إعلان

من أصغر ضحايا "البطرسية".. "ماجي مواهب" في عناية الدعاء

10:02 م الأربعاء 14 ديسمبر 2016

ماجي مواهب

كتبت-إشراق أحمد:

في تمام السادسة والنصف صباحًا، اعتادت نرمين سمير أن تصطحب ابنتيها ماجي وميرا إلى الكنيسة البطرسية، تحرص الأم على حضور القداس الأول الذي يحين موعده باكر، لكن قدرا خالفت الأسرة نظامها؛ استيقظوا متأخرا عن الموعد، ففضلت الوالدة حضور القداس من البداية، وكان ميعادهم في الثامنة والنصف مع الصلاة الثانية التي لم تكتمل إلا وتفرق شمل الأم وابنتيها؛ انتقلت نرمين إلى مستشفى الدمرداش بعدما أصيب عينيها وسمعها جراء التفجير، وأنقذ أحد القساوسة ميرا وأبقاها بمنزله، فيما ترقد ماجي في العناية المركزة بمستشفى الجلاء العسكري. تنهال عليها الدعوات بالرحمة علها تتجاوز المصاب الذي أرقدها بلا حراك.

بوجه طفولي، يليق بعمرها غير المتجاوز العشرة أعوام، انتشرت صورة ماجي مؤمن، منذ مساء واقعة تفجير البطرسية، مع منشورات تطالب بالدعاء أو التبرع بالدم، من أصدقاء ومعلمين لها. الجميع يدعو بالشفاء للصغيرة، المصابة بين نحو 49 أخرين، فيما لا تتوقف الأنباء الزاعمة لوفاتها وهو ما نفاه سمير عبده جد الصغيرة قائلا "لسه بتتنفس لكنها في العناية المركزة".

1

12 ديسمبر الجاري نشرت صفحة وادي دجلة شيراتون على فيسبوك، صورة ماجي مؤمن، ملحقة إياها بتمنيات الشفاء للاعبة الكرة الطائرة بالنادي لسن 10 سنوات. كانت الصغيرة من أوائل المشتركين بالفريق المنشأ قبل عام، نجحت في الاختبارات، رأى المدرب فيها التميز، فكانت أصغر الفتيات المنضمات سنًا "دخلت قبل عمرها بسنتين كل اللي موجودين مواليد 2004 و2005 وهي مواليد 2006" كما قال محمد عبده مدرب ماجي للكرة الطائرة بوادي دجلة.

لم تكن ماجي كغيرها من الرفاق، يصفها المقربون أنها "طفلة تاخد القلب لما تشوفها.. تتمنى تكون بنتك" حسبما قال مدربها. لا تتواجد الصغيرة في مكان إلا ملأته مرحا وشقاوة، تناغش هذا، وتلقي "القفشات"، تأسر الجميع بضحكتها البشوشة، لا تُرى إلا متحركة "كل النادي يعرفها" كما عبر مدربها، فيما قال الجد إن ماجي ليست لاعبة كرة طائرة فقط، بل إحدى أعضاء فرقة المسرح بالكنيسة، فضلا عن هوايتها للرقص وهو ما ألصق بها أسماء شهرة عديدة حال "ماجي مواهب.. ماجي على واحدة ونص".

2

3 كسور بالجمجمة لحقت بماجي جراء التفجير الواقع صباح الأحد 11 ديسمبر الجاري، فيما أصابت الشظايا عينا والدتها نرمين سمير. جهة اليسار، بالصف الرابع من المقاعد الأخيرة في قاعة الصلاة، جلست ماجي ووالدتها أستاذة الصيدلة بجامعة عين شمس، ظلوا في حضرة الموعظة والقداس، بينما لم تحتمل ميرا ذات الخمسة أعوام المكوث، خرجت الصغيرة ببراءة تمرح خارج القاعة قبل وقوع التفجير "فكان قدرها أنها تنجى من اللي حصل" حسبما قال الجد سمير لمصراوي.

في العاشرة إلا خمس دقائق، يوم الواقعة، اهتزت الأرض بمن عليها، انخلعت أسقف البطرسية، ومعها قلوب المتواجدون تحتها، موقع جلوس ماجي ووالدتها هون الأمر شيئا ما "اللي كانوا قاعدين ناحية اليمين خلاص راحوا كلهم لكن ناحية الشمال في أعمدة وده حمى شوية اللي قعدوا فيها" كما قال سمير، وكذلك خفف جلوس ماجي يمين أمها من إصابة الأخيرة "ماجي فدت والدتها لأنها كانت قاعدة ناحية تفجير القنبلة فأخدت كل الضربة" حسبما أوضح الجد.

تتلقى نرمين علاج لإصابتها، فيما تمكث ميرا شقيقة ماجي الصغرى مع الجد، بعدما أحضرها من منزل أحد القساوسة، انتشلها الأخير فور وقوع الحادث، فيما لا يغيب عن صوت سمير الحزن على ابنته وينفطر قلبه على حفيدته. "غلاوة ماجي عندي يمكن أكتر من بنتي نرمين لأني أنا اللي مربيها" قال الجد.

3

ماجي هي الحفيدة الثانية لسمير، ارتبطت بمنزل جدها لوالدتها طيلة فترة إعداد أمها لرسالة الماجستير والدكتوراه. طالما كان القلق رفيق سمير على ابنته وأحفاده، يطمئن عليهم طيلة الوقت خاصة حين ذهابهم لمواعيد تدريب ماجي في منطقة شيراتون القريبة من طريق المطار "دايما كنت بخاف عليهم من المشوار والطريق لكن النصيب تكون الحادثة في مكان تاني".

لم تفوت الصغيرة للكنيسة موعدا، اعتادت ماجي أن تذهب برفقة والدتها يومي الجمعة والأحد في أغلب الأحوال، غير أن الجمعة الماضية استثنت عادتها لأول مرة؛ مباراة مهمة لفريقها للكرة الطائرة تقام في ذلك اليوم، لقاء يفصل بين دخول لاعبات وادي دجلة لأول مرة نهائي بطولة الأندية، أرادت ماجي أن يحققوا الفوز، فتخلت عن ميعادها من أجل المباراة مع نادي الصيد.

4

كان ذلك قبل يومين من الحادث الأليم، حين استشعرت طالبة الصف الرابع الابتدائي قلق مدربها من المباراة، فقالت له مبتسمة بحماس "أحنا هنكسب.. ومش هنكسب وبس لا هنغلبهم 5-0 وهنفرحك كلنا. بس أنت لاعبني ماتش الميكس" يتذكر عبده كلمات ماجي التي تحققت، وتحقق معها رغبتها في لعب الجولة النهائية.

لم تكتف "ماجي مواهب" بفوز فريقها، وصعوده لأول مرة لنهائي بطولة الأندية، بل مارست عادتها المرحة. "فضلت ترقص وتهيص الأتوبيس كله من أول أكتوبر مكان المباراة لغاية ما وصلنا النادي في شيراتون" يحكى مدربها، مشيرًا إلى أنه لأكثر من الساعة فاضت سعادة الصغيرة على مَن حولها، لتغادر صديقاتها بالفريق على وعد اللقاء الثلاثاء، بالأمس حيث كان ميعاد العودة إلى التدريب بعد الراحة، ليستكملوا أمنيتهم بالتتويج كأبطال في تلك المنافسة، لكن ماجي لم تأتِ.

5

لليوم الثالث على التوالي ترقد طالبة كلية رمسيس للبنات في مستشفى الجلاء العسكري، تحيطها أسرتها، يلملم كل من أبيها ووالدتها أنفسهم بالكاد، لا طاقة لهم بالحديث، تعافر والدتها المصابة للاطمئنان على ابنتها، تتولاهم رعاية الجميع. "لما عرفوا في المستشفى أن ماجي مصابة في البطرسية رفضوا ياخدوا منا فلوس" قال الجد مشيرا إلى انتظار الأسرة معجزة لشفاء الصغيرة. تمر الأوقات بثقل على عائلة ماجي لكن الأسوأ هو سماع وفاتها عبر كتابة أحدهم في الإعلام أو على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما هم ينتظرون على باب غرفتها بالمستشفى.

فيديو قد يعجبك: