمد، في شوارع الدقهلية، والمحافظات المجاورة، لم ينتج عنه شيء. وكأن الصغير كان مجرد طيف داخل حلم دام لـ(5) سنوات، وانتهى.
فقدت الجدة الأمل في البحث الميداني الذي لم يؤت ثماره، لم تكن تعلم ماذا يمكنها أن تفعل كي تعيد الصغير؟ انقلبت حياتها رأسًا على عقب، أغلقت ورشة الخياطة، وأضحت تذوب حزنًا وهى ترى ابنتها تنهار أمام عينيها، حتى أنها لم تعد تقوى على الحديث، وبعد ما يقرب من عام، بدأت "الأم" تتلقى اتصالات هاتفية من مجهولين، يطلبون مبالغ بسيطة نظير وعود بعودة الطفل، التقت أحدهم بساحة أحد المساجد بمدينة طنطا، سلمته المبلغ المطلوب، 10 آلاف جنيه، لكنها لم تتسلم الطفل.
توالت اتصالات كثيرًا من هذا النوع، وفي كل مرة كانت تستجيب العائلة، "الغرقان يتعلق بقشاية" منطق أو لا منطق، أمر لا يهم الجدة، هكذا تقول، لكنها قبل عام من الآن تلقت مكالمة من نوع آخر.
ألو.. مدام أمل، حفيدك اتاخد تجارة أعضاء"، عبارات مقتضبة كان وقعها هو الأقسى على قلب الجدة منذ أن اختطف محمد، كان مصدرها هذه المرة أحد ضباط قسم دكرنس، بعد أن نجحوا في إحباط محاولة خطف طفل عمره 8 سنوات. حاول صبي معاق حركيًا يدعى "عصام"، عمره 14 عامًا، خداعه واستدراجه إلى دورة المياة بأحد المساجد، وتخديره بهدف خطفه، بينما أطلق الصبي صرخات مدوية أحبطت الخطة.
لم يحتج عصام إلى مجهود كبير حتى يعترف بخطف الطفل، وخطف 7 أطفال آخرين من بينهم محمد، وباعهم لسيدة تدعى "وفاء" من قرية "ميت الحلوج" مقابل 1000 جنيه، بحسب اعترافاته في محضر رقم 1870/ لسنة 2017، تورد تلك السيدة، الأطفال لأطباء يفرغون أجسادهم من الأعضاء وبيعها. واستطاعت الشرطة القبض على "وفاء"، لكنها أخلت سبيلها فيما بعد، وحفظت القضية لعدم كفاية الأدلة.
لم تجد "أمل" عزاءً في إطلاق سراح "وفاء" – الوسيطة الثانية في عصابة خطف الأطفال سالفة الذكر – سوى أنها تريد أن تصدق أن حفيدها ما زال على قيد الحياة. تردت حالتها الصحية، انتهكت الأورام أماكن متفرقة من جسدها، استأصلت أحدها، ويجهزها الأطباء الآن لإجراء عملية جراحية لاستئصال الورم الثاني، احتجز زوجها – جد الصبي – في المستشفى قرابة العام هو أيضًا، بعد أن علم بالخبر.
احترفت استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، بعدما لم يكن لها فيها ناقة ولا جمل، انقلب ليلها نهارًا، ونهارها ليلًا "مش عايزة اليوم الجديد ييجي.. أصله هييجي يوم تاني ليه من غير محمد؟!"، تقول الجدة بصوت واهن، كرست حياتها للتحدث عن القضية في الفضاء الإلكتروني، ليست قضية محمد فحسب، لكن قضية خطف الأطفال في العموم، فكم من أسر يعتصر قلبها على فلذات أكباد في مصير مجهول.
نهاية مفتوحة..
ثلاث سنوات مضت حتى الآن على "الجدة أمل" لم تنقص من عزيمتها، لديها ما يكفي من نفس حتى تظل تبحث عن "محمد" حتى آخر العمر، تتشبث بطيفه المعلق في هيئة صور على الجدران، ورائحته المصفوفة على هيئة ثياب صغيرة في الدواليب، ما زالت تحكي سيرته وترسم تفاصيل لحظات اللقاء المرتقبة على أريكته المفضلة فوق سطح المنزل، وحيدة كل مساء، وبعدها توجه نظرها نحو السماء وتدعو..
إعلان
إعلان
حكايات صوتية
الصبية الثلاثة
في واقعة مشابهة بحي المقطم، في أغسطس الماضي، قبيل عيد الأضحى بأربعة أيام، نزل أحمد وسيد ومصطفى، للعب تحت مربع من "البلوكات" تنتشر بداخلها أسر العائلة الصعيدية الكبيرة، ثلاثة أطفال أكبرهم في الخامسة، يحتال عليهم سائق سيارة نقل متهالكة بتقديم بعض الحلوى، يأخذهم معه، ويعودوا بعد 6 ساعات من الذعر، لن تنسى أبدًا. يسرد الأطفال وذووهم تفاصيل الواقعة في القصة الصوتية التالية.
مريم
بالحيلة أقتيدت مريم – طفلة في التاسعة من عمرها - أيضًا إلى مدخل منزل مهجور بمنطقة العباسية، بعد أن خدعتها إحدى السيدات قائلة: "ماما قالتلي آجي آخدك من المدرسة، حتى خدي كلميها في التليفون"، أقنعتها أيضًا أن تخلع مصوغاتها الذهبية، داخل البيت المهجور وتضعها في حقيبة ظهرها حتى لا تضيع، سرقتها، وتركتها بعيدًا عن المنزل وعن المدرسة، وعادت الطفلة بمفردها، لمعرفة التفاصيل، استمع إلى القصة الصوتية.
اكتفى أهل مريم بعودتها بسلام، لم يدركوا من الأساس أن ما حدث يُعد خطفًا مقترنًا بجريمة سرقة، وفقًا للقانون، يرى رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل المحامي "أحمد مصلحي"، أنه لا بد من تجريم عدم الإبلاغ عن جرائم الخطف، خاصة في الحالات المقرونة بسرقة، أو بطلب فدية، الأمر الذي يسهم في نجاح تلك الجرائم وانتشارها.
لكن مريم لم تعُد سالمة حقًا كما يعتقدون، ظل ينتابها الذعر والفزع رغم مرور شهور على الواقعة، لم يدرك أهلها أنها تحتاج إلى تأهيل نفسي، وحينما أدركوا، لم يعرفوا إلى أين يتوجهون، لذا أجرينا ذلك الاتصال الهاتفي بخط نجدة الطفل، لمعرفة كيفية التعامل مع الطفلة، ووعدونا بمتابعتنا باتصال هاتفي من أحد الاستشاريين النفسيين خلال 24 ساعة، إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن.
أعراض نفسية تصيب المُختَطَفين
كيفية التعامل معها
المصدر : دراسة نشرتها الجمعية الامريكية لعلم النفس بعنوان "التكيف مع الحياة بعد الخطف"
الحكاية الثانية
الصبي
ناهيا 2018
كان "أنس"، الشهير بعلي، قد انتهى من مذاكرته للتو، صبي لم يكن بلغ الثامنة عشر بعد، في عامه الأخير من التعليم الثانوي، يعيش في بيت شاسع، بأحد شوارع ناهيا الضيقة، قرية في ضواحي محافظة الجيزة، لديه 4 أشقاء، هو أوسطهم، والده صاحب مصنع، ميسور الحال.
لم يكترث الصبي ببرودة يناير الماضي، أمسك بهاتفه، واتصل بصديقه، هو أيضًا يدعى "أنس"، اتفقا على أن يلتقيا وزميلهما عبدالرحمن في الثامنة مساءً بـ"السهراية" - مكان أشبه بميدان في وسط ناهيا ممتلئ بالمقاهي والسيارات والمارة في كل الأوقات-، وينطلقوا للسهر معا.
كان "علي وأنس" وصديقهما الثالث يستعدون للمغادرة، بعد أن التقوا في الموعد والمكان المعتاد، وإذا بمشهد استوقفهم قليلًا، سيارة "لاندكروزر" يستقلها 4 ملثمين، تدخل "السهراية"، شعر ثلاثتهم بالقلق، وقرروا الصعود إلى سطح منزل "عبدالرحمن"، لمشاهدة ماذا سيحدث من أعلى، لكن الطلقات النارية سبقتهم إلى مدخل المنزل.
كانوا هم المقصودون هذه المرة، نهرهم أحد الملثمين "مين فيكوا أنس؟"، تبادل الصبيان النظرات، لم يمنحهما الملثمون فرصة للتفكير، اقتادوهما - الصبيان علي وأنس فقط - تحت تهديد السلاح إلى شنطة السيارة.
حاول والد علي أن يحافظ على ما تبقى لديه من هدوء بعد أن أبلغه شباب القرية باختطاف ابنه، ولم يستطع أحد التدخل لإنقاذه بعدما أرهب الملثمون أهالي ناهيا بطلقات نارية في الهواء، فابتعد الجميع، لكن ثمة كاميرا مراقبة معلقة على إحدى متاجر البقالة، استطاعت أن تحتفظ بتفاصيل الواقعة بأكملها.
كان يعلم جيدًا أنها ليست واقعة الاختطاف الأولى من نوعها في ناهيا، وفي الوقت الذي بدأ يلتقي فيه بأهالي الضحايا السابقين، كان نجله وشقيق "علي" الأكبر يحاول الاتصال على هاتف أخيه المحمول، انفتح الخط أخيرًا، لكن الصوت كان مختلفًا "قول لأبوك عليك 550 ألف جنيه"، لفظ الصوت الخشن تلك العبارات المقتضبة بعصبية، وأغلق الهاتف.
داخل السيارة، أجرى أحد الملثمين أيضًا مكالمة هاتفية بوالد "أنس" – الصبي الثاني -، ليخبره بالفدية المرادة نفسها، كبلوا أيدي وأرجل الصبيين، وعصبوا عينيهما، ومضت السيارة مسرعة في طرق وعرة غير ممهدة، جيئة وذهابًا، وكأنهم يتعمدون أن يضيعوا الطريق ثم الإمساك به من جديد، حتى يفقد الصبيان الأمل في أن يعرفوا إلى أين هم ذاهبون.
بعد ساعتين من السير في طريق مجهول، أنزل الملثمون الصبيين في مكان شبه مقطوع، لم يستطع "علي" تبين تفاصيله لأنهم عصبوا عينيه، لكن أزيز بوابة حديدية عملاقة أوحت له أنهم داخل مصنع أو مزرعة شاسعة، وكان نباح الكلاب يحيط بهم من كل مكان، وكذلك وقع أقدام الخيول.
أقتيد "علي وأنس" والسلاح فوق رأسيهما، نحو غرفة صغيرة مقسمة إلى طابقين عبر الأخشاب، وبها دورة مياه صغيرة، بحسب ما كان يرى "علي" من تحت عصابة عينيه خلسة، كلما رفع رأسه إلى أعلى، وكان بالغرفة تلفاز صغير لا ينطفئ أبدًا، اعتاد الملثمان الاثنان اللذان كانا برفقتهما، رفع صوته إلى أعلى مستوى، فحال دون سماع الصبيين ما يجري حولهما، حتى صوت الأذان لم يكن يصل إليهما، فأصبحا لا يستطيعان تمييز الوقت، أو الليل والنهار، سوى من تسلل الضوء عبر شباك دورة المياه الصغيرة.
في الغرفة المظلمة، ظل الصبيان على حالهما، الكلام ممنوع، والأسئلة ممنوعة، الحركة غير مباحة سوى لدورة المياه، والطعام إجباري، والنوم كان ملاذًا للهروب. الوقت يمضي ببطء شديد، لا فائدة من الذعر، أبلغهما الملثمون أنهم سيتركون سراحهما فور دفع أهلهما الفدية.
كانت والدة "علي" في حالة انهيار تام، تحث زوجها في كل وقت على دفع الفدية لإنقاذ الصبي، بينما كان الوالد يتابع خطة وزارة الداخلية للإيقاع بالجناة، بعد أن انتشر فيديو اختطافهما على مواقع التواصل الاجتماعي مثل النيران في الهشيم. تأكدت الشرطة أن الصبيين محتجزان في مكان قريب من ناهيا، فنشرت قواتها بسيارات جابت جميع المناطق المحيطة بسارينات بوليسية، ليشعر الجناة أنهم قد اكتشفوا مكانهم، ويتصرفون بارتباك، وهذا ما حدث بالفعل.
لم يكن يعلم الصبيان أن خمسة أيام قد مضت، ومثل كل يوم جاءهم أحدهم بالطعام، ووعدهم بالخروج، لم يصدقوه حتى سمعا صوت السيارة "اللاند كروزر" تستقر أمام الباب الحديدي الكبير، وبدأ الملثمون في تلقينهما تعليمات الخروج، "ستنزلان في بداية نفق.. ستسيران إلى نهايته، وستجدان والديكما في انتظاركما"، هكذا أخبروهما، ووضعا في جيوبهما بطاريات صغيرة، أوهموهما أنها أجهزة تنصت تستطيع أن تشي بهم إذا ما حاولا فعل أي شيء غير مسموح، وانطلقت السيارة.
وجهوهما تحت تهديد السلاح إلى باب السيارة، حتى لا يريان وجهوهم، وفكوا عصابة أعينهم، وألقوهما على مسافات متباعدة أعلى الكوبري الدائري، وفروا هاربين.
لم يستطع "علي" قراءة رقم السيارة بعد 5 أيام لم يرَ فيها سوى ضوء خافت، تملك منه الدوار حتى أنه لم يستطع الاستقامة مرة أخرى إلا بعد دقائق. عرف من أحد المارة أنه قريب من "صفط اللبن"، فبدأ السير في الظلام نحو ناهيا، حتى وصل إلى بيته.
الفصل الأخير
عاد "علي" لكن شيئا ما تغير في نفسه. ما زال لا يستطيع النوم ليلًا، ما زال يهرب من ملاحقة نظرات أهالي البلدة، وهم يتساءلون بصوت مسموع "مش ده إللي كان مخطوف؟!"، ما زال يفضل العزلة، لا يستطيع مسايرة رفاقه في المزاح كما كان، عاد "علي" إلى أهله، لكنه لا يزال في انتظار عودة روحه السابقة إليه.