حقيقة دفتر التوفير الإسلامي - (تحقيق)
كتب- محمد أبو ليلة:
أعلنت الهيئة القومية للبريد منذ أيام طرح دفتر توفير جديد بمعاملات إسلامية للمواطنين وذلك وفقا لأحكام الشريعة، حيث قال رئيس الهيئة أشرف جمال الدين في مؤتمر صحفي أنه تم الاستعانة بخبراء فى التمويل الإسلامي لوضع معايير من أجل تطبيق هذه الفكرة وطرحها في الوعاء الادخاري الجديد منتصف العام القادم.
وأثار طرح فكرة إنشاء دفتر توفير إسلامي بعض التساؤلات من غير المتخصصين في الشأن المالي، باعتبارها أحد تبعات عملية ''أخونة الدولة''، كما يردد ذلك المعارضين لنظام الرئيس محمد مرسي، هذه التساؤلات جعلت من الضروري بحث وتحليل فكرة إنشاء ''دفتر توفير إسلامي'' مع عدد من الخبراء والمتخصصين، والوقوف على أسباب ذلك، وما هي الفائدة التي ستعود على الدولة والمواطن جراء هذا الدفتر الجديد؟..
رسالة ماجيستير
في البداية يوضح الخبير الاقتصادي حمدي عبد العظيم في تصريحات خاصة لمصراوي أن فكرة إنشاء ''دفتر توفير إسلامي'' بدأت كرسالة ماجيستير في معهد الدراسات الإسلامية لأحد العاملين بهيئة البريد حيث أشرف عليها ''عبد العظيم'' بنفسه.
وتابع: ''وقتها أحضرت رئيس هيئة البريد السابق وتناقشنا في الفكرة، كي تصبح بديل لدفتر التوفير الموجود حاليا، وهي في هذه الحالة نشاط ليس به فائدة ثابتة وإنما يعتمد على العائد الذي يأتي من استثمار هذا النشاط، وهذا العائد يكون متغير كلما كانت هناك أرباح زيادة يتم توزيعها، ويصبح العائد أعلى ومن الممكن أن يزيد أو ينخفض حسب النشاط''.
وأكد المتحدث الإعلامي باسم الهيئة محمد ممدوح في تصريحات لـ''مصراوي''، أن الهدف من دفتر التوفير الإسلامي جذب عملاء جدد للهيئة، مضيفا أن هناك عملاء ذو توجه إسلامي يرفضون التعامل مع البنوك بسبب الفوائد والأرباح، وأن الفكرة اقترحت من أجل جذب هؤلاء العملاء، وتابع: كما أن هذا الموضوع جاء موائم لفكرة الصكوك الإسلامية وليس له أي هدف سياسي.
كما يرى حمدي عبد العظيم الخبير المالي، أن سبب التفكير في إنشاء دفتر إسلامي وجود مواطنين يخشون الفوائد وهذا الدفتر سيكون مطابق لأحكام الشريعة الإسلامية بمعني أن المشروعات الاستثمارية التي تدخل فيها هيئة البريد لاستثمار أمول المدخرين لا تخالف الشريعة، قائلا: بمعني أوضح عدم وجود خمر أو لحم خنزير أو قمار في هذه المشروعات.
مزايا الدفتر
ومن ضمن المميزات التي يوفرها دفتر التوفير الإسلامي حسبما يرى رئيس هيئة البريد المصري أشرف جمال الدين، أن هناك نوعية من صغار المدخرين يحتاجون لعوائد سريعة وهؤلاء ستلبى مطالبهم عبر الدفتر الإسلامي، موضحا أن هناك نوعية أخرى من كبار المدخرين طويلى الأجل لا يزال هناك دراسة حول إمكانية تحقيق مطالبهم.
لكن حمدي عبد العظيم يؤكد أن دفتر التوفير الإسلامي لا يكلف خزينة الدولة شئ، قائلا: حاليا يتم تخزين الجزء الأكبر من هيئة البريد للخزانة العامة للدولة، لكن حال وجود دفتر إسلامي فلا تتكلف خزانة الدولة، مؤكدا أن ''الدفتر'' ليس إجباريا، وأن مدخرات العملاء سيتم استخدامها في تمويل البنية الأساسية ثم بعد ذلك تذهب لبنك الاستثمار القومي وهذا يحتاج لتغيير قانون هيئة البريد بحيث تصبح الهيئة حرة، ولا تلتزم بتسليم أموال البريد لوزارة المالية- على حد قوله.
''عبد العظيم'' توقع أن يتجه العملاء الحاليين للدفتر الإسلامي الجديد، حيث قال: لو وجد العملاء أن العائد الخاص بالدفتر الاسلامي أعلي سيتجهوا له على الفور، وحسب المشروعات التي يتم تمويلها بها سيرتفع العائد على المواطنين.
في السياق ذاته يؤكد عبد الرحمن يسري أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الإسكندرية، أن دفتر التوفير الإسلامي يتمتع بالميزة الإسلامية ومن الممكن أن يكون مفيد للدولة والأفراد، حيث أوضح أن هيئة البريد تقوم بمهمة الوساطة المالية بين مجموعة من صغار المدخرين الذين لا يجدون لمدخراتهم سبيلا في البنوك .
وتابع: ''إذا كان هناك دفتر توفير إسلامي يسمح بتلقي مدخرات صغيرة يبقى حاجة جميلة جدا، لأنه يعني أننا سنقوم بتجميع المدخرات الصغيرة لعمل مشروع كبير، ولا يجب أن يكون دفتر التوفير الإسلامي تكرار لدفتر التوفير المعروف بس تحت مسمي إسلامي فقط''.
تخوفات
وبعيدا عن رأي الخبراء توجه ''مصراوي'' لعدد من المواطنين أصحاب دفتر التوفير العادي، لكنهم أبدوا تخوفهم من ظهور فكرة الدفتر الإسلامي، بعضهم رفض الحديث لوسائل الإعلام، لكن أحد العملاء ويدعى زكي مصطفي، أكد في تصريحات خاصة، أن المعاملات الإسلامية بها فوائد أيضا مثل المعاملات البنكية العادية، موضحا أنه لن يحول حسابه في هيئة البريد إلى الدفتر الإسلامي الجديد.
في هذا الصدد أبدى أستاذ الاقتصاد الإسلامي عبد الرحمن يسري، تخوفه هو الآخر من عدم وضع معايير معينة تضمن نجاح الدفتر الإسلامي، حيث قال: لابد أن تكون هناك هيئة مكلفة باستثمار الأموال التي تدخل هيئة البريد، ويجب دراسة واختيار مشروعات أمنة وقليلة المخاطرة، وأن يكون معدل الأرباح عادي وليس كبير جدا، كي لا نكلف المدخرين خسائر، لأنه هناك مشروعات ذات ربحية عالية ولكنها شديدة المخاطرة.
وتابع يسري: أريد من هيئة البريد ألا تتعامل مع هذا المشروع كشعارات إسلامية فقط، دون وضع أسس حقيقية لذلك، وإذا لم تكن هناك مشروعات أمنة للاستثمار أقترح على هيئة البريد أن تأخذ هذه الأموال وتستثمرها في بعض البنوك الإسلامية.
حجم الودائع
جدير بالذكر أن الهيئة القومية للبريد تعتبر غير خاضعة للبنك المركزي المصري، لكنها ترسل الأموال التى تتلقاها من المودعين للخزانة العامة للدولة عبر بنك الاستثمار القومى، حيث بلغت تلك الودائع في العام الماضي 115 مليار جنيه (بما يعادل 16.4 مليار دولار)، كما أن حجم إجمالى الودائع فى البريد من العام نفسه يعادل نحو 10% من الودائع بالجهاز المصرفى المصرى..وذلك حسب الإحصائيات الرسمية لهيئة البريد.
كما أن سعر الفائدة على دفتر التوفير في هيئة البريد يبلغ 9% على الوديعة سنويا، في الوقت الذي تدفع فيه البنوك المصرية فائدة بنحو 8% في المتوسط على الإيداعات البالغ مدتها عام، وتزيد إلى 12% فى الفترات التى تتراوح ما بين 5 و 7 سنوات.
فيديو قد يعجبك: