هل الأردن بوابة عسكرية محتملة للغرب بدلا من تركيا؟
برلين (دويتشه فيله)
الحشود العسكرية على الحدود السورية أثارت تراشقا لفظيا بين عمان ودمشق، حيث أعربت سوريا عن قلقها من تدخل عسكري محتمل. ويترقب مراقبون حدوث تهميش في الدور التركي بالمنطقة. كما إن حدوث تطورات عسكرية على الأرض أمر محتمل أيضا.
أثارت الحشود العسكرية على الحدود السورية تراشقا لفظيا بين دمشق وعمان وذلك مع تهديد الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني بعمل عسكري داخل سوريا في حال اضطرار بلاده لحماية حدودها.
وقد رد وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم بأنه سيتم التعامل مع القوات الأردنية على أنها معادية في حال تخطيها للحدود دون تنسيق مع النظام.
وكانت عمان قد أعلنت الأحد انطلاق مناورات "ألأسد المتأهب"، والتي تستمر حتى 18 مايو الحالي بمشاركة أكثر من سبعة ألاف عسكري من أكثر من 20 دولة للقيام بعمليات ل"مكافحة الإرهاب" وتعزيز "أمن الحدود" و"عمليات البحث والإنقاذ".
غير أن طبيعة الأسلحة غير التقليدية المشاركة في هذا التمرين، مثل القاذفتين الحربيتين من طراز "بي-بي1" التابعتين للقوات الجوية الأمريكية والتي قد تشارك لأول مرة بحسب المسؤولين العسكريين، بالإضافة إلى استخدام لصواريخ توما هوك، ودبابات هجومية ذات فعاليات كبيرة، أثارت شكوك النظام السوري وإيران وحزب الله، حيث وصفها تنظيم حزب الله بالمشبوهة، في حين لزمت روسيا الصمت.
ترتيبات عسكرية
الخبير العسكري الأردني محمد رديسات صرح في حوار مع DW عربية أن "الحشود العسكرية هو أمر طبيعي وذلك لحساسية المنطقة الأردنية عسكريا وقربها من معاقل التنظيمات الإرهابية".
ويضيف رديسات أن هذه التمارين والمناورات العسكرية تجرى دوريا وذلك من أجل تأمين الحدود الأردنية فقط، إذ أن المناورة العسكرية التي أعلنت الأردن إطلاقها " الأسد المتأهب" تجري للسنة السابعة على التوالي، والتي" أعلن النظام السوري قلقه منها دائما، ولم يحدث أي تطور عسكري" وأعتبر الخبير العسكري أن القلق السوري مبالغ به، نافيا في الوقت ذاته وجود أية مصلحة للأردن في التحرك داخل العمق السوري.
وأكد رديسات أن التهديدات الأردنية باستخدام القوة فسرت خطأ من طرف النظام السوري، إذ أن الأردن كان يقصد إمكانية تنفيذ "ضربات عسكرية محدودة" داخل العمق السوري وذلك من أجل ضرب التنظيمات الإرهابية فقط وليس من أجل السيطرة على أجزاء من سوريا، مؤكدا أن "موقف الأردن السياسي معروف وثابت منذ عام 2011، وأن النشاط العسكري الأردني أنطلق بعد التنسيق مع جميع الأطراف بما فيها النظام السوري، ولن يشكل استفزازا لسوريا".
وكانت الحكومة الأردنية قد صرحت على لسان الناطق باسمها محمد المومني أن بلاده "ستتخذ كافة الإجراءات الدبلوماسية وغيرها على صعيد الدفاع في العمق السوري من أجل حماية حدودها". وصرح المومني في لقاء الاثنين مع التلفزيون الأردني أن ما يعني بلاده هو "وقف التصعيد ووقف إطلاق النار في كافة أرجاء سوريا وبالتحديد في المناطق القريبة من الحدود الأردنية، وكذلك أن تستعيد الدولة السورية قدرتها على ضبط حدودها".
تحول في الموقف العسكري
من جهته يرجح الباحث والخبير السياسي الأردني محمد أبو رمان في حوار مع DWعربية أن يكون للحشود العسكرية في الأردن على الحدود السورية "أهدافا عسكرية مختلفة هذه المرة"، مؤكدا أن الموقف العسكري الأمريكي بات يشهد تحولا مع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة .
وقال أبو رمان "الموقف الأمريكي الحالي، يشهد تحولا كبيرا بقدوم ترامب، وهو ما يعني الابتعاد عن الموقف الأمريكي السابق لإدارة أوباما، وقد يؤدي ذلك إلى مواجهة مرتقبة".
ويعتقد الباحث الأردني أن التحالف العسكري قد يحاول السيطرة قريبا على معبر "التنف" القريب من الحدود الأردنية، وأضاف الخبير "لقد حاول الأردن والولايات المتحدة الأمريكية في السابق السيطرة على معبر التنف الحدودي الهام، عن طريق جيش سوريا الجديد إلا أن تنظيم داعش تمكن من إبادة هذه القوات".
ويؤكد الخبير الأردني على أهمية هذا المعبر كونه قريب من الحدود الأردنية العراقية السورية، وبالتالي يمكن استخدامه كمحطة انطلاق لعمليات عسكرية مرتقبة. كما أنه قادر على قطع تواصل النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما حذر منه الملك الأردني.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد حذر مرارا ما أطلق عليه مصطلح "الحزام الإيراني" والذي يمكن أن يكون جسر وصل بين إيران ولبنان عبر العراق وسوريا، حيث أتت هذه التحذيرات بعد أيام معدودة من أحداث الكرك الدموية في ديسمبر 2016 والتي قتل فيها سبعة من رجال الأمن إلى جانب سائحة أجنبية ، كما كرر الملك الأردني تحذيراته هذه أثناء لقاءه مع الرئيس الأمريكي ترامب أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن.
الأردن بديلا عن تركيا
ولا يعتقد الخبير العسكري الأردني محمد رديسات أن يكون هناك أي رابط بين الحشود العسكرية في الأردن وبين تهميش غربي للدور التركي، إذ أن تركيا وبحسب رديسات لها مصالح كبيرة في سوريا، ولن يمنعها الغرب في التدخل.
ويوضح الخبير العسكري أن تركيا تخشى من التواصل الجغرافي الكردي في سوريا، كما إنها أعلنت أنها تحارب التنظيمات الإرهابية في سوريا، لذلك فإن الدور التركي سيظل موجودا، وهو ما يعلمه الغرب.
وقال رديسات إن الهدف الأردني مختلف تماما كما إن الأردن غير قادرة على تحمل أعباء حرب إضافية، حتى لو أراد الغرب ذلك.
إلا أن الباحث والخبير الأردني أبو رمان يرى أن تركيا تم تهميشها بالفعل من قبل الغرب، ودلل أبو رمان حديثه بالقول أن الولايات المتحدة لم تعبأ بالتحذيرات التركية بشأن التعاون مع الأكراد، واستمرت في تسليح الأكراد من أجل مقاتلة تنظيم "داعش"، كما إن الحديث يدور عن امكانية إقامة مطار عسكري أو أكثر في المدن ذات أغلبية كردية مثل القامشلي وغيرها من أجل إيصال الدعم العسكري الأمريكي للمقاتلين الأكراد، وهو ما قد يعني إقامة تحالف عسكري أكبر قد تشهده المنطقة مستقبلا.
وكان ساسة غربيون قد دعوا مرارا إلى زيادة التعاون العسكري مع الأردن من أجل تقليل الاعتماد على تركيا، كما اقترح ساسة وبرلمانيون ألمان نقل قاعدة أنجرليك الجوية إلى الأردن بدلا من تركيا، وذلك بعد تهديدات أردوغان بمنع برلمانيين ألمان من دخول القاعدة.
يشار إلى أن الأردن والذي يزيد طول حدوده مع سوريا على 375 كيلومترا- من أكثر الدول استقبالا للاجئين السوريين الهاربين من الحرب، إذ يقيم فيه نحو مليون و390 ألف سوري، نحو نصف عددهم مسجلون بصفة لاجئ في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.
فيديو قد يعجبك: