"بين المتطفل والمفاوض والمُحبط".. كيف كانت علاقات ترامب بزعماء الدول في عامه الأول؟
كتب- هشام عبدالخالق وهدى الشيمي:
وجدت الكثير من التحليلات التي تناولت العام الرئاسي الأول لدونالد ترامب أن سياسته الخارجية المليئة بالأخطاء والعيوب ألقت بظلالها على نجاحاته الداخلية، انتعاش الاقتصاد وانخفاض مُعدّل البطالة نسبيا، لاسيّما وأنه كاد أن يتسبب في حدوث حرب نووية بسبب خلافاته مع كوريا الشمالية، بالإضافة إلى تورط بعض الأشخاص في حملته الانتخابية في مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات.
وألقت شبكة "سي إن إن" الأمريكية الضوء على علاقات الرئيس الأمريكي بزعماء وقادة بعض الدول، وقالت في تقرير نُشر على موقعها الإلكتروني إن ترامب قابل عدة زعماء دول في البيت الأبيض، وسافر بنفسه إلى 13 دولة، لتوطيد العلاقات بينه وبين القادة الدبلوماسيين.
وبحسب التقرير، فإن سياسة الرئيس الأمريكي الخارجية في العام الأول افتقرت للدبلوماسية، والصداقة والجاذبية، على النقيض من زعماء العالم.
وبينما يدخل ترامب عامه الثاني بعد أيام، استعرضت الشبكة الأمريكية أبرز العلاقات التي جمعت ترامب برؤساء الدول فيما يلي:
- المتطفل: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين:
لا يلقِ أي زعيم دولة بظلاله على رئاسة ترامب أكثر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي تتفق وكالات المخابرات في الولايات المتحدة على أن بلاده تدخلت في الانتخابات الرئاسية عام 2016 للمساعدة على فوز المُرشح الجمهوري، آنذاك.
وأظهرت التحقيقات الدور المحتمل الذي قام به مسؤولو حملة ترامب في التدخل الروسي، بشكل أكبر في السنة الأولى من رئاسة ترامب.
وفي الوقت نفسه، أصر ترامب على أن العلاقات الروسية الأمريكية يجب أن تتحسن. والتقى ترامب وبوتين في عدة لقاءات على هامش انعقاد قمم عالمية، وفي كل مرة يتم التدقيق بشكل كبير في لقاءاتهم.
وبعد لقائهم الأخير في فيتنام، أعلن ترامب أنه يثق في كلمة بوتين أن دولته لم تتدخل في الانتخابات الأمريكية، في الوقت الذي يصر فيه بعض قادة الكونجرس على أن توقع الإدارة بعض العقوبات على موسكو بنهاية الشهر الجاري.
المادحون: العاهل السعودي وولي العهد
كانت العاصمة السعودية الرياض أول محطات دونالد ترامب الخارجية بعد توليه الرئاسة، وأُقيم هناك احتفالا كبيرا على شرفه.
وعلى مدار العام الماضي، أصبح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان صديقًا مُقربًا لجاريد كوشنر، مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط وزوجه ابنته الكُبرى ايفانكا.
وضغط البيت الأبيض على المملكة في نهاية العام الماضي لإنهاء الحظر الشديد المفروض على اليمن، وبعد أسابيع أنهت المملكة الحصار الذي تسبب في أزمة سياسية داخل البلد.
صانع الاتفاقيات: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو:
بالنسبة للرئيس الأمريكي الذي يدعو نفسه "صانع الاتفاقات المُطلق"، فإن تحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل وفلسطين جائزة لا تُقدّر بثمن.
إلا أن هذا الاتفاق لا يمكن أن يتم دون موافقة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يأخذ موقفًا مُتشددا تجاه الكثير من الأمور المتعلقة بهذه القضية، ما يمنع ترامب من تحقيق انتصاره المنشود.
وحتى الآن، فإن الرجلين ما زالا متفقان على العديد من الأمور. وأصبحت علاقتهما أفضل بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وطالب وزارة الخارجية الأمريكية بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة، وهي خطوة لم يجرؤ أي من اسلافه على تنفيذها.
الرجل القوي: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان:
تحسنت علاقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بواشنطن بعد تولي ترامب الحكم، بعد أن ساءت علاقته بالإدارة الأمريكية مثل غيره من الزعماء الديكتاتوريين خلال حكم باراك أوباما.
وقام أردوغان بزيارة إلى الولايات المتحدة في مايو الماضي، والتقى بترامب في زيارة كسرت الجليد بينهما، وشهدت العلاقات قربا ملحوظًا بعد اتفاق أنقرة وواشنطن على اتباع النهج نفسه في سوريا.
ووافق ترامب في نوفمبر الماضي، على التوقف عن بيع الأسلحة للمقاتلين الأكراد في سوريا، وهي خطوة أثنى عليها أردوغان كثيرًا.
ويأمل أردوغان أن تسلم واشنطن السلطات التركية الداعية الإسلامي فتح الله غولن، الذي يعيش في بنسلفانيا، وتتهمه أنقره بالتخطيط لمحاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
- رجل الصاروخ: زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون:
استطاع عدد قليل من الزعماء جذب اهتمام الرئيس وسخريته، أكثرهم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون.
وعمل ترامب في عامه الأول على إيقاف البرنامج النووي الكوري الشمالي، متطلعًا بذلك إلى التفوق على أوراق اعتماده الدبلوماسي، والقيام بصفقة تحير أكثر الرؤساء خبرة.
وانتقد ترامب زعيم كوريا الشمالية، وهاجم دولًا أخرى لاستمرار تعاونها مع كيم، وقام برحلة إلى آسيا لمواجهة هذه القضية.
وعلى الرغم من محاولات ترامب في استمالة المجتمع الدولي إلى صفه، كان 2017 عامًا تقدّمت فيه كوريا الشمالية ببرنامجها النووي.
وأظهر ترامب مؤخرًا نيّته لإجراء مباحثات مع كيم جونج أون، وعلى الرغم من أن الخبراء يرون أن هذا غير مرجح، فقد كشف ترامب بالفعل عن نيّته لكسر التقاليد عند الحديث عن قضية كوريا الشمالية.
- المُرشد: الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون:
اُنتخب ماكرون في مايو الماضي، ليكون بذلك واحدًا من ضمن عددٍ قليل للغاية من الرؤساء وقادة الدول الذين تقل خبراتهم عن ترامب، ويبدو أن ماكرون استغل ذلك لمصلحته مكونًا علاقات قوية مع البيت الأبيض، مبنية على رغبة متبادلة في تغيير الوضع الراهن.
وميّز لقاء ترامب الأول مع ماكرون في بروكسل، مصافحة قوية طويلة بين الزعيمين، ومنذ ذلك الوقت، شهدت العلاقات الفرنسية الأمريكية توترات (معارضة ماكرون لترامب حول إيران، والاتفاق النووي، والشرق الأوسط)، واتفاقات (عشاء جمع الزعيمين وزوجتيهما في برج إيفل(.
ويقول مساعدو ماكرون إنه يصف نفسه على أنه مُرشد ترامب في أوروبا، الذي يبحث من خلال تصريحاته الصاخبة ليجد مناطق الاهتمام المشترك، تشهد العلاقات الفرنسية الأمريكية تعزيزا للقوى، ويحاول ماكرون جعل فرنسا تلعب دورًا كبيرًا على الساحة الدولية.
- زميل لعبة الجولف: رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي:
هناك أشياء قليلة يحبها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا أن "الجولف" الأكثر قربا إلى قلبه، وكان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي حريصًا على إشباع تلك الرغبات عندما زاره في منتجعه الخاص بولاية فلوريدا في فبراير الماضي، ورحّب الاثنان ببعضهما البعض في تلك الزيارة، وعقدا لقاءات ومحادثات هاتفية ودية.
كان من أحد الأسباب في دفء تلك العلاقة هو أن آبي سمح لترامب أن يكون الذكر المسيطر، ضاحكًا على النكات التي يلقيها، ومشتركًا مع ترامب في مصافحة قوية استمرت لمدة 20 ثانية في المكتب البيضاوي.
وبالإضافة إلى ما يجمع بين الزعيمين من ترابط على المستوى الشخصي - حيث يلعب الاثنان الجولف وفي إحدى المرات مدح آبي ترامب في النتيجة التي حققها -، فهما الاثنان متحدان ضد عدو مشترك - وهو كوريا الشمالية - واعتمد ترامب بشكل أساسي على اليابان في كبح طموحات الدولة الضالة.
المفسرة: المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل:
عندما تولى ترامب منصبه العام الماضي، كانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، أكثر الساسة الذين في مأمن من المخاطر ليس في ألمانيا وحسب ولكن في أوروبا بأكملها، وبهذه الصفة نظر إليها الحكام الغرب على أنها الحصن الذي يحمي قارتهم من خطر ترامب، وغرائزه المتهورة.
التقت ميركل بترامب في البيت الأبيض في مارس الماضي، وحملت معاها خرائط وبيانات أملا في اقناع الرئيس الأمريكي بأهمية الدور الأمريكي في الحفاظ على الأمن والسلام الدولي، إلا أن الغموض والغرابة سيطرا على المشهد في هذا الاجتماع، لاسيما بعد رفض ترامب مصافحتها.
ومنذ ذلك الوقت، نصّبت ميركل نفسها كالصوت المدافع عن كافة الاتفاقيات التي يعمل ترامب على خرقها، إلا موقفها الضعيف في الانتخابات العام الماضي، لم يكن في مصلحتها.
- الدبوس: الرئيس الصيني شي جين بينج:
إذا أراد ترامب أن يقم بأي شيء في آسيا، فالحل في علاقاته مع الرئيس الصيني شي جين بينج، وكان هذا واضحًا في أبريل بعد 3 شهور من رئاسة ترامب عندما استضاف ترامب الرئيس الصيني في منتجعه مار ألاجو في ولاية فلوريدا.
وحافظ ترامب على علاقات جيدة أحيانًا وسيئة أحيانًا مع الصين، منذ أن أعلن ترشحه للرئاسة، وهاجمهم بضراوة أثناء الحملة، ولكن طلب عونهم في تضييق الخناق العالمي على كوريا الشمالية، وكان لتلك العلاقة نقاط انخفاضها مثل اقتراح ترامب أن الرئيس الصيني لا يقم بما يكفي لتضييق الخناق على كوريا الشمالية، أو عندما هاجمت إدارة ترامب سياسات الصين التجارية.
واستغل ترامب زيارته الأخيرة إلى آسيا في نوفمبر الماضي، في إذابة الجليد بينه وبين الصين، والآن بعد مرور عام على رئاسته يبدو أن مصير ترامب في آسيا مازال مرتبطًا بشي.
المفاوض: الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي أو
لم يستطع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي أو تحديد الطريقة التي سيتعامل بها مع ترامب بعد فوزه بالرئاسة، إلا أنه وبعد فترة قرر التقرب من الرئيس الأمريكي "غير التقليدي"، وهما الآن يعملان لحل مشكلة كوريا الشمالية "المزعجة".
بسط "جاي أو" السجادة الحمراء لترامب خلال زيارته لكوريا الجنوبية في نوفمبر الماضي، ومنذ ذلك الوقت أشاد بالرئيس الأمريكي وأثنى على ادائه وتصرفاته تجاه كوريا الشمالية، وقال للصحفيين، في وقت مطلع هذا العام، إن ترامب يستحق المديح نظيره جهوده في التصدي لبيونجيانج.
المُحبط: رئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو:
تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية ببناء جدار حدودي فاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، وقال إن المهاجرين المكسيكيين ما هم إلا "مروجي مخدرات، ومغتصبين".
وأغضبت تصريحات ترامب وتعليقات عن المكسيكيين بينيانييتو، فقرر إلغاء زيارته إلى واشنطن التي كانت من المقرر أن تتم في فبراير 2017.
والتعهد الرئيس المكسيكي بالتصدي لتصريحات ترامب، ووصفه بالشخص العنصري والمتعصب.
ولم يزور الولايات المتحدة حتى الآن. وكان اللقاء الأول الذي جمع بين الرئيسين في مؤتمر قمة العشرين الذي حضره القادة والزعماء في ألمانيا العام الماضي.
فيديو قد يعجبك: