لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"لو اشتغلت فيها هتموت".. سائق توك توك تجاهل تحذير والده فقُتِل بـ32 طعنة

03:03 م الخميس 25 أكتوبر 2018

كتب - محمود الشوربجي وصابر المحلاوي:

داخل منزل بسيط في عزبة المفتي بمنطقة أوسيم شمال محافظة الجيزة، قلب أم يتقطع، وعقل أب لا يتوقف عن التفكير، ودموع أبناء تتساقط ليلاً ونهاراً؛ الابن محمود "15 سنة" طالب في الصف الثالث الإعدادي، قُتل على يد عاطل يدعى "أبو كارما"، بـ32 طعنة في أنحاء متفرقة بجسده، لسرقة التوك توك الذي يعمل عليه "كان بيخلص مدرسة ويطلع يشتغل على التوك توك عشان يساعدني في مصاريف البيت.. اتغدر بيه"، قالها والد الطفل.

"المنطقة دي خطر يا بني ولو اشتغلت على توك توك هتموت، في ناس كتير مدمنين وحالات سرقة وقتل كتير حصلت هنا".. تجاهل "محمود" تحذيرات والده، وصمم الطفل على مساعدة والده في مصاريف المنزل، وراح يقنعه بعدم الخوف عليه وتركه يعمل سائقًا على "توك توك" حتى يوفر مصاريف دراسته وجزءًا من تكلفة علاج أخيه الأصغر.

لم يستسلم الطفل لكلام الأب، وقرر البحث عن عمل يكسب من خلاله قوت يومه، وعمل على "توك توك" خاص بأحد "المعلمين" بالمنطقة، ومرت عدة أشهر بسلام، يستيقظ الطفل في الصباح الباكر يذهب إلى مدرسته وبعد انتهائه من الدراسة يهرول في سرعة إلى العمل على "التوك توك".

انتقل خلاف الأب مع نجله إلى خلاف مع زوجته حتى تقنع محمود بعدم العمل على "توك توك" لكن في النهاية وبسبب ضيق الحال الذي تعيش به الأسرة قبل الجميع بالأمر الواقع وعمل الطفل صاحب الـ15 عامًا على "توك توك" مملوك لأحد الجيران "أبوملاك"، مقابل مبلغ مالي قد لا يتعدى الـ25 جنيهًا في اليوم، واستمر هذا الحال لفترة لم تكن طويلة حتى قرر الأب أن يبحث لنجله على "توك توك" يقوم بشرائه له بالتقسيط كي يعمل عليه.

حاولت الأم أن تفاجئ ابنها بقرار أبيه، اتصلت به وأخبرته أن والده سيشتري "توك توك"، وهو ما جعل صغيرها في حالة من السعادة لا توصف، ورد عليها قائلًا "أنا 10 دقايق وجاي البيت، هخلص المشوار اللي أنا فيه وراجع البيت على طول"، لكن محمود لم يعد إلى المنزل بعد هذه المكالمة، فالأم التي جلست تنتظر نجلها لترى بعينه فرحة تعوضها عن ضيق الحال الذي يعيشون به لم تكتمل، فحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي ولم يعد طفلها، لتبدأ رحلة البحث عنه، بعدما باغته الجاني بطعنات متتالية عقب هذه المكالمة.

على غير العادة لم يعد الطفل إلى منزله حتى الساعات الأولى من الصباح، لتبدأ رحلة البحث عنه، في الوقت الذي أذيع فيه عثور بعض الأهالي بمنطقة برطس، على جثة طفل ملقاة داخل الأراضي الزراعية، بدائرة قسم شرطة أوسيم.

يروي الأب "طاهر مصطفى" استورجي، 53 سنة، تفاصيل مقتل ابنه الذي اعتبره "راجل البيت" : "أنا عندي بنتين واحده عندها 21 سنة والتانية بتدرس في معهد، ومعايا طفل عامين "معاق"، ومحمود هو اللي كان بيساعدني في مصاريف البيت عشان شايف الحمل تقيل عليا ومش قادر أصرف على البيت وأخوه المريض".

كان متواجدًا بعمله وعلم بعدم عودته إلى المنزل، سرعان ما عاد إلى بيته الكائن بمنطقة عزبة المفتي، وعلى الفور حرر محضرًا بتغيب نجله، وهنا كانت المفاجأة حينما عرض عليه أحد ضباط القسم صورة جثة الطفل التي عثر عليها، ليتعرف الأب ومعه إحدى الجيران على محمود رغم تغير ملامحه بسبب تمزيق جسده بـ32 طعنه وغرقه في دمائه.

يقول الأب بعين باكية: "أنا كنت حاسس إن ابني هيموت بسبب الشغلانة دي، ولما عرفت إنه مرجعش البيت لغاية بالليل وتليفونه مقفول عرفت إنه مات، محمود يوم الواقعة قعد عشان يتغدا معانا بس خلص بسرعة وقال أنا نازل عندي شغل ومتفق مع واحد أوصله مشوار وواخد منه عربون 10 جنيه، لكن للأسف كان الجاني مدبر أنه ياخد ابني لمكان مهجور عشان يسرق منه التوك توك وياخد فلوسه".

يضيف الأب: حينما حاول الجاني أن يأخذ التوك توك من ابني رغمًا عنه، رفض ولم يستسلم، فراح يقطع في يديه وهو سائق على الطريق كي يتوقف، حتى نُزعت الرحمة من قلبه وقتل طفلي بـ32 طعنة في بطنه وصدره، وتركه غارقًا في دمائه وسط الزراعة، لكن البعض شاهد الجاني "أبوكارما" وهو يستقل التوك توك بجوار محمود قبل ارتكابه الواقعة، وهو ما سهل على رجال الأمن القبض عليه بعد 24 ساعة فقط من ارتكابه للجريمة.

"إكرام الميت دفنه.. وابني لغاية دلوقتي في المشرحة لسه مدفنش" قالها الأب الذي طلب التصريح له بدفن جثمان ولده، خاصة بعدما طلب وكيل النيابة إجراء تحليل dna، لإثبات أبوته للطفل الذي عثر على جثه مقتولًا داخل الأراضي الزراعية، وبالفعل أثبت التحليل ذلك؛ لكن حتى الآن لم يتم التصريح بدفن الطفل.

"خرب بيتي وعايز القصاص منه ومبقتش عارف أصرف على بيتي" قالها الأب وقلبه يحترق على ولده، مطالبًا القضاء بالقصاص من المتهم كي يكون عبرة لمن مثله، ويأخذ كل ذي حق حقه.

وكانت أجهزة البحث الجنائي بالجيزة كشفت غموض واقعة العثور على جثة لمجهول بدائرة مركز شرطة أوسيم، وضبط مرتكب الواقعة، في إطار جهود الأجهزة الأمنية لكشف غموض واقعة بلاغ (لمركز شرطة أوسيم) بالعثور على جثة أحد الأشخاص مجهول الهوية بدائرة المركز، وبها عدة طعنات متفرقة بالجسم.

وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهم، وتبين إصابته بجروح، وكدمة أسفل العين، وبمواجهته اعترف بارتكابه للواقعة بغرض سرقة "التوك توك" لمروره بضائقة مالية، وبإرشاده تم ضبط المركبة والهاتف المحمول المستولى عليهما، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، والعرض على النيابة التي باشرت التحقيق.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان