كيف أثر مقتل "خاشقجي" على الحرب في اليمن؟
كتب - هشام عبدالخالق:
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، مقالًا للكاتب آدم بارون، عن تأثير مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول، على الحرب الأهلية في اليمن.
ويقول الكاتب في بداية مقاله: "إن وفاة خاشقجي تمثل مأزقًا مثيرًا للاهتمام بالنسبة لليمن، وأدت وفاته إلى تقسيم الجبهات في الحرب الأهلية الدائرة في البلاد، وكذلك التفرقة بين اليمنيين المعارضين للحوثي ضد بعضهم البعض".
وأشار الكاتب إلى أن خاشقجي كان يُحترم في اليمن مثلما كان في أي مكان آخر، وكانت تُقرأ كتاباته على صعيد واسع في اليمن، وخاصة تعليقاته الأولى الداعمة لعملية عاصفة الحزم التي شنها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين في مارس 2015 وكذلك انتقاداته لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ويضيف الكاتب، أن هذا لا يعني أنه كان ينظر إليه على أنه شخصية محايدة، حيث كان معارضو حزب الإصلاح اليمني ينتقدون بشكل متكرر ميوله الإسلامية.
وفي هذا السياق، بحسب الكاتب، لم يكن من الصادم أن تفضح عملية قتله الانشقاقات والتوترات داخل الأحزاب والحركات السياسية في اليمن خلال الحرب الأهلية، والتي تعود إلى ما قبل ثورات الربيع العربي في 2011، حيث وقف الإسلاميون السنة في اليمن، وخاصة حزب الإصلاح، إلى جانب ثورة 2011 ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وفي الوقت الذي حظيت فيه أيضًا بدعم الحكومة القطرية، حاول السعوديون التوسط لاتفاق نقل السلطة، وكانوا مقاومين بشكل كبير لعملية التغيير.
وأدت تلك الحركة من جانب السعودية، إلى تصاعد التوتر بين المملكة العربية السعودية وحزب الإصلاح، التي كان يتلقى الكثير من قادتها دعمًا كبيرًا من المملكة، وبعد ظهور الحوثيين كقوة كبيرة، تجددت الروابط بين حزب الإصلاح والسعوديين والتحالف، ولكن من الواضح أن عدم الثقة لم تختفِ أبدًا، بحسب الكاتب، وقام عدد من اليمنيين بكسر تحالفهم مع السعودية ضد الحوثيين بعد بداية الأزمة مع قطر في عام 2017.
ويقول الكاتب، إنه بعد اختفاء خاشقجي في الثاني من أكتوبر الماضي، اُلتقطت صورة للفائزة بجائزة نوبل للسلام توكل كرمان في مظاهرة تطالب السعودية بالكشف عن الحقيقة، وكان لهذه الصورة تأثيرًا كبيرًا في وسائل الإعلام العربية والغربية، ولكن رآها الكثيرون في اليمن كشيء أكثر تعقيدًا.
ويضيف بيتر ساليزبري، مستشار بارز بمعهد "تشاتام هاوس"، أنه بالنسبة لمعظم الناس في الغرب، فإن توكل هي ناشطة مناصرة للديمقراطية وحائزة على جائزة نوبل للسلام، ولكن بالنسبة للكثير من اليمنيين، فهي تعتبر في المقام الأول كعضو في حزب الإصلاح، وهو الحزب السياسي الإسلامي السني الرئيسي في اليمن، والذي غالبًا ما يتم وصفه باعتباره موالٍ لجماعة الإخوان المسلمين".
ويشير ساليزبري، إلى أن وجود توكل في الاحتجاجات في إسطنبول، يتماشى مع تلك الرواية التي تقول إن قتل خاشقجي كان جزءًا من الصراع الإقليمي للتأثير بين الإسلاميين السياسيين وداعميهم في قطر وتركيا من جهة، والسعوديين والإماراتيين والمصريين من جهة أخرى، على الرغم من أن الواقع مختلف بعض الشيء.
ويقول الكاتب، إنه على الرغم من أن بعض اليمنيين عارضوا السعودية منذ بداية حصارها ضد قطر، ومنهم توكل كرمان، إلا أن أغلب قادة حزب الإصلاح واصلوا العمل جنبًا إلى جنب مع السعودية، حتى لو كان هذا يعني التخلي عن الحلفاء القدامى مثل قطر، وبعد مقتل خاشقجي، أعتقد بعض اليمنيين أن مصالحهم تكمن في تعميق التزامهم تجاه السعودية، خاصة في ضوء تزايد احتمال زيادة الضغط الدولي لإنهاء النزاع في اليمن.
ويقول أحد المحللين المتعاطفين بشكل واسع مع حزب الإصلاح والمعارض للحوثيين، إن خوفنا الأكبر بعد مقتل خاشقجي، أن يضغط المجتمع الدولي على السعودية لإنهاء دورها في الحرب على اليمن، وهذا سيعني بالضرورة أن يسيطر الحوثيون على الدولة.
الحوثيون على الجانب الآخر، يضغطون على السعودية بسبب خاشقجي، كما أنهم يصدرون رسائلهم بعناية، حيث أصدروا بيانًا يعلنون أنهم "سيدافعون عن أرض الحرمين الشريفين" في حالة وجود أي خطر على شكل عمل متهور من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، وذلك مع استمرارهم في انتقاد السعودية.
وتقول المجلة في ختام تقريرها: "إنه في الوقت الذي كان مقتل خاشقجي مغيرًا للسياسات حول العالم، فإن مقتل الصحفي السعودي يمثل بالنسبة لليمنيين إمكانية إجراء تغيير وإنهاء تلك الحرب التي يشعر جميع أطرافها أن لا نهاية لها".
فيديو قد يعجبك: