قطع العلاقات مع قطر: الدوحة تلجأ لشركة قانونية أمريكية لمواجهة عزلتها
كتب - سامي مجدي:
سددت قطر مبلغ 2.5 مليون دولار أمريكي لشركة قانونية تابعة للمدعي العام الأمريكي إبان ولاية الرئيس جورج دبليو بوش، لمراجعة مساعيها وجهودها في وقف تمويل الإرهاب، وهي القضية التي تعد محور الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت في الخليج الأسبوع الماضي، حسبما أفادت وكالة أسوشيتد برس الأحد.
وقالت الوكالة في تقرير على موقعها الإلكتروني إن جون أشكروفت سيقود بنفسه جهود شركته التي تتخذ من واشنطن مقرا لها "لتقييم وتحديد وعند الضرورة تعزيز (التزام) العميل بمكافحة غسيل الأموال وتمويل مكافحة الإرهاب"، بحسب وثائق أودعت في وزارة العدل الأمريكية.
تهدف استعانة قطر بأشكروفت على ما يبدو لتهدئة دول الخليج التي تسعى الآن لعزلها.
كان أشكروفت قد تولى منصب المدعي العام إبان هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وساعد بعد ذلك في الدفع بقانون "باتريوت"، وهو قانون مكافحة الإرهاب الذي تم إقراره بعد الهجمات.
وقالت الوكالة إن مسؤولي قطر التي تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبرى، وشركة أشكروفت، لم يردوا على طلبات بالتعقيب.
اتهامات بدعم الإرهاب
وتأتي تلك الخطوة من جانب الدوحة، بعد أن قطعت السعودية ومصر والإمارات والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، إثر اتهامات للإمارة الصغيرة الغنية بالطاقة بدعم الإرهاب والجماعات المتطرفة. وتنفي قطر هذه الاتهامات.
ولفتت الوكالة إلى أن الكثير من المسؤولين الغربيين عادة ما يتهمون حكومة قطر بالسماح بل وحتى بتشجيع تمويل بعض الجماعات المتطرفة.
وتستضيف الدوحة قادة من حركة حماس الفلسطينية التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جماعة إرهابية.
كما أنها تستضيف مئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الفارين من مصر، وبعضهم صادر ضده أحكام قضائية في اتهامات تتعلق بالإرهاب والتحريض وممارسة العنف.
ووفقًا لوكالة أسوشيتد برس، أودعت شركة أشكروفت المستندات بإدارة الأمن القومي بوزارة العدل يوم الجمعة الماضي. وقالت الوكالة إن إيداع هذه المستندات أمر يوجبه قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، الذي استخدم للمرة الأولى إبان ظهور مخاوف بشأن دعاة النازية الذين كانوا ناشطين في الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الثانية.
التقارير التي تم إيداعها تظهر أن شركة أشكروفت "قد تنخرط في جهود تواصل مع مسؤولي الحكومة الأمريكية أو الاتصال مع وسائل الإعلام" فيما يتعلق بالنتائج، وفقًا لما تقول أسوشيتد برس.
وجاء في نص التعاقد بين قطر وشركة أشكروفت أن "الشركة تتفهم مدى إلحاح هذه المسألة والحاجة لتقديم معلومات دقيقة لدائرة واسعة وكذا لعدد معين من الوكالات الداخلية والقادة".
وتقول الوكالة إن العقد الذي أودعته شركة أشكروفت وقع عليه أحمد حسن الحمادي، أمين عام وزارة الخارجية القطرية.
"ضرورة ملحة"
وستتقاضى الشركة مبلغ 2.5 مليون دولار، الأمر الذي يشير على الأرجح للضرورة الملحة التي تشعر بها قطر حتى تسمع واشنطن رسالتها، خاصة بعد الانتقادات الحادة التي وجهها لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي قبل يومين، بحسب أسوشيتد برس.
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قطر بأنها داعم تاريخي للإرهاب، ودعا دول الخليج ودول الجوار لاتخاذ المزيد من الإجراءات لمكافحة الإرهاب.
وقال ترامب "دولة قطر، للأسف، ممول تاريخي للإرهاب على مستوى عال جدا. يجب أن ينهوا هذا التمويل".
وجاءت تعليقات ترامب بعد أن دعا وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون السعودية وحلفاءها الإقليميين لتخفيف الحصار على قطر، بينما دعا قطر لإنهاء دعمها للإرهاب.
يشار إلى أن الاستعانة بشركة قانونية أمريكية ليس أمرًا جديدًا على دول الخليج؛ فالسعودية على وجه الخصوص لديها عدة شركات تمثل مصالحها في الولايات المتحدة.
كانت قطر قد استعانت بجماعات ضغط ووكلاء أجانب في الولايات المتحدة، ومؤخرًا دفع أحد أبناء الأسرة الحاكم مليوني دولار لشركة أحذية يونانية لتحرير أقارب مخطوفين في العراق في عملية شملت أعمال قرصنة واتصالات انترنت مشفرة ووعود بفدى قيمتها ملايين الدولارات.
الفدية التي يعتقد أنها انتهت بين يد جماعات شيعية مسلحة تحتجز القطريين في العراق، أثارت غضب الساعين لعزل قطر، والتي قدرت قيمتها الإجمالية بمليار دولار، بحسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز قبل عدة أيام.
طلب بتحقيق أممي
وكانت مصر طلبت من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التحقيق في تقارير تفيد بأن قطر "دفعت مليار دولار" لتحرير رهائن، وقالت إن فدية كهذه تمثل انتهاكا المواثيق الأمم المتحدة.
ونقلت أسوشتيد برس عن كريستوفر ديفيدسون، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة دورهام في بريطانيا، قوله إن التحرك المفاجئ والاستعانة بشركة أشكروفت يظهران أن قطر تأكدت تماما أن رأي الحكومة في واشنطن لم يعد في صالحها، وهذا بالرغم من تمويل قطر لمؤسسات بحثية وفكرية وبرامج جامعية وكذا لشبكة الجزيرة الإخبارية القطرية.
وأضاف "نرى نزاعا من نوع جديد.. حيث تخوض شركات العلاقات العامة الحروب.. يمكننا أن نرى نوع الضرر الذي قد يحدث عندما يصبح جهاز العلاقات العامة الخاص بمنافسك أكثر امتدادًا من جهازك أنت".
فيديو قد يعجبك: