بالصور- من سلم المترو إلى أكاديمية الفنون.. حكاية "مُعاذ" بائع المناديل
كتبت- نسمة فرج:
تصوير- علاء القصاص:
يجلس على أريكة متهالكة، يُمسك بقلمًا وورقة ملونة بأدوات التجميل الخاصة بأخته الكبري، يبدأ في الرسم، وعلى الورقة يذهب بخياله بعيدا عن الواقع المرير الذي يعيشه بعد انفصال والديه واحتضان جدته له.
على سلالم مترو جامعة القاهرة يجلس معاذ أحمد شعبان صاحب الـتسعة أعوام، بجوار جدته و"كرتونة" المناديل، منكبا على علبة أحذية، بينما هناك قلمُ عالق بين أنامله الصغيرة، قبل أن يبدأ في الرسم.
تسأله جدته "بترسم إيه" يحرك يده بحركة تقول: "تمهلي حتى انتهي"، ينتهي منها ويعطيها الورقة، تفأجا الجدة أنه رسمها وهي جالسة تبيع المناديل.
بعد خمس سنوات من عمله كبائع مناديل، ذاع صيت الطفل مُعاذ على وسائل التواصل الاجتماعي؛ عرض الفنان التشيكلي، علي الرواي، رسومات معاذ، بجانب أعماله الفنية في المعرض الذي شهد إقبالًا من الفنانين الشباب واعجابًا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
يروي معاذ، لـ"مصراوي" قصته مع الرسم: "قررت مساعدة جدتي –بائعة المناديل على سلم مترو جامعة القاهرة-، منذ أن عشت معها وعمري عام واحدٌ فقط، بعدما انفصل والداي".
ويضيف: "رأيت فيها الأم التي حُرمت منها"، وكانت أولى رسوماته، لجدته بكل ما أبقاه الزمان من تفاصيل على وجهها الشاحب الهزيل.
اعتادت "أم عباس" اصطحاب معاذ عند ذهابها للعمل على سلم المترو خوفًا من أن تتركه وحيدًا في المنزل وكان يجلس بجوارها يرسم ويبع رسوماته.
"كنت برسم من سكات عشان أبيع رسمى الواحدة بـ5 جنيه وبدى لستي الفلوس في آخر اليوم عشان تصرف عليا أنا وإخواتي، وبعد وما كنت بلعب فى الشارع بقيت أروح النت أتعلم رسم وألعب شوية وأروح على طول" يوضح معاذ كيف كان يساعد جدته في مصروف المنزل".
يحكي علي الرواي، الفنان التشيكلي وصاحب "أكاديمية الفنون"، كيف بحث عن معاذ بعد أن شاهد صورته وهو يرسم على سلالم المترو وقرر أن يبحث عنه وهنا تبدأ رحلة انتقاله من سلالم المترو إلى أكاديمية فنون.
ذهب الراوي، إلى جدة معاذ يُعرّفها بنفسه ورغبته في تعليم حفيدها أسس الرسم لتوافقه دون أن تطلب شيئا أبدًا، يقول الراوي: "شدتني صورته ونزلتها على صفحتي طلبت لو أي حد يعرف مكانه يبلغني، ولمّا روحت لقيته مع جدته ست كبيرة مريضة بتتعكز عليه رايح جيه ولقيت بالفعل فيه موهبة مش موجودة في أطفال كتير أكبر منه".
يقول الرواي أن هذا الطفل لديه موهبة فطرية، ويعرف تفاصيل هامة عن الرسم، إلا أن الحرفية تنقصه، وسيعمل جاهدا على أن يتعلم هذا الطفل حرفية الرسم، حتى يصبح رسامًا محترفًا وسيشاركه معه في كل المعارض التي سيشارك بها.
"بدأت في تحضير المعرض منذ شهرين تقريبًا وهو حلمي شخصي لي لان لم أتمكن من عرض أعمال في معارض خاصة" يحكي الرواي عن معرضه الأول فهو يضم معظم أعماله وأعمال معاذ بعد انضمامه للأكاديمية.
يختتم "معاذ" حديثه بأمنية واحدة وهي أن يصبح ذو شأن في المستقبل القريب وأن يتمكن من ذهاب جدته إلى الحج.
فيديو قد يعجبك: