لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تقرير حقوقي يتهم حكومات ما بعد الثورة بتيسير الفساد بدلًا من مكافحته

04:39 م الأحد 22 فبراير 2015

ميدان التحرير

كتب - مصطفى عيد:

قال تقرير حديث للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن الإطار التشريعي في مصر به عدد من البنود التي تعطي الأفضلية في بعض الحالات للشركات الأجنبية عن الشركات المحلية.

وأضاف تقرير المركز الذي صدر اليوم الأحد على موقعه الإلكتروني تحت عنوان "فوق الدولة: الشركات متعددة الجنسيات في مصر" أن الإطار التشريعي للاستثمار في مصر يتضمن عدة خواص تعكس قواعد منظمة التجارة العالمية وأحكام معاهدات الاستثمار الثنائية.

وأشار إلى أنه لا يوجد تفرقة بين الاستثمار المحلي والأجنبي، أو بمعنى آخر تمنح مصر المعاملة المحلية للمستثمرين الأجانب، وينعكس ذلك على سبيل المثال من خلال عدم قدرة مصر على دعم الطاقة للمؤسسات المحلية الصغيرة بدون تقديمها نفس الدعم للشركات الكبرى متعددة الجنسيات.

ولفت إلى أنه باستثناء أنشطة الاستيراد ونشاط الوكالة التجارية، يسمح للمستثمر الأجنبي بتأسيس شركة تمويل للعمل في أي نشاط تجاري بدون أي قيود وبدون الحاجة لمشاركة رأسمال مصري للملكية، وأنه لا يوجد كذلك أي قيود على ملكية الشركات للعقارات أو الأراضي بغض النظر عن جنسيتها باستثناء في سيناء وبعض المناطق الحدودية حيث يستمر اعتبار ملكية الأراضي مسألة أمن قومي حتى بالنسبة للمواطنين.

وأوضح التقرير أن معاهدات الاستثمار الثنائية تكرس العديد من الأحكام السلبية مثل حكم المعاملة المحلية، حيث ترغم الدول على معاملة الشركات الأجنبية مثلما تعامل الشركات المحلية، ومن الأحكام السلبية الأخرى معاملة الدولة الأولى بالرعاية حيث يسمح للمستثمر باختيار أفضل معاملة ممنوحة لأي دولة من جانب الدولة الموقعة، والتي ترغم بدورها على تقديم نفس شروط المعاملة لذلك المستثمر.

ونوه إلى أن أحكام الدولة الأولى بالرعاية تنقل المستثمرين الأجانب من دول مختارة من درجة المعاملة المحلية إلى درجة رفيعة من المعاملة التفضيلية التي في الغالب لا يتمتع بها المستثمرون المحليون أنفسهم.

وقال التقرير إن من أهم خواص نظام الاستثمار في مصر أنه لا يفرض قيودًا قانونية على المستثمر فيما يخص تحويل أرباح شركته خارج مصر، ولا يشترط قيام المستثمر بإعادة استثمار جانب من أرباحه في مصر، كما لا توفر القوانين الحالية أية امتيازات خاصة للمستثمرين الذين يستثمرون في قطاعات معينة.

وأضاف أن ذلك يعني في جوهره أنه لا يوجد تفرقة بين من يستثمر في نشاط ذي طبيعة إنتاجية مثل الصناعة، ومن يستثمر في نشاط ذي طبيعة فردية يهدف إلى مراكمة الثروة مثل الخدمات المالية حيث ينال كلا المستثمرين نفس المعاملة الضريبية على سبيل المثال، منوهًا إلى أن القانون يمنع أي تدخل خارجي في تسعير منتجات الشركة أو تحديد هامش ربحها وهو ما يحرم الدولة المصرية بشكل مباشر من أي دور تنظيمي في الاقتصاد.

وأشار التقرير إلى أنه تم تعديل إطار الاستثمار مرات عديدة في الأعوام القليلة الماضية منذ اندلاع الثورة في عام 2011، ولعل مسودة قانون الاستثمار الجديدة هي الخطوة الأكبر في تعديل إطار الاستثمار في مصر، وهو القانون المنتظر إصداره في الفترة بين فبراير الحالي ومارس المقبل تزامنًا مع التحضير للمؤتمر الاقتصادي.

ونبه إلى أن الإطار الاستثماري عُدل لتوفير المزيد من الحصانة للمستثمرين الأجانب بحرمان المصريين من الحق في التقاضي للصالح العام، والحق في الدفاع عن الأموال والأصول العامة - بحسب التقرير -، وأنه عوضًا عن بناء إطار تشريعي لمكافحة الفساد، قامت الحكومات المتتابعة بعد الثورة بتعديل التشريعات القائمة بطريقة "تيسر الفساد، بل وتتجاوز أحكام القضاء المصري" - وفقًا لتعبير التقرير -.

وضرب التقرير مثالًا على ذلك، حيث تنقل تعديلات "قانون التصالح مع المستثمرين" الصادر بموجب القانون رقم 8 لسنة 1997 والمعدل بموجب القانون رقم 4 لسنة 2012 مسؤولية التصالح مع المستثمرين من القضاء إلى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وهو ما يحرم فعليًا محاكم الجنايات المصرية من ولايتها على قضايا الفساد والسرقة واختلاس الأموال العامة التي يتورط فيها كل من يحمل لقب "مستثمر"، وهي سمة تتشابه كثيرًا مع شروط معاهدات الاستثمار الثنائية - بحسب التقرير-.

ولفت إلى أنه صدر مؤخرًا وفي غياب هيئة تشريعية القانون رقم 32 لسنة 2014، والذي يمنع أي طرف ثالث (من خارج الجهتين الأساسيتين لعقد الاستثمار: الدولة والمستثمر) من الطعن على عقود تبرمها الدولة مع أي جهة أو مستثمر، بما في ذلك تخصيص العقارات، وجراء ذلك تتخلى الدولة عن حقوق المواطنين والعاملين في كشف قضايا الفساد المحتملة.

وقال التقرير إن هذه القوانين سمحت للدولة بترضية المستثمرين في قضايا الفساد واختلاس المال العام مما أتاح نقض أحكام قضائية ضد عقود خصخصة فاسدة، ووفر الإفلات من العقاب للمستثمرين أمام المحاكم الاقتصادية والإدارية والجنائية، والأهم من ذلك بالنسبة للدولة المصرية أن هذه القوانين صممت لضمان عدم إمكانية الكشف عن قضايا الفساد والسرقة - بحسب تعبير التقرير -.

وأضاف أن ذلك يعني استمرار المستثمرين في تحررهم من السياق المحلي، وهذا بدوره يعني أنهم غالبًا لن يكونوا بحاجة للجوء إلى فرق تحكيم دولية مكلفة، وينعكس ذلك ليس فقط في المزيد من الحماية للفساد المنظم، بل في إخفائه وجعله غير قابل للكشف، وأنه من هذا المنطلق اختل بشدة ميزان الحقوق والواجبات للشركات متعددة الجنسيات، مما منح هذه الشركات حصانات كبيرة بلا أي واجبات.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان