لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

خالد حنفي.. رحلة وزير بدأت من "طابور العيش" وانتهت في "سميراميس"

05:55 م الخميس 25 أغسطس 2016

خالد حنفي وزير التموين

كتب - مصطفى عيد:

تقدم الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية باستقالته من منصبه لمجلس الوزراء اليوم الخميس بعد أن أثير الجدل بشأن الوزير خلال الأيام الأخيرة منها أزمة فساد توريد القمح، وإقامة الوزير في فندق سميراميس منذ توليه مهام منصبه.

وتولى الوزير المستقيل منصبه في الحكومة الأولى للمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق، في مارس 2014، واستمر الوزير في منصبه بعد تشكيل حكومة محلب الثانية بعد فوز المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة في يونيو 2014، ثم بقي في منصبه بعد استقالة حكومة محلب وتشكيل حكومة جديدة بقيادة المهندس شريف إسماعيل وزير البترول السابق في سبتمبر 2015.

وعمل حنفي خلال فترة توليه منصب وزير التموين والتي وصلت إلى نحو عامين ونصف، على عدة ملفات من أبرزها منظومة الخبز الجديدة، ومنظومة السلع التموينية، والتي لقيت إشادة واسعة رغم بعض المشكلات والأعطال التي واجهتها.

منظومتا الخبز والسلع التموينية

عمل الوزير المستقيل على بدء تطبيق منظومة جديدة للخبز في أبريل 2014 والتي شملت حصة 150 رغيف شهريًا لكل مواطن مع حساب نقط لكمية الخبز التي تم توفيرها لكل أسرة شهريًا وصرف سلع تموينية في مقابلها، حيث تم تطبيقها تدريجيًا على المحافظات مع تحرير سعر الدقيق المصروف لأصحاب المخابز ومحاسبتهم من الدولة بسعر تكلفة الخبز الحقيقية.

كما قام الوزير بتطبيق منظومة جديدة للسلع التموينية في يوليو 2014 تصرف فيها بسعر السوق من البقالين التموينين والمجمعات الاستهلاكية مع تخصيص دعم يقدر بحوالي 15 جنيهًا لكل فرد مسجل على بطاقات التموين، وعمل خلالها على التوسع في السلع المتاحة بالمنظومة مع دفع المواطن هامش بسيط للبقالين بالإضافة للقيمة المخصومة من المبالغ المخصصة بالبطاقات.

وبحسب وزارة التموين، نتج عن تطبيق المنظومتين توفير هدر من الدقيق الذي كان مستخدمًا، وخفض كميات القمح المستوردة من الخارج، وتنويع السلع التي يختار المواطن من بينها، بالإضافة إلى إتاحة الصرف من أي بقال تمويني على مستوى المحافظة مما يحقق التنافسية والسعي لإرضاء المواطن، بالإضافة إلى القضاء على طوابير العيش وحصول المواطن عليه بكرامة.

وواجهت المنظومتان عددًا من المشكلات أبرزها المشكلات التقنية المتعلقة بأعطال سيستم الصرف، وتنشيط البطاقات، بالإضافة إلى أزمات تتعلق أحيانًا بإتاحة الكميات المناسبة من السلع الأساسية مثل الزيت والأرز وغيرها، وإصراره على توريد السلع الخاصة بنقاط الخبز من الشركات التابعة للوزارة والذي تسبب في مشكلات في الصرف وتوفير السلع.

ملفات أخرى

عمل خالد حنفي على عدة مشروعات في الفترة الماضية منها تطوير فروع المجمعات الاستهلاكية والتي عقد بشأنها عدة شراكات مع شركات بالقطاع الخاص متخصصة في مجال التجزئة.

كما عمل الوزير على مشروع تطوير شون القمح الترابية عبر استبدالها بشون متطورة قامت على إنشاءها شركة بلومبرج جرين الأمريكية والتي عرضت في الفترة الأخيرة تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع على الحكومة، وكانت في انتظار الرد وسط بعض الجدل الذي أثير بين الوزير والشركة في الفترة الأخيرة.

ومن الملفات التي عمل الوزير على حلها خلال توليه أيضًا تطوير الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، والعمل على تحويل خسائرها لمكاسب عبر تحديث أدوات الإنتاج، وتدريب العاملين بهذه الشركات وتطوير مهاراتهم، والعمل على تسويق المنتجات والاتفاق على مع عدد من سلاسل التجزئة على بيع منتجات هذه الشركات في فروعها.

ومن المشروعات التي قام بها الوزير أيضًا مشروع "جمعيتي" والذي يتيح للشباب قروضًا سلعية تتراوح قيمتها ما بين 50 إلى 100 ألف جنيه مع فائدة بسيطة وفترة سماح، والسداد على 5 سنوات، والعمل على تدريب الشباب على أساليب البيع والتخزين والمحاسبة وغيرها، حيث يتم من خلال هذه الفروع بيع منتجات الشركات التابعة للوزارة مع صرف السلع التموينية من خلالها.

وتم افتتاح نحو 1120 فرعًا من فروع المشروع بمختلف المحافظات من أصل 14 ألف فرع في الانتظار بالمرحلة الأولى بعد قبول أوراقهم المطلوبة حيث كان الوزير يقول إنه سيتم افتتاح هذه الفروع تباعًا حتى نهاية العام الحالي.

كما عمل الوزير على حصر الأراضي التابعة لجهاز تنمية التجارة الداخلية التابع للوزارة لإتاحتها للمستثمرين لإقامة مناطق لوجستية وسلاسل تجارية للسلع الغذائية، وبالفعل قامت الحكومة بعدة تخصيصات لعدد من الشركات ولكن المشروع مازال قيد التنفيذ، كما عمل الوزير على تسهيل زيادة استثمار شركات السلاسل التجارية والتوسع عبر فتح فروع جديدة في الفترة الأخيرة.

مشروعات لم تكتمل

وعمل وزير التموين المستقيل على تنفيذ عدة مشروعات خلال فترة توليه الوزارة أبرزها مشروعان قوميان تم عرضهما خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقدته مصر في شرم الشيخ في مارس 2015، وهما المركز اللوجستي للحبوب والذي كان مزمع إقامته في محافظة دمياط، ومشروع إقامة مدينة عالمية للتجارة والتسوق على ساحل البحر الأحمر.

ورغم اللقاءات الكثيرة التي عقدها وزير التموين مع أطراف مختلفة محلية ودولية، معلنة الوزارة عقب كل لقاء عن رغبة كل طرف من هذه الأطراف المشاركة في المشروعين المزمعين إلا أنه لم تتم أي خطوات فعلية على الأرض لتنفيذ المشروعين، والذي كان السيسي على موعد لتدشين أحدهما وهو المركز اللوجستي إلا أنه تم تأجيل الموعد لأجل غير مسمى وقال وزير التموين وقتها لمصراوي، إن التأجيل جاء من الرئاسة.

ومن المشروعات التي أعلن الوزير عزمه على تنفيذها ولكنها لم تكتمل حتى الآن لأسباب غير معلومة أيضًا مشروع لتحويل زيت الطعام المستعمل إلى سولار وشراء الزيت من المواطنين بإضافة نقاط على بطاقات التموين، ومشروع لجمع القمامة من البيوت عبر فصلها من المواطنين وتسليمها للشباب المشاركين في المشروع مقابل نقاط على بطاقات التموين أيضًا.

ارتفاع الأسعار

واجهت مصر خلال فترة تولي الوزير المستقيل مهام منصبه عدة موجات من ارتفاع الأسعار، وكان الوزير من أصحاب نظرية التدخل عبر آليات السوق وعدم تطبيق تسعيرة جبرية للسلع لأنها ستخلق سوقًا سوداء لها، وعمل الوزير على مواجهة هذه الموجات عبر زيادة جانب العرض من خلال ضخ كميات كبيرة من السلع في المجمعات والمنافذ التابعة للوزارة بأسعار مخفضة، إلا أنه غالبًا ما كانت تفشل هذه الطريقة في حل المشكلة.

أزمات أطاحت بالوزير

قامت وزارة التموين بالتعاون مع وزارة الزراعة بفتح باب توريد القمح المحلي في موسم حصاد 2016 في منتصف شهر أبريل الماضي، ورغم ظهور بعض المعوقات التي اشتكى المزارعون منها خلال فترة التوريد منها مشكلات تتعلق بحصر الحيازات الزراعية، وأماكن التسليم وغيرها إلا أن الوزارة أعلنت في يونيو الماضي تحقيق موسم من أنجح مواسم توريد القمح بكميات وصلت إلى 5 ملايين طن.

ورغم إعلان الوزارة تشكيل لجنة للتفتيش على الصوامع للتأكد من صحة الكميات الموردة وفقًا لما تم قيده في الدفاتر بالإضافة إلى عدم خلط القمح المحلي بالمستورد، وأن اللجنة المشكلة بالتعاون مع وزارات أخرى قامت برصد بعض المخالفات التي حولتها للنيابة العامة للتحقيق فيها، إلا أنه حدثت مشادات بين أعضاء بمجلس النواب ومسوؤلي الوزارة أدت لقرار المجلس بتشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن حدوث وقائع فساد بعمليات توريد القمح.

وخلال فترة عمل اللجنة خرجت تصريحات من بعض أعضاءها بحدوث حجم فساد لم يكونوا يتوقعون أنه بهذا الشكل الذي وصفه بـ "الفجور"، كما قامت النيابة العامة بإصدار قرار بمنع سفر أي شخص يثبت تورطه في هذه القضية من خلال التحريات والتحقيق معه.

وأعلنت لجنة تقصي الحقائق في الأيام الأخيرة انتهاءها من إعداد التقرير النهائي والذي تم إعلانه اليوم في وسائل الإعلام على أن يتم مناقشته في جلسة عامة بمجلس النواب يوم الاثنين المقبل وتوجيه استجواب لوزير التموين خلال هذه المناقشة وسط تلميحات عن تورط الوزير في هذه القضية، وتصريحات من الوزير والحكومة بأنه على أتم استعداد للرد والدفاع عن نفسه أمام أي اتهامات من النواب.

وكان الوزير أعلن في فترة سابقة عن موسم توريد القمح عن تطبيق نظام جديد بدعم الفلاحين من أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة بشكل مباشر أثناء وقت زراعة المحصول في شهري يناير وفبراير بقيمة 1300 جنيه للفدان بحد أقصى 25 فدانًا، وشراء المحصول بعد حصاده بالسعر العالمي، بحيث لا يشجع ذلك أي من الموردين على خلط القمح المحلي بالمستورد أثناء التوريد للاستفادة بفارق السعر.

ولكن بسبب أن هذا النظام كان سيعرض المزارعين لانخفاض في قيمة التوريد مقارنة بالنظام الذي كانت تطبقه الحكومة من قبل بما يصل إلى 500 جنيهًا على الأقل في الطن، وبعد لقاء لوزير التموين ورئيس الوزراء مع عدد من أعضاء مجلس النواب تم إلغاء تطبيق هذا النظام والعودة للنظام القديم.

مشكلة أخرى أثارها النائب البرلماني مصطفى بكري في الأيام الأخيرة عن تكلفة إقامة وزير التموين منذ توليه مهام منصبه في فندق سميراميس بمنطقة جاردن سيتي، وكيفية سدادها منوهًا إلى أن هذه التكلفة وصلت إلى نحو 7 ملايين جنيه، إلا أن وزارة التموين دافعت عن موقف الوزير بأن المبلغ المدفوع أقل بكثير من هذه القيمة، وأن الوزير يدفع من أمواله الشخصية، وليس لأحد الحق في الحديث عن هذه القضية لأنها أمر شخصي.

وأثارت القضية الجدل وسط اتهامات وردود، ومطالبات الوزير بإظهار إقرار الذمة المالية له قبل توليه الوزارة، وسط غضب البعض من إقامة الوزير في مثل هذا الفندق وسط مطالبة الحكومة للشعب بالتقشف وتحمل إجراءات صعبة ستقوم بها من أجل عملية الإصلاح الاقتصادي.

وبعد يومين من تردد الأنباء عن عزم الوزير بالتقدم باستقالته ونفي الوزير في كل مرة ذلك وتأكيده على البقاء في منصبه رغم الأزمات الأخيرة، إلا أن الوزير تقدم اليوم رسميًا باستقالته ليفتح الباب أمام التكهنات بشأن كواليس هذه الاستقالة واحتمالية إجباره على التقدم بها، وليسدل الستار في نفس الوقت على مواجهة الوزير المشكلات الأخيرة في منصبه والتي ربما قد تحمل بشأنها الأيام المقبلة مفاجآت أخرى.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان