إعلان

رفقا بوالديك !

05:38 م الخميس 20 مارس 2014

كتبت – سارة عبد الخالق – 

ما لبث أن عاد إلى منزله بعد يوم طويل قضاه مع أصدقائه في مرح وسعادة، وعلامات الحزن والضيق تظهر على وجهه، ويرد على كل من يتحدث معه بطريقة سيئة وغير لائقة!

أما هي فظلت تتحدث هاتفيا مع صديقتها ما يقرب من ساعتين متواصلتين.. وما إن انتهت من مكالمتها إلا بدأت تتضجر وتتضايق إذا طلب منها شىء لفعله، والوجه الممتلىء بعلامات السعادة والضحك أصبح يكسوه الحزن والعبس !

في حين وجد آخر زوجته متضايقة وتتأفف وأصبح وجودهما عبأ عليه وعليها.. فقرر أن يتخلص من الحمل الثقيل الذي أثقل ظهره.. وذهب بهما إلى مكان آخر!

أنماط كثيرة قد نراها من حولنا.. وقد تتفاجىء إذا كنت أنت واحد من هؤلاء، منذ أن رأت عيونك النور لأول مرة، ومنذ نعومة أظافرك، لم تجدهما إلا بجانبك.. يفرحان بوجودك معهما.. يتألمان لألمك.. يسعان ويسهران من أجل راحتك.. !!

ولكن الآن ماذا حدث ؟! أكبرت وأصبحت لاتحتاج إليهما ؟!

إذا كنت تظن ذلك.. فاعذرني إذا قلت لك أنك مخطىء.. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: أقبل رجل إلى نبي الله – صلى الله عليه وسلم - ، فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى. قال: (فهل من والديك أحد حي؟) قال:  نعم بل كلاهما قال: (فتبتغي الأجر من الله تعالى؟) قال: نعم. قال: (فارجع إلى والديك، فأحسن صحبتهما) – متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.

فصحبة والديك في الدنيا معروفا.. أفضل من الجهاد في سبيل الله، وسبب لنيلك الأجر العظيم والثواب الكبير من الله – عز وجل -، بر والديك واجب عليك، فلاتجزع منه، واعلم أن: - كرم الله – عز وجل – الوالدين وجعل برهما في المرتبة الثانية بعد عبادته وحدته لاشريك له: قال الله تعالى في سورة النساء ( آية: 36): {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا * وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ * إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}.

كذلك قوله تعالى في سورة الإسراء (من آية 23 - 25): {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا}.

- وصى الله تعالى في كتابه الكريم بضرورة الإحسان إلى الوالدين: وتأتي هذه الوصية واضحة في قوله تعالى من سورة الأحقاف (آية: 15):  {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

- عقوق الوالدين من الكبائر: واتضح ذلك في عدة أحاديث رويت عن رسولنا الكريم صلوات الله عليه، منها:  عن أبي بكرة نفيع بن الحارث – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟) ثلاثا قلنا: بلى يارسول الله: قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين) وكان متكئا فجلس، فقال: (ألا وقول الزور وشهادة الزور) فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. – متفق عليه.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس) – رواه البخاري.  [اليمين الغموس:التي يحلفها كاذبا عامدا].

وعنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (من الكبائر شتم الرجل والديه) قالوا: يارسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟، قال: (نعم، يسب أبا الرجل، فيسب أباه ، فيسب أمه، فيسب أمه) – متفق عليه.

- بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله تعالى: فعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: (الصلاة على وقتها) قلت: ثم أي؟ قال: (بر الوالدين) قلت: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) – متفق عليه.

- برهما سببا من أسباب دخولك الجنة: فعن أبي هريرة – رضي الله عنه -  عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كلاهما، فلم يدخل الجنة) – رواه مسلم.

- أنهما أحق الناس بحسن صحبتهما: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -  قال جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟:  قال: (أمك)  قال: ثم من؟  قال: (أمك)  قال: ثم من؟  قال: (أمك) قال: ثم من؟  قال: (أبوك) – متفق عليه.

فاجعل والديك تاج على رأسك كما جعلاك في صغرك.. اعمل دائما على برهما..  احسن صحبتهما.. تبسم في وجههما.. ادخل السعادة على قلبهما.. فرضاهما عليك سيفتح لك أبواب خير كثيرة ..

وإذا مازالا على قيد الحياة فاحمد الله.. واذهب الآن وقبل أيديهما.. واطلب منهما أن يسامحاك على أي فعل أو قول بدر منك وأحزن قلبهما..

وإذا توفيا.. فادعو لهما.. وخصص لهما صدقة جارية تنقعهما في قبرهما، فقد يكون برك لهما بعد موتهما سببا في دخولهما الجنة،  فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة،إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له). – رواه مسلم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان