ما حكم رجوع الزوج عما وهبه لزوجته؟
ابنتي متزوجة منذ عشر سنوات، ومنذ شهرين ونصف قال لها زوجها: "أنتِ طالق أنتِ طالق"، ثم ترك الشقة وأخذ علبة الذهب الخاصة بها والتي تحتوي على الذهب الذي اشتراه لها أثناء العشرة الزوجية خاصة عندما كانا سويًّا في إحدى دول الخليج عندما كانت توفر من المصروف وتعطيه له ويكمل ويشتري لها ذهبًا. وعند مطالبته به رفض وقال إنه كان يشتريه لها بنية مؤخر الصداق، علمًا بأنه لم (يعلمها) بذلك أثناء العشرة الزوجية. فما حكم الشرع في ذلك؟
يجيب الدكتور علي جمعة - مفتى الجمهورية السابق -:
من المقرر شرعًا أن الهبة عقد مالي ينعقد بالإيجاب والقبول ويصير لازمًا بالقبض من الموهوب له، وليس للواهب أن يرجع في هبته إلا بعذر مقبول ما لم يكن والدًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ)) رواه الخمسة وصححه الترمذي والحاكم، وقد نص السادة الأحناف على أن الزوجية مانع من موانع الرجوع في الهبة، وبذلك أخذ القانون المدني المصري في مادته 502 التي نصت على أنه: "يرفض طلب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية: ... إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للآخر ولو أراد الواهب الرجوع بعد انقضاء الزوجية".
وبناء على ذلك: فبشراء الزوج الذهبَ لزوجته وتسليمه لها على أنه هبة لها أصبح الذهب ملكًا لها، فإذا عاد الزوج بعد ذلك وادعى أنه إنما كان يشتريه بنية مؤخر الصداق فإن دعواه هذه غير مسموعة؛ لأن الهبة قد لزمته بالإيجاب منه والقبول والقبض منها، والنية أمر باطن لا يُطَّلَعُ عليه فجُعِل الإيجاب والقبول دليلا عليها ومُظهرًا لها، وأصبحت صحة العقد ونفوذه منوطين بالإيجاب والقبول الظاهرين لا بالنية الباطنة، وإلا لاضطربت أحوال الخلق وضاعت حقوق الناس.
وجَعْلُ الزوج هذا الذهب هو مؤخر الصداق قسرًا أمر لا يصح؛ لأن مؤخر الصداق جزء من المهر، وهو دَيْن على الزوج تستحقه الزوجة بأقرب الأجلين الطلاق أو الوفاة، والدَّيْن لا يسقط إلا بالأداء أو بالإبراء، والأداء لا يصح إلا بمال يملكه الزوج، والإبراء لا يكون إلا بطيب نفس من الزوجة كما قال تعالى: ﴿وَآتُوا لنِّسَاءَ
صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾.. [النساء: 4].
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: إذا كان الحال كما ذُكِر به فإن الذهب حق خالص للمرأة وليس للرجل أن يأخذه منها رغمًا عنها أو يجعله مقابل مؤخر الصداق على كره منها.
والله سبحانه وتعالى علم.
فتاوى متعلقة:
- ما الحكم الشرعي في زكاة الحلي المستعمل للزينة؟
فيديو قد يعجبك: