لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هآرتس: السينما المصرية مازالت "عبدة" للنظام الحاكم

01:15 م الخميس 20 أبريل 2017

.

كتبت- هدى الشيمي:

ترى صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن صناعة السينما في مصر تأثرت كثيرا بهوية النظام الحاكم، وموقفه من الحركات والجماعات الإسلامية، ورغم أن عدد من صنّاع الأعمال السينمائية يستطيعون الآن انتقاد الدين وممثليه من دعاة وشيوخ دون الخوف من اعتقالهم، إلا أن التساؤل الحقيقي هنا هو: إلى أي مدى تستطيع السينما فعل ذلك؟

وتقول الصحيفة، في تقرير نشر قبل عدة أيام على موقعها الإلكتروني، بعد تحقيق جماعة الإخوان المسلمين انتصارا كبيرا في الانتخابات في مطلع عام 2012، صدر حكما قضائيا على الممثل عادل إمام بالسجن؛ ولم يصمت المثقفون والصحفيون، وعدد كبير من المواطنين العاديين، بل خرجوا لكي يعلنوا رفضهم للحكم.

وكان من أولهم، حسب الصحيفة، الكاتب والروائي علاء الأسواني، الذي أكد في تصريحات أدلى بها أن البلاد تعود إلى العصور الوسطى. كما اتهم البعض الإخوان بتكبيل يد الفن والإبداع، والقضاء على الحرية، وممارسة القمع على الشعب.

ذكرت الصحيفة أن السبب الحقيقي وراء توجيه الاتهامات لعادل إمام كان ظهوره في ثلاثة أفلام عُرضت قبل 17 عاما. وبحسب المُحامي عسران منصور، فإن هذه الأعمال سخرت من الإسلام والدعاة الإسلاميين.

لم يقضَ عادل إمام يوما واحدا في السجن بعد استئناف الحكم، إذ رأت المحكمة، وقتذاك، أن الأفلام لا تتضمن ما يسيء للإسلام، أو يهين الدعاة الإسلاميين، وترى الصحيفة أن المثقفين علموا في ذلك الوقت أن عصر قمع الحريات والاضطهاد لن يعود مرة أخرى.

ولم يتوقع أحد أنه في أقل من عام ونصف، سيتم الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، وأن جماعة الإخوان المسلمين ستترك السلطة، وسيتم إعلانها جماعة إرهابية، وأن عبدالفتاح السيسي سيتولى الرئاسة، وتبدأ مرحلة جديدة، وصفتها الصحيفة "بمهرجان حرية الدراما المصرية."

"الدين والسينما"

أشارت الصحيفة إلى أن العلاقة بين الدين والسينما في مصر لم تكن متشابكة، إذ أن أغلب الأفلام التي عُرضت في السنوات الأولى من ظهور السينما – 1928 إلى 1954- كانت ما بين الرومانسية والكوميدية. وكان هناك نقص في الأفلام الاجتماعية والانتقاد السياسي.

شهدت تلك الفترة الكثير من الأحداث، من بينها ظهور وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين، وحرب فلسطين، والاحتلال البريطاني، والاستقلال وتأسيس شكل جديد للدولة، ومحاولة تحسين أوضاع التعليم، بالإضافة إلى ثورة يوليو 1952.

1

ولفتت إلى أن الانتقادات والخلافات بين النظام المصري، في فترة الخمسينيات، كان على أشدّه، وظهر ذلك ببساطة في فيلم "جعلوني مُجرما" للممثل فريد شوقي، عن طريق عرض شخصية الشيخ الذي لا يستطيع علاج المريض، في محاولة للقضاء على شعار الإخوان المسلمين "الإسلام هو الحل".

وفي العام ذاته، عُرض فيلم "الشيخ حسن"، الذي يستعرض قصة الحب بين مُعلم متدين "حسن"، وفتاة مسيحية جميلة "لويزا"، ولم تسلم علاقتهما من هجوم ورفض عائلتهما، وانتهت بمأساة.

ورغم أن الكثير من المصريين رأوا في الفيلم محاولة للتأكيد على التسامح بين الأديان، وأن الحب قادر على نبذ الاختلافات بين البشر، رأى نظام الرئيس محمد نجيب قبل عرض الفيلم أنه قد يتسبب في مشكلة بين المسلمين والمسيحيين، وأنه يحمل انتقادا لاذعا لكليهما، ولم يُعرض حتى قام مُخرجه بحذف وتغيير عدد من المشاهد المُتعلقة بالدين.

2

"انتقاد ناصر"

وبعد 20 عاما، بعد إعلان الرئيس السابق محمد أنور السادات التصالح مع الإخوان المسلمين، ظهرت موجة جديدة من الأعمال السينمائية، والتي تستعرض المعاملة القاسية التي تلقاها المعتقلين من الإسلاميين والمثقفين في سجون النظام، ومن بينها فيلم "الكرنك"، و"إحنا بتوع الأتوبيس".

3

وتؤكد الصحيفة أن هذه الأعمال، خاصة الفيلمين السابقين، لم ينتقدوا السادات، ولكنها كانت تشير إلى المعاناة التي عاشها المُعترضين على حكم جمال عبدالناصر.

ونوهت الصحيفة إلى أن السادات لم يكن أيضا يميل إلى المثقفين الإسلامين، ولم يتقبل النقد بصدر رحب، وفي النهاية اُغتيل على يد الإسلاميين.

"مبارك"

وبعد وفاة السادات، تولى مبارك الحكم، وبدأ فترته الرئاسية بشن حملة على المنظمات الإسلامية، اعتقل خلالها عدد كبير من الإخوان المسلمين.

ولفتت الصحيفة إلى فتح مُبارك الطرق أمام الأعمال السينمائية التي تُظهر الإسلامين بأنهم أعداء الشعب، وكان أبرز وأشهر هذه الأعمال "طيور الظلام"، "الإرهابي"، و"الإرهاب والكباب"، وجميعها من بطولة عادل إمام، وظهر فيها الدعاة والناشطين الإسلاميين بأنهم فاسدون، ومدمنون للمشروبات الكحولية، ويدمرون القيم الاجتماعية.

4

تقول هآرتس إن "الإرهاب والكباب" أصبح من أهم الأعمال السينمائية المصرية، وحقق نجاحا كبيرا في دور العرض، لأنه لم ينتقد فقط الإسلاميين، ولكنه أظهر مدى الإحباط الذي يعيش فيه الشعب من أداء الحكومة.

واقتبس المشاركون في ثورة يناير 2011، عددا من الجمل الحوارية في الفيلم، رغم أن بطل الفيلم عادل إمام أعلن رفضه للثورة، وتأييده لمبارك.

"أداة الدعاية"

ورغم محاولة الإخوان المسلمين لمُحاكمة عادل إمام، إلا أنهم اعترفوا بأهمية السينما، وكونها أداة دعاية لا يُستهان بها، وحاولوا أيضا استخدامها في الترويج لأفكارهم، فحاولوا إنتاج عمل سينمائي عن مؤسس الجماعة "حسن البنا"، وكان من المقرر أن يقوم ببطولته الممثل السوري رشيد عسّاف، إلا أن المشاكل عرقلت تنفيذ المشروع.

"مولانا"

تقول الصحيفة إن حرية الرأي والتعبير واجهت مشكلة حقيقية في الفترة الأخيرة، إذ تم إلقاء القبض على عدد كبير من الصحفيين، وحُكموا بتهمة "الإضرار بالأمن القومي".

وأكد كتاب السيناريو، والمنتجون أن حدود الإبداع أصبحت أضيق مما كانت عليه في الماضي، وأوقفت جماعات حقوق الإنسان، وعادت دور العرض إلى الكوميديا والدراما، الخالية من الانتقادات.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجزء الثاني من فيلم "الجزيرة"، والذي حقق نجاحا كبيرا عام 2014، ويدور حول استيلاء مجموعة من الإرهابيين المسلحين على جزيرة مصرية، لا يمكن إغفال أنه حمل رسالة مباشرة تنتقد الجماعات الإسلامية خاصة الإخوان المسلمين، ويؤكد ضرورة محاربة المسلحين بالسلاح، حتى إذا كانوا يتحدثون باسم الدين.

5

وتقول "هآرتس" إن المدح الكبير الذي تلقاه صنّاع الفيلم وأبطاله، أوضح لكل منتج ومخرج نوعية الأفلام التي ستحقق نجاحا، وما تعنيه الحرية الفنية.

وتدعو الصحيفة أي شخص يُشكك في الحقيقة السابق ذكرها إلى التركيز مع فيلم "مولانا"، المأخوذ عن رواية لنفس الاسم للكاتب والصحفي إبراهيم عيسى، ويدور حول داعية إسلامي له برنامج تليفزيوني يدعو فيه إلى الابتعاد عن المعاصي، ويُفتي الناس في شؤونهم، بالرغم حصوله على مبالغ كبيرة نظير خدمات سرية، مشكوك في نزاهتها.

ورأى رجال الدين، خاصة الأزهريين، أن وقت عرض الفيلم - مولانا- لم يكن مناسبا، ولكن لم يرفع أحد دعوى قضائية واحدة ضد الفيلم تتهمه بازدراء الدين، أو الإساءة لرجال الدين، تلك التهمة التي يستخدمها كثيرون للتخلص من الليبراليين والعلمانيين، ومنتقدي الرئيس في مصر، حسب الصحيفة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان