مخاوف الحكومة تتحقق مبكراً.. أسعار البترول تهدد الموازنة الجديدة في مهدها
كتب- مصطفى عيد:
لم تخفِ وزارة المالية مخاوفها من مخاطر ارتفاع أسعار البترول العالمية على مستهدفاتها لخفض عجز الموازنة خلال العام المالي المقبل، لكنها ربما لم تكن تتوقع أن تتحقق هذه المخاوف بهذه السرعة، مع زيادة سعر البترول عالمياً، خلال الأيام الماضية.
ورغم أن وزارة المالية حددت سعراً أكثر واقعية لبرميل البترول في موازنة 2018-2019، عند مستوى 67 دولاراً لبرميل خام برنت، مقارنة بـ55 دولاراً في موازنة العام المالي الجاري، إلا أن أسعار البترول العالمية تشهد حالياً موجة صعود قد تصل به إلى مستويات تتراوح بين 80 و100 دولار للبرميل.
وكانت وكالات الأنباء العالمية نشرت تقارير خلال الأيام الماضية، تشير إلى أن السعودية تستهدف الحفاظ على وتيرة خفض الإنتاج من أجل الوصول بسعر البترول لمستويات تتراوح بين 80 و100 دولار للبرميل، وذلك لدعم الإصلاحات التي تقوم بها المملكة، وتعزيز موقف شركة أرامكو العملاقة التي تعتزم بيع حصة أقلية منها في طرح عام أولي.
وقالت وزارة المالية في البيان المالي لمشروع موازنة العام المالي الجديد، الذي يناقشه مجلس النواب حالياً، إنه في حالة زيادة سعر البترول العالمي عن السعر المحدد في الموازنة (67 دولاراً) فإن ذلك سينعكس سلباً على العجز الكلي المستهدف، حيث إن كل دولار زيادة في سعر البرميل سيكلف الخزانة العامة 4 مليارات جنيه.
وتزيد أسعار خام البترول العالمي حالياً على مستوى 74 دولاراً للبرميل، بحسب آخر إغلاق للأسواق العالمية.
وتساهم أية زيادة في أسعار النفط العالمية عن المتوسط المتوقع من وزارة المالية للعام المقبل في زيادة مخصصات دعم الوقود في الموازنة، أو قد تضطر الحكومة لرفع أسعار المواد البترولية بنسب أكبر، أو تكرار هذه الزيادة أكثر من مرة خلال العام المالي المقبل، من أجل الوفاء بالتزامها لصندوق النقد الدولي، بالتخلص من دعم الوقود (فيما عدا البوتاجاز) بنهاية يونيو 2019.
وقال يوسف بشاي، مصرفي أول ببنك بي إن بي باريبا، لـ"مصراوي"، إن ارتفاع أسعار البترول العالمية هو أهم خطر على التوازن المالي والخارجي لمصر خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن هذا الخطر يترتب عليه مرونة القرارات الاقتصادية المقبلة، من حيث تسريع رفع أسعار المواد البترولية، أو تنفيذ حزمة اجتماعية مناسبة لاستيعاب التضخم الناجم عن رفع أسعار المواد البترولية.
وتواصل مصر برنامجاً للتخلص من دعم الطاقة سواء الكهرباء أو المواد البترولية، خلال العام المالي المقبل، حيث من المنتظر أن ترفع أسعار الوقود والكهرباء خلال الشهور المقبلة. وكانت الحكومة رفعت أسعار المواد البترولية مرتين في أقل من عام، وذلك في نوفمبر 2016 ويونيو 2017.
وتستهدف الحكومة خفض عجز الموازنة إلى 8.4% في العام المالي 2018-2019، مقابل 9.8% في العام الجاري، وتحقيق فائض أولى بنسبة 2% لأول مرة منذ سنوات طويلة. وخفضت الحكومة مخصصات دعم المواد البترولية بنسبة 26% إلى نحو 89 مليار جنيه، ودعم الكهرباء 47% إلى نحو 16 مليار جنيه، في موازنة العام المالي المقبل.
وقال بشاي إنه "من الصعب الحكم على السعر الذي حددته الحكومة للبترول الآن، ولكن يمكن الحكم بعد مرور الربع الأول من العام المالي المقبل".
وتزيد توقعات بنك استثمار فاروس لأسعار البترول العالمية قليلاً على توقعات الحكومة، الذي حدده عند مستوى 69 دولاراً للبرميل، وذلك مع افتراض عدم حدوث أي تطورات قد تؤثر على سعره، بحسب ما قالته رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في فاروس.
وترى رضوى أن ارتفاع أسعار البترول العالمية، بقيمة كبيرة عن المتوسط الذي تتوقعه الحكومة، سيكون له تأثير سلبي على نسبة العجز الكلي المستهدفة، إذ إن "فرصة الحكومة محدودة في تعويض أي زيادة تحدث في دعم الوقود من أي بنود أخرى بالموازنة لو ارتفعت أسعار البترول، إلا في حالة زيادة حصيلة الضرائب عن المتوقع لها".
ورهن بشاي تأثير ارتفاع أسعار البترول عن السعر الذي حددته الحكومة على مستهدفات الموازنة، بالمدة التي سترتفع فيها أسعار البترول العالمية، وهي المدة التي يعتقد بشاي أنها لن تستمر على المدى الطويل.
وقال بشاي "من المهم أن تحافظ الحكومة على هدفها المتمثل في تحقيق فائض أولي في الموازنة الجديدة، من أجل إيقاف اتجاه الدين الصعودي، وتخفيض نسبته سريعاً من الناتج المحلي، بحيث إنه إذا زادت أسعار البترول عن المتوقع يكون التأثير فقط على نسبة هذا الفائض، بما لا يؤثر على العجز الكلي المستهدف".
ويتحقق الفائض الأولي من ارتفاع إيرادات الموازنة عن مصروفاتها بدون احتساب فوائد الديون.
اقرأ أيضا:
الحكومة تكشف عن 5 مخاطر محلية وعالمية تؤثر على الموازنة الجديدة
ترامب ينتقد أوبك ويقول أسعار النفط المرتفعة مصطنعة ولن تكون مقبولة
النفط يقفز مع انخفاض المخزون وسعي السعودية لزيادة السعر
بينها البنزين والكهرباء والسجائر.. أسعار 4 سلع مرشحة للزيادة في يوليو
محللون يتوقعون رفع أسعار الوقود بين 35 و40% بداية العام المالي الجديد
فيديو قد يعجبك: