الشيشة الإلكترونية.. وهم به سم قاتل.. (تحقيق)
تحقيق- محمد أبو ليلة:
لم يستطع أحمد فهمي الشاب صاحب الثلاثين عاما أن يقلع عن التدخين، فمنذ فترة طويلة أدمن تدخين ''الشيشة'' لكنه أراد الابتعاد عنها بعدما تسببت له من أضرار صحية ونفسية جسيمة، نصحه أصدقاءه أن يتناول شيء جديد يتم الترويج له عبر شاشات التلفاز ''الشيشة الإلكترونية''، وكانت المفاجأة التي يرويها لمصراوي أن هذا الشيء الجديد الذي يسمى الشيشة الإلكترونية أصبحت ملاذا له طوال اليوم، وبدلا من أن تساعده للإقلاع عن التدخين أصبحت تساعده على الإدمان أكثر.
الأمر لم يقتصر على ذلك، ففي خلال فترة وجيزة من إدمانه الشيشىة الإلكترونية أحس بتعب شديد في صدره وحسبما يقول فمنذ اعتياده شرب الشيشة الإلكترونية لم يستطع الاستغناء عنها أكثر من 10 دقائق في اليوم الواحد، وبعد التجربة لمدة شهرين بدأ يشعر بضيق في التنفس أكثر مما كان يشعر به أثناء تناوله الشيشة العادية.
هناك دراسات تؤكد أن نسبة المدخنين في مصر رجالا ونساءً تصل لـ 35 مليون مدخن سجائر وشيشة، منهم 10 مليون مصري مدخنين بشكل منقطع، كما أنه طبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فهناك 9 ملايين من المصريين مصابون بأمراض القلب المختلفة، جزء كبير منهم يدخنون أنواع مختلفة من السجائر والشيشة.
''معظم مرضي القلب في مصر يريدون دائما الإقلاع عن التدخين، ويخيل لهم أن الشيشة الإلكترونية أو السجائر الإلكترونية ستساعدهم في الإقلاع، لكنها للأسف خطيرة جدا وليست أمنة، هي وسيلة للإدمان وليس للإقلاع ''.. بهذه العبارة يبدأ الدكتور عاصم العيسوي أستاذ الأمراض الصدرية بجامعة الفيوم حديثه عن مخاطر الشيشة الإلكترونية لـ مصراوي.
بيزنس الشيشة الإلكترونية
وفي خلال الشهور القليلة الماضية انتشرت بكثافة اعلانات الشيشة الإلكترونية عبر عدد من القنوات التلفزيونية، تواصلنا عبر الهاتف مع أحدى هذه الشركات التي تدعي أنها تنتج شيشة إلكترونية تساعد في الإقلاع عن التدخين، ثمنها يصل لـ 190 جنيه، ويباع معها محلول يصل سعره لـ 55 جنيه، وحجمه 20 ملل، ويقول مسئول الشركة أن لديهم أجود أنواع الزيوت وقطع الغيار الخاصة بالشيشة الإلكترونية، حينما سألناه عن فؤادها قال أنها وسيلة فعالة للإقلاع عن التدخين لأنها.. حسب حديثه.. نسبة النيكوتين بها قليلة جدا إذا ما قورنت بالشيشة العادية.
عرض علينا أيضا طاقم 2 سيجارة إلكترونية بسعر مميز يصل لـ220 جنيه، قال أنها تحتوى على زجاجة لسائل الزيت حجمه 10 ملل، ويتواجد بها بطارية للشحن بقوة 900 ملي أمبير، إضافة لشاحن كهربائي، وقال أن ''الأتومايزر'' الخاص بها سهل الفك والتركيب والتنظيم، مع امكانيه تغيير سخان السيجارة.
وحينما سألناه عن المواصفات القياسية للشيشة الإلكترونية أو السجائر الإلكترونية، قال أنه من نوع ((EGO-CE5)) وهي المواصفات العالمية من وجهة نظره.
لم يقتصر وجود الشيشة الإلكترونية عبر إعلانات التليفزيون فقط، فهناك أماكن خصصت لبيع هذه المنتج، تحديدا في منطقة الحسين بمصر القديمة، باعتبارها منطقة سياحية بالإضافة لعدد من المولات الرئيسية في القاهرة أشهرها مول شهير، خصوصا أن نسبة كبيرة من السياح العرب والأجانب يقبلون على تدخين الشيشة أو السيجارة الإلكترونية، كما أنها تعتبر باهظة الثمن على المصريين.
وفي أحد المحلات المخصصة لبيع أدوات التدخين المختلفة بمول شهير، كانت تباع الشيشة الإلكترونية، دخلنا لشراء هذا المنتج، كان يباع سائل النيكوتين للسجائر والشيشة الالكترونية جميع النكهات موجودة (مارلبورو وتفاح و خوخ)، عبوة السائل عبارة عن 25 مللجرام والكرتونة تحتوى على 20 عبوة، وصل سعر الكرتونة لـ 500 جنيه، وعبوة السائل وحدها تباع بـ 25 جنيه، حينما سألنا صاحب المحل عن مصدر تلك العبوات قال أن المنتج مستورد وألماني المنشأ، لكنه لم يعطينا أي مواصفات قياسية لتلك العبوات، مؤكدا أن لديه عبوات أكبر من ذلك لكنها تباع بسعر الجملة، لعدد من المقاهي السياحية المتواجدة بوسط البلد ومنطقة الأهرامات، والحسين.
كان ملاحظ أن الشيشة الإلكترونية المتواجدة في الأسواق أو عبر إعلانات التليفزيون عليها علامات واحدة ((EGO-CE5))، لكنها كانت مختلفة في بلد المنشأ منها ألماني ومنها صيني، ومختلفة أيضا في مواصفات حجم السائل الموضوع في جهاز الشيشة، منها سائل حجمه 10 مللي جرام، وأخر 20 ملي وأخر 30 ملي جرام.
مجهولة المصدر
''لا توجد دراسة علمية واحدة عن صناعة الشيشة الإلكترونية، وليس لها مواصفات قياسية، فهي مجهولة المصدر، وكل شركة تنتج منتج مختلف في مواصفاته عن الأخرى، ولا يوجد مصنع مصري يصنع هذا المنتج، جميعها يتم استيراده من الخارج''.. يؤكد الدكتور محمود عمر مؤسس المركز القومي للسموم في لقاءه بمصراوي.
ويوافقه الرأي رئيس شعبة الدخان في اتحاد الصناعات المصري إبراهيم إمبابي حيث يقول أن كل شركات الشيشة الإلكترونية ما هي إلا شركات نصب على المستهلكين، لأنها تنتج زيوت عطرية مصنوعة من مواد كيماوية محرمة دوليا، وأوضح لمصراوي أنه يتواجد في مصر 63 مصنع لصناعة الدخان، يعمل بهم ما يقرب من 300 ألف عامل، مؤكدا أن هذه المصانع مسموح لها طبقا للقانون أن تصنع السجائر والشيشة العادية فقط، وغير مسموح بها صناعة المعسل أو الشيشة الإلكترونية، وأوضح أننا ننتج سنويا 40 مليون علبة سجائر كل عام.
الدكتور عاصم العيسوي أستاذ الأمراض الصدرية بجامعة الفيوم، يؤكد أنه حتى الأن لا يعلم أي عدد المواد الكيمائية التي تسبب السرطان في الشيشة الإلكترونية'' في الشيشة العادية نعلم أن هناك 43 مادة كيميائية مسرطنة، لكن الإلكترونية مجهولة بالنسبة لنا، وهذا يعني أن المواد المسرطنة بها من الممكن أن تفوق الشيشة العادية''.. يوضح.
ويؤكد أن شركات صناعة الدخان في أمريكا حينما اكتشفت السجائر الإلكترونية في البداية وقالت أنها أمنه ووسيلة للإقلاع عن التدخين، تراجعت بعد وقت قليل وأكتشف أن بها مواد سامة، لكن بعض الشركات استمرت في انتاجها، موضحا أنها كانت وسيلة فعالة لبعض الطيارين في أمريكا، لأن عدد من شركات الطيران كانت تخصم رواتب طياريها اللذين يدخنون بشراهة، فكانت السجائر الإلكترونية بالنسبة لهم ملاذا، لأن الطيار لم يعد يحتاج لمكان مخصص للتدخين بعيدا عن الطائرة، فالبتالي انتشرت فكرة السجائر الإلكترونية في عدد من دول العالم ''وهي وسيلة للتدخين وليس للإقلاع''.. حسب وصفه.
سرطانات الشيشة الإلكترونية
أكد ''الدسوقي'' لمصراوي أن أخطر شيء في الشيشة الإلكترونية أنها تسبب مشاكل كثيرة على القلب، وينوه :الكونتات الخاصة بالسيجارة أو الشيشة الإلكترونية هو عبارة عن نيكوتين وطار، والطار هو اللي بيأذي المريض ويحدث له ضيق في التنفس والنيكوتين يحدث انقباض للأوعية الدمعية، الشيشة الإلكترونية والسيجارة الإلكترونية مشكلتهم أن النيكوتين فيهم نسبته عالية.
ويتابع أستاذ الأمراض الصدرية أنه في وسائل الإقلاع عن التدخين ينصح المريض دائما بتناول نوع من النيكورات التي تحتوي على جزء ضئيل من النيكوتين ''ممكن نديه بعض المواد المتواجدة في السيجارة العادية ولكن بنسب قليلة حتى يستطيع الاقلاع كلها حاجات محسوبة وأقدر أقوله أن القطعة من الجرام تقدر تستخدماه لـ 3 سجاير مثلا، لكن الإلكتروني لا أحد يعرف موادها للأسف''.. يتابع.
مؤسس المركز القومي للسموم الدكتور محمود عمر يشرح لمصراوي الفرق بين الشيشة الإلكترونية والشيشة العادية، فالإلكترونية بها ''فلتر''، وهذا الفلتر دوره أن يمتص نسبة من ''قطران'' الشيشة أو السيجارة العادية، والذي يتسبب في الإصابة بمرض السرطان، وتختلف السيجارة الإلكترونية والشيشة الإلكترونية عن العادية في وجود مواد كيمائية قليلة بها، لكن المواد الكيميائية المتواجدة في السيجارة العادية تصل لـ 2000 مادة كيميائية مختلفة التركيب، منها 20 مادة مسرطنة للإنسان، وبعض المواد المسرطنة للحيوان وباقي المواد لا يوجد دراسة بها.
ويتابع: أول ما تم اختراع السيجارة الإلكترونية وبعدها الشيشة الإلكترونية قيل أنها ستخفض نسبة النيكوتين في الدم، لو خفضت النيكوتين نسبة ضئيلة لن يساعدك على الإقلاع عن التدخين، لابد أن تقل نسبة النيكوتين في الدم إلى الصفر حتى يقلع عن التدخين، لكن السيجارة العادية بها نسبة 100% نيكوتين، أما الإلكترونية فنسبتها 60% نيكوتين، هذا يعني أن ما تم تخفيضه 40% فقط، وهذه النسبة ثابتة ولا تتغير، وتلك النسبة كفيلة انها تسبب أمراض القلب وأمراض المخ، والكيماويات المحروقة تسبب سرطان الرقة، وسرطانات الأخرى للفم والحنجرة.
مواد كيميائية سامة
كما أوضح: الشيشة الإلكترونية نسبة النيكوتين فيها مثل السجائر الإلكترونية، لا يتعدى معدل التخفيض فيها 30 % من اجمالي مواد الكيميائية والنيكوتين المتواجد في السيجارة أو الشيشة العادية، كما أن درجة الحرارة في ''فوهة السيجارة'' تصل لـ 900 درجة مئوية ''يعني تسيح الحديد''، ومن ناحية فم المدخن عند الفلتر درجة الحرارة تصل إلى 40 درجة مأوية.
في يونيو من عام 2011 قررت اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية بوزارة الصحة عدم الموافقة على تسجيل أو استيراد أي شيء متعلق بالسجائر الإلكترونية، لأنه وفقا لقرارات اللجنة لم تتوافر دراسات إكلينيكية كافية لإثبات أمان وفاعلية هذه المنتجات ، كما أنها تحتوي على مواد سامة مثل مادة ((نيترو سامن و ديثيلين جيلكول)) الكيميائية، وقالت اللجنة أن الشيشة الإلكترونية والسجائر الإلكترونية تؤثر على الصحة العامة للمريض، كما أن بعض منتجات السجائر الالكترونية تحتوي على مواد دوائية في صورة سائلة غير مرخص بها.
طبقا للقانون رقم 67 لسنة 2006، فإن جهاز حماية المستهلك هو الجهة المعنية بحماية المستهلكين، وتوفير لهم الحق في أن يجدوا سلعة أو منتج بالبيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية، ومن خلالها تتلقى شكاوي المواطنين للإبلاغ عن وجود سلع غير قانونية في السوق المصري، وعلى أثره يتعاون جهاز حماية المستهلك مع مباحث التموين لضبط وإحضار هذه السلع الغير قانونية.
مصراوي حصل على مستند رسمي من جهاز حماية المستهلك يحذر من استخدام الشيشة الإلكترونية باعتبارها تحتوي على مواد كيميائية سامة تقتل الإنسان، ولا تساعده على الإقلاع عن التدخين.
800 سيجارة وشيشة إلكترونية
وأوضح اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك في تصريحات خاصة لمصراوي أن الجهاز يقوم بضبط أي منتج رديء وغير مطابق للمواصفات في السوق بالتعاون مع مباحث التموين ''أي شيء من مصدر غير شرعي تصبح هي والعدم سواء، نرصد أي سلعة أو منتج لم يلتزم بالإجراءات القانونية، وهناك حملات مكثفة لرصد منتجات الشيشة الإلكترونية أو السجائر الإلكترونية، هذه المواد سامة وعبارة عن شركات تنصب على المستهلكين وتبيع لهم الوهم''.. هكذا قال.
وحصل مصراوي على بيان رقابي من جهاز مباحث التموين بعدد الضبطيات التي تم التحفظ عليها والخاصة بالشيشة الإلكترونية والسجائر الإلكترونية في الفترة الأخيرة والتي انتشرت بكثافة في الأسواق والمقاهي السياحية ، فحسب البيان تم ضبط 954 عبوة مادة سائلة للنيكوتين، 808 سيجارة إلكترونية وقطع غيارها، بالإضافة لـ 140 شيشة إلكترونية، وتم تحرير محاضر بتلك الضبطيات وهناك 6 قضايا تنظرها النيابة.
فيديو قد يعجبك: