نيوزويك: كيف ضرب داعش بريطانيا؟
كتب – محمد الصباغ:
قالت مجلة نيوزويك الأمريكية إن هناك وقتا كانت تعتقد فيه بريطانيا أنها محصنة من مسلحي تنظيم داعش، حيث يغادر البريطانيون للالتحاق بالتنظيم الإرهابي في الخارج، لكن مذابحهم لم تقع بالداخل أبدًا.
أوروبا لم تكن محظوظة، ففي مايو من عام 2014، أي قبل شهر من إعلان داعش لخلافتها المزعومة، فتح شخص النار داخل متحف يهودي في العاصمة البلجيكية بروكسل ليقتل 3 أشخاص ويصيب الرابع بجروح خطيرة. واستطاع آنذاك الصحفي الفرنسي نيكولاس هينين الذي كان محتجزا لدى داعش، التعرف على المشتبه به مهدي نموشي حيث كان أحد معذبيه من أعضاء التنظيم الإرهابي.
استمرت الوحشية، ووصلت إلى ألمانيا وشوارع باريس في 13 نوفمبر 2015، لتقتل الهجمات الإرهابية 130 شخصا. وفي هجمات في العاصمة البلجيكية في 22 مارس 2016، قتل 32 شخصا، كما لقي 86 شخصا مصرعهم في الهجمات بمدينة نيس الفرنسية في 14 يوليو 2016.
إلى ذلك التوقيت لم تتعرض بريطانيا لأي ضرر. على الرغم من أن 850 بريطانيًا سافروا للالتحاق بداعش، لم يخطط أي من مناصري التنظيم الإرهابي اختراق دفاعات الدولة. ولأن البحر يفصلها عن أوروبا، مع قوانين حازمة على استخدام الأسلحة ووجود أجهزة أمنية قوية، بدا أن المملكة المتحدة جنة آمنة.
أضافت المجلة أن الأمور لم تستمر على هذا المنوال، ففي 22 مارس 2017، اندفع شخص بشاحنة نحومواطنين على جسر ويستمنستر ليقتل أربعة أشخاص. ثم نزل من الشاحنة وطعن شرطي غير مسلح أمام مبنى البرلمان. وبعد شهرين تحديدًا، انفجرت قنبلة في حفل للمطربة أريانا جراندي في مانشستر وقتل 22 شخصا. وفي 3 يونيو، حاكى 3 أشخاص هجوم جسر وستمنستر وقادوا شاحنة واتجهوا بها نحو مجموعة من الأشخاص على جسر لندن قبل أن يترجلوا منها ويبداوا عمليات الطعن، ووصل عدد القتلى في هذه العملية إلى 8 أشخاص.
بعد 3 هجمات في أقل من ثلاثة أشهر، بدأ البريطانيون يبحثون عن إجابة لسؤال: "من المسئول؟" وقبل الانتخابات العامة التي أجريت الجولة الأولى منها اليوم، توجهت أصابع الاتهام نحو رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
وفي حديث لروبرت كويك، مسئول مكافحة الإرهاب في بريطانيا في الفترة من 2008 إلى 2009، قال إن الحكومة أوقفت تمويل الشرطة مما جعل احتمالات وقوع الهجمات الإرهابية أكثر. وذكرت نيوزويك أن إجراءات التقشف، وإلغاء 20 ألف وظيفة شرطية، والتي بدأت عام 2010، كانت خلال تولي ماي وزارة الداخلية ومسئولية الأمن الداخلي.
وتابعت نيوزويك أنه في السادس من مارس الماضي، قال مارك رولي، خليفة ماي في المنصب، إن محققي مكافحة الإرهاب أحبطوا 13 هجوما إرهابيا خلال السنوات الأربع الماضية. وتحدث يوم الثلاثاء عقب هجوم جسر لندن قائلا "في 9 أسابيع، أحبطنا 5 محاولات بينما نجحت 3 هجمات (ويستمنستر ومانشستر وجسر لندن). يختلف ذلك عن أي شئ واجهناه منذ وقت طويل."
لم يحدد رولي الدواقع خلف الهجمات، لكن "رشاد علي" الزميل بمعهد الحوار الاستراتيجي، قال إن الهجمات من المرجح أن يكون ورائها مناصرون لداعش.
وتابع: "ظهرت داعش إلى الواجهة في 2014 وألهمت الكثير من الأشخاص والتحقوا بها وبأراضيها." وأضاف أنه في عام 2016، مع بداية خسارة التنظيم للأراضي تحت سيطرته، "بدأ في مطالبة أعضائه بالرحيل". مشيرًا إلى أن التنظيم شجع الأشخاص المناصرين له على تنفيذ الهجمات في بلادهم، مما تسبب في زيادة الهجمات.
ويوضح ذلك سبب ارتفاع الشكاوى التي تلقاها الخط الساخن لمكافحة الإرهاب في لندن خلال الفترة من مارس 2016 إلى مارس 2017، بمعدل الضعف مقارنة بعام سبق. وأشار ريتشارد باريت، الدبلوماسي البريطاني ومؤسس قوات مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، إلى أنه لم يقع أي هجوم مرتبط بداعش في بريطانيا حتى 22 مارس.
وأضاف باريت "أعتقد أن موقفنا الأمني أفضل من فرنسا وبلجيكا بعدة أشكال".
بينما يرى رافايللو بانتوتشي، مدير الدراسات الأمنية الدولية في المعهد البريطاني للوحدة الملكية، أنه حتى مع وجود أفضل المسئولين في مواجهة الإرهاب، لن يمكن مواجهة الموجة الجديدة من الإرهاب بشكل مؤثر.
وتابع بانتوتشي أن مستوى التخطيط في الهجمات ضعيف جدا، مضيفًا "التنظيمات مثل داعش تقول (لمناصريها) افعلوا شئ، أي شئ، وسننسبه لنا. الهدف يكون عشوائي، يمكن استخدام أي سلاح –كل هذه المؤشرات ترمز إلى اتجاه خطير".
وأشار التقرير إلى أن الخبراء والمحللون يرون أن الهجمات ستزداد ضد بريطانيا، وستكون باستخدام أي شئ.
كان المسئولين في بريطانيا صرحاء حول الضغوط التي تقع على كاهلهم. ففي كل هجوم إرهابي من الثلاث، كان بعض المشتبه بهم معروفين لدى رجال الشرطة، لكن مع تعامل ضباط مكافحة الإرهاب مع 500 تحقيق يتورط به 3 آلاف متهم محتمل، لكن خلال العام الماضي ثبت أن ذلك أمر مستحيل.
واختتمت المجلة تقريرها بأنه مع توقع المحللين لهجمات وشيكة، سيعيش المواطنون البريطانيون على أمل أن يتم منع هجوم مثل الذي وقع بمانشستر.
فيديو قد يعجبك: