ترامب يغضب لضحايا "خان شيخون" ويتجاهل قتلى غارات إدارته
كتب – محمد الصباغ:
تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس الماضي في مؤتمر صحفي مشترك مع الملك الأردني، عبد الله الثاني، وهاجم بضراوة النظام السوري برئاسة بشار الأسد بسبب هجوم خان شيخون الكيماوي الذي أسفر عن مقتل ما يزيد عن 86 شخصًا بينهم أطفال ونساء. وقال ترامب إنه لا يوجد "شك" في مسؤولية الأسد عن الهجوم.
واصل ترامب حديثه تحت أنظار العاهل الأردني في واشنطن، وأضاف أن الهجوم الكيماوي في سوريا "كان مروعًا ضد أناس أبرياء، بما فيهم نساء وأطفال ورضّع صغار، موتهم كان إهانة للبشرية. هذه الأفعال الشنيعة من قبل نظام الأسد لا يمكن التساهل معها. الولايات المتحدة تقف مع حلفائها حول العالم لإدانة هذا الهجوم المروع وجميع الهجمات المروعة الأخرى". وتابع أيضًا "لدي مسؤولية الآن وسأستلم هذه المسئولية وأنفذها بكل فخر".
وفي وقت مبكر من صباح الجمعة، نفذت الولايات المتحدة ضربة عسكرية ضد مطار الشعيرات العسكري في سوريا، وهو أول تدخل عسكري للولايات المتحدة ضد نظام بشار الأسد. وقالت سفيرة الولايات المتحدة بمجلس الأمن، نيكي هايلي، إن الولايات المتحدة قامت بخطوة مدروسة و"مستعدون للقيام بالمزيد".
حديث الرئيس الأمريكي وعرض السفيرة "هايلي" لصور أطفال قتلوا نتيجة الهجوم الكيماوي في خان شيخون، أمام أعضاء مجلس الأمن للتدليل على وحشية النظام السوري، تأتي بعد فترة قصيرة من إعلان وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون عن بدء تحقيق في مقتل مدنيين بالقرب من مدينة الرقة السورية - معقل داعش – ومدينة الموصل في العراق بسبب غارات للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
الغضب الأمريكي والغربي تجاه ضحايا الهجوم الكيماوي في سوريا، يواجهه ردود هادئة فيما يتعلق بمقتل المدنيين نتيجة غارات قوات التحالف بقيادة أمريكية في سوريا والعراق، والضحايا المدنيين أيضًا نتيجة الضربات الجوية الأمريكية باستخدام طائرات دون طيار في اليمن.
خلال حملته الانتخابية، أكد ترامب أنه سيخوض حربًا شرسة ضد التنظيمات الإرهابية، وبالفعل ازدادت معدلات الضربات الجوية مع الشهر الأول له في الحكم. فبعدما نفذت قوات التحالف في شهر ديسمبر من العام الماضي 318 ضربة في سوريا و185 في العراق، ارتفع العدد إلى 535 في سوريا و234 في العراق بنهاية شهر يناير، وفقًا لمنظمة "إيروورز" البريطانية – غير حكومية - التي تراقب عمليات قوات التحالف في سوريا والعراق، والتي أكدت أن أغلب الغارات الجوية تكون بتنفيذ الولايات المتحدة.
وفي الشهر الأول أيضًا لحكم ترامب، قالت القيادة المركزية الأمريكية إن غارة جوية وتبادل إطلاق نار في اليمن، ربما أسفرت عن قتلى وجرحى من الأطفال بجانب مقتل جندي أمريكي. وعقب الغارة التي استهدفت محافظة البيضاء في 29 يناير الماضي، قالت مصادر يمنية، وفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، إن عدد الضحايا من المدنيين وصل 30 شخصًا بينهم 10 نساء وأطفال.
وفي تعليقه على الهجوم قال ترامب في بيان إنه شعر بالحزن لسماع خبر مقتل الجندي الأمريكي، الذي "ذهب لقتال إرهابيي التطرف الإسلامي".
مع قدوم ترامب، تمتعت وزارة الدفاع الأمريكية بحرية كبيرة في إدارة حروبها دون الحاجة لموافقة دائما من البيت الأبيض، وأشار قادة عسكريون وفقًا لما نقلته وكالة فرانس برس الأسبوع الماضي، إلى أن كثيرون في الجيش يعتبرون هذه الإدارة "الذاتية" تزيد من نسبة الضحايا من المدنيين وإلى انعدام الرقابة على النزاعات التي تشارك فيها الولايات المتحدة.
ومما يشير إلى صحة هذه التحذيرات، قال كريس وودز، مدير منظمة إيروورز، في حديث سابق مع صحيفة نيويورك تايمز، إن شهر مارس الماضي شهد وحده وصول عدد الضحايا من المدنيين إلى 1.058 مقارنة بـ465 مدنيًا قتلوا خلال شهر ديسمبر الماضي، آخر شهر قاد فيه باراك أوباما دفة الأمور في البيت الأبيض.
وجاء حديث "وودز" بعد تقارير عن مقتل 200 مدنيًا خلال الغارات الجوية لقوات التحالف الذي تقوده أمريكا، في الأسبوع الثالث من شهر مارس الماضي على مدينة الموصل. ووفقًا لنيويورك تايمز، فإن أعداد الصحايا من المدنيين نتيجة غارات التحالف تعد بين الأعلى منذ الضربات الجوية الأمريكية خلال الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
وفي يوم 22 من نفس الشهر، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن 33 نازحًا بينهم أطفال ونساء قتلوا بعد قصف نفذته طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، وصرح نشطاء المرصد بأنهم انتشلوا الجثث من تحت أنقاض مدرسة البادية جنوب بلدة المنصورة بالريف الغربي لمدينة الرقة، وهي المدرسة المخصصة لإيواء النازحين، وتقطنها حوالي 40 عائلة نازحة من أرياف الرقة وحمص وحلب الشرقية.
وأشار المرصد آنذاك إلى أن عدد القتلى المدنيين وصل إلى 116، منذ بدء قوات التحالف غاراتها الجوية في 8 مارس الماضي على مدينة الطبقة وقرى شبهر والصفصافة والأحوس ومطب البوراشد ومنطقة الكسرات وبلدة الكرامة قرية حمرسة بلاسم ومزارع الأندلس وقرية جديدة خابور ومدرسة جنوب بلدة المنصورة ومناطق أخرى بريف الرقة.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في بداية الشهر الجاري أن غارات التحالف بقيادة واشنطن في سوريا والعراق، قتلت 5 مدنيين في يناير وفبراير الماضيين، وفي بيانها أكدت أن 229 مدنيًا على الأقل قتلوا "عرضًا" في ضربات جوية منذ بداية عمليات التحالف الدولي ضد داعش قبل 3 سنوات.
لكن وفقًا لمنظمة "إيروورز" البريطانية غير الحكومية، فقوات التحالف نفذت 11,622 ضربة جوية في العراق و7.919 ضربة في سوريا خلال 974 يومًا مضت منذ بدء العمليات. وذكرت أيضًا أنه على الأقل قتل 2978 مدنيًا خلال الضربات الجوية، التي أسقطت فيها أكثر من 72 ألف قذيفة.
وفي سرد للأرقام أيضًا فقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم حصيلة للقتلى الذين سقطوا إثر ضربات التحالف الجوية بريف الرقة في الفترة من الأول من مارس حتى السابع من أبريل، ووصل إلى 204 قتيلًا مدنيًا بينهم 70 طفلا.
كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية اليوم السبت، عن أحد سكات بلدة هنيدة بريف الرقة، مقتل 17 شخصًا إثر قصف لقوات التحالف الدولي استهدف صالة لتقديم خدمات الإنترنت.
ولا تبدو أي إشارة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مراجعة طريقة تعامله مع التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن، ومحاولة تقليل أعداد القتلى من المدنيين، فالرئيس الذي شن ضربة جوية ضد دمشق كرد على ما أكد أنها ضربات جوية كيماوية سورية ضد مواطنين أبرياء، بدأ في زيادة أعداد جنوده على الأراضي السورية حيث وصل 500 جنديًا إلى سوريا للمشاركة في المعركة ضد تنظيم داعش في معقله بالرقة.
فيديو قد يعجبك: