المفتي: ليس مطلوبًا من الإنسان أن يثبت إيمانه كل لحظة لمن يفتشون في النيات
كـتب- علي شبل:
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إنه ليس مطلوبًا من الإنسان أن يثبت إيمانه كل لحظة لمن يفتشون في النيات من الذين يهتمون بالتدين الظاهري والشكلي، فالتدين والإيمان لله عز وجل، ويقول في ذلك سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]، وكذلك قوله عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5].
جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن المنظومة الإسلامية تركز على الجوهر وليس لها ارتباط كبير بالشكل؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"، والمسلم المتدين الحقيقي كذلك شخصيته واحدة في العلن والخفاء، فلا يستغل جانبًا لتحقيق مصلحة ما، ولذلك كان الإنسان المستغل لحاجة الناس عن طريق الدين، غاشًّا للناس.
وتعجَّب مفتي الجمهورية من أصحاب التدين الشكلي الذين يزعمون الاختصاص بالحق من دون سائر الخلق، رغم أن شريعة الإسلام تشهد للأمة كلها بالخيرية؛ فجماعات التشدد تخص نفسها بالهداية والاستقامة، وترمي الناس بالزيغ والهلاك والخطأ.
وعن الإنكار على الأمور المختلف فيها، قال فضيلته: لقد قرر العلماء عدة قواعد علمية وقيمًا أخلاقية متنوعة للتعامل مع هذا الجانب المهم، يأتي على رأسها: عدم الطعن في المخالف واحترامه وإنزاله منزلته اللائقة؛ فقاعدة "لا إنكار في المختلف فيه" قاعدة ثابتة في وجدان الراسخين من علماء المدارس الفقهية على تنوع مشاربهم وشدة اختلافهم؛ وبهذا مثلت مظهرًا من مظاهر التعاون والتكامل الاجتهادي والأخوة في الدين منذ صدْر الأمة الأول، وقد اقتضت تلك القيم الحضارية الأدبَ مع المخالف وعدم التقليل من قيمة اجتهاده.
وأضاف مفتي الجمهورية أن اهتمام الإسلام بالقلب يعطي انطباعًا راسخًا أنه يهتم بالجوهر أولًا، أما الظاهر والشكل فإنما هو ترجمة عما وقر في القلب، فالمظهر ينبغي أن يكون متوافقًا مع ما استقر في النفس أما إذا كان التدين منفصلًا عن الجوهر فإنما يعبر عن خلل؛ وعندما ننظر في القرآن الكريم والسُّنة المطهرة وفي مسلك الرسول الأمين والصحابة الكرام نلحظ أن التركيز إنما يكون على القلب أولًا، وهذا ليس غريبًا على الإسلام فهذا ملاحظ في تعاملات الصحابة (رضوان الله عليهم) مع الرسول صلى الله عليه وسلم فنجد عناصر الروح والمشاعر والوجدان حاضرة في معالجة القضايا، ولذا فالإسلام يركِّز على ما في داخل الإنسان من اطمئنان القلب.
وأشار فضيلته إلى أن أصحاب التدين الشكلي يرفضون التنوع، مشيرًا إلى أن الاختلاف سُنة كونية يقف العالم أمامه مبهورًا نظرًا لهذا التنوع والتعدد، وهو أمر مشروع لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}، وفي قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}، فالاختلاف ليس شرًّا بل هو سنة كونية، وهذا التنوع مقصود في الخلق ومن ثم لا بد أن تتعدد الرؤى والأفكار.
اقرأ أيضًا:
فيديو صادم- معتمرون يقطعون كسوة الكعبة ويسرقون أحبالها
فيديو قد يعجبك: