لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحقيق- مواطنو جنوب السودان يبحثون عن زنابق المياه لتجنب الموت جوعا

11:45 ص الثلاثاء 25 أبريل 2017

مواطنو جنوب السودان

 

جانيليل، جنوب السودان (د ب أ)

يواجه مئة ألف شخص في جنوب السودان مجاعة وشيكة، وسط حرب أهلية تحتدم.

ويحقق الغذاء الذي تسقطه الطائرات بعض الارتياح، لكن في غياب اتفاق سلام يسمح بإمكانية وصول كل المساعدات الدولية، تضطر الكثير من الأسر لتناول أوراق الأشجار والجذور لتبقى على قيد الحياة.

وتخوض ماريا نياموكا يوميا في المياه الموحلة، التي تصل إلى فخذيها في مستنقعات النيل الأبيض، بحثا عن زنابق المياه لإبقاء أسرتها على قيد الحياة.

وقالت ماريا، 28 عاما، وهي أم لثلاثة أبناء في ولاية الوحدة بجنوب السودان، وهي واحدة من المناطق الأسوأ تضررا من المجاعة "دائما ما يشكو الأطفال من أنهم جوعى... لكن ليس لدي شيء أعطيه لهم".

وزنابق المياه وأوراق الاشجار الاخرى والجذور التي يبحث عنها المواطنون، كل ذلك غالبا ما يفصل بين الحياة والموت، بالنسبة للمواطنين المحاصرين في الحرب الاهلية في البلاد، التي تستعر الان منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وعادة ما تكون زنابق المياه، التي يطلق عليها اسم "ييل" في لغة قبيلة "النوير" المحلية مجففة ومطهوة، لكن يعطي الاباء للاطفال براعم خام لتجنب آلام الجوع.

وتتناول معظم الاسر الطعام في المساء، نظرا لان الاطفال لا يمكن أن يناموا، عندما يضطرون للذهاب للفراش وهم جوعى.

وأعلنت الامم المتحدة عن مجاعة في أجزاء من ولاية الوحدة في نهاية فبراير الماضي- وهي أول مجاعة يتم الاعتراف بها رسميا في مختلف أنحاء العالم منذ عام 2011 .

ويحذر ستيفانو تيمبورين، مدير المساعدات الاجتماعية في جنوب السودان، بالأمم المتحدة "إذا لم يستجب المجتمع الدولي الان، ستمتد المجاعة للكثير من المناطق في البلاد".

وطبقا للأمم المتحدة، فإن هناك حوالي مئة ألف شخص في جنوب السودان مهددون بشكل مباشر بالموت جوعا ومليون آخرون على شفا ذلك.

وأول الضحايا في الاغلب من الاطفال تحت خمس سنوات، حيث أن أجهزة المناعة لديهم ضعيفة.

ويعتمد إجمالي 5ر5 مليون شخص على المعونات الغذائية.

وتنتشر في قرية "جانيليل" أكواخ من الطين، الممتدة على نطاق واسع في غير اتساق، بدون كهرباء ولا شبكة هواتف محمولة ولا طرق مرصوفة، وطبيب واحد فقط لسكان القرية البالغ عددهم 50 ألف نسمة والمنطقة المحيطة.

لكن حتى الاحياء المستقرة نسبيا مثل تلك لم يعد من الممكن الوصول إليها عن طريق البر بسبب القتال، لذلك يتم دعمها من خلال جسر جوي.

ويتم توفير الشحنات الصغيرة من قبل برنامج الغذاء العالمي، باستخدام مروحيات، بينما يتم إسقاط الشحنات الاكبر من خلال المظلات من طائرات النقل.

وتلك المساعدات الخارجية فقط تساعد في تجنب حدوث وفيات جماعية بسبب الجوع.

وتنتظر طوابير تمتد بشكل غير منظم من مختلف أنحاء المنطقة لساعات في درجة حرارة 40 درجة مئوية للحصول على حزم المساعدات الغذائية.

وتتألف الحصة الشهرية لشخص واحد من 900 ملليلتر من الزيت الصالح للاكل الغني بالفيتامين و15 كيلوجراما من حبوب الدخن المستخدمة في صنع الخبز و5ر1 كيلوجرام من الفاصوليا أو العدس.

وفي مختلف أنحاء البلاد، يعاني آلاف الاطفال من سوء التغذية إلى حد أنهم لن يتمكنوا ابدا من النمو بشكل كامل، مما يهدد جيلا ضائعا بأكمله في المستقبل.

والوضع أكثر خطورة في منطقتي ماينديت ولير الشماليتين في ولاية الوحدة حيث تم الاعلان عن مجاعة كاملة. لكن نظرا لان القوات الحكومية والمتمردين يقاتلون هناك بشكل نشط، فإن الجهات التي تقدم المساعدة لا تتمكن من الوصول بسهولة إلى المحتاجين.

وقال الطبيب الكيني، جيلداه موكيرا من اللجنة الدولية للانقاذ "ليست المشكلة فقط الجوع وحده. نتيجة للجوع، تضعف أجهزة المناعة للاشخاص وتحدث العديد من أشكال العدوى الاخرى".

والاسهال والملاريا وأمراض أخرى يمكن أن تكون مميتة، لاسيما بالنسبة للاطفال الضعفاء، ويزداد الوضع سوءا بسبب انتشار الكوليرا والبحث اليائس للعثور على أي قوت. وأضاف موكيرا "في الوقت الحالي، يحاول الناس تناول أي شيء يمكن أن يجدونه".

وهناك دول أخرى في شرق إفريقيا مثل إثيوبيا أو الصومال تعاني حاليا من أزمات الجوع الناجمة عن الجفاف-لكن الازمة في جنوب السودان من صنع الانسان.

وبالدعم الدولي، حصل جنوب السودان الغني بالنفط على الاستقلال من السودان في عام 2011 .

لكن في أواخر عام 2013، بدأ صراع على السلطة بين الرئيس سلفا كير، الذي ينتمي لجماعة "دنكا" العرقية ونائبه حينذاك ريك مشار من قبيلة "النوير".

وسقط عشرات الالاف ضحايا لعنف بدوافع عرقية بشكل كبير بين المعسكرين.

ومنذ ذلك الحين، يواجه جنوب السودان أكبر أزمة لاجئين في إفريقيا، وفر حوالي 6ر1 مليون شخص للخارج.

وجميع الجهود الرامية لتحقيق حل سلمي للصراع معلقة حاليا.

وقال ديفيد شيرير، مبعوث الامم المتحدة الخاص لجنوب السودان "ما نحتاج إليه بشكل عاجل الان هو هدنة" وبعدئذ يمكن للجهات التي تقدم المساعدة أن تساعد الاشخاص الذين يعانون من الجوع في أكثر المناطق التي تواجه صراعات.

وطبقا لارقام الامم المتحدة، هناك حاجة لنحو 5ر1 مليار يورو هذا العام لاحتواء أزمة الجوع في جنوب السودان، لكن حتى الان تم توفير ربع هذا المبلغ فقط.

وجنبا إلى جنب مع تقديم الاغاثة الفورية من الجوع، تحاول بعض منظمات الاغاثة أيضا مساعدة السكان في إطعام أنفسهم مرة أخرى. وتساعد منظمة " ويلت هنجر هيلف " الالمانية غير الحكومية في بناء حدائق من الخضروات وتوزيع بذور المحاصيل.

لكن هناك دعما ماليا ضئيلا لمزيد من مشروعات المساعدات على المدى الطويل، طبقا لتيمبورين من الامم المتحدة.

وبينما البحث عن زنابق المياه هو الحل الاخير للكثيرين، فإن المستنقعات الواسعة للنيل مازالت تقدم أملا آخر.

وهناك سمك، لكن بالكاد لدى أي شخص شباك أو سنانير، لذلك وزعت الامم المتحدة الالاف من معدات الصيد في المناطق التي تجتاحها المجاعة.

وبوث بول، الذي فر من منطقة "ماينديت" مع أسرته من بين هؤلاء الذين لجأوا إلى المستنقعات للبقاء على قيد الحياة.

وهو يعرف أن هناك أكثر من زنابق المياه فقط، إذا تسنى لمساعدات إضافية فقط مثل معدات الصيد أن تصل إليه، وأضاف بول/32 عاما/ "حينئذ يمكنني في النهاية أن أطعم أطفالي مرة أخرى".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان