رئيس جمعية رجال الأعمال: الحكومة تبالغ في تسعير أراضي الاستثمار الزراعي (حوار)
كتبت- إيمان منصور:
تصوير- علاء القصاص:
قال علي عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن مصر بدأت السير على الطريق الصحيح للإصلاح الاقتصادي، وإن هذا الطريق طويل ويستغرق كثيرا من الوقت والجهد، متوقعا أن تجني الدولة ثمار هذه الإصلاحات خلال العامين المقبلين، مع زيادة الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
وأضاف عيسى في حواره مع مصراوي، أنه بدون التعويم، كانت مصر ستظل دولة مستوردة فقط، متوقعا أن تشهد البلاد طفرة في التصدير خلال السنوات المقبلة.
وقال عيسى، إن "بيروقراطية الجهاز الإداري في مصر هي السبب الرئيسي في انتشار الفساد".
وأشار عيسى إلى أن الحكومة تبالغ في تسعير أرضي الاستثمار الزراعي، وأن سعر الأرض في مشروع استصلاح المليون ونصف فدان، مرتفع جدا و غير مناسب للمستثمرين.
علي عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين
* ما تقيمك للوضع الاقتصادي الحالي بعد تطبيق برنامج الإصلاح؟
نحن الآن على بداية الطريق الصحيح، واستكمال هذا الطريق سيأخذ وقتا طويلا بحسب خطواتنا المستقبلية، فقد وضعنا خلال الأعوام القليلة الماضية أساسيات البنية التحتية لهذا الطريق والتي شملت، الإصلاح التشريعي والإصلاح النقدي وبناء الطرق والموانئ وإنشاء محطات الكهرباء وتوفير الغاز والطاقة اللازمة للتشغيل.
فبدون توافر هذه الأساسيات كان من المستحيل وجود أي نمو او إصلاح في مصر، ولكن مازال أمامنا تحديات أخرى سيتم حلها مستقبليا.
*وماهي التحديات الأخرى أمام استكمال طريق الإصلاح؟
الحكومة قطعت شوطا كبيرا في الإصلاحات المطلوبة، لكنها لم تنتهي منها، ففي الإصلاح التشريعي كان لقانون الشركات والاستثمار والإفلاس وإصدار قانون التراخيص الصناعية تأثيرا إيجابيا كبيرا على تحسين نظرة المستثمرين لمصر، ولكن هناك تشريعات أخرى لم تكتمل بعد، ودائما ما يسأل عنها المستثمر مثل قانون العمل والتأمينات الاجتماعية وقانون التقاضي.
* وهل تغيرت نظرة المستثمرين الأجانب للاستثمار في مصر؟
بالفعل هناك تغير في نظرة المستثمرين الأجانب لمصر خلال الفترة الماضية، وهناك اهتمام من جانبهم لاستكشاف الفرص المتاحة بالسوق المصري، كما أن بعض الشركات الأجنبية أعلنت عن عزمها إقامة مشروعات بالفعل، بالإضافة إلى توافد العديد من البعثات الأجنبية لبحث كيفية الدخول إلى سوق مصر، وهذه خطوة إيجابية كبيرة في تغيير نظرة الأجانب عن مصر. ولكن الأهم مع تغيير هذه النظرة، هو سعي المسؤولين لاستغلال هذه الفرصة، "والمستثمر اللي بيجي من الخارج بهذه النظرة الإيجابية نخليه ميخرجش غير لما يبتدي فعلا استثماره".
*ومتى نرى انعكاس هذه النظرة الإيجابية على أرقام الاستثمارات الأجنبية المباشرة؟
الاستثمار ليس زر كهرباء نضغط عليه فيضئ، ولكنه مشوار طويل له بداية ونهاية وطريق لابد من السير فيه كاملا، وهذا الطريق لابد أن تقابله عراقيل وتحديات، وهذا هو دور الجهاز التنفيذي للدولة الذي كان السبب في النظرة السلبية عن مصر في السابق.
*هل تقصد أن الجهاز التنفيذي في الدولة هو السبب في نظرة الأجانب السلبية السابقة عن مصر؟
الجهاز التنفيذي للدولة هو جهاز عريق يمتد إلى عراقة وأصالة مصر ولكنه يعاني من البيروقراطية، فتشعُب هذا الجهاز وتَرهله في كثير من الأحيان يضغط على الكوادر العليا ويبطئ من حركتهم في حل المشكلات والتحديات التي تواجه المستمثرين، والتردد في اتخاذ القرارات، ومن ثم يبدأ تعطيل المصالح من قبل الجهاز الإداري، فيضطر المستثمرين إلى اللجوء إلى الفساد والرشاوي لتسيير أعمالهم، وهذا هو التحدي الأكبر الذي لم ينتهي بمصر بعد.
وبالنسبة القطاع الزراعي.. متى نرى طفرة في استثمارات هذا القطاع؟
في حقيقة الأمر أن الحكومة لا تشجع الاستثمار الزراعي مثل الصناعي، فعلى سبيل المثال، تخصص الحكومة حاليا أراضي مجانية وكاملة الترافيق بمحافظات الصعيد للمشروعات الصناعية، وعلى الجهة الأخرى من نفس الطريق يصل سعر الفدان دون أي مرافق للمشروعات الزراعية إلى 50 ألف جنيه، وهذا غير منطقي ولا نعلم لماذا تتعامل الحكومة مع القطاع الزراعي بهذا الشكل؟.
بالإضافة إلى أن الدولة تتعامل مع الأرض الزراعية كسلعة وليست وسيلة تنمية رغم أن القطاع الزراعي يمثل 15% من الدخل القومي و30% من العمالة، ويوجد نحو 70% من المصريين مرتبطين بالزراعة، وفي نفس الوقت الاستمارات الحكومية للقطاع لاتتعدى 1.5%، ولايحصل القطاع إلا على 2% من القروض البنكية الميسرة.
*وماذا عن مشروع استصلاح المليون ونصف فدان؟
في بداية الإعلان عن المشروع توجه مجموعة من المستثمرين الزراعين إلى المسؤولين لبحث بدء الاستثمار بالمشروع، ولكن فوجئنا بأن أسعار الأرض مبالغ فيها في كثير من المناطق، بسبب إن الدولة صرفت أمولا كثيرة على هذه الأراضي بلا طائل في حفر ودق آبار، كلفتها أكثر من اللازم، ولذلك لم نتخذ قرار نهائي تجاه المشروع.
ونحن نطالب المسؤولين بإعادة النظر حول وضع أسعار لتلك الأراضي لتشجيع المستثمر الزراعي بشكل أكبر، فلولا القطاع الزراعي "مكناش لقينا نأكل دلوقت".
* لماذا لم ترتفع الصادرات بنسب كبيرة كما كان متوقعا بعد التعويم؟
بالعكس بدون التعويم مكنش هيبقى في صادرات بمصر، خاصة أن السوق المصري خلال الـ 30 سنة الماضية كان سوقا مستوردا يعتمد على الاستيراد وخالي من إنتاج أي سلع سواء كانت صناعية أو زراعية أو خدمية، ولكن التعويم كان السبب الرئيسي في زيادة الصادرات بنسبة 15% وتراجع الواردات 20% خلال العام الماضي، حتى وإن كانت هذه النسب بسيطة ولكنها بداية الطريق الصحيح.
وإذا استمرت الحكومة على هذه الطريقة الإصلاحية سنرى طفرة كبيرة خلال العامين المقبلين في الصادرات، كما يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه تم تغطية السوق المحلي بالمنتجات وإحلالها محل الوارادت ولذلك نفس فائدة التصدير، بمعنى أنه "لما مصرفش دولار علشان استورد كأني صدرت بدولار".
*ولكن لماذا واجهت صادرات القطاع الزراعي على وجه الخصوص عدة مشكلات رغم التعويم؟
مشكلات تصدير السلع الزراعية تتمثل في الثقافة القديمة في تصدير السلع الزراعية التي تتم بطرق عشوائية دون تشديد الرقابة على المصدرين، بالإضافة إلى ضعف إمكانيات المزارعين في مصر، "فلا يمكن أن تطلب من مزارع أن يقوم بالزراعة على المستويات العالمية وهو لايملك أي إمكانيات في زراعته".
*وما الحلول التي تم وضعها لمواجهة هذه المشكلات التي أثرت على سمعة الحاصلات الزراعية المصرية؟
بدأنا في تطبيق منظومة جديدة لتصدير الحاصلات الزراعية ستشمل كل المحاصيل في المستقبل بشكل تدريجي، وتتضمن هذه المنظومة مجموعة من القواعد والشروط لتصدير الحاصلات الزراعية من مصر، وبدأت هذه المنظومة بإدخال محصول العنب وتم تصدير 130 ألف طن خلال الموسم الماضي، كما طُبقت المنظومة أيضا على الفراولة والفلفل، وتم تصدير كميات منها دون أي مشكلات، وهذه هي السلع التي تم إيقاف استيرادها من قبل بعض الدول خلال المواسم الماضية.
كما نعمل حاليا على إدخال الجوافة والرمان في المنظومة بدأ من الموسم المقبل، ولكن يجب أن نعي أن صادرات القطاع الزراعي تواجه مثل هذه المشكلات في كافة دول العالم وليس بمصر فقط.
وبالرغم من هذه المشكلات وصلت صادرات القطاع إلى 2.2 مليار دولار العام الماضي مقابل 2.1 مليار دولار في العام السابق له. ويجب أن ننتبه إلى مصر لم تستورد أي خضار أو فاكهة إلا بنسب ضئيلة جدا، رغم الزيادة المستمرة في عدد السكان بها، "الزراعة مكفية الاستهلاك المحلي اللي زاد من 30 مليون منذ 25 عاما إلى 100 مليون مواطن حاليا".
* ماهي مطالب رجال الأعمال والمستثمرين المصريين من الحكومة خلال هذه الفترة؟
المطلب الهام في هذه المرحلة هو تعجيل ضم جزء من القطاع غير الرسمي للاقتصاد الرسمي، حيث أنه ليس مقبول أن تواصل الحكومة زيادة الضرائب على القطاع المنتظم والرسمي، من أجل زيادة إيراداتها، في الوقت الذي يوجد قطاع كبير جدا لا يدفع الضرائب ولا تعلم الدولة عنه شيئا.
كما المستثمرون يطالبون أيضا بتسريع إجراءات التقاضي والبت في المنازعات، وعدم تدخل القضاء في عقود أبرمت مع المستثمرين إلا في الحالات الجنائية.
فيديو قد يعجبك: