كوسوفو بعد تسع سنوات على الاستقلال: آمال خائبة وفقر وفساد
بريشتينا، كوسوفو (أ ف ب)
تحيي كوسوفو، آخر دولة استقلت في اوروبا، الجمعة الذكرى التاسعة لولادتها، لكن ناظم احمدي لا يفكر في الاحتفال موضحا "أكافح كل يوم لتأمين الخبز لابني وزوجتي".
التوتر المتواصل مع صربيا ليس الهم الاول لهذا الاب البالغ من العمر 24 عاما والعاطل عن العمل كغيره من ستين بالمئة من الشبان في كوسوفو. فهو ينتظر لساعات في البرد، على أمل أن يطلب منه تاجر من سوق بريشتينا القيام بأشغال ليوم لقاء حوالى 15 يورو.
في 2008، احتفل سكان كوسوفو الالبان بفرحة عارمة بإعلان استقلالهم من جانب واحد عن صربيا. وكان هذا الاقليم الفقير في يوغوسلافيا السابقة يعول على الغرب ليطوي صفحة حرب خاضها متمردوه المسلحون ضد جيش بلغراد في 1998 و1999 واسفرت عن سقوط 13 الفا و500 قتيل، اكثر من عشرة آلاف و800 منهم البان.
وبعد اقل من عشر سنوات، يتمتع هذا البلد باعتراف 110 دول على الرغم من مقاومة صربيا المدعومة من روسيا. لكنه يعاني ايضا من تفشي الفقر والفساد.
تفيد الارقام الرسمية ان البطالة تراجعت الى 26 بالمئة. لكن السكان يقولون ان النسبة اكبر وهذا ما يؤكده ايضا البنك الدولي الذي يتحدث عن معدل 42,6 بالمئة في السنوات الاربع الاخيرة. ويعيش ثلث السكان تحت عتبة الفقر بينما يبلغ متوسط الاجور 360 يورو.
هجرة كثيفة
هذا الفقر يغذي الهجرة الى اوروبا الغربية وهي في اغلب الاحيان غير شرعية، اكثر مما يغذيها صعود الاسلام المتشدد مع انضمام حوالى 300 كوسوفي الى الجهاديين في سوريا والعراق.
ويقدر عدد السكان حاليا بـ1,87 مليون نسمة مقابل 2,1 مليون في 2008. ويتناول احد النقاشات الرئيسية في البلاد مؤخرا طلب تحرير تأشيرات الدخول الى دول الاتحاد الاوروبي.
وقال راموش طاهري مشيرا الى شبان في وسط بريشتينا "انظروا الى وجوههم، لن تجدوا اي ابتسامة". واكدت كبرى الصحف اليومية في البلاد "كوها ديتوري" ان "السلطات بعيدة عن تحقيق تطلعات الشبان".
واعترف رئيس الوزراء عيسى مصطفى بانه "على كوسوفو تأمين آفاق اقتصادية لسكانها من اجل اقناعهم بالبقاء بدلا من البحث عن حلول في الخارج"، مؤكدا لوكالة فرانس برس ان حكومته تفعل ما بوسعها لجذب المستثمرين الاجانب.
ويبدو التطبيع مع صربيا ممرا الزاميا لتحقيق ذلك. لكن المفاوضات التي بدأت في 2011 مع بلغراد تتقدم ببطء ويتخللها توتر من حين لآخر كما حدث مطلع 2017 قبل ان يعيد الاتحاد الاوروبي مسؤولو الطرفين الى طاولة المفاوضات.
فساد مستشر
تمر التنمية عبر علاقات هادئة مع بلغراد. ومن المفارقة أن التجارة لم تتوقف يوما بين الكوسوفيين والصرب. وفي 2016 صدرت صربيا سلعا بقيمة 400 مليون يورو الى كوسوفو، وخصوصا مواد غذائية، الى جانب حركة التهريب الكثيفة.
وحجم صادرات كوسوفو الى صربيا اقل بكثير (40 مليون يورو)، لكنه رقم اكبر مما تصدره الدولة الفتية الى الشقيقة الالبانية الكبرى (36 مليون يورو).
والعقبة الاخرى هي الفساد المستشري. فكوسوفو مصنفة في المرتبة الـ95 على لائحة منظمة الشفافية الدولية التي تضم 175 بلدا. وقد اوقف رئيس ادارة المالية للحكومة زاهر باجرمي للاشتباه بانه استغل نفوذه في اجراءات قضائية.
قال الاقتصادي محمد غجاتا ان كوسوفو لا يمكن ان تصبح "دولة فاعلة بدون تنمية اقتصادية لمكافحة البطالة المرتفعة والفقر، اكبر تحديين تواجههما آخر دولة اعلنت استقلالها في اوروبا". واضاف ان "الثراء غير الطبيعي للنخبة يدل على ان التنمية الاقتصادية لم تكن بين اولوياتها".
في السوق، لا يخفي ناظم احمدي خيبة امله. ويقول "لم اكن اتوقع ان تصبح كوسوفو اميركا بين ليلة وضحاها، لكنني كنت اعتقد انني على الاقل لن اكون خائفا على بقاء عائلتي".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: