إعلان

من هو الصحابي الذي قال عنه النبي وعدني فأوفى؟

02:59 م الأحد 27 مارس 2016

من هو الصحابي الذي قال عنه النبي وعدني فأوفى؟

 

بقلم – هاني ضوَّه :

كان من رجال قريش القلائل الذين يشتهرون بالمال والأمانة وتعدد تجاراتهم فقد كان صاحب رحلتين إلى الشام، رحلة الشتاء، ورحلة الصيف، وكانت قافلته تضم مئة من الإبل، ومئتين من الرجال، من أضخم القوافل، وكل رحلة فيها مئة بعير عليها الأحمال، مع مئتي رجل يرعون هذه الأحمال.

أمه هي هالة أخت أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهي التي توسطت له عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليزوجه ابنته "زينب" وذلك قبل الوحي، فزوجه لها، فصار بذلك صهرًا لخير خلق الله.

إنه الصحابي الجليل أبو العاص بن الربيع، الذي لم يمض إلا سنوات قليلة على زواجه من السيدة زينب ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبدأ النبي في دعوة الناس إلى الإسلام، فكان أول من آمن به من النساء السيدة خديجة، وأول من آمن به من بناته سيداتنا زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.

وكان حينها أبو العاص مسافرًا ولما عاد قالت له زينب: عندي لك خبر عظيم. فقام وتركها. فاندهشت زينب وتبعته وهي تقول: لقد بعث أبي نبياً وأنا أسلمت. فقال: هلا أخبرتني أولاً؟

فقالت له: ما كنت لأُكذِّب أبي. وما كان أبي كذاباً. إنّه الصادق الأمين. ولست وحدي. لقد أسلمت أمي وأسلم إخوتي، وأسلم ابن عمي علي بن أبي طالب، وأسلم ابن عمتك عثمان بن عفان، وأسلم صديقك أبو بكر.

فقال: أما أنا لا أحب الناس أن يقولوا خذّل قومه، وكفر بآبائه إرضاءً لزوجته، وما أباك بمتهم. ثم قال لها: فهلا عذرت وقدّرت؟ فقالت: ومن يعذر إنْ لم أعذر أنا؟ ولكن أنا زوجتك أعينك على الحق حتى تقدر عليه، ووفت بكلمتها له 20 سنة.

وظل أبو العاص على كفره. ثم جاءت الهجرة، فذهبت زينب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، أتأذن لي أنْ أبقى مع زوجي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبق مع زوجك وأولادك، ولم يكن التشريع قد نزل بعد بالتفرقة.

وظلت بمكة إلى أنْ جائت غزوة بدر، وخرج زوجها مضطرًا لقتال النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين، وحينها وقع أبو العاص أسيرًا للمسلمين، وبعت قريش لتفتدي أسراها، وقامت الزوجة الوفية زينب بإرسال فدية لإفتداء زوجها، ولم يكن لديها شيئًا ثمينًا تفتدي به زوجها، سوى عقد اهدتها إياه أمها السيدة خديجة رضي الله عنها في زفافها فخلعته وأرسلت العقد مع شقيق أبي العاص بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وحين رأى عقد السيدة خديجة سأل: هذا فداء من؟، قالوا: هذا فداء أبو العاص بن الربيع. فبكى النبي وقال: هذا عقد خديجة. 

ثم نهض وقال: "أيها الناس..إنّ هذا الرجل ما ذممناه صهراً فهلا فككت أسره؟ وهلا قبلتم أنْ تردوا إليها عقدها؟ فقالوا نعم يا رسول الله، ونعمت عين يا رسول الله.

فأعطاه النبي العقد، ثم قال له: قل لزينب لا تفرطي في عقد خديجة.

وقال النبي: يا أبا العاص إنّ الله أمرني أنْ أُفرِّقَ بين مسلمة وكافر، فهلا رددت إلى ابنتي؟ فقال: نعم، وعاهده على ذلك.

وبالفعل عاد أبو العاص إلى مكة واخبر زوجته زينب بالذي كان، وطلبت منه أن يرجع معها للمدينة ويسلم فرفض، فغادرت إلى المدينة وظلت تنتظر ست سنوات، وفي يوم جاء أبو العاص إلى المدينة وطرق باب زينب، سألته حين رأته: أجئت مسلماً؟ قال: بل جئت هارباً. فقالت: فهل لك إلى أنْ تُسلم؟ فقال: لا. قالت: فلا تخف. مرحباً بابن الخالة. مرحباً بأبي علي وأمامة.

وبعد أن أمّ النبي المسلمين في صلاة الفجر، إذا بصوت يأتي من آخر المسجد: قد أجرت أبو العاص بن الربيع. فقال النبي: هل سمعتم ما سمعت؟

قالوا: نعم يا رسول الله. قالت زينب: يا رسول الله إنّ أبا العاص إن بعُد فابن الخالة وإنْ قرب فأبو الولد وقد أجرته يا رسول الله. 

فوقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقال: يا أيها الناس إنّ هذا الرجل ما ذممته صهراً. وإنّ هذا الرجل حدثني فصدقني ووعدني فوفّى لي. فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله وأن تتركوه يعود إلى بلده، فهذا أحب إلي. وإنُ أبيتم فالأمر إليكم والحق لكم ولا ألومكم عليه.

فقال الناس: بل نعطه ماله يا رسول الله. فقال النبي: قد أجرنا من أجرت يا زينب. ثم ذهب إليها عند بيتها وقال لها: يا زينب أكرمي مثواه فإنّه ابن خالتك وإنّه أبو العيال، ولكن لا يقربنك، فإنّه لا يحل لك

فقالت نعم يا رسول الله.

فدخلت وقالت لأبي العاص بن الربيع: يا أبا العاص أهان عليك فراقنا. هل لك إلى أنْ تُسْلم وتبقى معنا. قال: لا. وأخذ ماله وعاد إلى مكة. 

وعند وصوله إلى مكة وقف وقال: أيها الناس هذه أموالكم هل بقى لكم شيء؟ فقالوا: جزاك الله خيراً وفيت أحسن الوفاء. قال: فإنّي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ثم دخل المدينة فجراً وتوجه إلى النبي وقال: يا رسول الله أجرتني بالأمس واليوم جئت أقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

وقال أبو العاص بن الربيع: يا رسول الله هل تأذن لي أنْ أراجع زينب؟ فأخذه النبي وقال: تعال معي. ووقف على بيت زينب وطرق الباب وقال: يا زينب إنّ ابن خالتك جاء لي اليوم يستأذنني أنْ يراجعك فهل تقبلين؟ فأحمرّ وجهها وابتسمت، وعادا زوجين، وبعد عام من ذلك توفت زينب ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فبكاها أبو العاص بكاءً شديدًا حتى رأى الناس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح عليه ويهون عليه، فيقول له: والله يا رسول الله ما عدت أطيق الدنيا بغير زينب، ومات بعد سنة من موت زينب.

للتواصل مع الكاتب ومتابعته (المقالات الضوية) :

https://www.facebook.com/Dawaea


موضوعات متعلقة:

من هو الصحابي الذي وصفه النبي بأنه أبر الناس بأمه؟

من هو الرجل الذي شهد له النبي ولم يره؟!

من هو شيطان قريش الذي ذهب لقتل النبي فأسلم؟

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان