إعلان

مواجهة "فريدة".. حكاية طالبة تغلبت على التنمر واستقبلت رسالة اعتذار

03:35 م الأحد 09 سبتمبر 2018

فريدة هشام واجهت المتنمرين عليها بالمحبة والصداقة

كتبت-إشراق أحمد:

رغم صغر عمرها، الذي لم يتجاوز حينها 15 عامًا، لكنها قررت أن تواجه من سببوا لها أذى نفسي، وأن تسلك الطريق الأصعب وترى ما فيهم من ود وتصادقهم.

مع دخول فريدة هشام العشماوي المرحلة الثانوية، تعذر استمرارها في مدرستها الدولية التي أمضت فيها 8 أعوام بمنطقة التجمع الخامس. انتقلت الفتاة إلى مدرسة بمنطقة الزمالك لتقترب من منزلها في المنيل، ومع تغيير المكان تبدل الحال بفريدة.

تتمتع فريدة بشخصية اجتماعية "بتكلم مع كل الناس وبتعرف على أي حد"، ورغم حزنها على فراق أصدقائها ومدرستها التي كانت بمثابة منزلها الثاني، لكنها ظنت أن آخر ما يشغلها التعامل مع الرفقة الجديدة، غير أنها اصطدمت بواقع زملائها "كانوا مبيتكلموش معايا وكنت منعزلة وده مش شخصيتي خالص".

لفظ الطلاب الفتاة الجديدة حتى مع محاولاتها لكسر الجليد والحديث معهم "كنت بحاول بكل الطرق أقول لهم أنا عادية والله بس دي شخصيتي بتعرف على الناس بسرعة".

لم يكن الأمر طبيعياً، يوم تلو الآخر، تدرك فريدة أن عزلتها متعمدة من قِبل زملائها، حاولت تجاوز الواقع بصداقة الأكبر منها عمرًا، ورغم نجاحها في ذلك، لكنه فتح أبواب التنمر على مصراعيها، قادتها فتاة مشهورة بالسيطرة، توالى التعدي على فريدة بكلمات حادة مثل "أنت المفروض متكونيش هنا معانا"، ونشر إشاعات باطلة بأنها تُجري عمليات تجميل لجسدها لتبدو أكبر من عمرها، ومن ثم تصادق الطلاب في الصفوف المتقدمة بالعمر.

ذبلت فريدة، تبدلت من طالبة مفعمة بالنشاط والحيوية، تطمح لمزيد من ممارسة الأنشطة في مدرستها الجديدة إلى فتاة حزينة "كل يوم كنت أروح البيت أعيط وألوم ماما أنها نقلتني من مدرستي القديمة".

ضاقت نفس الطالبة، بات الذهاب إلى المدرسة مشوارًا ثقيلاً، حتى ساء مستواها الدراسي، خاصة أنها ما سلمت من المضايقات في المنزل "كانوا في ناس تتعمد يكتبوا كلام سيء لما أنزل صورة أو اكتب بوست على فيسبوك".

لم تكن فريدة تعلم أن ما يحدث لها يسمى تنمر، كما أن غربتها عن المكان جعلها لا تفكر في الحديث إلى المدرسين، لكن ذات يوم عادت الفتاة إلى المنزل باكية كعادتها، حكت لابنة خالها، التي كانت تقضي معها بعض الأيام ما يجري لها، أخذت الشابة التي تكبرها بثمانية أعوام تدعمها وتشد من أزرها، كانت السنة أوشكت على الانقضاء. هدأت فريدة وحدثت نفسها "هفضل كده في الحالة دي كتير واعيش دور الضحية وأخسر مستقبلي وحياتي".

حسمت الفتاة أمرها "أنا بحب الحياة ومش هستسلم"، ووجدت الحل حين رأت إحدى تلك الزميلات تبحث عمن يساعدها في تحسين الإنجليزية "لقيت أني ممكن أساعدها ونتعرف عل بعض ونبقى صحاب"، وكذلك فعلت مع مَن يتنمروا عليها، تتبادل معهم ما تجيد وتخبرهم أن يشاركوها هم أيضاً تفوقهم فيما يهوون.

نجح دفع فريدة بالتي هي أحسن، وبين ليلة وضحاها أصبح لها صداقات داخل الفصل، وقلت المضايقات إلا من الطالبة "قائدة التنمر"، غير أن التفاف الكثير حول فريدة حصنها من الأذى، بل صارت الفتاة ذاتها تحاول منع الضرر عن الطلاب الجدد ممن تتعرض له تلك الزميلة.

"كنت أروح أقول لها متضايقهمش لأنهم بكرة يخلوا الناس تحبهم ويبقوا أفضل وفي نفس الوقت كنت أدعمهم عشان ميتأشروش زيي" تحكي فريدة عن لحظات حديثها إلى زميلتها المتنمرة، وما كان ينتابها من خوف بينما تتقدم نحوها، متذكرة النظرة الجافة لتلك الفتاة في كل مرة تتكلم معها، لكن فريدة تعلمت المواجهة.

مرت الأعوام، تخرجت فريدة في المرحلة الثانوية، انتقلت للحياة الجامعية، وارتبطت أكثر بمدرسة الزمالك، حتى أنها التحقت بالجامعة التابعة لها. ورغم أنها لم تنس أن عامها الأول بها كان الأسوأ في حياتها، لكن نظرتها له تبدلت "اللي اتعرضت له خلاني أغير تفكيري وحياتي". زاد شغف فريدة لفعل أشياء مختلفة تدعم شخصيتها، استعادت حياتها بقوة، لكنها رفضت أن تنحصر في الدراسة، فقررت التطوع والسفر إلى الهند.

1

شهر ونصف أمضتهما في تعليم الإنجليزية لأطفال إحدى القرى في الهند. عادت منها بشيء من الإشباع لولعها بالسفر، وانطلقت نحو خطوة جديدة، بإنشاء صفحة لها على موقع "انستجرام" للصور، أخذت تشارك عليها تجاربها في السفر والتطوع في أماكن عدة داخل مصر وخارجها، أرادت أن تنقل جانب من حياتها بشكل مصور "أحنا دايما بندور في حياتنا على اللي بنعرف نعمله فقلت يمكن أقدر أساعد حد زيي بيدور على شيء مفيد يعمله".

تناغمت فريدة مع صفحتها، دون أن تعلم أنها ستكون نافذة تبقيها على وصال مع الماضي؛ قبل نحو 6 أشهر استقبلت رسالة ضمن ما يصلها من متابعين بينهم أصدقاء وآخرين لا تعرفهم. لكن اسم صاحب الكلمات كان وقعه غريب؛ أرسلت لها الفتاة، أكثر من سبب لها أذى في المدرسة، رسالة اعتذار ودعم لها.

تفاجأت الشابة ذات العشرين عامًا بالأمر، لكنها كانت تجاوزت ما حدث ففتحت نفسها للكلمات "قالت أنها كان عندها مشاكل وقتها وأنها متابعاني وأني استمر في اللي بعمله ومتسمعيش لأي حد يقولي كلام سيء ويحاول يوقفني".

سعدت فريدة برسالة زميلتها التي كانت "متنمرة"، بل شكرتها على ما فعلت، فباتت الشابة بعد مرور السنوات على يقين أن تلك الفتاة كانت سببًا في تعليمها القدرة على مواجهة أي سوء يعرقل سيرها "بقيت بعرف أرد دلوقت على الناس اللي تتنمر عليا أو تقول لي كلام سيء. خلاص عرفت أتعامل بعد ما كنت بسكت"، فيما اكتسبت قيمة جديدة في الحياة "اكتشفت أن السعادة اللي كل الناس بتدور عليها بتحصل لما نكون مفيدين".

تابع موضوعات الملف:

بعد محاولته الانتحار.. مصطفى يقود مبادرة ضد التنمر في المدارس

1

التنمّر على كل شكل ولون.. ذكريات المدرسة "مش وردية"

2

حقائق حول التنمّر (فيديو جراف)

3

"إنتوا جايين بلدنا ليه؟".. سوري وسوداني يواجهان التنمّر داخل المدارس المصرية

4

"انتوا بنات ملجأ".. حكاية 3 فتيات عانين من التنمّر

5

حائط صد.. الأهالي ساندوا أولادهم لمقاومة العنصرية في المدارس

6

"كنت متنمرًا".. نورهان أوشكت على الوقوع في فخ الأذى

7

روشتة "إخصائي اجتماعي مثالي" لمواجهة الأذى النفسي في المدارس

8

"الحل عند الآباء".. كيف نتعامل مع الطفل المتنمّر؟

10

"لسانك حصانك".. التنمّر دفع أحمد وكريم لكراهية المدرسة

11

بعد حملة "التعليم".. قصص "التنمر" ضد مسيحيين في المدارس

2018_9_10_21_15_3_642

فيديو قد يعجبك: