نص كلمة رئيس وفد مصر بالأمم المتحدة أمام مجلس حقوق الإنسان
كتب – سامي مجدي:
القى السفير عمرو رمضان رئيس وفد مصر بالأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والمكاتب الدولية بجنيف كلمة في جلسة اعتماد تقرير المراجعة الدورية الشاملة لمصر بمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، جاء نصها كالتالي:
''أسمحوا لي في البداية، وبالنيابة عن حكومة جمهورية مصر العربية، أن أعبر عن سعادتي بالتواجد بينكم اليوم، رئيساً لوفد بلادي، في جلسة اعتماد مجلس حقوق الإنسان لتقرير المراجعة الدورية الشاملة لمصر.
وأود أن أجدد في هذا الإطار تثمين مصر عالياً لعمل هذه الآلية المحورية وإيمانها العميق بأهميتها وقيمتها في تطوير منظومة حقوق الإنسان في مختلف دول العالم، وذلك لما يتسم به عمل هذه الآلية من عالمية وتجنب للانتقائية ولقيامها على أسس من الموضوعية والحوار التفاعلي البناء. .وإذا أسهمت مصر بإيجابية في بلورة هذه الآلية، خاصة من خلال قراري مجلس حقوق الإنسان رقمي 5/1 و16/21 والقرارات الأخرى المتعلقة بآلية المراجعة، فإننا نود التأكيد على ثقتنا في قيمتها وفاعليتها، سواء قبل عملية المراجعة من خلال تشجيع الدول على الإعداد الجيد لعملية تقديم تقييم مجمل لحالة حقوق الإنسان لديها، أو أثناء عملية المراجعة ذاتها من خلال الحوار التفاعلي البناء مع الدول الأعضاء، أو بعدها من خلال وضع أسس وآليات تنفيذ التعهدات الطوعية وما يتم قبوله من توصيات.
كما أود الإشارة في هذا الصدد إلى تقديرنا الكبير للحوار الهام والمثمر الذي شهدته جلسة المراجعة للتقرير المصري على مستوى مجموعة العمل في 5 نوفمبر الماضي والتي انتهت إلى تقديم (300) توصية لمصر تم التعامل معها على المستوى الوطني من خلال عملية مؤسسية في إطار تفعيل قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 37 لسنة 2015 والذي تم بموجبه تشكيل لجنة وطنية دائمة لحقوق الإنسان تضم مختلف الجهات الوطنية المعنية ويشمل عملها دراسة التوصيات المقدمة إلى مصر، وتحديد الموقف منها، وكذلك اقتراح السياسات والتدابير اللازمة لتنفيذ المقبول منها، ثم متابعة عملية التنفيذ. وتعتبر هذه اللجنة حالياً هي المقرر الوطني لحقوق الإنسان، ويتولى رئاستها السيد وزير العدالة الانتقالية، تلك الوزارة التي انشئت بعد ثورة 25 يناير المجيدة، وقد عهد إلى هذه اللجنة التي تضم مختلف الوزارات والجهات المعنية العمل على تعزيز حماية واحترام حقوق الإنسان في مصر بما يتسق مع نصوص دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014 والتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان.
جدير بالذكر أن هذه اللجنة عقدت عدداً ملموساً من الاجتماعات والمشاورات المطولة مع عدد من الأطراف المصرية المعنية، وكذا مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، باعتباره المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وممثلي المجالس المتخصصة المستقلة الأخرى التي تعمل في المجالات المرتبطة بحقوق الإنسان على غرار المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة والمجلس القومي لذوي الإعاقة، إضافة إلى ممثلي منظمات المجتمع المدني والتي قدمت لها دعوة مفتوحة للحضور والمشاركة في جلسات المشاورات.
وقد شهدت هذه الجلسات استماع اللجنة الوطنية الدائمة، وبجدية كاملة، لرؤى ومقترحات هذه الجهات بشأن التوصيات التي تلقتها مصر خلال جلسة المراجعة، مع فتح حوار أشمل حول مختلف القضايا المطروحة في هذا الصدد.
كما كان لهذه الجلسات نتائج أخرى ملموسة كان على رأسها الاتفاق على أن يتم عقد لقاءات منتظمة مع ممثلي المجتمع المدني لمناقشة القضايا المختلفة التي تدخل في نطاق اهتمامهم وهو ما سيسهم بشكل عام في إرساء نهج التشاور والتنسيق المستمرين بين الحكومة والمجتمع المدني حول كافة قضايا حقوق الإنسان في مصر، وبما يعكس الإيمان الفعلي لكافة الأطراف الوطنية بوحدة الهدف وتكامل الجهود بين مختلف أصحاب المصلحة لخدمة هدف تعزيز حماية واحترام حقوق الإنسان لكافة المواطنين المصريين.
السيد الرئيس
السيدات والسادة الحضور...
قبل استعراض الموقف المصري من التوصيات التي قدمت إلى مصر، أود الإشارة إلى أن مصر قد تقدمت إلى السكرتارية بوثيقة توضح الأجزاء التي قبلتها من التوصيات التي تم تأييدها جزئياً، كما أود من ناحية أخرى التأكيد على الآتي:
1- أن تأييد أو قبول مصر للتوصيات، سواء كان تأييداً مطلقاً او جزئياً، يأتي في ضوء الالتزام والاتساق مع أحكام الدستور المصري الجديد الذي أقر في استفتاء شعبي في يناير 2014 والتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، ومع الأخذ في الاعتبار أننا تلقينا بعض التوصيات التي سبق أو جاري تنفيذها بالفعل، وذلك على غرار التوصية بإنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفقاً لمبادئ باريس، حيث أنشئ المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ سنوات عديدة وهو يمارس عمله حالياً باستقلالية كاملة وبكفاءة كبيرة في إطار التصنيف (أ) للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
2 - أن التأييد الجزئي لتوصية من التوصيات يقصد به الموافقة على جزء من التوصية أو الموافقة على الغاية منها، في حين تختلف مصر مع الإطار أو الوسيلة المقترحة لتنفيذها في إطار التوصية أو المدى الزمني المقترح لهذا التنفيذ، ومع الأخذ في الاعتبار أن هناك عدداً ملموساً من التوصيات التي قدمت تناقش أكثر من موضوع في إطار توصية واحدة، وهو الأمر الذي لم يجعل مهمة اللجنة الوطنية يسيرةً في التعامل مع مثل هذه التوصيات. وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن مصر قامت، بعد التشاور مع السكرتارية، بتقديم ورقة إضافية شارحة للجزء المقبول في إطار كل من التوصيات التي تم تأييدها تأييداً جزئياً.
3 - أن عدم تأييد بعض التوصيات، وهو ما تم في أضيق الحدود الممكنة، قد يكون بسبب تعارض هذه التوصيات مع نصوص الدستور، ومن بينها على سبيل المثال ما يقره الدستور حول كون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، أو حين تتعارض توصية مع حقوق معترف بها للدول في إطار القانون الدولي او القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومثال لما تقدم التوصيات التي طالبت بإلغاء أو تعليق العمل بعقوبة الإعدام في مصر، ومع الأخذ في الاعتبار أن القانون المصري ينظم بوضوح إطار العمل بهذه العقوبة والضمانات الخاصة بتنفيذها على نحو ما أوضحه الوفد المصري بشكل مفصل خلال جلسة المراجعة في نوفمبر الماضي.
هذا، وكما سبق وأن أسلفت، فقد تعاملت الحكومة المصرية بانفتاح كبير وبجدية كاملة مع التوصيات التي قدمت إليها وهو ما تجسد في موقفها النهائي من التوصيات التي قدمت إليها في المجالات المختلفة لحقوق الإنسان، حيث قبلت 243 توصية مما قدم إليها وبنسبة قبول 81 في المئة، وذلك على النحو التالي:
أولاً: الانضمام إلى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والالتزام بها وسحب التحفظات: 26 إجمالي التوصيات: 9 (تأييد)، 3 (تأييد جزئي)، 6 (اخذ علم)، 8 (عدم تأييد).
حيث أيدت مصر كافة التوصيات التي تتفق مع ما سبق وان أعلنته الحكومة من التزام بمراجعة التشريعات المنظمة لحقوق المواطنين وتعديلها بما يتفق مع الدستور المصري ومراجعة الموقف التعاقدي لمصر فيما يتعلق بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، علماً بأنه جاري حالياً النظر في هذا الإطار في تحفظ مصر على المادتين (2) و(16) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وذلك بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية (تناقش المادة 2 اتخاذ التدابير التشريعية والقانونية للقضاء على التمييز ضد المرأة في حين تناقش المادة 16 القضاء على التمييز فيما يتعلق بالزواج والعلاقات الأسرية). من ناحية أخرى، لم يتم تأييد التوصيات التي تتعارض مع الدستور أو القانون.
ثانياً: الإجراءات الخاصة بالإطارين التشريعي والمؤسسي: (52) إجمالي التوصيات: 36 (تأييد)، 1 (تأييد جزئي)، 2 (أخذ علم)، 13 (عدم تأييد).
ويتأسس موقف الحكومة هنا على الاحترام الكامل لهذين الإطارين اللازمين لضمان احترام وحماية حقوق الإنسان وذلك من خلال اتخاذ إجراءات يأتي على رأسها العمل على تقديم أي مرتكب لأي اعتداء أو انتهاك لحقوق الإنسان، أو أي اعتداء يقع على مواطن أثناء ممارسته المشروعة لحقوقه، إلى القضاء للتحقيق معه من خلال عملية قانونية سليمة، وذلك أياً كانت صفته الوظيفية، وفي إطار إعمال مبدأ أن الحق في الكرامة هو من أهم الحقوق التي كفلها الدستور. وقد تجسد هذا النهج في قبول كافة التوصيات المتعلقة بالتعامل مع جريمة التعذيب والتي اعتبرها الدستور جريمة لا تسقط في أي من صورها بالتقادم.
ثالثاً: حقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة والأسرة والفئات الأخرى: 76 (إجمالي التوصيات): 75 (تأييد)، 3 (تأييد جزئي)
وقد قبلت مصر كافة التوصيات التي قدمت إليها في هذا الصدد، وذلك في إطار إيمان الحكومة العميق بضرورة حماية حقوق وحريات هذه الفئات حماية كاملة، ومع إيلاء أولوية خاصة في هذا الخصوص لموضوع تجريم كافة أشكال العنف ضد المرأة ولحقوق الفئات المهمشة والتي تشمل المرأة والطفل وذوي الإعاقة والفئات الأكثر فقراً، ولحماية الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع وهو الموضوع الذي سبق وأن طرحت مصر مبادرة بشأنه في إطار عمل المجلس.
رابعاً: التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان: 14 (إجمالي التوصيات): 8 (تأييد)، 6 (أخذ علم)
تعاملت مصر مع التوصيات التي قدمت في هذا الصدد في إطار سعيها لتعزيز التعاون مع هذه الآليات ومن بينها مجلسنا هذا ومنظومة الإجراءات الخاصة، وأخذاً في الاعتبار أن السلطات المصرية سبق وأن وجهت بالفعل دعوات لعدد من حاملي الولايات الخاصة للقيام بزيارات إلى مصر وأنه جاري دراسة إمكانية توجيه دعوات أخرى.
خامساً: إجراءات وضمانات النظام القضائي والعدالة الانتقالية: 20 (إجمالي التوصيات): 11 (تأييد)، 3 (تأييد جزئي)، 4 (اخذ علم)، 1 (عدم تأييد)، 1 (توصية غير دقيقة).
حيث تعاملت مصر مع التوصيات المقدمة هنا في إطار التزامها بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة التي كفلها الدستور ونص عليها قانون الإجراءات الجنائية لجميع المواطنين دون تمييز، وهو ما قدمنا شرحاً تفصيلياً له في الجزء الخاص بهذا الموضوع في ورقة الاستنتاجات والردود على التوصيات.
سادساً: تعزيز حماية واحترام الحقوق المدنية والسياسية: 54 (إجمالي التوصيات): 3 (تأييد)، 13 (تأييد جزئي)، 10 (أخذ علم)، 1 (عدم تأييد).
وقد أبدت الحكومة انفتاحاً كبيراً في التعامل مع التوصيات التي قدمت في هذا الصدد، خاصة فيما يتعلق بتلك التي ترتبط بإعداد قانون جديد للجمعيات الأهلية، وكذلك تلك المرتبطة بالحق في التجمع السلمي، والحق في حرية الرأي والتعبير، وحرية العقيدة، وحظر التمييز بكافة أشكاله، إضافة إلى تأكيد أن المجتمع المدني يعد شريكاً أساسياً للحكومة في تدعيم مختلف الحقوق.
سابعاً: نشر ثقافة حقوق الإنسان والتربية والتدريب عليها/ مكافحة الاتجار في البشر والهجرة غير الشرعية/ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: وقد قبلت مصر كافة التوصيات (49 توصية) التي قدمت إليها في هذا الصدد.
ثامناً: مكافحة الإرهاب:
قبلت أيضاً مصر كافة التوصيات الخاصة بهذا الموضوع (6 توصيات) اتساقاً مع نص المادة (237) من الدستور المصري التي توجب على الدولة مكافحة الإرهاب مع ضمان الحقوق والحريات العامة وصرف تعويضات لضحايا الإرهاب، وكانت المناسبة الأخيرة التي أعمل فيها هذا الأمر هي صرف معاش شهري لأسر المصريين ضحايا العملية الإرهابية التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي في درنة شرقي ليبيا في فبراير الماضي.
السيد الرئيس
السيدات والسادة...
لقد قبلت مصر 243 توصية من التوصيات التي قدمت إليها (220 بشكل كامل و23 بشكل جزئي) أي أن نسبة القبول بلغت 81 في المئة من إجمالي التوصيات، وهو ما يعد تأكيدا على مدى تفاعلها القوي مع عمل هذه الآلية الهامة، ولانفتاحها على الآراء المختلفة التي تم التعبير عنها خلال جلسة المراجعة وتجاوبها معها، وأيضاً، وهو الأمر الأهم، تجسيداً للأولوية التي يمثلها موضوع تعزيز حماية واحترام حقوق الإنسان في الوعي السياسي للدولة المصرية، علما بأن الشهور الأربع الأخيرة، ومنذ جلسة المراجعة في نوفمبر الماضي، شهدت استمرار العمل الحثيث على مستوى اقتراح ومراجعة القوانين والتشريعات، خاصة من خلال عمل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي والتي تتولى إجراء عملية متكاملة للإصلاح، حيث ستقوم بمراجعة مختلف التشريعات المصرية والتي تتعدى 40 ألف قانون لضمان الاتساق فيما بينها وكذلك عد التعارض مع نصوص الدستور الجديد.
كما يمضي العمل على قدم وساق في تنفيذ السياسات والبرامج التنفيذية التي يرتبط الكثير منها بمجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تحظى بأولوية متقدمة خلال المرحلة الحالية وتحتاج في ذات الوقت إلى بناء للقدرات وزيادة الموارد المخصصة لها، وهو العمل الذي ينتظر أن يشهد زخماً كبيراً خلال المرحلة المقبلة مع قرب انتخاب مجلس النواب الجديد، وبما يسهم في تنفيذ التوصيات التي قبلتها مصر، ومع الأخذ في الاعتبار أن تعزيز حماية الحقوق والحريات الأساسية يأتي بالدرجة الأولى كتلبية مباشرة لمطالب الشعب المصري.
ختاماً، يسرني الاستماع إلى ملاحظاتكم وآرائكم في هذا الصدد.
وشكراً سيادة الرئيس.
السيد الرئيس،
أود أن اتوجه بجزيل الشكر إلى السادة رؤساء وأعضاء الوفود على المشاركة في هذه الجلسة... وكذا للسيد رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان والذي نحمل له كل التقدير ونحرص على دعم استقلاليته وعمله المحوري... وأيضاً لكل من أدلى بأفكار وآراء موضوعية من بين ممثلي المنظمات غير الحكومية... ومع الأخذ في الاعتبار أننا نرحب بالنقد البناء والذي يمكن أن يدعمنا في تحقيق الإصلاحات المرجوة ... مع تنويهنا بأن استمعنا أيضاً في ذات الوقت لبعض مظاهر النقد غير البناء الذي يشير إلى موضوعات أو جوانب غير مدققة حول الأوضاع في مصر... أو يأتي في إطار مسيس ومنحاز وغير موضوعي.
بصفة عامة... فلقد لمسنا مدى الاهتمام الذي يوليه العالم بما يجري في مصر من تطورات... خاصة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان والحريات العامة... وهو الاهتمام الذي ننظر إليه على أنه يأتي في إطار السعي لتأييد جهودنا لبناء دولة راسخة مستقرة قوامها المواطنة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وكفالة أكبر قدر ممكن من الضمانات لحمايتها... وإني أؤكد أن ما طرح... سواء خلال جلسة المراجعة في نوفمبر الماضي أو خلال جلسة اليوم... سيكون محل دراسة دقيقة وجادة من جانبنا تعكس مدى تقديرنا لآلية المراجعة الدورية الشاملة وما تفرزه من توصيات هامة يمكن البناء عليها.
ويهمني أن أؤكد في هذا السياق أننا ندرك جيداً في مصر ما نواجهه من تحديات كبيرة... وأن الطريق مازال طويلاً للوصول إلى ما نتطلع إليه لتحقيق آمال وطموحات أبناء الشعب المصري... خاصة في ضوء ما عايشناه من ظروف وتطورات سياسية واقتصادية ومجتمعية متلاحقة على مدار السنوات الأربعة الأخيرة وما يحيط بنا من خطر الإرهاب الغاشم الذي يهد حق أبنائنا في الحياة وحقهم في الأمن والسلام... وهو ما يتطلب تكاتف الجميع من أجل المضي قدماً في مسار العمل المشترك والذي يتجسد حالياً في خريطة الطريق للمستقبل التي تحظي بتأييد شعبي واسع وبثبات في تفعيل خطواتها... ومع البناء على ما تحقق من خلال ثورتي 25 يناير و30 يونيو... وذلك بعد أن أدرك المصريون أن عملية التحول التي تمر بها البلاد ستحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد... وأن عملية البناء يجب أن تجري على أسس أكثر ثباتاً ونضجاً لضمان الاستقرار وديمومته ولتجاوز ما شهدته فترات سابقة من اشكاليات ترجع إلى التهميش السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
ولا أبالغ إذا قلت أننا قد قطعنا بالفعل الجزء الأكبر من الطريق بعد إقرار دستور نفتخر به في ظل ما يتضمنه من نصوص غير مسبوقة لحماية الحقوق والحريات والتزامات واضحة للدولة في هذا الصدد... إضافة لكونه يؤسس لدولة ديمقراطية عصرية ولعدالة اجتماعية حقيقية.
كما مثل انتخاب رئيس الجمهورية خطوة محورية في هذا الطريق ونقطة انطلاق لإعادة تفعيل وتنشيط دور أجهزة الدولة في مختلف المجالات في خدة المواطن المصري ... بما في ذلك في مجال إجراء العديد من التعديلات التشريعية تنفيذاً لنصوص الدستور... وإعداد مشروعات لقوانين تتناسب مع متطلبات المرحلتين الحالية والمستقبلية... وأيضاً البدء في اتباع سياسات إصلاحية وتطبيق برامج تنفيذية في خطوات فعلية نحو التطوير... وهو ما يرتبط بمفهوم ورؤية العدالة الانتقالية في مصر والتي تعد عناصر الإصلاح المؤسسي والحق في التنمية والعدالة الاجتماعية ضمن أركانها الرئيسية...
ونحن نتطلع إلى أن يسهم انتخاب مجلس النواب الجديد خلال الفترة القريبة المقبلة في إعطاء قوة دفع إضافية لعملية التطوير والإصلاح... خاصة فيما يرتبط بقضايا حقوق الإنسان والحريات التي تمثل أولوية محورية للدولة... مع تطلعنا في الوقت نفسه للعمل بشكل حثيث نحو تنفيذ التوصيات التي قبلتها مصر... من خلال خطة عمل واضحة تشارك في تنفيذها كافة الأطراف المعنية وتتولى متابعتها اللجنة الوطنية الدائمة لحقوق الإنسان التي سبق وأن أشرت في كلمتي الافتتاحية إلى دورها المحوري في هذا الصدد.
وأود التأكيد هنا أننا يملانا التفاؤل والأمل في مستقبل تزدهر فيه الحقوق وتتحقق فيه العدالة والعيش الكريم لكافة أبناء الشعب المصري العظيم... ولا شك في أن النجاح الكبير الذي شهده المؤتمر الاقتصادي الأخير في شرم الشيخ يعد أبرز مثالاً على مدى إيمان الدولة بضرورة العمل من أجل تحقيق نهضة شاملة... كما يعد في ذات الوقت دلالة على الأولوية التي يوليها المجتمع الدولي لدعم مصر واستقرارها خلال هذه المرحلة الهامة.
ختاماً، أتوجه بالشكر للسيد رئيس المجلس... ولمجلس حقوق الإنسان ككل... وللحاضرين على مشاركتهم في جلسة اليوم.
وشكراً''.
فيديو قد يعجبك: