ما الحكم فى الدعاء لغير المسلم؟
أنا ألماني مسلم، إلا أن أبي المتوفى قريبًا لم يكن مسلمًا، ولكنه كان رجلا حسنًا جدًّا، وكان دائمًا لا ينوي إلا الخير وفعله، إنه قد عاش حياته كأنه مسلم، غير أنه لم يعتنق الإسلام. وحيث إني أحبه جدًّا وأوقره نظرًا لسلوكه المثالي، فأريد أن أدعو له، غير أن بعض الإخوة الأتراك أخبروني بأن القرآن يحرم الدعاء لغير المسلم. ولكن على الناحية الأخرى فإن القرآن يرشد المسلم بأن عليه أن يكون دائما برًّا بوالديه، وحتى وإن لم يكونا مسلمَين. والدعاء هو أفضل شيء يمكن أن يفعله المسلم تجاه شخص ما. وقد قرأت أيضًا حديثًا فيه أن المسلم سيكون في الجنة، مع من يحب أن يكون معه، وأنا أود أن أكون في الجنة مع والدي الذي أحبه، فماذا ينبغي علي أن أفعله؟
تجيب لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:
أيها الأخ الكريم... الله تعالى أرحم بعباده من أنفسهم، وقد وصف الله تعالى حبيبه المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه رحمة للعالمين جميعًا، وأنه على خلق عظيم، وقد كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يحب مكارم الأخلاق، ويمدح فاعلها حتى ولو لم يكن مسلمًا؛ فلما أُتِي بسبايا طَيِّئ كانت ابنة حاتم الطائي في السبي وكان أبوها مشهورًا بالكرم ومكارم الأخلاق؛ فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «خَلُّوا عَنْهَا؛ فَإِنَّ أَبَاهَا كَانَ يُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ، وَالله تَعَالَى يُحِبُّ مَكَارِمَ الأخْلاق، فقام أحد الصحابة، وقال: يا رسول الله! والله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَحَدٌ إِلَّا بِحُسْنِ الخُلُقِ» أخرجه البيهقي من حديث علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-.
وأحكام الدنيا تختلف عن أحكام الآخرة، فقد يُحكَم على الشخص في الدنيا ظاهرًا بكونه كافرًا؛ لأنه لم يدخل في الإسلام، وقد لا يكون صدر منه تكذيب للإسلام أصلًا، وهذا الحكم لا يستلزم بالضرورة أن يكون المحكوم عليه بالكفر ظاهرًا من أهل النار فضلًا عن أن يخلد فيها؛ فقد يكون معذورًا عند ربه سبحانه لعدم وصول الإسلام إليه بطريقة لافتة للنظر، أو لعدم قيام الحجة عليه، فيكون من أهل الامتحان في عرصات القيامة، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ}.. [التوبة: 113]، فأناط حرمة الاستغفار بكون المستغفَر له قد تبين أنه من أصحاب الجحيم، ومفهوم ذلك أنه إذا لم يتبين للمستغفِر ذلك فلا مانع من الاستغفار، وأيضًا فإنه يمكن الدعاء بما لم يتبين للداعي حصولُه للكافر؛ كالتخفيف عنه لو كان من أهل النار؛ فقد ورد أن بعض أهل النار يخفف عنهم ببركة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-؛ فلا حجر على الطمع في كرم الله تعالى بل ذلك أمر مشروع، ولذلك فلا مانع من أن تدعو لأبيك لعل الله تعالى يرحمه ويشفعك فيه.
والله سبحانه وتعالى أعلم
فتاوى متعلقة:
- ما حكم النظر إلى السماء عند الدعاء؟
- بالفيديو.. ما هو الوقت الذى يتجلى الله لعباده فى السماء الدنيا فيه؟
فيديو قد يعجبك: