إعلان

"الحرب المنسية".. بريطانيا وروسيا أشعلتا أرض الثلوج قبل 100 عام

10:46 م الأحد 25 نوفمبر 2018

أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد عطايا:

اختار نجل اللورد إدموند إيرونسايد (94 عامًا)، صورته المفضلة من الألبوم الذي يحتوي على عشرات اللقطات الثابتة الصامتة، التي سجلت ذكريات معارك بريطانيا ضد روسيا خلال الحرب العالمية الأولى، ولقبتها صحيفة "تليجراف" بـ"الحرب المنسية".

وبحسب لقاء الصحيفة البريطانية نجل القائد العسكري البريطاني، فإن اللورد إيرونسايد استدعي في سبتمبر 1918، من لواء مشاة كان مشاركًا بالحرب العالمية الأولى في فرنسا، لإرساله في مهمة سرية إلى أركانجيل وهو ميناء على البحر الأبيض في أقصى شمال روسيا، ليتولى قيادة القوات البريطانية المشاركة في المعارك ضد موسكو هناك.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن هناك العديد من المعارك السرية التي لم تظهر في دائرة الضوء، خاضتها لواءات تابعة للحلفاء بعد انتهاء الحرب وتوقف أصوات المدافع.

وقالت إن جنود الحلفاء حينها كانوا لا يزالون في حالة حرب في الغابات وعلى طول الأنهار المجمدة بالقرب من الدائرة القطبية في شمال روسيا، في الوقت الذي يرقص فيه الملايين حول العالم والشوارع للاحتفال بالهدنة، في العام 1918.

لماذا قاتل الحلفاء في روسيا؟

بدأت الحرب العالمية الأولى، وكانت روسيا تحت حكم القيصر نيقولا الثاني، إلى جانب بريطانيا وفرنسا، إلا أن الوضع تغير في العام 1918، عندما صدق الزعيم الشيوعي الذي تم تنصيبه حديثًا فلاديمير لينين، على معاهدة السلام في "بريست-ليتوفسك"، والتي تعني أن موسكو خرجت من الحرب، ولم تعد هناك حاجة لمهاجمة برلين.

نتيجة للمعاهدة التي وقعتها روسيا، أرسل الحلفاء قواتهم إلى الجنوب، والبعض الآخر إلى سيبيريا والشرق الأقصى لروسيا، بهدف ظاهري معلن هو منع النشاطات الألمانية هناك، إلا أن الجنود الذين بلغ قوامهم 30 ألف جندي أمريكي وفرنسي وكندي وبريطاني، في كل من أركانجيل ومورمانسك تحت القيادة البريطانية قاتلوا ضد البلاشفة الروس.

ولفتت "تليجراف" إلى أن أحد الجنود المشاركين في تلك المعارك، جورج جرين، لم يكن يعلم المكان المتواجد فيه، ولم يعلم أنها روسيا، مؤكدًا أنه وزملاء آخرين "التقوا بعض الأعداء المجهولين"، وحارب دون أدنى معرفة بالأسباب والأهداف.

وأكدت الصحيفة البريطانية أنه في بادئ الأمر، طارد الحلفاء البلاشفة المتقهقرين، إلا أن هذا الجانب الأخير هرب في جيوب وأماكن ذات تضاريس قاسية يصعب الوصول إليها، ما دفع اللورد إيرونسايد إلى اتخاذ قرار بالاستمرار في القتال رغم البرد والصقيع.

وأوضحت الصحيفة أن وضع اللورد إيرونسايد في المعارك ضد البلاشفة حول مدينة أركانجيل، كان صعبًا للغاية، لأن جيشه سقط جنوده واحدًا تلو الآخر بشكل يومي نتيجة المناخ الصعب والصقيع.

وقال مايك جروبيل، الذي يدير رابطة الدب القطبي وهي المجموعة التذكارية للأمريكيين الذين قاتلوا في شمال روسيا، إن جده كليمنت جروببيل، اضطر للقتال في درجات حرارة تقل عن 40 درجة.

ولفت دليلي أليسكي سوخانوفسكي الصحفي الروسي، في تصريحات لـ"تليجراف"، إلى وجود عديد من آثار المعركة في الأراضي الروسية، لافتًا بأنه عثر على خندق كامل سليم تابع للقوات الأمريكية.

واستكمل سوخانوفسكي بأن المعارك كانت شرسة للغاية، لافتًا إلى أنه في إحدى المرات، أصيب جندي فرنسي بقذيفة مدفع، أدت إلى فصل جزئي لساقه اليمني، ما اضطر الجندي إلى بتر المتبقي منها بـ"مطواة".

وأوضحت الصحيفة البريطانية، أنه إبان الانتفاضة التي قادها فلاديمير لينن، لنشر النظام الشيوعي في روسيا عام 1917، شاركت بريطانيا في حرب أهلية وقعت بين البلاشفة بقيادة لينن والروس الحمر الداعمين للقيصر في 1918، ما أحدث صدى كبير في البرلمان والنقابات العمالية بالمملكة المتحدة، والذين طالبوا بوقف المعارك، بينما نادت الصحف بسحب الجنود من هذه الأرض المشتعلة رغم ثلوجها، ورفع كثير من هذه المنابر الإعلامية شعار "السهول المجمدة في أوروبا الشرقية لا تستحق عظام كتيبة واحدة".

ولفتت صحيفة "تليجراف" إلى أن "ما زاد الطين بلة" في المعارك الواقعة بروسيا، أن بعض الروس الذين كانوا يقاتلون مع الحلفاء تمردوا وقتلوا ضباطهم.

واستكملت الصحيفة أن المهمة تحولت إلى مغامرة ضارية استمرت لمدة 18 شهرًا، سقط على إثرها 534 جنديًا قتيلاً من الكومنولث البريطانيين والبحارة ومشاة البحرية.

فيما لقي البعض الآخر حتفه نتيجة الإنفلونزا الإسبانية، التي كانت مستوطنة على السفن التي أتوا على متنها، فضلاً عن آخرين ماتوا متأثرين بجراح الحرب.

واختتمت "تليجراف" بأن مهمة القوات البريطانية في تلك البقعة بقيادة اللوراد إيرونسايد، كانت فاشلة للغاية، إلا أنها من ذاكرة "الحرب المنسية"، التي ظلت بعيدة عن دائرة الضوء لما يقرب من 100 عام.​

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان