بعد تطبيق اتفاق "المناطق الآمنة" في سوريا .. المعارضة بين مؤيد ومحذر
كتبت – إيمان محمود:
مع توقيع اتفاق "المناطق الآمنة" في الجولة الرابعة من مؤتمر أستانة، الخميس الماضي، انقسمت المعارضة السورية بين مؤيد ومعارض، فمنهم من يرى أن الاتفاق يدعو إلى تقسيم سوريا، ويصب في مصلحة الرئيس بشار الأسد، ومنهم من يرى أنها تساعد في "حقن دماء السوريين".
وتنص مذكرة الاتفاق الروسية، التي وقعت عليها إيران وتركيا، الخميس، في العاصمة الكازاخية أستانة، على وقف القوات الحكومية والمعارضة كل الاشتباكات بما فيها الضربات الجوية، وتقول المذكرة، إن مدة الاتفاق الحالي 6 أشهر "ويمكن تمديده تلقائيا إذا وافقت كل الدول الضامنة"، بحسب وكالة "رويترز".
وتلزم مذكرة الاتفاق الدول الضامنة –روسيا، تركيا، إيران- باتخاذ كافة التدابير اللازمة لمواصلة قتال "داعش" وجبهة النصرة والجماعات الإرهابية الأخرى داخل وخارج مناطق تخفيف التوتر.
وقال عادل الحلواني، مدير مكتب الائتلاف الوطني السوري بالقاهرة، إن الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف تحفظتا على هذا الاتفاق، موضحًا "لايمكن أن يكون القاتل هو الضامن في نفس الوقت" مشيرًا في حديثه إلى روسيا وإيران اللتين يعتبرا ضامنتين لوقف إطلاق النار في المناطق التي تم تحديدها، واللتين على حد تعبيره "يجب أن يكونا لهما ضامن لا أن يكونا ضامنتين".
"الحلواني" حذر في تصريحات لـ"مصراوي" من شبهة خطة تقسيم في هذا الاتفاق، مدللاً على رأيه بالخروقات التي حدثت منذ الساعات الأولى من تنفيذ الاتفاق أمس، متسائلًا "أين الدول الضامنة من هذه الخروقات؟".
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد أمس حدوث خروقات منذ الساعات الأولى من تطبيق الاتفاق، وذلك من جانب عدة أطراف منهم "النظام السوري"، الذي قصف عدة مناطق في دمشق وحلب وحماة.
كما حذر "الحلواني" من أن الاتفاقية تقيد الثورة وتحرف بوصلتها عن هدفها المعلن وهو "الشعب يريد اسقاط النظام"، مضيفًا " الاتفاقية تجبر الثوار على وقف إطلاق النار ريثما تتفرغ مليشيات إيران والأسد للمعارك في المنطقة الشرقية، لتعود لقتالهم أو يقبلوا بالأسد".
الحلواني حذر أيضًا من استمرار العمليات العسكرية داخل تلك المناطق "بحجة محاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة"، لافتًا إلى عدم تعرض الاتفاقية إلى محاربة المليشيات الشيعية في سوريا وضرورة محاربتهم.
وأشار الحلواني إلى أن الائتلاف قام بمراجعة الخرائط التي نشرتها وزارة الدفاع الروسية لمناطق خفض التوتر، حيث وجد أن مناطق السيطرة غير صحيحة؛ حيث أنها تعتبر بعض البلدات –كالقابون وبرزة- تحت سيطرة الأسد رغم أنها تحت سيطرة المعارضة.
وحددت اتفاق "تخفيف التصعيد" أربعة مناطق وهي؛ ريف إدلب والمناطق المحاذية شمال شرقي ريف اللاذقية وغربي ريف حلب، وشمال ريف حماة وشمال ريف حمص وتشمل مدنيتي الرستن وتلبيسة، والغوطة الشرقية من دون القابون، وتمتد في جنوب سوريا في المناطق المحاذية للحدود الأردنية في ريفي درعا والقنيطرة.
وترى مزن مرشد، عضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري، أن اتفاق "المناطق الآمنة" لا يصب إلا في مصلحة إيران وروسيا، التي وصفتهما بـ"الاحتلالين".
وتوضح "مرشد" في تصريحات لـ"مصراوي" أن هذا التفاق لا يخدم السوريين كما يجب؛ ففي الوقت الذي يحظر فيه قوات التحالف أن تقصف هذه المناطق في سوريا، مسموح لروسيا أن تقصفها، فكيف أن تكون مناطق آمنة في ظل السماح للطائرات الروسية بالقصف "ليست مناطق آمنة"، على حد تعبيرها.
وحذرت الناشطة السياسية السورية، أيضًا من أن الاتفاق هو "بداية تقسيم سوريا على أرض الواقع، وبداية رسم سوريا لصالح الأسد".
وشددت "مرشد" على أن المعارضة السورية ترى الحل في خروج كل الميليشيات من أرض سوريا وأولها ميليشيا "حزب الله" الإيرانية، ثم نبدأ في طرح حل سياسي "سوري-سوري" يفرض على بشار الأسد التنحي للبدء بمرحلة انتقالية.
ويتفق الكاتب فايز سارة، عضو "تيار الغد" في أن الاتفاق لا يصب في مصلحة المعارضة، قائلًا إن ما جرى بالأستانة لا يتناسب مع اتجاه الحل السياسي والخط الذي تسير فيه جنيف.
وانتقد "سارة" وجود روسيا وإيران كطرفان ضامنان يشرفان على "المناطق الآمنة"، رغم أنهما طرفان في الأزمة، ويقفون بجانب نظام الأسد، مشيرًا "روسيا وإيران ارتكبتا جرائم حرب ضد الشعب السوري، فكيف يحافظان على أمنه؟!".
وتنص المذكرة على أن يتم إنشاء "مناطق آمنة" تتضمن حواجز ومناطق مراقبة، ومن المفترض أن تؤمن قوات من الدول الضامنة الحواجز ومراكز المراقبة وإدارة "المناطق الآمنة". كما من الممكن أن يتم "نشر أطراف أخرى في حال الضرورة".
بينما يرى حسن عبد العظيم، المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، أن مؤتمر أستانة في جولته الرابعة، خطى خطوات هامة جدًا باتفاق مناطق "تخفيف التصعيد".
وقال عبد العظيم لمصراوي، أن هذا الاتفاق سيتسبب في حدوث نتائج عظيمة تنتج عن مؤتمر "جنيف" القادم، مضيفًا "الاتفاق سيساعد جنيف في أن تسرع في الشروع في الحل السياسي".
كما يؤكد سمير هواش، نائب رئيس الكتلة الوطنية الديمقراطية بسوريا، أن المعارضة بالأساس ضد الاقتتال "السوري-السوري"، مشددًا على أن أي اتفاق ينتج عنه وقفًا للقتال فهو خطوة إيجابية جيدة، ونتمنى أن تتمدد إلى كل الأراضي السورية.
وأعرب الممثل عن الكتلة الوطنية الديمقراطية عن أمله في أن تشمل الهدنة في المستقبل كافة المناطق في سوريا.
لكن المعارض السوري لفت إلى أن هذا الاتفاق رغم أهميته، فما هو إلا "خطوة في طريق حل الأزمة السورية"، مؤكدًا "نحن لدينا مئات الأطراف يتقاتلون داخل الأراضي السورية، ولذلك يجب أن نسعى لحل الأزمة بين السوريين أولا".
وأشار هواش إلى انسحاب بعض أفراد وفد المعارضة المسلحة في أستانة ورفض الوفد للاتفاق، بأنه رأيهم "غير مؤثر"، مؤكدًا أن الأطراف الضامنة ستكون قادرة على فرض تنفيذ الاتفاق، سواء قبلوا أو رفضوا.
وكان جزء من وفد المعارضة المسلحة في أستانة انسحب من المؤتمر اعتراضًا توقيع إيران على الاتفاق، وأوضحت المعارضة أنها ترفض أي اتفاق يشير إلى تقسيم سوريا وفرض أمر واقع على الأرض لا يمكن تغييره بعد ذلك، بحسب قناة "تي إن تي" التركية.
وقال عضو وفد المعارضة أسامة أبو زيد إن "المعارضة تريد أن تحافظ سوريا على وحدتها"، وأضاف "نحن ضد تقسيم سوريا. أما بالنسبة للاتفاقات فنحن لسنا طرفا في هذا الاتفاق وبالطبع لن نؤيده أبدا طالما توصف إيران بأنها دولة ضامنة".
فيديو قد يعجبك: