ذي أتلانتيك: تسريبات مكالمات ترامب كشفت كيف يتلاعب به قادة العالم
كتب – محمد الصباغ:
اعتبرت مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية أن التسريبات الأخيرة لمحادثات الرئيس دونالد ترامب مع نظيره المكسيكي ورئيس الوزراء الأسترالي، أوضحت كيف يتلاعب القادة الأجانب بالرئيس الأمريكي.
وأضافت المجلة في تقريرها الصادر اليوم الخميس، أن الرئيس المكسيكي "إنريكي بينا نييتو" كان ناعمًا واسترضائيًا، بينما كان رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تورنبول، واضحًا ويتميز بالإصرار على موقفه، لكن في النهاية استطاع كلا الزعيمين بنهجيهما المختلفين الوصول إلى ما يريدونه.
ونشرت صحيفة واشنطن بوست اليوم نص محادثة هاتفية بين ترامب ونييتو، طالب فيها الأول الرئيس المكسيكي بالتوقف عن التصريح للصحافة بأن بلاده لن تموّل الجدار الحدودي الذي يريد ترامب بناؤه، وقال الرئيس الأمريكي نصًا: "لا يمكنك قول ذلك للصحافة. عليّ أن أجعل المكسيك تمول بناء الجدار، عليّ فعل ذلك.. أنا أتحدث عن هذا الأمر منذ سنتين".
وفي تقريرها ذكرت "ذي أتلانتيك" أنه في الأيام الأولى قبل أن "تبتلع" الفوضى البيت الأبيض، أظهر ترامب نفسه ملتزمًا بما وعد به خلال حملته الانتخابية حول أن المكسيك هي من ستدفع أموال الجدار وأنه لن يقبل دخول أي لاجئين إلى بلاده.
وأضافت أن الرئيس ظهر غير جاهز في بعض الأوقات، فطلب على سبيل المثال من تورنبول أن يخبره عن تفاصيل اتفاقية للولايات المتحدة الأمريكية مع أستراليا.
اعتبرت المجلة أن تسريب مثل هذه المكالمات بشكل عام ليس بالأمر الجيد، حيث أن بعض المحادثات تكون سرية بالضرور. ولو تم تسريب تلك المحادثات بشكل دوري، ربما يشعر القادة الأجانب بالقلق من الحديث مع الرئيس ترامب.
وذكرت أن المصادر المسئولة عن هذا التسريب، تظهر ضعف ترامب في السيطرة على إدارته التنفيذية، وهي دليل على عدد الأشخاص الذين لا يحبونه أو ربما لا يثقون به.
ثم بدأت "ذي أتلانتيك" في تحليل طريقة تعامل الرئيس ترامب مع كل قائد على الطرف الآخر من المكالمة، وقالت إن مكالمة تورنبول انتهت بطريقة أكثر حدة، لكن في النهاية ذكر ترامب أن الولايات المتحدة ستقبل باستقبال اللاجئين. (وذلك على الرغم من وصف الاتفاق مع أستراليا بهذا الشأن بعد مكالمته مع تورنبول بأنه "اتفاق غبي").
وانتقلت المجلة لتوضح أنه ربما حصل "نييتو" على فوز أيضًا خلال هذه المكالمة. فالرئيس الأمريكي طالبه بألا يقول علنًا إن المكسيك لن تدفع تكاليف بناء الجدار الحدودي، لكن "نييتو" يدرك حقيقة أن المزاعم العلنية بأن المكسيك سوف تدفع مقابل بناء الجدار قد بدأت بالتلاشي من تصريحات ترامب.
الاسترضائي "نييتو"
يعلم الرئيس المكسيكي أن دونالد ترامب جعل من بناء الجدار الحدودي مع بلاده وعدًا محوريًا في حملته الانتخابية وذلك بجانب أن الإصرار على أن المكسيك هي من ستمول هذا البناء، وبحسب المجلة فإن نييتو يعلم أيضًا أن بناء الجدار أمر سيئ لبلاده وأنه ليس هناك أي سبيل لأن تدفع المكسيك. وأضافت أنه يعلم أيضًا بأن أمريكا جارة وحليفة ضرورية. ولذلك اتخذ نهجًا أكثر نعومة.
وأبرزت المجلة في تحليلها أيضًا أن الرئيس المكسيكي استخد كلمة "السيد الرئيس" في حديثه مع ترامب حوالي 30 مرة، في الوقت الذي ناداه ترامب بـ"إنريكي".
لكن برغم من طريقة الحديث التي ربما حاول ترامب فيها إبراز أنه الأقوى وفقًا لوضع الدولتين، إلا أن الرئيس المكسيكي أصر وبقوة على أن بلاده لن تدفع مقابل بناء الجدار، لكنه أيضًا صب الكلام اللطيف على أذان الرئيس ترامب والذي يدور حول أنه يدرك موقفه ويبحث عن طرق لبناء العلاقة برغم اختلاف الأراء حول الجدار.
ربما نجح أسلوب الرئيس المكسيكي. فالمكالمة انتهت بشكل سعيد على الرغم من الشقاق الذي ظل قائمًا بين الرئيسين، وحديث ترامب المنفرد حول دفع المكسيك تكاليف بناء الجدار العازل.
العنيد مالكولم تورنبول
على الورق، يبدو أن رئيس الوزراء الأسترالي رجلًا أكثر تشابهًا مع الرئيس ترامب مقارنة بالمكسيكي نييتو. وتضيف المجلة في التحليل أن السبب ليس أن الولايات المتحدة وأستراليا حليفتين مع اختلافات سياسية واضحة، لكن أيضًا في الخبرة والحالات المزاجية.
فرئيس الوزراء الأسترالي قال لترامب: "أعتقد أنني وأنت لدينا خلفيات مشابهة، على عكس السياسيين، وأكثر قربًا من كوننا رجال أعمال لكنني أتطلع للعمل سويًا".
كان الخلاف الأمريكي الأسترالي متعلق بحوالي 1250 فردًا من اللاجئين من دول مختلفة وصلوا إلى أستراليا عبر البحر. ورفضت الدولة استقبالهم، لكنها أقنعت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بفعل ذلك. لكن دونالد ترامب لم يكن متحمسًا لذلك، وهو الذي وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء استقبال اللاجئين.
واستكملت "ذي أتلانتيك" الحديث بأن "تورنبول" لم يبذل الكثير من الجهد لاستمالة ترامب فذكر كلمة "سيدي الرئيس" ثلاث مرات فقط، وكان حديثه مباشرًا في الأمر.
وحينما بدأ الرئيس ترامب في "شيطنة اللاجئين" والذهاب في الحديث بعيدًا عن الأمر الرئيسي، أعاده تورنبول إلى الأمر.
وأضافت أن ترامب أدرك خلال الحديث أن رئيس الوزراء الأسترالي متطرف أيضًا فيما يخص مسألة اللاجئين. فرفضت بلاده استضافة لاجئين خوفًا من أن يشجع ذلك عملية تهريب البشر. وقال تورنبول: "حتى لو رأينا أنك أفضل شخص في العالم، حتى لو كنت نابغة حاصل على جائزة نوبل، لن نسمح لك بالدخول".
وكان رد ترامب: "هذه فكرة جيدو. يجب أن نفعل ذلك أيضًا. أنت أسوأ منيّ".
وتابعت المجلة في إشارة إلى إصرار رئيس الوزراء على موقفه وأيضًا على عدم الخروج في أحاديث جانبية، فقالت إنه حينما زعم ترامب إنه سيُقتل "سياسيًا"، رد الأسترالي قائلًا "لا لن يحدث".
وفي المكالمة كان ترامب غاضبًا وقال للمسئول الأسترالي: "ليس لدي أي خيار. مالكولم، سأقول أنني ليس أمامي أي خيار إلا الالتزام باتفاق سلفي. أعتقد أنه اتفاق مريع، اتفاق لم أكن لأبرمه."
لكن، بحسب المجلة، لم يبدُ على تورنبول أي اهتمام. لقد حصل على ما يريده. وقال لترامب: "شكرًا على التزامك. إنه أمر مهم لنا".
واختتمت المجلة الأمريكية بالقول أن قائدين عالميين، وبنهجين مختلفين، لكنهما نجحا لأسباب مختلفة. وأشارت إلى أنه مع مرور الوقت يدرك قادة الدول الأجنبية أن ترامب ليس بالمفاوض الصعب كما يصف نفسه، فبإمكانهم إقناعه وإبقاء مواقفهم قائمة.
فيديو قد يعجبك: