كيف تورط الشرق الأوسط في فضائح ترامب؟
كتبت- هدى الشيمي:
على مدار الأسابيع الأخيرة الماضية، نشرت الكثير من الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية والأجنبية تقارير تفيد بأن شخصيات خليجية ويهودية أمريكية من أصحاب النفوذ تدخلوا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي انتهت بفوز المُرشح الجمهوري دونالد ترامب، وعملوا على التأثير على الإدارة الأمريكية لتحقيق مصالحهم.
وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في تحليل منشور اليوم على موقعها الإلكتروني، إن الاتهامات والادعاءات أثارت الشكوك في أن هؤلاء الأشخاص دفعوا مبالغ طائلة حتى يكون لهم نفوذ سياسي في واشنطن، موضحة أن المُحقق الخاص روبرت مولر يجري تحقيقات في الوقت الحالي للتأكد من صحة هذه المزاعم.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن الاتهامات طالت العديد من الشخصيات البارزة والمرموقة في قطر والإمارات، إضافة إلى مايكل كوهين، مُحامي ترامب الخاص، وشركة إسرائيلية متخصصة في الاستخبارات الخاصة.
وحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن مولر، الذي أوكل إليه مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) مسألة التحقيق في مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية لعام 2016، مخول بالتحقيق في أي مسألة أو قضية متعلقة بترامب من قريب أو من بعيد.
وأوضحت الصحيفة أن الأدلة التي حصل عليها مولر حتى الآن لا تدين قطر أو تثبت تورطها في حملة الانتخابات الأمريكية لعام 2016، بينما هناك بعض المؤشرات على احتمالية تورط الإمارات في المسألة.
ونشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا الأسبوع الماضي، يزعم أن جورج نادر، رجل الأعمال الأمريكي اللبناني وأحد أقرب المقربين من العائلة المالكة في الإمارات، التقى ترامب ونجله دونالد ترامب الابن في برج ترامب العام الماضي، وناقش معهما بعض الأمور المتعلقة بحملته الانتخابية.
وحاولت هآرتس توضيح كيف تورطت بعض الشخصيات البارزة في قطر والإمارات وإسرائيل في الفضائح التي طالت ترامب، فيما يلي:
البداية
بدأت الأقاويل تتزايد حول تدخل بعض دول الشرق الأوسط، خاصة دول الخليج، في هذه الانتخابات الأمريكية في يونيو 2017، عندما قررت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين مقاطعة قطر، واتهموها بدعم الجماعات الإرهابية والتعاون مع إيران.
تقول هآرتس إن هذا التقرير خلق حالة انقسام في الإدارة الأمريكية، إذ رحب ترامب بهذه الخطوة فيما رفضها مسؤولون بارزون في إدارته، من ضمنهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، اللذان حذرا من أن هذا القرار سيؤثر على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وحسب هآرتس، فإن المسؤولين العرب اتبعوا نظامًا للتأثير على الإدارة الأمريكية حتى تساعدهم على تنفيذ مصالحهم، ما أدى إلى زيادة الخلافات الداخلية في البيت الأبيض، والتي أصبحت علانية مع مرور الوقت.
كيف تورط اليهود الأمريكيون في هذه المسألة؟
بدأت قطر حملة تهدف إلى تحسين موقفها أمام الإدارة الأمريكية، بالتزامن مع اشتداد الحصار وزيادة الضغط عليها، وتقول هآرتس إن الدوحة فعلت ذلك من خلال محاولة التأثير على حلفائها ومؤيديها داخل الجالية اليهودية الأمريكية.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن قطر أقنعت نيك موزين، أحد أعضاء جماعة الضغط في واشنطن والمستشار السابق للسيناتور الجمهوري تيد كروز، بالعمل لصالحها الولايات المتحدة مقابل الحصول على مئات الآلاف من الدولارات شهريا.
وساعد موزين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر على الالتقاء بقادة الجماعات اليمينية اليهودية الأمريكية، وعُقدت بعض الاجتماعات بالدوحة، وكان الهدف من كل الاجتماعات واللقاءات هو إقناع المسؤولين الأمريكيين أن قطر، التي لها تاريخ طويل في دعم وتمويل جماعات مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وغيرها، هي في الحقيقة شريك مُهم لإسرائيل، لا سيما في القضايا المتعلقة بتطوير الاقتصاد في غزة، ومنع حدوث حرب أخرى على حدود دول الاحتلال.
هل استخدمت دول الخليج الأخرى نفس الأساليب؟
تمامًا مثل قطر، لجأت السعودية والإمارات إلى جماعات الضغط للتأثير على واشنطن ومن أجل تحقيق مصالحهم، وأقاموا علاقات مع قادة الجالية اليهودية الأمريكية.
وأفادت تقارير إعلامية مؤخرا بأن جورج نادر، رجل الأعمال الأمريكي اللبناني والمستشار المقرب من قادة إماراتيين، عمل على إقناع إدارة ترامب باتباع نهج قوي مناهض لقطر، وزعمت هذه التقارير أن نادر تعاون مع الملياردير إيلوت برويدي، أحد أهم جامعي التبرعات لحملة ترامب الانتخابية.
والآن يُقاضي برويدي قطر بتهمة اختراق بريده الإلكتروني وسرقة معلومات ومراسلات خاصة به.
وتكشف بعض المراسلات المُسربة عن تعاون برويدي ونادر لإقناع ترامب وكبار مساعديه باتخاذ موقف أكثر قسوة ضد قطر.
وأوضحت هآرتس أن برويدي رجل أعمال ثري، لديه مشاريع وأعمال تجارية كُبرى تُقدر بملايين الدولارات مع الإمارات.
كيف تورط مُحامي ترامب الخاص في كل هذا؟
قبل حوالي اسبوعين، كانت الاتهامات والادعاءات الخاصة بتواصل مسؤولين أمريكيين مع دول أجنبية لمساعدة ترامب على الفوز بالرئاسة مقتصرة على سياسيين خليجيين وغيرهم من أعضاء الجالية اليهودية الأمريكية.
إلا أن الأمر تغير تمامًا بعد انتشار المزيد من التفاصيل عقب نشر المزيد من التفاصيل عن مزاعم إقامة ترامب علاقة غير شرعية مع الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز، والتي دفع لها محاميه الخاص مايكل كوهين مبلغًا قُدّر بحوالي 130 ألف دولار لضمان صمتها وعدم تحدثها عن هذه العلاقة خلال الحملة الانتخابية.
ومنذ أسبوعين فقط، نشر المُحامي مايكل أفانيتي، مُحامي الممثلة الإباحية ستورني دانيالز، صورة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، يظهر فيها مايكل كوهين وهو مع المسؤول القطري السابق أحمد الرميحي في أبراج ترامب في ديسمبر 2016.
ولفتت هآرتس إلى أن الرميحي كان يعمل مسؤولًا دبلوماسيًا بارز في السفارة القطرية في واشنطن، ثم عمل في هيئة الاستثمار الوطنية في قطر، ويعتبر من أقرب الأشخاص للعائلة المالكة، كما أنه زار واشنطن كثيرًا لحضور مناسبات تنظمها منظمات ومؤسسات مؤيدة لإسرائيل في أمريكيا، في الوقت الذي كانت تدير فيه قطر حملة للتأثير على الجالية اليهودية الأمريكية.
هل هناك أي أدلة على منح الإمارات وقطر رشوة لمسؤولين في إدارة ترامب؟
حتى الآن لا يوجد أي دليل على حدوث ذلك، ومع ذلك زعم رجال أعمال على علاقة بالرميحي أنه كانوا يتفاخر بالمبالغ التي قدمها لمايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي، ومحاولته دفع رشوة لستيف بانون، كبير المستشارين الاستراتيجيين السابقين. بيد أن الدبلوماسي القطري نفى هذه الادعاءات.
وفي الوقت ذاته لا تزال علاقته بكوهين غير واضحة.
وفيما يتعلق بالإمارات، تقول هآرتس إن روبرت مولر يحقق الآن في تصرفات جورج نادر، بصفته رجل إمارات الأول في واشنطن.
هل ستواجه قطر أو الإمارات أي عقوبات إذا ثبت تدخلها في الانتخابات الأمريكية؟
حسب هآرتس، فإن البلدين لديهما أسباب للخوف والقلق. يقاضي برودي مسؤولين قطريين،من بينهم الرميحي والشقيق الأصغر لأمير قطر، باختراق بريده الإلكتروني ونشر الرسائل والمراسلات الخاصة به في المواقع الإخبارية، وإذا ثبتت صحة الاتهامات فإن كليهما سيواجه عواقب وخيمة. وهناك ادعاءات بأن الرميحي كان يحاول رشوة مسؤولين في إدارة ترامب وهذا ما ينفيه المسؤول القطري بشدة.
وبالنسبة للإمارات، فإن الأمر يتوقف على كم المعلومات التي سيتوصل إليها فريق مولر بعد تحقيقه في أفعال نادر وبرويدي، وحتى الآن لا توجد معلومات كافية تُشير إلى أن الإمارات ستواجه عقوبات قاسية.
ما علاقة إسرائيل بهذه الأحداث؟
قالت هآرتس إن محققين من فريق مولر سافروا إلى تل أبيب لتفتيش مكتب جويل زامل، الخبير في التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي، وفحصوا الحواسيب الآلية الموجودة في مكتبه وأخذوا مجموعة من الوثائق الخاصة به، بعد أن توصلوا إلى معلومات بأنه حضر اجتماعًا مع مستشارين إماراتيين بارزين ودونالد ترامب الابن، نجل المُرشح الأمريكي وقتذاك، في أبراج ترامب، ودارت النقاشات والمحادثات في الاجتماع حول مساعدة ترامب على الفوز بالرئاسة.
وأفاد تقرير نشرته نيويورك تايمز بأن زامل التقى مسؤولين أمريكين في برج ترامب في اجتماع عُقد في 3 أغسطس 2016 في نيويورك، وهذا ما اعتبره مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) شيئًا استثنائيًا وغير طبيعي، ما دفع بعض المحققين الفيدراليين إلى الذهاب إلى إسرائيل لتفتيش مكتب زامل، ليكتشفوا أن إسرائيل ربما كان لها دور في الحملة التي ساعدت ترامب على الوصول إلى سدة الرئاسة مُتغلبًا على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وذكرت هآرتس، في تحليل نُشر على موقعها الإلكتروني أمس السبت، أن وسائل الإعلام العبرية أصبحت مُهتمة أكثر بالدور الإسرائيلي في حملة الرئاسة الأمريكية بعد نشر موقع "ولا" الإسرائيلي تقريرًا يُفيد بأن شركة "انسبيراشين" الموجودة في تل أبيب والتي يُديرها ضباط استخبارات سابقون في منظمة الدفاع الإسرائيلية وتم توظيفهم لدعم ومساعدة ترامب في الانتخابات.
ويزعم التقرير أن بن كارسون، وزير الإسكان في حكومة ترامب والمُرشح الأمريكي السابق في الانتخابات، عرض على ترامب خطة شركة انسبيراشين لتلاعب في الأصوات بالولايات المتأجرحة، وهي الولايات الأمريكية التي لا يُعرف إذا كان مواطنوها سيصوتون للديمقراطيين أم الجمهوريين.
وقال مصدر في شركة انسبيراشين لموقع ولا إن الشركة حصلت على كمية هائلة من المعلومات من سياسيين ومسؤولين كبار استخدموها في وضع استراتيجيات وشعارات تساعد ترامب، وتقضي على فرص هيلاري كلينتون في الفوز.
فيديو قد يعجبك: