ما بيان الحكم الشرعى فى إطالة خطبة الجمعة؟
طلب من خطيب الزاوية التي يصلى بها بأن يقصر في الخطبة؛ لأنه رجل مسن عمره 80 عاما، ويستند على عكازين، فرد عليه الشيخ وقال له: ليس لك صلاة، ودعنا نعلم الناس، علما بأن السائل يقرر بأن خطبته تمتد أكثر من ساعة، ويقرر أنه تعرض للإهانة من ذلك الشيخ تمس شخصه.
ويطلب: هل من حق خطيب هذه الزاوية طرد شيخ مسن من مسجد لمجرد أنه طلب سرا منه عدم إطالة الخطبة لأكثر من ساعة رحمة بالمسنين والمرضى؟ وهل يحق لهذا الخطيب إهانة مسن والاستهزاء بمصل جاء إلى بيت الله يرجو رحمته ورضاه؟ وهل جعلت المساجد لذكر الله وعبادته أم للمجادلة والاستهزاء بكبار السن؟ وهل طلب التخفيف يوقف تعليم الناس كما اتهمه الإمام المذكور بأنه يقف عقبة في تعليم الناس؟ وبيان الحكم الشرعي.
يجيب الدكتور نصر فريد واصل - مفتى الجمهورية الأسبق-:
أجمع العلماء على أن صلاة الجمعة فرض عين، وأنها ركعتان؛ لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ..[الجمعة : 9]، وأن صلاة الجمعة تجب على المسلم الحر البالغ العاقل المقيم القادر على السعي إليها الخالي من الأعذار المبيحة للتخلف عنها، وأما من لا تجب عليهم صلاة الجمعة فمنهم المرأة والصبي، وكذلك المريض الذي يشق عليه الذهاب إلى الجمعة، أو يخاف زيادة المرض، أو بطأه، أو التأخير في شفائه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة وهم: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض» وكذلك المسافر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره، وكذلك المدين والمعسر والذي يخاف الحبس؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له، إلا من عذر» قالوا يا رسول الله: وما العذر؟ قال: «خوف أو مرض» رواه أبو داود بإسناد صحيح، وكل هؤلاء لا جمعة عليهم، وإنما يجب عليهم أن يصلوا ظهرا، ومن صلى منهم الجمعة صحت منه وسقطت عنه فريضة الظهر، وبناء على ذلك فحيث إن الشيخ المسن قام بالذهاب إلى المسجد، وصلى الجمعة صحت منه، وسقطت عنه فريضة الظهر، وأخذ ثواب الجمعة والجماعة، ويستحب للإمام أن يقصر الخطبة، ويهتم بها؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «أطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة»، وألا يكون التطويل يشق على المسلمين، ولا يضرهم، ويندب للإمام أن يخفف الصلاة بالمأمومين؛ لحديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء» هذا بيان الحكم الشرعي.
أما بالنسبة لباقي الأسئلة كطرد شيخ مسن من مسجد لمجرد أنه طلب من الإمام سرا بينه وبين الإمام عدم إطالة الخطبة، أو إهانته والاستهزاء بمصل جاء إلى بيت الله وغير ذلك نفيد بالآتي: إذا ما ثبت ذلك، وكان الحال كما ورد بالسؤال فذلك غير جائز شرعا؛ لأنه لا يجوز لمسلم طرد مسلم من مسجد، ولا إهانته ولا الاستهزاء بأي مصل ولو بكلمة نابية، وأن المساجد لله وخصصت للعبادة، وأن طلب التخفيف في الصلاة وفي الخطبة لا يكون عقبة في سبيل تعليم الناس،
وأن تعليمهم أيضا يكون بالدروس في المساجد، وبالوعظ والإرشاد، وبقراءة الكتب الدينية، ويجب أن يكون الرد على المصلين بالقول الحسن، وبالكلمة الطيبة، والمعاشرة الجميلة، وتبادل المصالح، والتعاون على البر والتقوى، ويدعو إلى السلام، قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ .. [النحل : 125]، وأن العلاقة بين الإنسان وأخيه علاقة سلام وأمان؛ لأنه يحس بإحساسه، ويشعر بشعوره «مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».ومما ذكر يعلم الجواب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
فتاوى متعلقة:
- بالفيديو.. من هم الأشخاص الذين لا تجب عليهم صلاة الجمعة؟
- ما حكم تكرار صلاة الجمعة فى مسجد واحد نظرا لضيق المكان؟
فيديو قد يعجبك: