كيف تؤثر أزمة إيران وأمريكا على أسواق النفط العالمية؟
كتبت- ياسمين سليم:
ستتأثر أسعار البترول والنفط العالمية لا محالة بقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، بانسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض عقوبات على طهران.
التأثير يأتي كون إيران واحدة من أكبر الدول المصدرة للبترول في العالم، فضلا عن أن القرار جاء في وقت تخفض فيه منظمة الدول المُصدرة للبترول (أوبك)، المعروض من النفط الخام.
وارتفعت أسعار النفط أكثر من 2% اليوم الأربعاء ليسجل خام برنت أعلى مستوياته في 3 سنوات بعد قرار ترامب، بحسب وكالة رويترز.
ولامست العقود الآجلة لخام برنت في وقت ما، اليوم، أعلى مستوياتها منذ نوفمبر 2014 عند 76.75 دولار للبرميل. وبلغ السعر 76.52 دولار للبرميل في الساعة 0628 بتوقيت جرينتش مرتفعا 1.67 دولار بما يعادل 2.2% عن الإغلاق السابق.
ويتوقع محللون ومصادر مطلعون على صناعة الطاقة، أن يساهم استمرار ترامب في موقفه المتعنت ضد إيران، في أن تحتفظ أسعار البترول والبنزين بأسعارها عالية أكثر مما كانت عليه، وفقا لتقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية.
وإيران، هي واحد من أكبر الدول المُصدرة للبترول في العالم، حيث تُصدر أكثر من 2 مليون برميل يوميا لزبائنها في آسيا وأوروبا، لذلك فإن أي فقدان في إمدادتها سيزيد الضغط على الأسعار، بحسب وكالة بلومبرج.
وقالت الوكالة في تقرير مطول عن نتائج قرار ترامب على سوق النفط إن إيران تُصدر معظم بترولها إلى آسيا وتركيا وأوروبا.
وتحتل الصين المركز الأول في الدول المستقبلة لنفط الإيراني بنحو 648 ألف برميل يوميا، تليها الهند بنحو 501.9 ألف برميل يوميا، وتأتي كوريا ثالثة بنحو 313.6 ألف برميا يوميا، ثم تركيا بنحو 165.2 ألف برميل يوميا، وفقا لبيانات بلومبرج.
وتقول الوكالة "عندما فرض الرئيس باراك أوباما، العقوبات على إيران في 2012، والذي كان مدعوما من الاتحاد الأوروبي، تسبب في خفض صادرات إيران من البترول للنصف".
وتضيف "ليس من الواضح إذا كان هذا سيحدث هذه المرة أما لا لأن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، لا يزالون يدعمون الاتفاق النووي".
وإذا سمح الرئيس ترامب بعودة كامل العقوبات على إيران، فهذا يعني تجميد أي عملية شراء للنفط الإيراني، وسيكون من الصعب جدا على الشركات أن تقوم بأعمال مع طهران، وفقا لبلومبرج.
وتقول الوكالة إنه حتى الآن لا يُعرف طبيعة العقوبات وتنفيذها وهو ما سيكون من الصعب جدا قياس أثر الأسعار والإمدادات النفطية.
وبحسب سي إن إن فإنه "لا أحد يعرف أين ستذهب الأسعار في الارتفاع، لكن الأمر سيحدده عدة عوامل".
أول هذه العوامل، هي كم ستبلغ كمية النفط الإيراني الخام، الذي سيتقيد بالعقوبات؟ وهل تستطيع الدول المنتجة الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية في سد الفجوة.
وتطرح الشبكة الأمريكية سؤالا آخر حول هل ستزداد حدة التوتر في الشرق الأوسط الآن بعد أن تخلت الولايات المتحدة عن الإتفاق مع إيران؟ حيث أن غالبا ما ترفع المخاوف الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط أسعار النفط.
ونقلت سي إن إن عن المدير التنفيذي لشركة خدمات حقول البترول كناري، داني إبرهارت، قوله "الثلاث أو الأربع سنوات من الهدوء في الأمور الجيوسياسية، والتي تؤثر على أسواق النفط انتهت".
ويعتقد معظم المحللين أن على الأقل بعض الدول سوف تتجاهل العقوبات الجديدة التي ستفرضها أمريكا على النظام الإيراني وستستمر في شراء الخام الإيراني، وفقا لسي إن إن.
وتقول إن "الصين خاصة، وهي أكبر عميل لإيران قد تتردد في خفض وارداتها من طهران، بسبب التوترات بين بكين وواشنطن".
من الذي يمكن أن يتضرر أيضا؟
تقول بلومبرج إن إيران تحاول أن تجذب 200 مليار دولار من استثمارات شركات النفط العالمية، لتتمكن من النهوض بمجال الطاقة، وإنه من دون ذلك سيبدأ الإنتاج في الركود.
وبحسب الوكالة فإن إزدراء ترامب للإتفاق النووي، تسبب بالفعل في إحجام المستثمرين الأجانب عن العمل إيران، ثالث أكبر دولة منتجة للبترول في منظمة أوبك.
وعادت معظم شركات الطاقة الغربية لإيران ببطء، حيث اشتكى المسؤولون الإيرانيون من أن شركات النفط الغربية حذرة جدا من العودة للطهران، على الرغم من أن هناك دلائل تشير إلى أن الشركات الروسية عادت لملأ الفراغ.
وبحسب بلومبرج فإن شركة توتال الفرنسية، لديها أكبر حصة مالية في إيران عن أي شركة طاقة أجنبية، حيث تعهدت باستثمار مليار دولار في المرحلة الأولى من مشروع للغاز الطبيعي بطهران، ومن الممكن أن ترتفع الاستثمارات إلى 5 مليارات دولار.
ووعد المدير التنفيذي للشركة توتال، باتريك بوياني، بمراجعة النتائج القانونية المترتبة في حال صدور أي قيود أمريكية جديدة.
كيف يمكن أن ترد أوبك؟
يقول تقرير بلومبرج إن أوبك وروسيا وحلافائهم اقتطعوا حوالي 1.8 مليون برميل يوميا من السوق، في محاولة للسيطرة على تدني أسعار البترول، ضمن اتفاق خفض الإنتاج.
والسؤال هو هل يمكن أن ينتهي خفض الإنتاج قبل الأوان في محاولة لتعويض خسارة الإمدادات الإيرانية؟ تقول الوكالة إن السعودية، صاحبة أكبر مخزون، قبل عامين كانت إنتاجها 760 ألف برميل يوميا، وهو أعلى من مستواها الحالي.
وتضيف "السعودية ليست صديقة لإيران، لكنها مؤخرا تفُضل ارتفاع أسعار البترول، وتشديد الأسواق".
ونقلت وكالة رويترز أمس عن مسؤول سعودي في قطاع الطاقة، إن المملكة ستعمل مع المنتجين من داخل منظمة أوبك وخارجها لتخفيف أثر أي نقص محتمل في إمدادات النفط بعد أن إعلان قرار ترامب.
ويقول جوليان لي، محلل استراتيجي لبلومبرج، "ليس من الواضح إذا كانت بقية المجموعة قادرة على تعويض إيران أم لا".
اقرأ أيضا:
ارتفاع البترول يكبد الحكومة مليارات الجنيهات.. كيف تؤثر أزمة إيران على مصر؟
فيديو قد يعجبك: