صيف ساخن للضرائب بعد صدام مع الأطباء والمحامين بسبب قرارات ضريبة الدخل
كتب- مصطفى عيد:
صيف ساخن تعيشه مصلحة الضرائب بعد أن دخلت ووزارة المالية في صدام جديد مع المحامين والأطباء إثر قراري وزير المالية محمد معيط رقمي 381 و382 لسنة 2018، اللذين صدرا مؤخرا، وتضمنا رفع المبالغ المحصلة من المحامين والأطباء تحت حساب ضريبة الدخل عن كل دعوى قضائية أو عملية جراحية أو نشاط طبي.
ونص القرار الأول على رفع المبالغ المحصلة تحت حساب الضريبة عبر أقلام المحاكم ومكاتب ومأموريات الشهر العقاري إلى 20 جنيها على كل صحيفة دعوى أو طعن أو محرر موقع من محامٍ مقيد بجداول المحامين أمام المحاكم الابتدائية - بدلا من 5 جنيهات منصوص عليها في قرار لوزير المالية عام 2005.
كما نص على تحصيل 50 جنيها بدلا من 10 جنيهات - في القرار القديم - من المحامين المقيدين بجداول محاكم الاستئناف، و100 جنيه بدلا من 20 جنيها للمقيدين بجداول محكمة النقض.
بينما نص القرار الثاني على أن يتم تحصيل مبلغ 100 جنيه عبر المستشفى الذي يقوم فيه أي طبيب أو إخصائي بأداء عمل لحسابه الخاص وذلك عن كل عمل - بدلا من 20 جنيها المنصوص عليها في قرار وزير المالية عام 2005 - وذلك تحت حساب ضريبة المهن غير التجارية المستحقة على الطبيب أو الإخصائي.
اعتراضات هادئة من الأطباء
وبينما بدت نقابة المحامين أكثر تفاعلا مع قرار وزير المالية، وبدأت صداما مبكرا مع القرار الذي رفضته، من المنتظر أن تبحث نقابة الأطباء القرار المتعلق بأعضائها الشهر المقبل.
وقال الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس إدارة نقابة الأطباء، لمصراوي، إن مجلس إدارة النقابة سيبحث قرار وزير المالية خلال اجتماعه المقبل في السبت الثالث من سبتمبر.
وتوقع الطاهر أن تلجأ النقابة إلى التفاوض مع وزارة المالية لتعديل القرار، لكي يكون المبلغ المخصوم تحت حساب الضريبة "متدرجا على حسب حجم النشاط الذي يقوم به الطبيب وبشكل أكثر عدالة"، كما أنه لم يستبعد لجوء النقابة للقضاء في حالة فشل المفاوضات مع المالية، بحسب رأيه الشخصي.
ووصف الطاهر قرار وزير المالية برفع المبالغ المحصلة تحت حساب الضريبة عن كل نشاط أو عملية يقوم بها الطبيب من 20 إلى 100 جنيه بأنه قرار "ليس له منطق".
وذكر أن معظم الأطباء الشبان الأخصائيين غير خاضعين للضريبة، وبالتالي قد يضطرون لتحميل المبلغ المحصل على المريض بدلا من مواجهة الصعوبات والانتظار وقتًا طويلا لاسترداد هذا المبلغ بعد ذلك من مصلحة الضرائب.
وأضاف الطاهر أن تحميل الأطباء هذه المبالغ على تكاليف بعض الإجراءات أو العمليات ذات السعر المنخفض سيرفع سعر الخدمة الطبية، وهو ما يحمل المواطن أعباءً إضافية في النهاية.
وقال إن الأطباء غير الخاضعين للضريبة كانوا لا يقومون باسترداد المبالغ التي كان يتم تحصيلها منهم تحت حساب الضريبة عندما كان المبلغ المحصل 20 جنيها عن كل عملية أو نشاط، بسبب صغر المبلغ وصعوبة وطول وقت إجراءات استرداده، ولكن مع زيادة المبلغ إلى 100 جنيه سيلجأ الكثير من هؤلاء الأطباء لتحميلها للمريض.
واقترح إيهاب الطاهر أن يتم تعديل القرار بأن تكون المبالغ المحصلة تحت حساب الضريبة تدريجية، بحيث يتم تحصيل 20 جنيها عن كل عملية صغيرة، و50 جنيها عن كل عملية متوسطة، و100 جنيه عن كل عملية كبيرة.
وقال "من يقوم من الأطباء بإجراء عمليات كبرى من المؤكد أنه خاضع للضريبة، وبالتالي لو تم تحصيل 100 جنيه عن العملية الكبيرة سيتم خصم المبلغ مما سيسدده في نهاية العام، بخلاف غير الخاضعين للضريبة".
وأضاف أن الغرض الأساسي من هذا الإجراء منذ إقراره في عام 2005 ليس تجميع حصيلة من مصلحة الضرائب على مدار العام من الأطباء بقدر رصد كمية الأنشطة والعمليات التي كان يجريها كل طبيب لمقارنتها بما هو موجود في الإقرار الذي يقدمه أثناء محاسبته في نهاية العام، "وبالتالي زيادة المبلغ المحصل عن كل عملية يضر المنظومة ولا يحسن الضريبة".
موقف "المحامين" أكثر سخونة
وبينما بدا رد فعل نقابة الأطباء هادئا بعض الشيء انتظارا لحسم موقفها من قرار الوزير الذي دخل حيز التنفيذ في 15 أغسطس الجاري، فإن موقف نقابة المحامين كان الأكثر سخونة حيث قرر مجلس إدارة النقابة الامتناع عن توريد أي رسوم أمام جميع المحاكم المعنية فيما عدا الدعاوى المستعجلة أو المرتبطة بمواعيد إجرائية.
وبحسب بيان من النقابة السبت الماضي، فوض مجلس الإدارة نقيب المحامين في تحديد موعد انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، كما كلف النقيب في التفاوض حول إعادة النظر في قرار وزير المالية، وفي وضع حلول نهائية لما وصفه بجزافية الضريبة على الدخل مع المحامين وذلك بتحصيل ضريبة قطعية ونهائية من المنبع.
وقالت نقابة المحامين، إن قرار الوزير تجاوز التفويض التشريعي الصادر لوزير المالية بمقتضى المادة 71 من القانون رقم 91 لسنة 2005 والذي أناط به تحديد قيمة ما يتم تحصيله تحت حساب ضريبة الدخل وهو ما فعله وزير المالية في عام 2005 عندما أصدر القرار رقم 530 بما لا يجوز إعادة القرار أو تعديله إلا بتفويض جديد.
وأضافت النقابة أن "القيم المزادة بالقرار الجديد تجبر المحامي غير الخاضع تحت حد الإعفاء على سداد ما لم يوجب القانون سداده، كما تمثل الزيادة أعباءً على كاهل المتقاضين وتعطل حق التقاضي بغير مبرر مقبول".
مصلحة الضرائب ترد على المحامين
أصدرت مصلحة الضرائب بيانا أمس الاثنين، أظهرت فيه عزمها على المضي في تنفيذ قراراتها، كما ردت فيه على اعتراضات المحامين ومخاوفهم، "والتزامها بتطبيق جميع القوانين الضريبية بمنتهي العدالة والشفافية من أجل تحصيل حقوق الخزانة العامة من الإيرادات الضريبية من جميع المواطنين بما فيها أعضاء المهن الحرة".
وأشارت المصلحة إلى أن المُشرع يستهدف من نظام التحصيل تحت حساب الضريبة، تخفيف عبء الضريبة النهائي المستحق على الممولين حيث سمح القانون بتحصيل جزء من الضريبة تحت الحساب خلال العام بدلًا من تحملها كاملة عند تقديم الإقرار، وهذا النظام متعارف عليه في معظم قوانين الضرائب في دول العالم.
وقالت إن هذا النظام يوفر إيرادات للدولة على مدار العام تساعدها في القيام بأعبائها المالية وتقليل حجم الاقتراض والدين العام "وهو أمر لا شك في صالح جميع المواطنين وهو أيضا ما ينادي به المجتمع على مدار السنوات والفترات السابقة".
وأضافت المصلحة أن قرارها برفع المبالغ المحصلة تحت حساب الضريبة راعى تغير أسعار الخدمات التي يقدمها المحامون في عام 2018 مقارنة بما كانت عليه أسعارها 2005 وفي جميع الأحوال فلا يجب أن ينظر إلى هذه المبالغ على أنها تمثل عبئا إضافيا على المحامي لأنه تخصم من الضريبة المستحقة عليه في النهاية.
وذكرت أن زيادة المبالغ المحصلة ليست معوقة للتقاضي ولا مخالفة لأحكام القانون، "خاصة أن المُشرع ترك لوزير المالية سلطة تحديد قيم المبالغ التي تخصم تحت حساب الضريبة، دون أن يعين حدا أقصى لها وكذلك لم يحظر أو يحدد عدد مرات تعديل القرار".
وتنص المادة 73 من قانون ضرائب الدخل على أنه لا تسري أحكام التحصيل تحت حساب الضريبة على الممول خلال فترة إعفائه أو عدم خضوعه للضريبة، وبالتالي فإن القرار الوزاري وما قبله في عام 2005 لا يسري على المحامين أثناء فترة الإعفاء الضريبي المقرر قانونًا، بحسب المصلحة التي أكدت أن القرار الجديد نص على هذا الإعفاء صراحة.
وقالت المصلحة إن القرار راعى اختلافات الدخل بين المحامين حيث جاءت القيم الجديدة متدرجة على حسب درجة المحامي، مشيرة إلى أنه ملتزمة وفقا للقانون الضريبة بتحديد قيمة الضريبة على الممولين وفقا للإقرارات المقدمة منهم خاصة إذا كانت مؤيدة بمستندات.
وأضافت المصلحة أن القانون منع مصلحة الضرائب من أن تلجأ إلى تقدير الضريبة جزافيا وتجاهل الإقرار الضريبي للممول إلا بناءً على أدلة تثبت خطأ الإقرار، كما كفل القانون لكل ممول الحق في الاعتراض والطعن على أي تقدير للضريبة يراه مخالفًا لحقيقة دخله.
اقرأ أيضًا:
صدام جديد مع الضرائب.. المركزي يرفع شعار "لا مساس بحسابات البنوك"
فيديو قد يعجبك: