"نيوزويك": سياسة ترامب أدت لتراجع نفوذ أمريكا ليتساوى مع الصين وروسيا
كتب - عبدالعظيم قنديل:
قالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، الثلاثاء، إن الفترة المنقضية من رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة الأمريكية ساهمت في تراجع الدور الأمريكي حول العالم، حتى أصبح على قدم المساواة مع الصين وروسيا.
ورأت أن تطبيق شعار ترامب "أميركا أولا" في السياسة الخارجية قوض نفوذ الولايات المتحدة في عدة مناطق حول العالم، نظرًا للمنهج الأحادي الذي لا يهتم إلا قليلاً بالتعاون والمنفعة المتبادلة مع الأمم الأخرى.
ولم تفلح خبرة ترامب كـ"رجل أعمال" سابق في صنع الصفقات، وفق التقرير الذي قال إن سياساته حدت بشكل واضح من قدرة الولايات المتحدة على المناورة في علاقاتها الخارجية، وأعطت روسيا والصين فرصة جيدة للمنافسة.
"سياسة أحادية"
ولفت التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد أوضح ازدرائه للنظام الدولي، بما في ذلك الشراكة عبر المحيط الهادئ واتفاق المناخ في باريس، فضلًا عن تحركاته الأخيرة لقتل الصفقة النووية الإيرانية، وإصدار التعريفات الجمركية على صادرات الحديد والألمونيوم، وبذلك مثل تحديا صريحا للحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، وغرس عدم اليقين بشأن الالتزامات الأمنية للولايات المتحدة تجاه أصدقائها.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن السياسة الأمريكية الخاطئة تنعكس بوضوح في الشرق الأوسط، حيث اتخذ ترامب خطوات كبيرة لإعادة صياغة دور الولايات المتحدة كمشارك مباشر في الصراعات والمنافسات في المنطقة، ولكنه اختزل دور واشنطن في دعم تحالف المملكة العربية السعودية وإسرائيل، اللذان يسعيان للحصول على دعم أمريكي غير منقطع في مواجهة دائمة ضد إيران.
ووفقًا لـ"نيوزويك"، عمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على توطيد سلطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على نحو متزايد، حتى أن إدارة ترامب تفاخرت قائلة: "وضعنا رجلنا على القمة". وقالت إن ترامب أعطى بن سلمان تفويضا مطلقا في مساعيه لإسقاط المتمردين الحوثيين في اليمن، وحصار قطر، والتدخل في لبنان، بالإضافة إلى نبذ إيران.
ويضيف التقرير: تنازل البيت الأبيض عن أكبر ورقة مساومة من أجل حل الدولتين في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعد أن منح ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعترافًا رسميًا بالقدس كعاصمة لإسرائيل، في الوقت نفسه تركز التعاون بين واشنطن وتل أبيب مؤخرًا على التهديد الإيراني دون التطرق كثيرًا إلى عملية السلام مع الجانب الفلسطيني.
"تضارب المصالح"
ونوهت المجلة الأمريكية إلى أن نهج ترامب غير المرن تجاه المنطقة يتناقض بشكل صارخ مع الدول الإقليمية الرئيسية، التي تخلق خيارات لأنفسها فيما يتعلق بمتابعة شراكات أخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإسرائيل، فقد سمح ترامب لنفسه بأن يقع تحت سيطرة القوى التي تتوق إلى دعم الولايات المتحدة في خصوماتها الإقليمية.
وذكر التقرير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أبدى استعداده لمنح السعوديين تنازلات غير مسبوقة بشأن تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم للحصول على صفقة طاقة نووية مربحة، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية اتخذت خطوات أخيرة للخروج عن الشكل التقليدي لدورها في استراتيجيات الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، والذي تميز بتحالف وثيق للطاقة ومشتريات للأسلحة الأمريكية المتقدمة.
ويوضح التقرير أن السعودية وإسرائيل طورتا علاقتهما بالصين وروسيا، على الرغم من خلافاتهما حول سوريا، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية تربطه علاقة شخصية وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنذ عام 2015 قابله مرات أكثر من أي زعيم عالمي آخر.
ووفق التقرير، لم تتخلى روسيا عن شراكاتها مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية على حساب إيران، واستمر التعاون الاستراتيجي بين روسيا وإيران حول سوريا، وشهدت الدولتان اتفاقيات تجارة رئيسية متعددة منذ الاتفاق النووي في يوليو 2015، وخاصة في قطاع الطاقة.
"نهج أكثر مرونة"
وألمحت المجلة الأمريكية إلى أن سياسات ترامب في الشرق الأوسط تنم عن قيادة أحادية، بغض النظر عن الحقائق المتغيرة على الأرض في منطقة تتزايد فيها النزاعات، حتى حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، يتطلعون إلى سياسات خارجية مستقلة، خاصة وأن العالم في طريقه إلى نظام جديد حيث تسعى القوى المحلية إلى إعطاء رأي أكبر في تنظيم المسائل الإقليمية.
وبدلاً من الاستراتيجيات المتضاربة، يستطيع ترامب تبني نهجا أكثر مرونة تجاه الشرق الأوسط والعمل مع جميع القوى الإقليمية للحفاظ على نفوذ الولايات المتحدة وتقويته، وفق المجلة الأمريكية التي أوضحت أن مفتاح تحقيق ذلك هو تبني سياسة أكثر تطلعًا نحو إيران، تحد من الفرص والتقدم الإقليمي لخصوم القوى العظمى في الولايات المتحدة مثل روسيا والصين، وتفتح الباب أمام التسوية المشتركة مع إيران حول القضايا الإقليمية الرئيسية.
ويقول التقرير، إن وجود بصمة أمريكية أكثر توازناً في الشرق الأوسط تتمحور حول الارتباط مع جميع القوى الإقليمية سيزيد من النفوذ الأمريكي على الأصدقاء والمنافسين، ويسمح لها بأن تخلص نفسها من الصراعات المتداخلة في المنطقة، وأن تخلق فرصاً اقتصادية جديدة للشركات الأمريكية في المشهد الإقليمي والعالمي الأكثر تنافسية.
فيديو قد يعجبك: