لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

واشنطن بوست: كيف يرسم "الإرهابي" عبد الحكيم بلحاج مستقبل ليبيا؟

07:03 م الجمعة 29 سبتمبر 2017

عبد الحكيم بلحاج

كتب – محمد الصباغ:

قاد عبد الحكيم بلحاج ذات يوم المعارك في معقل الزعيم الليبي معمر القذافي. هاجم بكتيبته المسلحة قلعة القذافي في باب العزيزية بطرابلس. حققت معه الاستخبارات الأمريكية في أعقاب أحداث 11 سبتمبر. وبسبب توجهه الجهادي وعلاقته مع تنظيم القاعدة الإرهابي، اعتقل وتم ترحيله إلى ليبيا ليقبع في أحد السجون هناك.

بعد سقوط القذافي، لعب بلحاج دورًا كبيرًا في ليبيا الممزقة بين حكومتين وبات يطمح لدور جديد في الدولة التي تحاول طي صفحات الانقسام وبناء مستقبل جديد.

وتقول صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها يوم الخميس، إن الجهادي السابق بات سياسيًا إسلاميًا ورجل أعمال. وأضافت أن صاحب الـ51 عامًا قال عن سنوات القتال في ليبيا: "تفكيري في هذا الوقت لن ينعكس على طريقة تقديري للأمور الآن".

ولكن في الدولة التي تعاني من الفرقة والانقسام، والتهديدات من تنظيم داعش الإرهابي، وتعاني أيضا من أجل صنع هوية جديدة، لم ينس الليبيون من هو عبد الحكيم بلحاج.

لن ينسوا أنه قاتل بجوار أسامة بن لادن في أفغانستان. ولم يُمح من عقولهم قيادته للجماعة الليبية المقاتلة المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

واليوم، بحسب واشنطن بوست، بلحاج لاعب أساسي في الصراع الدائر بين الإسلاميين ومنافسيهم من أجل ليبيا الجديدة. يعد الرجل ورفقائه مثالًا نادرًا لمقاتلين سابقين مرتبطين بتنظيم القاعدة، ولم يحصلوا فقط على الشرعية، بل امتلكوا القدرة على تشكيل أمة.

وتقول كلاوديا جازيني، محللة الشئون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية: "هؤلاء الأشخاص منخرطون بشدة في المشهد السياسي وإدارة الأمور في طرابلس".

وأضافت لواشنطن بوست أن السؤال المقلق هو: "هل تخلوا بالفعل عن بيئتهم الجهادية؟".

خلال الربيع العربي، لعب بالحاج ورفاقه أدوارًا هامة في الانتفاضة التي تسببت في الإطاحة بالرجل القوي في ليبيا معمر القذافي وقتله. والآن، يستمتع بلحاج بالسلطة والثروة والنفوذ. لكنه يبقى شخصًا يخافه الكثيرون ويبقى شخصية جدلية، لدرجة أن داعميه يصورونه على أنه نموذج غير مفهوم.

ويقول عبد الله بليحق، المتحدث باسم الحكومة الليبية في الشرق، إن بلحاج يمثل تهديدًا الآن وسيكون كذلك في المستقبل أيضًا. وأضاف مجموعة من المليشيات المسلحة تتبعه، ودائمًا ما سيكونون ضد إقامة دولة من أجل حماية مصالحهم.

رحلة الإرهاب

في مايو 2010، أُطلق سراح بلحاج ومجموعة من مقاتلي "الجماعة الليبية المقاتلة" من السجن وكانوا يخضعون لبرنامج إعادة تأهيل المتطرفين الذي صُنع على يد سيف الإسلام القذافي. وتعهدوا آنذاك بالابتعاد عن العنف والعمل على إضعاف الثقة في تنظم القاعدة.

تشكك كثير من الليبيين والدبلوماسيين الغربيين في هذا الأمر. فكان بلحاج ورفاقه ضمن عشرات الليبيين الذين سافروا إلى أفغانستان لقتال القوات السوفيتية، وهناك التقوا أسامة بن لادن بمعسكر للتدريب. وبحسب واشنطن بوست كان بلحاج شديد الانبهار بأسامة بن لادن.

عاد بلحاج إلى ليبيا في بداية التسعينيات. وآنذاك أسس مجموعة "الجماعة الليبية المقاتلة" من أجل الإطاحة بالزعيم معمر القذافي وتحويل ليبيا إلى دول إسلامية. تبع ذلك تمرد صغير، بجانب محاولات اغتيال فاشلة للقذافي. وكان معروفًا فقط حينذاك باسم مستعار هو أبو عبد الله الصادق.

سحق نظام القذافي بعد ذلك "الجماعة الليبية" وبنهاية التسعينيات غادر بلحاج ورجاله إلى أفغانستان وباكستان، حيث كونوا علاقات بقادة القاعدة وطالبان، بحسب ما نقلته واشنطن بوست عن محللين ومسئولين ليبيين. وينكر بلحاج هذه الارتباطات.

وقبل أشهر من هجمات 11 سبتمبر، طلب بن لادن من "الجماعة الليبية" الانضمام إلى جهود استهداف الولايات المتحدة وحلفائها. لكن بلحاج لم يفعل، وقال في حديث مؤخرًا، إن هدفه الوحيد آنذاك كان الإطاحة بالقذافي وليس استهداف الغرب. لكن "الجماعة الليبية" انقسمت وغادر بعض من أعضائها للانضمام إلى بن لادن.

وفي عام 2004، ألقي القبض على بلحاج وزوجته الحامل في كوالالمبور بماليزيا، وتم اصطحابه إلى موقع تابع للاستخبارات الأمريكية في تايلاند. بعد ذلك سلمتهم واشنطن إلى القذافي، الذي تحول من راعي للإرهاب إلى حليف في مكافحته، على حد وصف واشنطن بوست.

وقبع رجال "الجماعة الليبية المقاتلة" في سجن أبو سالم بطرابلس. ويقول بلحاج لواشنطن بوست إنه تعرض هناك للتعذيب والتجويع، وأكد أنه قاضى الحكومة البريطانية لمزاعمه بلعبها دورًا في إعادته إلى ليبيا.

النفوذ والثروات

مع اندلاع ثورات الربيع العربي، أصبح بلحاج قائد كتيبة طرابلس المعارضة، وفي 22 أغسطس من عام 2011، دخل مع رجاله قلعة القذافي الحصينة في باب العزيزية. ولعدة أشهر بعد ذلك، ساعدوا في القتال ضد قوات القذافي، بمساندة الضربات الجوية للناتو.

وفي يوم اقتحام باب العزيزية، وصل بلحاج إلى المقعد الذي كان يجلس عليه القذافي وجلس عليه. وقال، بحسب واشنطن بوست: "الجلوس في باب العزيزية كان شيئًا دائمًا ما نحلم به".

ثم تحرك من المقعد ليجد نظارة القراءة الخاصة بالقذافي. ويضيف أنه سلم الاثنين بعد ذلك لوالد رجل تم تعذيبه وقتله في سجن أبو سالم.

أصبح بلحاج قائد مجلس طرابلس العسكري، والمسؤول عن حفظ النظام في العاصمة، وقٌتل القذافي بعد شهرين من ذلك. انضم أعضاء اخرون من "الجماعة الليبية" إلى حركات إسلامية، وأداروا معسكرات دينية للشباب، ودرّسوا فيها قوانين متشددة من الشريعة.

سامي السعدي، مؤسس الجماعة الليبية المقاتلة، أسس بعد ذلك حزب سياسي. بينما خالد الشريف، نائب أمير الجماعة الليبية تم تعيينه نائبا لوزير الدفاع في حكومتين تبعتا سقوط القذافي. كما أصبح بلحاج عنصرا هاما في الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، وهي إحدى الحكومات المتصارعة على حكم ليبيا.

دعم بلحاج في عام 2014 جماعة "فجر ليبيا" الإرهابية التي ضمت مجموعة من الحركات الإسلامية وسيطرت على العاصمة وأعلنت حكومتها الخاصة.

وقال ماتيا تولدو، المتخصص في الشأن الليبي بالمركز الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن هناك عداء عميق نحو فكرة الإسلام السياسي. مضيفًا: "هو إرث نظام القذافي."

ويعتبر قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، أن بلحاج هو أحد قيادات تنظيم القاعدة. فيما يقول أخرون إنه يتبع تنظيم داعش.

وينقسم وقت بلحاج حاليًا بين طرابلس وتركيا.

دور سياسي!

استقال بلحاج من مجلس طرابلس العسكري لتأسيس حزب الوطن. وينفي سيطرته على أي مجموعات مسلحة حاليًا. ويبدي دعمه للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، بحسب قوله. وفي الأيام الأخيرة سافر إلى سويسرا وجنوب إفريقيا من أجل دفع عملية السلام في ليبيا، وفقًا لواشنطن بوست.

كما يأمل أنصاره في ترشحه لمقعد رئيس الوزراء عند استقرار الأوضاع في ليبيا وانعقاد انتخابات أخرى.

لكن الماضي يطارد بلحاج إلى الآن، فأعلن سلمان العبيدي، انتحاري هجوم مانشستر الذي أودى بحياة 22 شخصًا، أنه أصبح متطرفا على يد أعضاء سابقين بالجماعة الليبية المقاتلة وبينهم والده. لكن بلحاج نفى تماما أن يكون والد العبيدي كان عضوًا بجماعته المسلحة وأدان هجوم مانشستر ووصفه بالإرهابي.

ويأتي بلحاج على رأس قائمة دول عربية للشخصيات الإرهابية التي تتلقى الدعم من قطر.

لكن عبد الله بليحق، المتحدث باسم الحكومة الليبية في الشرق، يرى أن الأعمال الإرهابية التي تقوم بها "الجماعة الليبية المقاتلة" مستمرة إلى الآن. وقال: "بلحاج إلى الآن يلعب دورًا في ذلك، حتى وإن قام بذلك من خلف ستار".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان