بان كي مون: الحروب والعنف في المنطقة العربية "معاناة هائلة"
كتبت ـ هاجر حسني:
قال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، إنه قبل أربع سنوات خلت، هبّ جيل من العرب في وجه الاستبداد، وفي العام الماضي، آتى هذا الجهد ثماره في تونس.
وأضاف خلال كلمته بمؤتمر القمة العربية والذي يُعقد بمدينة شرم الشيخ، أن تونس أصبحت مثالا يُحتذى في المنطقة وخارجها، بيد أن الهجمة الإرهابية التي شهدتها تونس العاصمة مؤخرا أبرزت حقيقة أن المتطرفين يستهدفون الأبرياء و أيضا العملية الديمقراطية الهشة نفسها.
العنف في المنطقة
وتابع "اليوم تسبب الحروب و العنف في المنطقة و كذلك الاعمال الإرهابية البغيضة، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين الذي لا تبدو له نهاية، معاناة هائلة، و يتجاوز تأثير هذه التهديدات العالم العربي، فهي تشكل خطرا مباشرا على السلام والأمن الدوليين"، قائلا إنه لكي لا تستمر هذه الاتجاهات، علينا أن نعالج الأسباب الجذرية للتطرّف والعنف، وحتى لما نكون بحاجة للحلول الأمنية فإن الاعتماد على المقاربات العسكرية لوحدها لا يمكن ان يحل هذه المشاكل.
وأشار إلى أن الحلول الأمنية يجب أن تتم بشكل يحمي حقوق و كرامة الانسان، وأن محاربة التطرف مع الوقوع في الانتهاكات ليس خطأ فقط، بل هو غير مجد و ذو نتائج عكسية، مضيفا "اينما جرب ذلك وجدنا أن التطرف ازداد جذبا في الواقع. ففي غياب الحكم الرشيد، وسيادة القانون، واحترام حقوق المرأة وكل حقوق الحقوق الإنسان، سيظل الاستقرار السياسي الطويل الأجل محض سراب".
ولفت الأمين العام إلى أنه ما من مكان تتجلّى فيه مشاكل الحكم الرشيد والتطرّف بصورة أكثر إلحاحا مما عليه الحال في سورية، مؤكدا أن الشعب السوري دخل السنة الخامسة من الحرب التي مزّقت البلد تمزيقا، قائلا "إنني اليوم إذ أخاطب قيادات العالم العربي المبجّلة، أعترف لكم بأنّي أشعر بالغضب وبالعار، أشعر بالغضب لمشاهدة الحكومة السورية والجماعات المعارضة والإرهابيين وهم ماضون في تدمير بلدهم بلا هوادة، أشعر بالعار لأنني أتحمل قسما من وزر الفشل الجماعي للمجتمعَين الدولي والإقليمي في التحرك الحاسم لوقف المجزرة التي ابتلي بها الأخوة و الاخوات العرب في سورية.
وأوضح أن الأزمة آخذة في الانتشار بسرعة لا يضاهيها سوى السرعة التي تتآكل بها مصداقيتنا، ولا يمكن لهذا الوضع أن يستمر.
وأكد أنه بصدد إصدار تعليمات إلى مبعوثي الخاص، ستافان دي ميستورا، بأن يكثف جهودنا السياسية، وأن يجري مشاورات موسّعة مع أعضاء مجلس الأمن و في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك مع الأطراف السورية نفسها، وعلى وجه التحديد، سيعمل مع فريقه لتفعيل وبلورة عناصر من بيان جنيف، بحسب قوله.
المستوطنات الاسرائيلية غير مشروعة
وتطرق بان كي مون إلى الأوضاع في الأراضي المحتلة فقال إنه بعد مضي سبعة أشهر من حرب أخرى في سلسلة الحروب مع إسرائيل، ما زالت غزة تشكل بؤرة توتر والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، مضيفا أنه لا الحصار ولا العمل العسكري وفّرا لأي من الجانبين أمانا أكبر. وإنّني أهيب بالجهات المانحة أن تفي بالتعهدات التي أعلنتها في القاهرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. فدعونا نعمل على إعادة الحياة إلى غزة.
وأكد أن إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة عمل غير مشروع يشكل عقبة خطيرة تعوق السلام، كما أن عملية السلام العربية - الإسرائيلية تشهد تهديدا إضافيا من جرّاء الأصوات المنادية بإسقاط أو تقويض حل الدولتين الذي أيّده المجتمع الدولي، و تضمنته مبادرة السلام العربية، تلك المبادرة المتبصّرة التي اعتمدتموها في مؤتمر قمتكم لعام 2002، قائلا "إنني أحث إسرائيل، مرة أخرى، على إنهاء احتلال بلغ اليوم ما يقرب من نصف قرن، وأحث الفلسطينيين على إنهاء انقساماتهم. وأدعو أصدقاء وأنصار كلا الجانبين إلى الدفع باتجاه إيجاد حل عادل ودائم يستند إلى القانون الدولي".
الأوضاع في اليمن
وأشار إلى الوضع في اليمن قائلا "إنني أعلم مدى قلقكم جميعا بشأن الوضع في اليمن و كلفته الهائلة على سكان يعانون أصلا، لقد استمعت هذا الصباح بانتباه لكلمتي صاحب الجلالة الملك سلمان ملك السعودية و صاحب الفخامة الرئيس هادي رئيس اليمن، وإني أقاسمهما تلك المخاوف العميقة، لقد أدنت عديد المرات محاولات الحوثيين و الرئيس السابق صالح تقويض الاتفاقات السياسية عبر القوة العسكرية، وإني أسجل أن عملا عسكريا تم القيام به بطلب من القيادة اليمنية الشرعية و السيادية الرئيس هادي".
وأوضح أن المفاوضات التي رعاها مبعوثي الخاص جمال بن عمر و صادق عليها مجلس الأمن تمثل الفرصة الوحيدة لتجنب نزاع ممتد و طويل الأمد، معربا عن أمله في أن يضع القادة العرب توجيهات واضحة خلال هذه القمة العربية لحل الأزمة في اليمن سلميا.
واستطرد "وباتجاه الغرب، من الأهمية بمكان أن نواصل تشجيع الحوار بين الليبيين. فالمحادثات التي تيسّرها الأمم المتحدة تتواصل بين الأطراف الليبية على مسارات متعددة برعاية ممثلي الخاص، برناردينو ليون. إن الحفاظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها أمر أساسي".
وتابع أنه بالنسبة للعراق فيحث القادة على مواصلة وتعميق جهود المصالحة الوطنية. وإنني أعرب عن تقديري للدعم الذي تقدمه الجامعة العربية لشعب العراق و حكومته في حربهما ضد داعش. وهذا الدعم يعود أيضا بالنفع على الاستقرار الإقليمي.
وقال "أما فيما يتصل بالصومال، فأحث جميع الشركاء على مساندة التقدم السياسي الذي يجري إحرازه في البلد مساندةً كاملة، مع زيادة الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المناطق المسترَدّة من حركة الشباب"، مؤكدا أن للحوار الوطني أهمية بالغة في السودان أيضا، وإنني أدعو إلى إجراء عملية الحوار في بيئة مؤاتيه تتسم بالمصداقية، وتشكل وثيقة الدوحة للسلام في دارفور إطارا جيدا لمعالجة الأسباب الجذرية للنـزاع. ويجب أن تتواصل الجهود المبذولة على صعيد التنفيذ.
فيديو قد يعجبك: