"الإيكونومست": الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران لن يُفيد أحد
كتب - عبد العظيم قنديل:
قالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية إن رهان الرئيس الأمريكي على إعادة التفاوض بشأن الإتفاق النووي مع إيران قد ينتهي بصراع عسكري، معتبرة أن قرار ترامب لن يفيد أحدًا.
وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى مع إيران عام 2015، لافتا أن الاتفاق لا يمنع من نشاط إيران المزعزع في المنطقة.
في الوقت نفسه، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني "غير قانوني وغير مشروع ويقوض الاتفاقات الدولية التي لا تحترمها أمريكا، مضيفا أن بلاده لن تنسحب من الاتفاق النووي، وأن الاتفاق النووي ليس بين طهران وواشنطن فقط، بل توجد أطراف ودول أخري ننتظر رد فعلها.
ووصف المجلة البريطانية الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران بالقرار القاسي، على الرغم من وفاء دونالد ترامب بوعوده الانتخابية، ومع ذلك، كان الرئيس مجحفًا بشكل غير متوقع في تعهده بتوسيع نطاق العقوبات، وليس فقط لاستعادتها، ومعاقبة أي شركة تتعامل مع إيران أينما كانت.
وبما أن الأمم المتحدة تقول إن إيران تمتثل للاتفاق، بحسب التقرير، فقد عزز ترامب حجج الأعداء في التشكيك بمدى التزام الولايات المتحدة الأمريكية بتعهداتها أمام المجتمع الدولي، وأن القواعد العالمية التي تدعي أنها تتمسك بها قد تم كسرها.
وتسائلت المجلة البريطانية عن موقف الأطراف الأخرى في الصفقة، روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، في حين أن السؤال الأكثر الحاحًا بالنسبة للعالم ككل، لا سيما الشرق الأوسط، هو: ماذا يعني هذا بالنسبة لقدرة إيران على الحصول على القنبلة النووية؟".
ولفت التقرير إلى أن خطة ترامب تجاه إيران ترتكز على تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني عبر فرض مزيد من العقوبات، مما يقلص من قدرة طهران على تمويل الحرب في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ومع ذلك ، فإن اظهار العداء تجاه النظام في إيران يخدم مصالحه بالداخل، ولذا قد يؤدي خطاب ترامب إلى تعزيز موقف الحكومة الإيرانية أمام الشعب، الذي أثار احتجاجات في الشوارع في العام الماضي، داعيًا إلى مزيد من الإنفاق على الخدمات الداخلية.
وبحسب التقرير، يفترض ترامب أن الألم الاقتصادي من العقوبات الجديدة قد يجبر إيران على طاولة المفاوضات، كما فعلت كوريا الشمالية، ربما تقود العقوبات الثقيلة إلى الجلوس والتفاوض، كما أظهرت إيران في الاتفاق القائم الآن، لكن ترامب لم يوضح الكيفية التي يمكن أن يستسلم بها القادة الإيرانيين من أجل تلبية مطالبه والنجاة من الانهيار.
ويراهن ترامب، بحسب التقرير، على أن العقوبات ستؤدي إلى معاناة اقتصادية تقود إلى إسقاط النظام الإيراني، ولكن لن يحكم "الملالي" إيران إلى الأبد، علمًا بأن نظام كاسترو في كوبا صمد أمام العقوبات الأمريكية لعقود، وأثبت رجال القيادة الإيرانية أنهم على أتم استعداد للحفاظ على النظام بالقوة.
وأشارت المجلة البريطانية إلى أن سياسة ترامب قد تضع حدًا للاضطرابات ضد النظام الإيراني في الداخل، في الوقت نفسه تعد الرغبة القائمة على الحدس ليست سياسة، وبدلاً من ذلك، وفي مواجهة الفشل المحتمل في مخطط ترامب، ينبغي على أطراف الاتفاقية السعي لإبقائها على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة.
ونوه التقرير إلى أن أحد أهداف الأطراف المشاركة في الاتفاق هو التظاهر بأهمية القواعد العالمية، مضيفًا أنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، أن يجتمع مع المسؤولين الإيرانيين والاحتجاج لمنظمة التجارة العالمية حول العقوبات الأمريكية على شركاتها. كما فعلت قبل 20 سنة عندما طبقت واشنطن عقوبات ثانوية على كوبا.
وبينت المجلة البريطانية أن الاتحاد الأوروبي لايمكن أن ينقذ الصفقة وحيدًا، خاصة وأن الشركات التي لديها خيار بين العمل في الولايات المتحدة أو إيران، فحتمًا ستختار السوق الأكبر، في الوقت نفسه لا ترغب الصين وروسيا في انتشال ترامب خارج الحفرة التي صنعها لنفسه.
ووفقًا لـ"الإيكونوميست"، المكاسب الناتجة عن صفقة جزئية ستكون ضئيلة للغاية، وقد تستأنف إيران عاجلاً أو آجلاً برنامجها النووي، وقد تلجأ إيران إلى العودة إلى نظام التفتيش المحدود القديم، وبناء أجهزة طرد مركزي جديدة، وتخصيب اليورانيوم إلى درجة قريبة من مستوى الأسلحة وإلى الرؤوس الصغيرة.
وإذا انطلق البرنامج الإيراني - بالمعنى الحرفي والمجازي - فقد لا تتوفر معلومات كافية لتقييم التهديد، علاوة على ذلك، ومع زيادة العقوبات بالفعل، سيكون لدى ترامب وخلفائه مجال دبلوماسي محدود لحمل إيران على التوقف. وبدلا من ذلك، سيكون عليهم اللجوء إلى العمل العسكري، حسبما ذكرت المجلة البريطانية.
وحذر التقرير قائلًا: "ترامب لا يخوض حربًا مع إيران برفق، ولذا ستكون طهران قادرة على التقدم نحو العتبة النووية. وعلى عكس البرامج العراقية والسورية، التي دمرت في مهمة واحدة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، سيصعب محو القدرات الصناعية للإيرانيين من الوجود".
واختتم التقرير بالقول: "إذا كانت إيران مصممة على الحصول على سلاح، فسوف تضطر أمريكا أو إسرائيل إلى قصفها كل بضع سنوات. وكيف يبررون ذلك؟ من الصعب التفكير في أي رئيس أمريكي سابق ينحي جانباً اتفاقاً دولياً لمثل هذه الصعاب السيئة وبهذه التكلفة الباهظة".
فيديو قد يعجبك: