لماذا يفضل الجيش الإسرائيلي بقاء "خلافة" داعش عن حكم بشار؟
كتب – محمد الصباغ:
ذكرت مجلة بوليتكو الأمريكية أن الجيش الإسرائيلي غير راضٍ عن تصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف كاتب التقرير أن ذلك هو الانطباع الذي وصل إليه في رحلته إلى إسرائيل وزيارة الجنود المتمركزين في هضبة الجولان المحتلة.
ومن أحد الاستراحات تحت الأرض التي يعود إنشاءها إلى حرب عام 1973، قال تقرير بوليتكو إن جنديًا إسرائيليًا أشار إلى الشمال الشرقي ناحية القنيطرة، المدينة التي يقاتل فيها الجيش السوري مع مقاتلي حزب الله ضد مقاتلي المعارضة الذين يسيطرون على قرى مجاورة.
وإذا تحرك أي شخص في جولة قصيرة بالسيارة ناحية الجنوب، سيمر ببساتين الكريز والتفاح، ليجد قاعدة مهجورة كانت تابعة للأمم المتحدة لكن الآن يرفرف عليها علم جبهة النصرة التنظيم الإرهابي التابع للقاعدة. وإلى الجنوب أكثر، ومرورًا بقاعدة إسرائيلية نائية للطائرات دون طيار، هناك منطقة صخرية وعرة يستخدمها تنظيم داعش كقاعدة للتدريب، والذي يعطيهم ميزة جديدة بعيدة عن عاصمتهم الرقة.
ويقول أحد مسؤولي الجيش الإسرائيلي وهو يشير إلى المعسكر الصغير لتدريب التابع لداعش المحصور بين حدود الأردن وإسرائيل "إذا لم يكن التوجه نحو الشمال أو الغرب خيارًا، سيتجهون إلى مكان آخر".
وتابع "بعضهم بالفعل يأتي إلى هنا. والأردن متخوفة جدًا من تنظيم داعش".
وأنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارته إلى إسرائيل حيث وصل صباح اليوم إلى الفاتيكان في ثالث محطات جولته الخارجية الأولى. وكان قد وعد بتدمير تنظيم داعش في أحاديثه السابقة عن الإرهاب بعد توليه الرئاسة.
ولكن وفقًا لمحرر بوليتكو الذي قضى الفترة الأخيرة من شهر أبريل على بين الجنود الإسرائيليين بالجولان، فإن من وجهة نظر الجيش الإسرائيلي والمخابرات، فإن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا ربما تجعل الأمور أسوأ. وتابع "نجعل السكان المحليين متشددين ونساهم في نشر أصحاب الأفكار المتشددة لخرابهم في لبنان والأردن. في الوقت الذي يهرب فيه بعضهم إلى أوروبا وربما أمريكا".
فيما قال الجنرال بالجيش الإسرائيلي، رام يافان، رئيس القسم الاستراتيجي للجيش، إنه غير متأكد من فكرة سهولة هزيمة داعش، لكنه مثل كبار قادة دولة الاحتلال يمتلك نفس الرأي في الضغط الأمريكي الكبير على التنظيم الإرهابي الذي لا تعتبره إسرائيل تهديدا استراتيجيا رئيسيا.
بينما اعتبر العديد من القادة الإسرائيليين أنه على العكس من تنظيم القاعدة، فإن داعش تنظيم لا يقدم نفسه بناء على مهاجمة الغرب بل على تغيير صورة الإسلام إلى شكل قاس وعنيف.
ويقول ضابط مخابرات إسرائيلي بالمنطقة الشمالية العسكرية بالقرب من مدينة صفد "ما قاله تنظيم داعش من البداية- منطق الخلافة- أنهم يريدون تنظيم البيت من الداخل ثم سيأتي وقت القتال ضد القوى الخارجية".
كما يؤمن الأخير بأن الولايات المتحدة فشلت في إدراك المصالح المتداخلة وتغير التحالفات المستمر بين حوالي 400 أو 500 فصيل مسلح يقاتل في الحرب الأهلية السورية، ويشمل ذلك تقليل من مدى الدعم المحلي لداعش.
ويضيف الضابط "على سبيل المثال في الموصل، هناك مليون مواطن وأكبر تقييم يشير إلى أن عدد المسلحين 8 آلاف. لا يمكنك السيطرة على مدينة مليونية بثمانية آلاف مقاتل لو لم تمتلك بعض الدعم من السكان".
وتابع أنه في شرق سوريا، حيث يعتقد أن داعش تمتلك أقوى معاقلها "السكان يفضلون تنظيم داعش بسبب القبلية وما إلى ذلك". وأضاف "عندما تأتي بالمنطق الغربي إلى العقلية العربية الشرقية فهي لا تعمل في عادة. العقل الغربي لا يدرك بالفعل الفروق الدقيقة بين المجتمع القبلي العربي في أي مكان في الشرق الأوسط".
وكان الرئيس الأمريكي ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية بقصف تنظيم داعش بقوة، لكن التحالف بقيادة أمريكية ضد داعش ربما تتسبب في تشدد جيل جديد من الإرهابيين يرغبون في مهاجمة الدول الغربية.
أما ضابط المخابرات في المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي فقال "داعش مثل السرطان. من السهل انتزاع الورم. لكن كيف يمكنك منع الخلايا الخبيثة الصغيرة من الانتشار؟ أعتقد أن الخلافة تفكر وتقول، (ماذا نفعل بعد ذلك؟ ماذا تفعل داعش لحظة وصول القوات الأمريكية والعراقية إلى الموصل؟ سنبدأ بتفجير كل شئ في العراق). الرقة ربما في طريقها للسقوط. نفس الشئ سيحدث. كل الخلايا السرطانية في أنحاء سوريا.. ستبدأ في فعل نفس الشئ وتبدأ في التفجير بسوريا".
ويرى الإسرائيليون الذين تحدثت معهم مجلة "بوليتكو" أن الولايات المتحدة لم تتعامل بشكل جيد مع الموقف. على سبيل المثال، فجهود أمريكا لتدريب مقاتلي المعارضة داخل سوريا لقتال داعش لم تكن بشكل كبير منتجة. ويعلق ضابط المخابرات "نظام التدريب التابع للاستخبارات الأمريكية ضد الأسد، بينما نظام تدريب البنتاجون يواجه داعش. إذا فالموقف الأمريكي هنا غير واضح".
ورسم محللون إسرائيليون سيناريوهات محتملة في الحرب الأهلية السورية، من بينها أن بشار الأسد سيستعيد السيطرة على دولته، وسيضمن النظام لبعض قوات المعارضة حوافز مادية وتتعلق بحريتهم مقابل التعايش السلمي.
وفي نهاية التقرير يقول أحد جنود جيش الاحتلال "لو انتصر الأسد، سيكون حزب الله على جبهتين معنا وليست واحدة".
أما الجنرال بالجيش رام يافان، فيقول إن التدخلات الإيرانية بارزة وتمثل مصدر قلق أكبر من داعش أو أي مجموعات إرهابية سنية أخرى، وتابع "صراحة، لو أستطيع، الحلف المتطرف الذي تقوده إيران أكثر خطورة من الجهاد العالمي. هو أكثر علما وأقوى ومسلح بدرجة أكبر".
وطرحت المجلة سؤالا حول إمكانية أن تسمح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لداعش بالإبقاء على ما تسميه "خلافة" في أجزاء من شرق سوريا وشرق العراق؟
فأجاب ضابط المخابرات الإسرائيلي "لم لا؟" عندما سألوا رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحم بيجن خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات عمن تقف إسرائيل بجواره، قال (أتمنى الحظ لكلا الجانبين. يمكنهم الاستمرار وقتال بعضهم البعض). نفس الوضع هنا. لدينا داعش يقتل الآلاف من مقاتلي القاعدة، والقاعدة تقاتل داعش. وكلاهما يقاتلان حزب الله والأسد".
فيديو قد يعجبك: