النزاعات الداخلية تضعف موقف رئيس السلطة الفلسطينية التفاوضي
رام الله/غزة - (د ب أ):
الرئيس الفلسطيني محمود عباس مشغول كثيرا في هذه الأيام، فيوم الأربعاء الماضي، استقبله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، ويوم الثلاثاء المقبل سيلتقي الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير في رام الله، والخميس المقبل يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.
في كل مناسبة يروج عباس لتأسيس دولة فلسطينية مستقلة بجانب إسرائيل، في الوقت الذي يواجه فيه ضغوطا داخلية لا تقتصر فقط على الخلاف المتصاعد مع حركة المقاومة الاسلامية "حماس".
يقول أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني غسان الخطيب: "أعتقد أن التحديات التي يواجهها عباس خطيرة للغاية. الوضع الداخلي مأساوي".
ويراهن الغرب سياسيا حتى الآن على عباس، الذي يحكم الضفة الغربية مع حركته المعتدلة "فتح" والسلطة الوطنية الفلسطينية، بينما تسيطر حركة حماس، التي ترفض الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود والتي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها منظمة إرهابية، على قطاع غزة الذي يقطنه نحو مليوني شخص.
لكن النزاعات الداخلية تضعف موقف عباس التفاوضي في النزاع مع إسرائيل. فإسرائيل استولت في حرب الستة أيام عام 1967 على عدة مناطق من بينها الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، ثم انسحبت من القطاع بعد ذلك.
ويريد الفلسطينيون هذه المناطق لتأسيس دولتهم عليها، على أن تكون عاصمتها القدس الشرقية، وهو أمر مستبعد بالنسبة لإسرائيل. كما تحاصر إسرائيل قطاع غزة وتحول دون حدوث أي تطور اقتصادي هناك.
وفي موجة جديدة من الهجمات الفلسطينية قُتل أكثر من 40 جنديا إسرائيليا منذ تشرين أول/أكتوبر 2015، كما قُتل خلال هذه الفترة الزمنية نحو 300 فلسطيني، ولقى أغلبهم حتفهم خلال هجمات شُنت من جانبهم.
وباءت كافة المفاوضات حول إعادة الوحدة بين فتح وحماس بالفشل، وذلك منذ أن انتزعت الأخيرة السلطة لنفسها في قطاع غزة في آخر انتخابات تشريعية جرت عام 2006.
كل هذا يضع مصداقية عباس عند تحدثه عن كافة الفلسطينيين محل شك رغم تمتعه بالاعتراف الدولي بسلطته.
وقبل لقائه ترامب هدد عباس حماس بـ"إجراءات غير مسبوقة" لإجبارها على تسليم السلطة، فقد أعلن وقف دفع مستحقات كهرباء غزة لإسرائيل. ويعاني سكان غزة منذ سنوات من نقص حاد في إمدادات الطاقة، ويحصلون على الكهرباء لمدة ست ساعات فقط يوميا. وتحذر منظمة الإغاثة الدولية "أوكسفام" من أزمة خطيرة في غزة بسبب نقص إمدادات المياه وتدهور الأوضاع الصحية.
وفي المقابل، أكدت حماس أنها لن تستجيب لمطالب عباس، حيث قال القيادي في الحركة، خليل الحية، نهاية الشهر الماضي: "قطاع غزة برميل قابل للانفجار لا يستطيع الرئيس عباس الضغط عليه أكثر من ذلك، لأنه سينفجر في وجهه وفي كل الاتجاهات". كما لم تبد حماس تقاربا يُذكر تجاه حركة فتح في وثيقتها السياسية الجديدة التي أعلنتها قبل أيام قليلة.
وفي الوقت نفسه، يريد نحو ثلثي الفلسطينيين استقالة عباس من منصبه، حسبما أظهرت نتائج استطلاع لمؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية في رام الله. كما يرى نحو 80% من الفلسطينيين الذين شملهم الاستطلاع أن السلطة الفلسطينية صارت فاسدة تحت قيادته.
ويتهم الكثير من الفلسطينيين عباس بعدم السعي لتعيين خليفة له. يقول عمر شعبان من مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية في غزة: "نعمل على هذا الأمر ونطالب به ونجري نقاشات حوله"، مضيفا أن ضمان انتقال سلس للسلطة أمر مهم في النهاية.
يقول غسان الخطيب: "أعتقد أن السلطة الفلسطينية تزداد عزلتها تحت قيادة عباس، والسبب الرئيسي في ذلك هو عدم إجراء انتخابات". ويرجع السبب في ذلك على وجه الخصوص إلى الخلاف بين حماس وفتح، لكن على الأقل تحدد إجراء انتخابات للمحليات في الضفة الغربية في 13 أيار/مايو الجاري.
وفي المقابل، يثق الكثير من الفلسطينيين في قدرة السياسي والمدان بالقتل مروان البرغوثي على توحيد الصف. يقول عمر شعبان: "مروان البرغوثي بطل يتمتع بمصداقية عالية بين الفلسطينيين". لكن البرغوثي57 عاما، يقبع في السجون الإسرائيلية منذ عام 2004.
وفي منتصف أبريل الماضي دعا البرغوثي إلى إضراب عن الطعام شارك في بدايته أكثر من ألف سجين، وذلك احتجاجا على ظروف اعتقالهم. وكتب البرغوثي، المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة، في مقال لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في ذلك الحين شارحا أسباب الإضراب الجماعي عن الطعام الذي يقوده: "الأسرى والمحتجزون يعانون من التعذيب والمعاملة غير الإنسانية والمهينة والإهمال الطبي... إسرائيل المحتلة تنتهك على مدار نحو 70 عاما القانون الدولي في نواح كثيرة ولم تعاقب على جرائمها حتى الآن".
فيديو قد يعجبك: