"الفاو" تحذر: الجوع يهدد أكثر من نصف سكان سوريا
كتب- أحمد عمار:
حذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ''الفاو''، من تزايد التهديدات التي تواجه الأمن الغذائي وسبل معيشة الأسر السورية بوتيرة ثابتة.
وقالت الفاو -عبر بيان لها تلقى مصراوي نسخة منه اليوم الأربعاء، إنه بات الجوع يهدد أكثر من نصف سكان سوريا -التي يصل تعداد سكانها إلى نحو 17 مليون نسمة-، إذ تشير تقديرات حديثة إلى افتقار نحو 8.7 مليون نسمة ممن لا يزالون داخل سوريا للأمن الغذائي.
ووصل عدد اللاجئين السوريين في كل من مصر والأردن ولبنان -بحسب المنظمة- لنحو 4.8 مليون لاجئ حتى شهر أبريل من عام 2016، وهم يعتمدون اعتمادًا أساسيًا على المساعدات الإنسانية والمجتمعات المستضيفة للبقاء على قيد الحياة.
وعقدت منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة، بمكتبها الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا اجتماع إحاطة اليوم في العاصمة الأردنية عمان، لعرض الاستراتيجية وخطة العمل حول "سبل معيشة قادرة على الصمود من أجل الزراعة والأمن الغذائي والتغذوي في المناطق التي تضررت جرّاء الأزمة السورية" واللتان تمتدان على مدار عامين.
وهدف الاجتماع إلى تعزيز الشراكات للقيام بعمل مشترك بغية مواجهة تداعيات الأزمة السورية، وخاصة مع تزايد التحديات ذات الصلة بالأمن الغذائي والتغذية وسبل المعيشة التي تعتمد على الزراعة في كل من سوريا والدول المجاورة لها. وعقد الاجتماع برئاسة عبد السلام ولد أحمد، مساعد المدير العام للفاو والمدير الإقليمي للمنظمة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وقدمه ممثلو المنظمة في سوريا ولبنان والأردن والعراق وتركيا.
وقال ولد أحمد مساعد المدير العام للفاو والمدير الإقليمي للمنظمة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا "إنه مع استمرار الصراع ثمة خطر يتهدد البلدان المتضررة وينطوي على إمكانية أن تصبح محاصرة بالأزمة التي طال أمدها وعدم الاستقرار الذي يتميز بضعف الإنتاج الزراعي وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، واستمرار النزوح والهجرة بمستويات مرتفعة، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وفقدان رأس المال الاجتماعي وضعف المؤسسات".
الزراعة والأمن الغذائي
وأضاف ولد أحمد " باتت سوريا التي كانت تتمتع بالاكتفاء الذاتي يوماً ما بؤرة لأزمة إنسانية واقتصادية واجتماعية كبيرة في الوقت الحاضر والتي وصلت أثارها إلى دول الجوار".
وكان القطاع الزراعي من أكثر القطاعات تأثراً بالأزمة، بعد أن كان واحداً من الركائز الرئيسية للاقتصاد الإنتاجي ومصدراً أساسياً للوظائف في سوريا.
وخسرت سوريا حتى الآن نصف ثروتها الحيوانية وتدهور إنتاج المحاصيل فيها.
وأدت أعمال العنف إلى تدمير البنية التحتية للقطاع الزراعي وأجبرت المزارعين على النزوح وأثرت سلباً على حركة تجارة الزراعة والأغذية على المستوى الإقليمي.
ويستمر تأثير الأزمة السلبي على التوازن الاقتصادي والاجتماعي الوطني في البلدان المجاورة لسوريا، حيث خلق تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين ضغوطاً غير مسبوقة على البلدان والمجتمعات المضيفة، التي تكافح بدورها من أجل توفير اللوازم والخدمات الكافية للاجئين، الذين تعيش الغالبية العظمى منهم خارج المخيمات.
وتابع ولد أحمد "يمكن القول بأن الحقيقة البسيطة تكمن في انهيار القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد السوري بما في ذلك قطاع الزراعة وبوتيرة متسارعة، وما لم ننجح في إبطاء هذه العملية ووقفها في نهاية المطاف، فإننا سنشهد زيادة مضطردة في النزوح وتدفق اللاجئين وانعدام الأمن الغذائي والفقر".
خطة العمل الفاو
قال ولد أحمد "في منطقة تعاني من العديد من الصدمات ونقاط الضعف فقد أثبتت المنهجيات الجزئية التي تقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية أنها غير كافية لاستباق التحديات الهيكلية ومعالجتها على المدى الطويل، ولذلك لا بد لأي استراتيجية قابلة للتطبيق أن تُعطي الأولوية لتعزيز القدرة على الصمود من خلال الارتقاء بقدرة النظم والأشخاص على الاستيعاب الصدمات والتكييف معها والتحول''.
''وذلك من خلال الجمع بين كل من إجراءات العمل الإنساني قصيرة المدى وإجراءات التنمية المستدامة طويلة المدى في سياق أجندة أهداف التنمية المستدامة الأشمل".
وفي هذا الإطار، توفر الاستراتيجية وخطة العمل التحت إقليميتين "سبل معيشة قادرة على الصمود من أجل الزراعة والأمن الغذائي والتغذوي في المناطق التي تضررت جرّاء الأزمة السورية، ووضع إطاراً لمعالجة الآثار المتعددة للأزمة السورية على الأمن الغذائي والتغذية والأنظمة الزراعية الاقتصادية، وذلك باتباع أسلوب مستدام.
وستعمل الاستراتيجية على تحقيق أهدافها من خلال الدمج بين جهود الطوارئ والتنمية.
كما ستعمل الاستراتيجية وخطة العمل اللتان تمتدان على مدى عامين وبميزانية بلغت 301.2 مليون دولار أمريكي، على تكييف الإجراءات القصيرة والمتوسطة المدى بغية الوفاء باحتياجات المجموعات الأكثر تأثراً بالأزمة على نحو خاص، بما في ذلك المواطنين السوريين النازحين داخلياً والسكان المتضررين واللاجئين والعائدين والمجتمعات المحلية المضيفة والسلطات الوطنية والمحلية.
وتركز أولويات الاستراتيجية وخطة العمل على:
- تعزيز الأمن الغذائي والتغذية من خلال تقديم الدعم لإنتاج المحاصيل والإنتاج الحيواني على نطاق صغير.
-تعزيز فرص دعم سبل المعيشة والتوظيف المستدام.
-تعزيز الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية.
-حاجة جهود بناء القدرات وقطاع الأمن الغذائي والزراعي للتحليل والتنسيق.
جهود الفاو في سوريا ودول الجوار
أشار الفاو، إلى أنها تواصل -رغم التحديات الكبيرة- جهودها لدعم المزارعين والمجتمعات الريفية في سوريا، وذلك من خلال العمل في 13 محافظة من محافظات سوريا البالغة 14، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها في الشمال.
وإلى جانب المحافظة على سبل العيش، تساعد تدخلات الفاو في زيادة توافر المواد الغذائية المحلية والوصول إليها وتنوعها، كما أن لمساعدة المزارعين في البقاء في أرضهم وإنتاج الغذاء أهمية بالغة لمنع مزيد من الهجرة.
وأكدت المنظمة أنها تواصل رصد أثر الأزمة من خلال جمع بيانات الأمن الغذائي وتحليلها بشكل منتظم، وإجراء عمليات التقييم مع الشركاء، وتنسيق الاستجابة الإنسانية في قطاع الأمن الغذائي والزراعة مع برنامج الأغذية العالمي في العراق والأردن ولبنان وسوريا.
وأوضحت أنه في عام 2015 -بفضل الدعم السخي الذي تلقته الفاو من شركاء الموارد- كثفت المنظمة مساعداتها في سوريا بشكل ملحوظ ووصلت لنحو 1.5 مليون شخص.
وأشارت التقديرات إلى أن الأسر الزراعية التي حصلت على بذور القمح والشعير سوف تنتج ما يصل إلى 119 ألف طن من الحبوب هذا الصيف -ما يكفي لإطعام نحو نصف مليون شخص لمدة عام-، وبالإضافة إلى ذلك تلقت أكثر من 9 ملايين رأس من الحيوانات رعاية بيطرية بهدف الحد من مخاطر الأمراض الحيوانية وحماية قطعان الماشية.
ومن جهتها، شددت إريكو هيبي ممثل منظمة الفاو في سوريا، على ضرورة المحافظة على إنتاج الغذاء خلال الصراعات، حيث عانى القطاع الزراعي بسبب أعمال العنف، فيتمتع دعم الإنتاج على مستوى الأسر وعلى المستوى الصغير بأهمية متزايدة.
وقال هيبي "تعزز التدخلات القائمة على الزراعة من مستوى الدخل كذلك وتقلل من الاعتماد على المساعدات الخارجية. وكان قطاع الزراعة، وسيظل المصدر الرئيسي لفرص العمل في سوريا وكما أنه أساسي لتوفير الطعام لسكان الدولة الآن فسيكون المفتاح لتحقيق الانتعاش في المستقبل".
وفي الوقت ذاته، يوفر التركيز على المحافظة على سبل المعيشة في دول الجوار فرصة لإيجاد وضع مناسب للجانبين؛ اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة على حد سواء.
وألمحت منظمة الفاو، أنه تم بالفعل تحديد الفرص لإيجاد حلول مبتكرة لمعالجة القضايا طويلة الأمد، بما في ذلك تلك المتعلقة بتعزيز سلاسل القيمة الزراعية، وإعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية داخل المجتمع، وإدارة الموارد الطبيعية الشحيحة، وخاصة الأراضي والمياه.
فيديو قد يعجبك: