قطر وتمويل الإرهاب... علاقة لا تنتهي
كتب - سامي مجدي وعلاء المطيري:
لا تزال قطر تمارس لعبة ''القط والفأر'' مع المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة، حيث تواصل لعب دورا ملموسا – وفقا لمراقبين – في دعم التنظيمات الإرهابية على رأسها جبهة النصرة، الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا على الرغم من فرض واشنطن والأمم المتحدة عقوبات على أفراد ومنظمات قريبة من أركان الحكم في الإمارة الخليجية لثبوت تورطهم في دعم الإرهاب بالمال وأشياء أخرى.
وقبل عدة أيام نشرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات على موقع ''ذا لونج وور جورنال'' التابع لها تحليلا مطولا عن الدور القطري في تمويل الإرهاب وما سماه التقرير ''الإهمال'' الحكومي القطري في مكافحة تمويل التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وباكستان والسودان وغيرها من البلدان التي تنتشر فيها تلك التنظيمات.
يقول التحليل وعنوانه ''قطر تغض الطرف عن تمويل الإرهاب''، إن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت في 5 أغسطس الماضي عقوبات ضد اثنين من القطريين على خلفية اتهامهما بتمويل تنظيم القاعدة في باكستان في ذات الوقت الذي يعملون فيه على تمويل جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا والمتطرفين في السودان.
ولفت التحليل إلى قول وزارة الخزانة الأمريكية إن الرجلين يمكن وصفهما بأكبر المسؤولين عن دعم وتسهيل عمل الإرهابيين في الشرق الأوسط، مشيرا إلى وجود مؤشرات بأن قطر أغلقت شبكة تمويل على صلة بأحد الرجلين ـ العام الماضي، ويدعى سعد بن سعد الكعبي.
ورغم ذلك، فإن الفحوصات التي تمت عن قرب للتعرف على حقيقة التعامل مع حالة سعد الكعبي والشخص الآخر الذي يدعى عبد اللطيف بن عبد الله الكواري، تقدم تأكيدا جديدا بأن الدولة تتجاهل ـ بطريقة غير مبررة، التمويل الخاص للإرهاب عندما تقوم بحملات ضد المتشددين.
وكما يقول مسؤول بارز في إدارة أوباما، هذا الشهر، فإن قطر لم تعتقل على الرجلين.
عقوبات إضافية على القطريين
أكدت الولايات المتحدة الأمريكية في إعلانها الذي أصدرته بأن سعد الكعبي الذي يٌعرف بـ''عمر الأفغاني''، قدم دعما لجبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا، مشيرة إلى أن هذا الأمر يجري من 2012، وأنشأ حملة تمويل في 2014 داخل قطر لجمع التبرعات تلبية لطلب جبهة النصرة وحاجتها من الطعام والسلاح.
وعلاوة على ذلك، زعم مسؤول أمريكي بأن قطر متورطة في تسهيل دفع فدية لرهائن تحتجزهم جبهة النصرة، وأنها لعبت دورا بارزا في إطلاق سراحهم.
وصرحت الولايات المتحدة أيضا بأن الكعبي عمل عن قرب مع حميد بن حماد العلي، الواعظ الكويتي الذي أعلن نفسه قائدا بتنظيم القاعدة والذي يخضع لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة في الوقت الراهن.
وتتهم الولايات المتحدة القطري الثاني وهو عبد اللطيف الكواري بأنه يخدم الناحية الأمنية لتنظيم القاعدة إضافة إلى الدعم المالي، حيث تزعم وزارة الخزانة الأمريكية إن الكواري متورط في توصيل دعم للقاعدة من المجموعات الإرهابية وتسهيل سفر عمال البريد السريع بعشرات الآلاف من الدولارات التي تصل إلى التنظيم.
وتؤكد الولايات المتحدة أن تورط الكواري في تمويل الإرهاب يمتد لأكثر من عقد مضى، مشيرة إلى أنه عمل على تمويل القاعدة في باكستان بمشاركة اثنين من المعينين ضمن برامج تمويل الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وهما القطر عيسى الباكر، والسعودي الذي يطلق عليه حسن جول الذي كان يعمل مبعوثا خاصا لأسامة بن لادن إلى أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق، وهو ذات الشخص الذي قدم معلومات استخباراتية قادت إلى مقتل بن لادن أثناء تواجده في سجن تابع لحلفاء الولايات المتحدة من الأكراد قبل أن يعود إلى سجن آخر في باكستان.
ولفت التحليل إلى أن كواري متهم أيضا بالترتيب لعمل جوازات سفر مزورة استخدمها جول في السفر إلى قطر ومقابلة القطري عيسى الباكر الذي يعمل ضمن برنامج تمويل الأمم المتحدة.
التطورات الأخيرة
جاء إعلان وزارة الخزانة الأمريكية الأخير عقب ظهور تقارير عن إغلاق قطر لشبكات تمويل على صلة بسعد الكعبي، والتي تمت بواسطة السلطات القطرية في 2014.
وكشفت آخر تقارير أصدرتها وزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب في يونيو الماضي أن السلطات القطرية أغلقت حملة مدد أهل الشام الإليكترونية المتهمة بإرسال تمويل لعناصر متشددة في سوريا في فبراير الماضي.
وهو ما قررته صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير تحدث عن أن مسؤولين أمريكيين وقطريين كان لهم دور في إغلاق موقع للتواصل الاجتماعي يستخدم لجمع الأموال لصالح مسلحين سوريين، حيث يظهر اسمه وهاتفه الخلوي في تلك الحملة التي لعب فيها دورا حيويا التي يبدوا من صفحتها وإعلاناتها أن عنصرا فاعلا في إطلاقها، إضافة إلى وصف البعض له بأنه المشرف على تلك الحملة.
ولفت الموقع إلى أن إنهاء قصة هذين الرجلين، عبد اللطيف الكواري وسعد الكعبي، يمكن اعتبارها نجاحا كبيرة في الجهود القطرية لمواجهة الإرهاب، لكن ذلك لم يحدث.
علامات تحذير
في ديسمبر2013؛ نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريرا حول حملة قطرية تحت اسم ''مدد أهل الشام''، التي مثلت واحدة من قنوات أفضل قنوات الدعم المالي لجبهة النصرة.
وحتى هذا التوقيت، لم تتخذ قطرا أي إجراء ضد تلك الحملة على الرغم من وجود ورقة خاصة بهذا الأمر داخل مجلس التعاون الخليجي تحس قطر على اتخاذ إجراء تجاهها، بحسب التقرير.
وبعد 6 أشهر سافر أنكور إيرين برنت مراسل شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية إلى قطر لإجراء تحقيق حول القضية وتواصل مع سعد الكعبي هاتفيا، حيث أنكر الأخير صلة حسابه على ''واتس آب'' بحملة جمع 1.500 دولار لتسليح وإطعام وعلاج المقاتلين السوريين.
وبسؤال الكعبي عن صور طائرات تضرب برجي التجارة العالمي في الحادي عشر من سبتمبر، قال الكعبي لمراسل سي إن إن إن تلك الصور منتشرة بصورة كبيرة على الانترنت، وتوقفت تلك الصور من صفحته بعدها بوقت قريب.
وتشير التقارير الأمريكية إلى وجود علامات تحذير من إمكانية استخدام العطاءات والأموال التي يتم جمعها للأعمال الخيرية في دعم الإرهابيين، إذا آلت إليهم.
ولفتت المؤسسة الأمريكية الموقع الأمريكي إلى قول تيمور خان مراسل صحيفة ذا ناشيونال الإماراتية في 6 أغسطس بأن مسؤولين أمريكيين يرون أن عبد اللطيف الكواري متورط في ذات الحملة، وهو ما يجب أن يكون محط أنظار المسؤولين القطريين، خاصة عندما يدركوا أنهم أيضا متورطون في تلك الحملة.
وتصف وزارة الخزانة الأمريكية عبد اللطيف الكواري بأنه متورط في العمل مع تنظيم القاعدة منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وساعد الكواري في محاولتي انقلاب قام به الأمير السابق خليفة بن حمد الثاني ضد ابيه حمد الذي سيطر على السلطة عام 1995، وذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش اسم الكواري في 2004 بأنه تم القبض عليه بدون تهم قبل أن يتم إطلاق سراحه.
وكان الكواري أيضا ضمن قائمة تشير إلى تعاونه مع عيسى البكر الذي أطلقت الولايات المتحدة سراحه بعد أن تعهده بعدم عمل أنشطة إرهابية في قطر وهو الشيء الذي كان الكواري يخرقه بصورة متكررة، ووصفته الجريدة الرسمية في 2011 بأنه موظف حكومي غير مسؤول.
ولفت التحليل إلى أن مؤيدي عبد اللطيف كواري ومنسقي حملة ''مدد أهل الشام'' يصفونه على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه نقطة الوصل بينهم وبين سعد الكعبي الذي يوصف بأنه مشرفا عليها.
شبكة أكثر اتساعا
أوضح التحليل أنه يجب إدراك أن مداد الشام ليست مجرد حملة تعتمد على مجهود فرد أو اثنين من المتشددين لتمويل الجهاديين في سوريا، مشيرا إلى أنها منظمة كانت عند نقطة ما هي الأكثر انتشارا في قطر لجمع التبرعات العامة لإغاثة السوريين.
وتابع أن استخدام الكعبي لوسائل التواصل الاجتماعي بزعم جمع تمويل في العلن من أجل القاعدة دليلا على أن الجماعة الإرهابية تطورت بصورة كبيرة على غرار تنظيم ''الدولة الإسلامية'' (داعش)، مشيرا إلى أنها سخرت وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام وسائل مبتكرة لدعم حملة جمع تبرعاتها في الخليج.
ووفقا لتقرير وزارة الخزانة الأمريكية فإن الرجلين تم تصنيفهم على أنهم يستخدمون طرقا معقدة لزيادة انسياب الموارد المالية للأنشطة الإرهابية، حيث قال ممثل الحملة لصحيفة الوطن القطرية إنهم يمتلكون أكثر من 50 متطوع قطري يعملون في جمع التبرعات لسوريا.
وأشارت صحيفة الوطن أيضا إلى أن الحملة تعمل تحت مظلة مركز قطر للعمل التطوعي الذي يعتبر مؤسسة حكومية تأسست عام 2001 بمرسوم حكومي، حيث يشكل مجلس إدارته وزير الشباب والرياضة ويشرف عليه وزير الثقافة.
وفي أوائل 2013 ذكرت وزارة الثقافة القطرية على موقعها على الانترنت أن هذا العمل الإنساني يتم نقل نتائجه للسوريين عبر المركز التطوعي، الذي أوضح مسؤولون فيه التبرعات يتم جمعها بمشاركة حملة مدد أهل الشام التي وصفها بالشغوفة لجمع أكبر قدر ممكن من التبرعات.
وذكر حساب الحملة على تويتر قبل أن يتم إزالته مؤخرا أن تلك الجهود التي يشرف عليها سعد الكعبي تمكنت من جمع 5 ملايين ريال قطري خلال عامين.
أنصار بارزون آخرون
وعلى أية حال لم يكن الكعبي والكواري الفردين الوحيدين اللذين يمولان أو يدعمان حملة ''مدد أهل الشام''.
فمحمد عيسى البكر وهو قطري اعتقل دون اتهامات في 2013 بعد أن بعث بخطاب تهديد إلى السفارة الفرنسية في الدوحة. وأفادت منظمة العفو الدولية أنه منع من السفر عند إطلاق سراحه.
في غضون ذلك، ظهر في مقطع فيديو في مطلع 2014 يدعم ''مدد أحرار الشام'' من تركيا ونشر مواد أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم الحملة ومنشوراتها وتظهر مجموعاتها أو الشحنات لأجل سوريا. وظهرت تغريدة على حسابه على تويتر تدعم هاتفين للكعبي والكواري، وكانت التغريدة ظاهرة في وقت إعلان وزارة الخزانة، غير أنها ازيلت بعد مرور 72 ساعة من نشرها.
ووصفت صحيفة الوطن القطرية محمد حلوان السقطري بأنه المنسق الإعلامي لحملة مدد أهل الشام. ونقل عنه في 2013 ''هناك أكثر من 50 شاب قطري مع الحملة يجمعون التبرعات ويرسلونها إلى مركز (المتطوعين) لتنظيمها وإرسالها إلى الحدود التركية والأردنية''، مضيفا أن هؤلاء الشباب يدفعون من جيوبهم.
وإلى الآن يبدو أن المستخدمين يتبادلون رسائل شارك فيها السقطري بأن مدد أهل الشام ''تدعم المجاهدين بالأسلحة والذخيرة'' و''تجمع تبرعاتك لتطهير الرافضة (في إشارة إلى الشيعة) من سوريا''. وعلى الرغم من أن هذه التغريدات ازيلت بعد إغلاق الحساب، فإنه نشر تغريدات في وقت لاحق تدعم الجناح العسكري لحركة حماس (كتائب القسام''، ورحب بعضو القاعدة علي صالح المعري الذي كان معتقلا في الولايات المتحدة.
وأغلق حساب السقطري على تويتر في غضون 48 ساعة من تسمية الولايات المتحدة الكعبي والكواري.
بالإضافة إلى ذلك، تتفاخر مدد أهل الشام بعدد من المتصدقين البارزين، بعضهم لا يزال يقيم في قطر.
ونشر حسابات لمعتقلين سابقين في غوانتانامو أرقام الكعبي والكواري على أنها للتواصل لتمويل الحملة. ومن بين تلك الحسابات، حسابا كان جارالله، شقيق المعري، وهو ممول مزعوم للإرهاب حيث سمحت له حكومته القطرية بمغادرة البلاد مرتين بعد إعادته إلى بلده، وهو انتهاك لتعهد كتابي قدمته الدوحة لواشنطن.
وأشاد بالحملة دعاة مرتبطون بالقاعدة مثل عبد الله المحيسيني وحميد حمد العلي من الكويت. كما أثني على الحملة الداعية المصري المتطرف وجدي غنيم، والذي اشتبهت فيه الولايات المتحدة في السابق بأنه يمول الإرهابيين.
وجدي غنيم يدعم الحملة
وزار غنيم مقر الحملة وأيديها في فبراير 2013، وأنثى عليها في مقطع فيديو في يونيو 2013، وهاجمه الكعبي وقطريان اخران، عبد العزيز العطية وصالح ابن أحمد الغانم. وظهرت حسابات على توتير شاركها العطية والغانم تشير إلى أرقام هواتف الكواري والكعبي في دعم مدد أهل الشام.
والعطية هو ابن عم وزير الخارجية القطري. وادين العام الماضي في لبنان بتمويل الإرهاب. وأفرج عنه في وقت لاحق في 2012 بعد ضغط دبلوماسي من الدوحة على ما قيل وقتها.
بعد عودته من لبنان، تسلم العطية جائزة الإنجاز مدى الحياة من اللجنة الأولمبية القطرية لقيادته اتحاد البلياردو والسنوكر القطري. وكان الأمير الحالي يترأس اللجنة الأولمبية القطرية.
وطالب حساب على تويتر منسوب للغانم ''بالجهاد... وتطهير فلسطين''، وأثني على أسامة بن لادن ووصفه بالشيخ و''المجاهد الشهيد''. وكان الغانم في السابق عضوا في مجلس إدارة نادي الريان القطري. وكرم النادي الذي يترأسه شقيق أمير قطر، الغانم في 2012 لمساهمته في أسطورته.
وفي غضون 48 ساعة من العقوبات الأمريكية على الكعبي والكواري، أضاف حساب منسوب للغانم على تويتر تغريدات تدين ''الإرهاب الغربي'' و''الإرهاب الأمريكي''. ولم يتم تصنيف العطية والغانم من قبل وزارة الخزانة.
إهمال متواصل
وفقا لمعلومات عن السيرة الذاتية أصدرتها وزارة الخزانة في 5 أغسطس، يتواجد الكواري في قطر – في نفس الضاحية التي تتواجد بها السفارة الأمريكية في الدوحة. وهكذا، من الجدير بالذكر أن مسؤولا أمريكيا بارزا كشف أن ''قطر لم تلقي القبض على الرجلين.
يأتي هذا بعد عام من توقف العمليات العلنية للجماعة وعامين على إشادتها بالقاعدة، بحسب واشنطن بوست.
وكارثة مدد أهل الشام ليست بحلقة منعزلة.
فوفقا لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور، اعتقلت الدوحة ممولين اثنين لحركة حماس (المصنفة تنظيما إرهابيا في الغرب) وأفرجت عنه بشكل سريع في ديسمبر 2014. وفي فبراير الماضي، أكدت وول ستريت جورنال أن الدوحة لم توجه اتهامات لقطريين اثنين تقول الولايات المتحدة إنها يتمتعان بحصانة قانونية هناك على الرغم من العقوبات الأمريكية والأممية التي تزعم أنهما بعثا بملايين الدولارات لمساعدة فرع القاعدة في العراق المعروف باسم تنظيم الدولة الإسلامية، وأنهما مولا العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
وهناك شخصا اخر يدعى مثنى حارث الضاري، فرضت الولايات المتحدة والأمم المتحدة عقوبات لاتهامه بتمويل تنظيم داعش، والد أمير قطر وقبله في مارس، وسمح له بدخول البلد هذا الصيف في انتهاك لحظر السفر المفروض عليه من الأمم المتحدة.
وأفادت وزارة الخارجية في يونيو أن السلطات المحلية رحلت ''مواطن يمول الإرهابيين في الدوحة، والذي كان يعمل في منظمة خيرية قطرية''، بدلا من أن تسجنه وتوجه ضده اتهامات.
وعلى الرغم من حقيقة أن قطر لديها أغنى احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم لإنفاقها في تنظيم دولة مساحتها أصغر من ولاية كونيتيكت الأمريكية، غير أن مسؤولين أمريكيين أكدوا هذا الشهر أن ''هناك قلق حول تمويل الإرهابيين المتواصل في قطر'' وأن ''هناك الكثير لابد من القيام به''.
ورفض المسؤولون الرد على استفسار لقناة العربية حول ما إن كانت الحكومة القطرية تساهم في تمويل الفدى التي تدفع للأشخاص المخطوفين، في ضور تقييم وزارة الخزانة الأمريكية بأن الكعبي عمل على تسهيل دفع فدى لجبهة النصرة.
ولم يتم اعتقال أي من الكعبي أو الكواري في قطر، تلك البلد التي سجلت رقما قياسيا في إطلاق سراح أشخاص مصنفين كممولين للإرهاب من قبل الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة بعد فترة قصيرة نسبيا خلف القضبان دون توجيه اتهامات ذات صلة. وبالتالي فإنه ليس من غير المألوف لهؤلاء الأفراد أن يكرروا نفس الجرم. وعدم وجود عقوبات رادعة وواضحة من خلال النظام القضائي يعني أن ممولين اخرين للإرهاب سوف يرتكبون جرائم في المستقبل دون رادع.
واستنادا إلى استعراض المعلومات المتاحة للجمهور، لم تكن هناك حالة واحدة قامت قطر باحتجاز أو وجهت تهم أو أدانت مواطن قطري بتمويل الإرهاب بعد أن صنفته الولايات المتحدة ممولا للإرهابيين. وهذا على الرغم من أن قطر في الواقع لديها قوانين تجرم تمويل الإرهاب وتحظر اساءة استخدام أموال الجمعيات الخيرية. وتم تمرير القوانين تحت ضغط خارجي.
وبالتالي لا يوجد سبب مقنع للاعتقاد بأن قطر غيرت نهجها منذ أن وصفها ديفيد كوهين، وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية السابق بأنها ''بيئة متساهلة تمويل الإرهاب''. فعوضا عن ذلك تبدو قطر أنها انتهكت تعهدها في الذكرى الأخيرة لهجمات سبتمبر 2011 عندما التزمت ''بمكافحة تمويل داعش والمتطرفين الذين يستخدمون العنف''، و''إنهاء الحصانة وتقديم الجناة للعدالة''، في مقابل مشاركتها في التحالف المناهض للدولة الإسلامية.
ويبدو أن الدوحة تعلمت كافة الدروس من تعاملها مع تمويل الإرهاب، فبدلا من تعامل ممنهج مع تمويل لإرهاب، أعلنت الدوحة خططا لاستثمار 35 مليار دولار في الولايات المتحدة في خمس سنوات واستأجرت أربع من شركات الخاصة في الولايات المتحدة بحملات الضغط كعملاء جدد. وكشفت مجلة المونيتور هذا الشهر أن إحدى هذه الشركات ''لها علاقة وثيقة'' باختيار خليفة كوهين في وزارة الخزانة.
ونقلا عن آدام سوزبين، المرشح لخلافة كوهين الذي اختاره الرئيس أوباما قوله في بيان لوزارة الخزانة في 5 أغسطس وصفه للكعبي والكواري بأنهما ''ميسرين رئيسيين'' في شبكات القاعدة الإقليمية.
والولايات المتحدة محقة في التعامل مع هذه القضية على أنها قضية هامة. ويجب أن تعامل الإهمال القطري المتواصل على قضية هامة أيضا، حسبما يقول التحليل.
فيديو قد يعجبك: