إعلان

مصير مجهول لاستراتيجية السيارات.. والصناعة المحلية في مأزق

02:02 م الإثنين 06 أغسطس 2018

ارشيفية

كتبت- إيمان منصور:

رغم اقتراب موعد إلغاء الجمارك بشكل كامل، على السيارات الأوروبية المستوردة إلى مصر، إلا أن الغموض لا يزال يكتنف مصير استراتيجية صناعة السيارات، والتي ستتيح للصناعة المحلية منافسة المستورد.

وترددت أنباء الأسبوع الماضي عن إلغاء استراتيجة صناعة السيارات، إلا أن وزارة الصناعة نفت هذه الأنباء وقالت إن ما يجري هو عملية تقييم ومراجعة للصناعة ككل، بهدف التوصل إلى رؤية واضحة.

وبحسب مصدر مسؤول بوزارة التجارة والصناعة، تحدث لمصراوي، فإن استراتيجية صناعة السيارات، يتم مراجعتها وتقييمها حاليا، وذلك بعد إجراء بعض التعديلات على عدد من البنود بها، لعرضها على مجلس النواب في نسختها الجديدة.

وأضاف المصدر أن التعديلات التي أجريت على الاستراتيجية خلال الأشهر الماضية ستعالج كثيرا من التحديات التي تحفظ عليها البرلمان، حينما عرضها الوزير السابق طارق قابيل على لجنة الصناعة بمجلس النواب في ديسمبر الماضي.

وفي سبتمبر 2016، أعلنت وزارة الصناعة موافقة الحكومة على استراتيجية السيارات، وقررت عرضها على البرلمان للبت فيها، لكن البرلمان اعترض على الاستراتيجية، وأعادها للحكومة مرة أخرى.

ويهدف مشروع استراتيجة السيارات، لضخ استثمارات في قطاع صناعة السيارات والصناعات المغذية لها والعمالة التي تستوعبها هذه الصناعات.

كما تستهدف الاستراتيجية تحقيق معدلات نمو تنافسية لهذا القطاع وخلق فرص عمالة جديدة، ورفع مستوى تنافسية سوق المركبات من خلال تعميق هذه الصناعة الحيوية وزيادة نسب المكونات المحلية في عملية التصنيع.

ولم يتبقَ أمام الحكومة الكثير من الوقت لحسم أمرها من تطبيق الاستراتيجية الجديدة حيث سيدخل بند إعفاء السيارات الأوروبية من الجمارك نهائيا حيز التنفيذ مع بداية 2019 في إطار اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية والتي نصت على إجراء تخفيض تدريجي للرسوم الجمركية بنسبة 10% سنويا، ستنتهي العام المقبل.

وكان الوزير السابق طارق قابيل قرر في أبريل الماضي، تشكيل لجنة لإعادة صياغة الاستراتيجية، بعدما اعترض عليها البرلمان.

ويقول المصدر لمصراوي، إن اللجنة التي شكلها الوزير السابق لإعادة صياغة الاستراتيجية، ما زالت مستمرة في مراجعة وتعديل البنود التي لاقت اعتراضا من البرلمان والمصنعين.

وأضاف المصدر أنه فور انتهاء الوزير الجديد عمرو نصار، من الاطلاع على التعديلات والموافقة عليها سيتم الاجتماع مع المصنعين لعرضها عليهم، ثم مناقشتها مع مجلس النواب.

وللوزير الحالي، خبرة كبيرة في مجال السيارات، حيث عمل على وضع الاستراتيجيات والإشراف الكامل على تطبيقها في مجال السيارات، كما عمل مستشارا تنفيذيا في شركة MCV الوكيل المعتمد للعلامة الألمانية "مرسيدس بينز".

وكانت اللجنة بدأت عملها، بإعداد قاعدة بيانات متكاملة بصناعة السيارات والصناعات المغذية لها تشمل كافة مراحل العمليات المتعلقة بالتصنيع المحلي للسيارات، ووضع النماذج الآلية لاحتساب نسبة القيمة المضافة للمكونات، بحسب المصدر.

وقال المصدر إن الحكومة ألغت التعاقد مع الشركة الألمانية التي كانت ستعد الاستراتيجية بعدما تبين عدم إدراكها لطبيعة السوق المصري وفشلها في حل التحديات التي تواجه صناعة السيارات بمصر مع اقتراب تطبيق الإعفاء الجمركي الأوروبي.

ما هي التعديلات التي شهدتها الاستراتيجية؟

وبحسب المصدر فإن النسخة الجديدة للاستراتيجية، تضمنت إتاحة 3 برامج للنهوض بصناعة السيارات، هي الإنتاج الكمي والتصدير والتعميق، وذلك بشكل ميسر وواقعي، ومعالجة ما جاء في هذه البرامج من خلل في النسخ السابقة.

وأضاف أن أولى خطوات معالجة هذا الخلل كان القرار رقم 371 الذي أصدره الوزير طارق قابيل في نهاية أبريل الماضي بشأن تعديل نسب التصنيع المحلي في صناعة السيارات بألا تقل عن 46% بدلا من 45% بما يتوافق مع معايير السوق المصري.

وكانت تحفظات لجنة الصناعة بمجلس النواب على استراتيجية صناعة السيارات في نسختها السابقة، تتضمن المعايير الخاصة بالمكون المحلي، والتي اعتبرتها اللجنة غير واقعية ولابد من تغيير طريقة حسابها، بحسب ما قاله المصدر.

وتضمن قرار الوزير السابق، زيادة نسبة مساهمة خط التجميع في نسبة التصنيع المحلي للسيارة من 15% إلى 28%، على أن يتم تخفيض هذه النسبة بمقدار 1% سنويا، تبدأ من السنة التالية لتاريخ العمل بهذا القرار.

وأوضح المصدر أن هذه القرار عدّل حساب نسب المكون المحلي في التصنيع، "ببساطة كان مطلوب من المصنعين أن يدخل في إنتاجهم 45% مكونات محلية، ترتفع إلى 60% خلال 8 سنوات، وفي الحقيقة أن هذه النسبة لا تمثل الواقع".

وتابع: "لذلك نص قرار 371 والذي سيطبق بعد عام من صدوره على أن يتم حساب نسبة المكونات المحلية المستخدمة في الإنتاج وفقا للقيمة المضافة لهذه المكونات وليست المكونات نفسها".

وقال حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات بمصر، لمصراوي، إن حساب نسبة المكون المحلي وفقا للقيمة المضافة للمكونات بقرار 371، هي طريقة الحساب الحقيقية والواقعية والتي ستكون الفارق الحقيقي بين المصنعين والحصول على ميزات تنافسية أكثر.

ووفقا للمصدر، فإن النسخة الجديدة من الاستراتيجية تضمنت تعديلًا على برنامج الإنتاج الكمي للمصنع، حيث أتاحت كافة البرامج أمام الشركات لكي تختار كل شركة ما يناسبها من برنامج تصنيعي.

وأضاف أن السوق المصري به شركات تتميز بضخامة كمية إنتاجها، وبالتالي تستطيع الحصول على الحوافز الضريبية والجمركية وفقا لبرنامج الإنتاج الكمي.

وكانت النسخة السابقة للاستراتيجية تشترط على المصنعين لكي يتمكنوا من الإنتاج محليًا وبيع منتجاتهم بالسوق المحلي، أن يصل إنتاجهم تدريجيًا إلى 60 ألف من سيارة ركوب 1600 سي سي، وسيارات النقل الصغير مثل "الدبابة"، بالإضافة إلى أن لا يقل إنتاجه من السيارات الكبيرة حجما عن 15 ألف سيارة سنويا خلال 8 أعوام.

وبحسب مصطفى، فإن هذه الكميات كانت أكبر من قدرة المصانع الإنتاجية خاصة في ظل ارتفاع تكلفة الصناعة نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام بعد تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، ولكن مع التعديلات الجديدة أصبح متاح للمصنعين اختيار البرنامج الإنتاجي المناسب لهم.

ونصت الاستراتيجية القديمة على أن يكون المنتج الذي سيتم تصديره محققا لعنصر تعميق التصنيع المحلي أولا، فإذا كانت المصانع غير قادرة على التعميق ستكون بالتالي غير قادرة على التصدير، بحسب مصطفى.

ويقول المصدر من وزارة الصناعة، إن برنامج التحفيز من أجل التصدير، لا يناسب كل الشركات ولكن يناسب فقط من لديهم فروع عالمية تمكنهم من التصدير لها.

وأضاف أن شركتي تويوتا ونيسان، على سبي المثال، إنتاجهم ضعيف في مصر، إلا أنهما يستطيعان التصدير من خلال فروعهما العالمية الأخرى والشركة الأم، وبالتالي يمكنهم الحصول الحوافز من خلال برنامج التصدير.

هل يؤثر إلغاء الجمارك على صناعة السيارات في مصر؟

ومع إلغاء الجمارك على صناعة السيارات في مصر مع بداية العام المقبل، يتخوف البعض من أن تتأثر الصناعة المحلية بذلك.

لكن خبير صناعة السيارات، حسين مصطفى، يقول إن تطبيق الإعفاء الجمركي الكامل للسيارات الأوروبية في يناير المقبل، لن يكون له تأثير على الصناعة المحلية كما لم يكن له تأثير من قبل منذ توقيع الاتفاقية قبل 10 سنوات.

وأضاف "تطبيق الاتفاقية لن يؤدي إلى إغلاق شركات أو وقف إنتاج".

ودلل مصطفى على كلامه بأن المواطن المصري لم يشعر خلال السنوات الماضية بأن أسعار السيارات الأوروبية مختلفة عن السيارات ذات المنشأ غير الأوروبي، ولذلك لم تحتل السيارات الأوروبية مكانة كبيرة بالسوق المصري حتى الآن، بحسب وصفه.

وأشار إلى أن السوق لم يشعر بانعكاس الإعفاء الجمركي على أسعار السيارات الأوروبية في مصر، مع زيادة التضخم نتيجة تراجع سعر الجنيه المصري أمام العملات، بالإضافة إلى ارتفاع سعر السيارة في دول المنشأ سنويًا.

وخلال العام الماضي، تراجعت مبيعات السيارات الملاكي المستوردة بواقع 35.7% لتسجل 53.157 ألف سيارة، مقارنة بالعام الماضي، بحسب بيانات مجلس معلومات سوق السيارات "أميك".

كما انخفضت أيضًا مبيعات الأتوبيسات المستوردة بنسبة 17.9% لتسجل 6.602 ألف أتوبيس وكذلك الشاحنات المستوردة والتي سجلت تراجعا نسبته 59.8%، مقارنة بعام 2016.

وفي نهاية ديسمبر الماضي، أعلن طارق قابيل وزير التجارة والصناعة السابق في قرار مفاجئ، تعليق تطبيق التخفيضات السنوية للرسوم الجمركية على السيارات ذات المنشأ الأوروبي والتي كان مقرر تطبيقها بداية العام الجاري.

وأرجع الوزير وقتها، السبب في اتخاذ هذا القرار إلى حرص الوزارة على دعم ومساندة الصناعة الوطنية بعدما تم إجراء دراسة حول سوق التصنيع المحلي للسيارات والآثار السلبية المترتبة على هذا التخفيض.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان