8 ساعات في حرائق اليونان.. قصة مصري أنقذ 23 شخصًا و"4 كلاب"

كتبت-مروة شوقي:

مساء أمس الثلاثاء، لم يكن محمود موسى، ابن مدينة دمياط، يعلم أن خطته لإقامة احتفال عيد الميلاد لقبطان المركب الذي يعمل عليه بمقاطعة "رافينا" اليونانية، ستتحول إلى ملحمة بطولية لإنقاذ 170 شخصًا من الموت بسبب الحرائق التي اجتاحت اليونان منذ الإثنين الماضي.

"امبارح كنت بجهز نفسي لإقامة حفل بسيط للقبطان اليوناني صاحب المركب اللي بشتغل معه، بمناسبة عيد ميلاده، بمشاركة زوجته وابنه، وكنت متحفّز علشان نفرحه لأنه أكثر من أخ ليا"، هكذا تحدث موسى لمصراوي من اليونان.

تغيرت خطة الاحتفال بسبب الحرائق التي اشتعلت في عدة مناطق باليونان وخلفت 79 قتيلًا حتى الآن. قبل الموعد المحدد هاتفه صاحب المركب لإلغاء الرحلة: "قبل الاحتفال بساعتين، كلمني صاحب المركب وبلغني إن الخطة اتغيرت، لأن النيران امتدت على مساحة شاسعة في قرية ماتي المجاورة لنا، فقررنا إننا نخرج للبحر لإنقاذهم رغم عدم علمنا بالظروف التي ستواجهنا وسط البحر".

على الفور، جهّز "محمود" المركب مع القبطان اليوناني، جمّع مجموعة من الحبال وبِدل الإنقاذ البحري، وانطلقوا تجاه الحرائق. "كنت المصري الوحيد على المركب، وكنت مع صديقي اليوناني وعائلته من أوائل الناس التي وصلت لمنطقة الحرائق في قرية ماتي".

"قطعة من الجحيم".. هكذا وجد "محمود" منطقة الحرائق. ألسنة النيران لا تزال تلمع في السماء، أصوات استغاثات تدوي في البحر، ودخان كثيف يملئ الأجواء: "لما وصلنا منطقة الحرائق كان فيه ناس بيغطسوا لأن المنطقة سياحية، وبعد فترة حاصرتهم النيران وظلوا بين البر والبحر".

في هذه الأثناء، بدأ طاقم "مركب الإنقاذ" في التحرك لمساعدة الناس رغم تعرضهم للاختناق بسبب الغازات السامة التي خلفتها الحرائق. لم يتراجع، وقرر استكمال مشواره: "كنا هنتخنق بسبب الغازات، لكن مفيش حد عنده قلب يتردد، فشجعنا بعض ودخلنا وسط الدخان".

كانت حصيلة المرحلة الأولى من الإنقاذ 23 شخصًا: "أنقذنا سيدات ورجال وأطفال، و4 كلاب، ووقتها شعرت بفرحة كبيرة لأنني كنت سببا في إنقاذ أرواح الناس دي، لأنهم كانوا بين الحياة والموت". صعد الناجون إلى المركب وعاد بهم "محمود" إلى مدينة "مينا مكري" لتستقبلهم سيارات الإسعاف. عاود "محمود" سريعاً إلى منطقة الحرائق: "قلت أكمل مهمتي وأنقذ باقي الناس".

"لما رجعنا تاني لمكان الحريق وجدنا فوج من البوليس البحري اليوناني، ومراكب أخرى من الصيد بها مجموعة من المصريين، بدأوا مساعدة الناس واستكمال ما بدأناه". مهمته بدت أسهل في هذا الوقت. تجمعت باقي المراكب لإنقاذ 150 شخصًا حاصرتهم النيران في منطقة حجرية على شاطئ البحر: "كنا بنشيل الناس ونديها للبوليس علشان يوصلهم للمستشفيات".

لم يكن عدد الذين أنقذهم "محمود" ما يهمه: "القصة مش عدد، إحنا نقلناهم كلهم ومبقناش عارفين العدد كام بالظبط".

8 ساعات متواصلة قضاها محمود في عرض البحر: "عملية الإنقاذ بدأت الساعة 6 مساءً وانتهت في الثانية صباح اليوم التالي (الثلاثاء)". كان سيكمل مشواره حتى إنقاذ آخر فرد في هذه المنطقة لولا نفاد وقود المركب: "اضطرينا نرجع لأن جاز المركب خلص، وفي التوقيت ده كنا طلعنا 99% من الناس على البر وبقوا في أمان".​