إعلان

11 سبتمبر.. هل يعود تنظيم القاعدة إلى "ازدهار ما قبل الهجمات"؟

02:38 م الثلاثاء 11 سبتمبر 2018

أرشيفية

كتبت – إيمان محمود:

قبل 17 عامًا من اليوم، انطلق 19 رجلاً من تنظيم القاعدة بطائرات مدنية أمريكية، لتنفيذ خُطة المهندس المصري محمد عطا، التي غيّرت العالم بأكمله، بل غيّرت مصير التنظيم نفسه؛ فتلاميذ أسامة بن لادن لم يتوقعوا أن تزلزل توابع ضرباتهم كيان التنظيم كما زلزلت الولايات المتحدة.

في 11 سبتمبر عام 2001؛ انطلقت أربعة طائرات مدنية اختطفها أعضاء القاعدة، لتضرب الأولى البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي في منهاتن بمدينة نيويورك، وبعدها بدقائق تخترق الثانية البرج الجنوبي، أما الثالثة فاستهدفت مبنى البنتاجون، وسقطت الأخيرة في حقل بولاية بنسلفانيا قبل أن تصل إلى البيت الأبيض.

وسقط قرابة 3000 قتيل، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة، وبعد وقت قصير من الحادث وجهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة وزعيمه بن لادن.

وفي أكتوبر عام 2004، أعلن ابن لادن مسؤوليته عن الهجمات في شريط فيديو بثته قناة الجزيرة، قائلاً إنه استوحاه من الهجمات الإسرائيلية على أبراج في حرب لبنان 1982: مضيفًا "وبينما أنا أنظر إلى تلك الأبراج المدمرة في لبنان، أتى في ذهني أن نعاقب الظالم بالمثل. وأن ندمر أبراجًا في أمريكا لتذوق بعض ما ذقنا، ولترتدع عن قتل أطفالنا ونساءنا".

وفي أعقاب هذه الهجمات، قررت أمريكا الرد عسكريًا، وبدأت في إعداد قواتها للإطاحة بنظام طالبان في أفغانستان الذي اعتقدت أنه كان يأوي عناصر تنظيم القاعدة.

كانت أول القوات الأمريكية التي دخلت أفغانستان، قوات شبه عسكرية من شعبة العمليات الخاصة بوكالة الاستخبارات المركزية، وبعد ذلك بوقت قصير، قامت الولايات المتحدة وحلفائها بغزو أفغانستان، وبالاشتراك مع تحالف الشمال الأفغاني، أسقطوا حكومة طالبان.

وتسببت الحرب في تدمير معسكرات تدريب طالبان والقاعدة، وحاول كثير من مقاتلي القاعدة بعد فرارهم من مواقعهم الرئيسية، كما هرب كبار قادة القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، الذي كان يُعتبر الرجل الثاني في التنظيم.

ما بعد الهجمات

يرى مراقبون أن 11 سبتمبر مثّلت خطًا فارقًا للقاعدة، إذ أنها لم تستمر على نفس الوتيرة التي سارت عليها قبل الهجمات، وبدأت تواجه تهديدات بالقضاء عليها نهائيًا، وبعد أن قتلت القوات الأمريكية زعيم القاعدة السابق بن لادن عام 2011، لم يستطع الظواهري إنقاذ التنظيم، حتى اندلعت ثورات الربيع العربي.

يقول علي بكر، الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات، إن تنظيم القاعدة مرّ بعدة مراحل مختلفة؛ وهي ما قبل 11 سبتمبر وما بعدها، ثم ما بعد ثورات الربيع العربي التي اندلعت في نفس العام الذي قُتل فيه بن لادن.

وأكد بكر –في تصريحات لمصراوي- أن ما حدث بعد هجمات 11 سبتمبر يمثل ضربة كبيرة لتنظيم القاعدة، موضحًا أن الضربات الولايات المتحدة وحلفاءها أدت إلى تراجعه وانحساره بشكل كبير، مضيفًا "لو كانت استمرت الولايات المتحدة في هذا النهج لكانت انتهت القاعدة أو انحسرت بشكل أكبر مما هي عليه الآن".

وبحلول نهاية عام 2004؛ أعلنت حكومة الولايات المتحدة أن ثلثي قادة تنظيم القاعدة في الفترة من عام 2001، تم القبض عليهم من قبل القوات شبه العسكرية بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ومنهم رمزي بن الشيبة وعبد الرحيم النشيري، وأبو زبيدة، وخالد شيخ محمد وسيف الإسلام المصري.

من جانبه، يقول محمد أبو سمرة، المتخصص في شؤون الحركات الجهادية، إن بن لادن لم يتوقع أن اللايات المتحدة ستقرر الانتقام بهذه البشاعة والدموية سواء في أفغانستان أو العراق، أو بعد ذلك حينما قررت تتبع أفراد التنظيم في باكستان واليمن وجميع انحاء العالم.

وأضاف أبو سمرة، أن أمريكا استطاعت أن تُحجّم تنظيم القاعدة وانتشاره في العالم –بمساعدة مخابرات عدة دول- فمنذ ذلك الحين أي انتماء أو اشتباه في انتماء لتنظيم القاعدة يتم القضاء عليه، بهدف تجفيف منابع الجهاديين.

مكاسب مؤقته

أشار أبو سمرة –في تصريحاته لمصراوي- إلى أن تنظيم القاعدة استطاع تحقيق بعض المكاسب القليلة من وراء هجمات "سبتمبر الأسود".

وأوضح أن الإيجابيات، تمثلت في تغير تكتيك الحركة في استهداف خصومها بطريقة شديدة التأثير، مضيفًا "يكفي أن يُقال إنه لأول مرة في تاريخ أمريكا تُضرب في عُقر دارها، فلم تُضرب أمريكا في عُقر دارها من أيًا من خصومها".

كما لفت إلى أن تنظيم القاعدة استطاع أن يُنفذ خطته في عملية غير مُكلفة ولا تحمل أي نوع من الأسلحة، وهذه هي النقطة الإيجابية التي رفعت أسهمه كتنظيم جهادي وساهم في انتشار فكره وتوسعه في العالم وخاصة لدى بعض مسلمي الغرب.

ثورات الربيع العربي

تسببت ثورات الربيع العربي في اندلاع الفوضى في بعض دول المنطقة، ما جعلها أرض خصبة لترعرع التنظيمات الإرهابية والتي كان على رأسها تنظيم القاعدة، الذي استطاع التوسع بشكل كبير في معاقله في سوريا واليمن على الأخص.

الباحث علي بكر، يرى إن ثورات الربيع العربي "منحت قُبلة الحياة للقاعدة مرة أخرى" بسبب انهيار الأنظمة والأمن الحدودي، على حد تعبيره، مؤكدً أن التنظيم الآن استطاع استعادة نشاطه من جديد، بل أصبح أقوى مما كان عليه قبل 11 سبتمبر في بعض المناطق.

واستطرد "الحالة السورية خلقت جبهة النُصرة وهي فرع كبير للقاعدة، كما تمدد التنظيم في اليمن بسبب الانقلاب الحوثي، فيما تنشط القاعدة بشكل كبير في منطقة الساحل والصحراء، وأصبحت قوى كبيرة".

ورُغم أن أبو سمرة المتخصص في شؤون الجهادية، ذكر أن خسائر القاعدة كانت أكبر من مكاسبها، إلا أنه اتفق على أن ما تشهده المنطقة في الوقت الحالي سيغير ما آل إليه وضعها، ويعيد رونقها مرة أخرى.

وأكد أبو سمرة أن الأخطاء الكارثية التي ارتكبها تنظيم داعش عادت بنجاح كبير على فكر تنظيم القاعدة.

فيديو قد يعجبك: